ادى بث مباراتي الجزائر مع بوركينافاسو ثم مباراة غانا مع مصر " بعد فارق زمي يصل لحوالي 48 ساعة تقريباً " في الدور الحاسم من تصفيات مونديال البرازيل 2014 عبر الأرضية الجزائرية و المصرية إلى تسمم العلاقة بين التلفزيونين العربين مع قناة الجزيرة الرياضية القطرية المالك الحصري لحقوق بث المبارتين، وذلك بعدما اعتبرت القناة البرتقالية بثهما قرصنة جزائرية - مصرية لكون التلفزيونين لم يحصلاً على ترخيص قانوني منها لبث المبارتين . و تفاقمت الأزمة بسرعة البرق تجسدت صورها في ردود الافعال التي صدرت من قبل الجهات المعنية في غضون أيام قليلة ، و هو ما جعل الكثير من المتابعين الرياضيين يؤكدون إن هناك خلفيات سياسية تقف وراءها و تعمل على اذكاءها و إيصالها إلى نقطة اللارجوع في ظل الأوضاع السياسية التي تمر بها المنطقة العربية .
ابتزاز مرفوض لا يبرر القرصنة
وأكدت بعض الشخصيات الرياضية إن بث المبارتين دون الحصول على الترخيص من صاحب الحق مهما كانت هويته هو عمل غير قانوني و غير إخلاقي بغض النظر عن الخلفيات و مؤكدين بإنه يجب الوقوف على القضية من منطلق تجاري قانوني بحت بعيداً عن التأويلات السياسية و الإعلامية ، و حسب هؤلاء فان قرصنة المبارتين هو فشل للتلفزيونين المصري و الجزائري اللذان لجأ لهذه الطريقة ليس حباً في الجماهير و انما لتوظيف الحدث الرياضي لاغراض سياسية بالنظر إلى الوضع السياسي الذي يمر به كل بلد في الآونة الاخيرة ، و يأتي تخوفاً من ردات فعل سلبية من قبل الجمهور الغاضب ، و قد نجحا في ذلك بعدما تحولت القرصنة إلى الحدث الابرز رغم ان انهما كان يعرفان مسبقا إن الجزيرة الرياضية هي المالك الحصري و لا يمكن تجاوزها.
و في هذا السياق أوضح الأستاذ عدلان حميدشي رئيس تحرير صحيفة " الخبر الرياضي الجزائرية " قائلاً : " ان قرصنة مباراة الجزائر أكبر دليل على فشل سياسة التلفزيون الجزائري " ، حيث يرفض يرفض بشكل مطلق التعدي على الحقوق التجارية للآخرين مهما كانت الدوافع ، حيث أشار موضحاُ :" لقد سبق و إن تناول هذا الموضوع قبل سنوات لكن التلفزيون الجزائري فضل الاستمرار في سباته والانتظار لغاية اللحظة الأخيرة ليبحث عن أسهل طريقة لبث المباراة تحت ضغط جهات سياسية " و رافضاً حميدشي فكرة الربط بين منح حق بث مباراة و طلب فتح مكتب للقناة في الجزائر لان ذلك يعد ابتزاز مرفوض لا يبرر القرصنة".
الرد والمعاملة بالمثل
من جانب آخر فان رياضيون آخرون يرون إن الأزمة ليس مجرد قرصنة و انما تتجاوز ذلك بكثير ، بالنظر للتصريحات التي اطلقها المسؤولين عن التلفزيونين الجزائري و المصري والتي ترفض بشكل مطلق تسمية بثهما للمبارتين قرصنة و واعتبار ذلك حق من حقوق الجمهور الرياضي الجزائري و المصري في مشاهدة مباريات منتخبي بلديهما ، لدرجة إن مدير التلفزيون الجزائري توفيق خلادي قالها بصريح العبارة انه فخور بما قامت به مؤسسته ، أما رئيس التلفزيون المصري عصام الأمير فذهب ابعد من ذلك عندما قال بإن تلفزيونه يعامل الجزيرة بالمثل بعدما رفضت الأخيرة الاعتراف بحقوق المصريين عليها جراء استخدامها سيارات الإذاعة الخارجية لمدة 41 يوماً خلال اعتصام الإخوان في رابعة العدوية دون دفع مليم واحد من مستحقات الاتحاد عن تشغيل هذه السيارات." ، مؤكداً " أن الأمر لن يتوقف على مباراة غانا ومصر، بل أن أي مباريات قادمة يرغب التليفزيون المصري في بثها فسيقوم بذلك ولن يستطيع أحد منعه" .
