حتى الآن حققت ثورتنا السلمية نجاحات متقدمة ولاشك, واليوم تمثل قضيتنا الجنوبية القضية المحورية التي لا يمكن تجاوزها في قائمة القضايا التي تعصف بهذه الرقعة الجغرافية, فقد فرضنا على أرض الواقع أن معالجة قضايا هذه البلاد, وبالأصح توفير الأمن والاستقرار في ربوعها لا يمكن ان يتأتى إلا باحترام إرادتنا وتطلعاتنا باستعادة دولتنا وهويتنا, وإن صح التعبير بحقوقنا المشروعة. مع كل ذلك لا يمكننا كجنوبيين غض الطرف عن بعض ممارساتنا المسيئة في المراحل المنصرمة, فكلنا عايش الارتجال والعشوائية وغياب التنسيق, وكلنا شاهد صراعات المنصات في معظم مليونياتنا, وكلنا لمس الانشقاقات في المكونات الحراكية, وكذلك حوادث المهاترات التي بلغت حد الشجارات الحادة بين بعض القيادات على المخصصات المالية لأنشطة الحراك, كما في واقعة الشارع الرئيسي بالمعلا عدن, وكلها عكست نفسها كعوامل احباط للشارع الجنوبي الثائر بدون ريب. مشكلتنا كجنوبيين هي في النخبة التي امسكت بزعامة حراكنا السلمي, سواء على مستوى النخبة الأعلى أو قيادات المراكز والأحياء والتجمعات الحراكية, ومن بين هؤلاء الاخرين من وجد نفسه قائداً لمكون حراكي وهو في أدنى مراتب التقييم الخلقي والسلوكي, وربما لا يتحلى بالقدرة على التقييم السليم للأحداث أو معرفة سُبل القيادة, وآخر استغل موقعه للاسترزاق والتكسب على حساب الجموع الثائرة والقضية, ومن استهوته الزعامة وحسب, فطفق يمارس نرجسيته وأوهامه المرضية بالتظاهر بالتواصل مع مزيد أو جمع من القيادات الأعلى وما إلى ذلك, وكل ذلك لإشباع هوسه ونروعه للظهور والتبجح ليس إلاّ, مع انه لا يجيد حتى إدارة شؤونه الشخصية والأسرية بصورة سوية.
مثل هذه التوليفة الشاذة من قياداتنا الحراكية قد خلقت مناخات محبطة في صفوف حراكنا, ومثلت عوامل عميقة لمساره وفعاليته, بل وأدق إلى انكفاء طابور طويل من الثوريين الفاعلين بسببهم, لأنه من المنطقي أن يقال في مثل هذه الحالة: إذا كان حراكنا بمثل هذه النوعية من القيادات, فكيف الحال عندما تنجح ثورتنا ونستعيد دولتنا؟! فهل سيقودها مثل هؤلاء؟! بل إن مثل هذا البعض من القيادات هم من يسهل لخصوم ثورتنا السلمية اختراق صفوفنا وممارسة اساليبهم التدميرية لتشتيت اصطفافنا الثوري وإخماد وهجه, وكلنا نعايش هذا اليوم. لذلك علينا مواصلة تقييم أدائنا وفعلنا الثوري, وان نفرز الغث من السمين, وأن نجدول أولوياتنا, لأننا نخوض في توقيت دقيق في مسار ثورتنا, فلا يجوز بعد كل ما تحقق أن نكتفي أو نتراجع جراء بعض الأخطاء التي تشوب أداءنا, والتي بإمكاننا معالجتها لتحقيق أملنا في التحرر واستعادة دولتنا وهويتنا, ولأن الثائر الحقيقي لا يصبو إلى طموحات شخصية, ولا يطمح إلى منصب أو مكسب وخلافه.. ولنتذكر الشهداء الذين أريقت دماؤهم والمعتقلين والجرحى الذين ضحوا لأجل قضيتنا الجنوبية. وبالمناسبة, فإن نسبة كبيرة جداً من المشاركين في فعاليتنا, وتحديداً في الفعاليات المليونية غير مرتبطين باي مكونات او تشكيلات تتبع الزعيم فلان أو علان, ولكنهم يحضرون على حسابهم الشخصي وبوسائلهم الخاصة, وهم مفعمون بروح جنوبية فوارة, وعلى استعداد تام لبذل الغالي والنفيس لأجل الجنوب وقضيته, والسبب هو الزعامات, ولذلك نقول أفيقوا!! فإن الشارع الجنوبي غاضب جداً, وسوف يواصل نضاله حتى يستعيد أرضه وهويته, ومهما كانت العقبات والصعوبات التي تقف في طريقه, ومهما كلف الأمر!.