و حيث يُصر المسؤولين في التلفزيون الجزائري أن سبب ماحصل هو الجزيرة الرياضية التي اثرت اللجوء إلى التعنت و المساومة من اجل الرضوخ لمطالبها خاصة مطلب فتح مكتب لها في الجزائر و بدا و كان القرصنة اصبحت وسيلة لوقف الاحتكار، و اكثر من ذلك فانهم يعتبرون بث المبارتين مجاناً لم يكن سوى استرجاع حق و رد فعل على ما قامت به الجزيرة سابقاً بقرصنة نهائي كأس الجزائر الموسم المنصرم .
أما بالنسبة لمصر فإن " الجزيرة مباشر " قامت ببث أحداث سياسية دون الحصول على حق بثها من القنوات المصرية التي تملك الحقوق ، و بالتالي فإنه من وجهة نظر تلفزيوني الجزائر و مصر إن التعامل مع القناة القطرية كانت من منطلق العين بالعين و السن بالسن و البادئ اظلم ، و في نظرهما فإن الجزيرة هي البادئ و ما عليها سوى تحمل المسؤولية بدلا من إلقاء اللوم عليهما بغير وجه حق .
حادثة غير مسبوقة
و الحقيقة التي لا يجب إغفالها في هذا الصدد انه لم يسبق لا للتلفزيون الجزائري و لا المصري ان قاما بقرصنة أي مباراة رغم انه في الكثير من المرات حرم الجمهور من مشاهدة مباريات أو بطولات تهم جمهوره بشكل مباشر ، و بالتأكيد فان المسؤولين عن التلفزيونين يعلمون جيداً قواعد البث و ما قاموا به ، خاصة ان التلفزيون المصري لم يأبه إطلاقا للتهديدات التي اطلقتها الجزيرة ضد التلفزيون الجزائري و ذهب ليكرر السيناريو بعد ثلاث أيام .
و كأن التلفزيونان بصدد بعث رسالة للجزيرة مفادها ان هناك محاولات لإطلاق تحالف بين التلفزيونات العربية للوقوف في وجه القناة القطرية ،وازدادت الفكرة وضوحاً بعدما ابدت مؤسسة التلفزيون الجزائري استعدادها لتحمل تبعات ما قامت به و كأنها تشير للجزيرة الرياضية انها مستعدة لدفع اي غرامة مالية يفرضها عليها الإتحاد الافريقي لكنها لن ترضخ لمساومتها ، وكأن بث المباراة كانت الهدف منه وضع الجزيرة أمام الأمر الواقع.
و يدافع عبد الحفيظ دراجي الذي اشتهر صوته مع التلفزيون الجزائري قبل ان ينتقل للعمل مع الجزيرة الرياضية في العام 2008 عن وجهة نظر القناة البرتقالية حيث قال في حوار له مع صحيفة جزائرية مفنداً ادعاءات التلفزيون الجزائري حول قرصنة الجزيرة لنهائي كأس الجزائر بإن الجزيرة حصلت على إشارة بث المباراة من قبل اتحاد الإذاعات الدول العربية مثلها مثل عدة قنوات عربية آخرى خاصة ، مؤكداً في ذات السياق :" بإنه لا يعقل لقناة تملك حقوق بث أقوى البطولات في كافة الرياضات أن تقرصن مباراة نهائي كأس !!"
واتهم دراجي التلفزيون الجزائري بالتقصير في الاهتمام بتلبية رغبات جمهوره بعدما انتظر لغاية اللحظات الأخيرة ليبدأ التفاوض من موقف ضعيف و استطرد قوله بإن تبريرات التلفزيون الجزائري ما هي إلا ذرائع واهية استعملها للحصول على تعاطف الرأي العام و تغليطه ثم اضاف حول حديث مدير التلفزة الجزائرية عن موضوع المساومة بالقول ان السيادة الوطنية تبدا بالحصول على حق البث بطريقة شرعية و ليس بالقرصنة ثم البحث عن تفسيرات وهمية .
وكان القطري ناصر الخليفي المدير العام لقنوات الجزيرة الرياضية القطرية قد أكد الأحد الماضي عن لجوء إدارة الشبكة إلى القضاء ضد التلفزيون الجزائري بعد بث الأخير لمباراة المنتخب الجزائري ضد نظيره البوركينابي السبت المنصرم في ذهاب الدور الحاسم من تصفيات مونديال 2014 دون دفعه حقوق البث لقناة الجزيرة التي اشترتها من الاتحاد الأفريقي للعبة ، حيث أوضح الخليفي في تصريحات صحفية إن ما قام به التلفزيون الجزائري تصرف غير مقبول لا أخلاقياً و لا قانونياً ، واصفاً من يقفون خلف نقل المباراة دون الحصول على ترخيص قانوني من القناة البرتقالية بالقراصنة الذين يجب ملاحقتهم قانونياً.