منذ بدء الإعداد والتحضير للمؤتمر الوطني للحراك الجنوبي الذي أعلن عنه خلال الشهور الماضية بالتزامن مع عودة عدد من القيادات الجنوبية في الخارج وفي مقدمتها محمد علي أحمد والسفير عبدلله الحسني ولطفي شطارة كانت بعض التوقعات تشير إلى أن عودة تلك القيادات ستكسب المؤتمر أهمية كبيرة فيما يتعلق بنجاحه في لملمة الفرقة وتوحيد الصف والخروج برؤية واضحة للقضية الجنوبية فيما ذهبت توقعات أخرى أن المزايدة بدعوات فك الارتباط من قبل عدد من القيادات الجنوبية في الداخل والخارج وتحديدا المنضوية في إطار تيار البيض المنادي بقك الارتباط والاستقلال والممول من إيران ومحاولتها السيطرة والانقضاض على القضية وتزعمها عقدت مجرى الأحداث وعملت على إحداث انشقاقات كبيرة ربما ستعمل على ميلاد فصائل وتكتلات جديدة خلال الأيام القادمة، وهو الأمر الذي يؤكد صحة التنبؤات التي ترجع تلك الانشقاقات المستمرة إلى غياب الرؤية الموحدة التي تُجمِع عليها الفصائل الناشطة في الحراك كافة ووجود عدد من الفصائل تتبنى خيار فك الارتباط وفصائل أخرى تدعم الفيدرالية إلى جانب من يدعمون الوحدة بصيغتها الحالية وكل مجموعة تتناقض فيما بينها في الأساليب والرؤى والتوجهات بالإضافة إلى اختلاف الدوافع التي ينطلق منها كل فصيل وأيضاً اختلاف الغايات التي يسعى إلى تحقيقها، والتي يتم التستر عليها والاكتفاء بالشعارات العامة وعدم وجود قيادة توافقية ومقبولة لدى جميع قوى الحراك ومكوناته وأبناء الجنوب إضافة إلى شعور أبناء المحافظات الجنوبية بأن القيادات السياسية التي تتصدر الحراك سواء في الداخل أو الخارج كانت جزءاً من الماضي وبالتالي أصبحت غير موثوق فيها وفي الوقت ذاته غير قادرة على تحمل المسؤولية. حرب القنوات والمنابر الإعلامية أدى الخلاف الذي حصل أثناء انعقاد المؤتمر إلى خروج عدد من القيادات الحراكية بتصريحات تؤكد إنشاء قنوات فضائية لتغطية العجز الذي حصل بعد قيام قناة عدن لايف التابعة لتيار البيض بمقاطعة بث جلسات المؤتمر الوطني الحراك وهو الأمر الذي جعل إنشاء قناة فضائية أحد توصيات المؤتمر «يوصي المؤتمر الوطني الأول رجال المال والأعمال الجنوبيين المؤمنين بالتحرير والاستقلال إلى تأسيس قناة فضائية خاصة بالحراك الجنوبي». وفي جلسة الافتتاح أعلن رئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي حسن باعوم عن تأسيس قناة جديدة للحراك الجنوبي تدعى قناة الجنوب إلى جانب قناتي عدن لايف والمصير. وأكد خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر إن المؤتمر سيجعل شعب الجنوب ينتفض ويثور بهذه الخطوة وهذا المؤتمر التاريخي الذي سيقر وثيقة الاستقلال واللائحة الداخلية. في مايو الماضي كان قد تم الإعلان عن تدشين عمل قناة فضائية جديدة، هي الثانية بعد قناة «عدن لايف» التي تم تدشين عملها في العام 2009، وهذه الجديدة أطلق عليها قناة «المصير» وتتبع قيادات جنوبية في الخارج، واعتبر البعض تدشين قناة المصير صورة للخلاف الدائر بين ناصر والبيض وبين تيارين في صف الحراك الجنوبي (المنادي بالانفصال والمطالب بالفيدرالية)، وقد وصل هذا الخلاف نقطة اللاعودة خصوصا بعد فشل كل لقاءات التقارب وكان آخرها في بيروت. وبحسب التقارير فإن المتابعين لقناة عدن لايف التابعة لعلي سالم البيض وتبث من العاصمة اللبنانية بيروت تفاجئوا بالتغيير الذي طرأ على الخط التحريري للقناة في تناولها لموضوع المؤتمر الأول لمجلس الحراك بزعامة حسن أحمد باعوم الذي أنهى أعماله الأسبوع الماضي وسط مقاطعة الفريق الآخر الذي يتزعمه الأمين العام للمجلس عسكر جبران والمحسوب على تيار البيض. وقالت القناة إن قيادة مجلس الحراك انقسمت إلى فريقين: فريق مؤيد لتأجيل عقد المؤتمر وفريق مصر على عقد المؤتمر، حيث أصر باعوم على عقد المؤتمر بموعد حدده هو ولكن المؤتمر لم يفض سوى إلى إرباك الشارع الجنوبي الذي تساءل عمن يقود ثورته حد وصف التقرير حيث أثبتت ذلك مجريات المؤتمر ومضمون البيان الختامي الصادر عنه الذي أتى انفعالياً بالدرجة الأولى بشكل لا ينسجم مع رؤية الشارع الجنوبي لقضيته المحقة. متخصصون في الحراك تساءلوا عن هذا التغير المفاجئ في تناول القناة وهل سيستمر أم انه وقتي وستعود تغرد في فلك ضيق وفق أجندة الداعم علي البيض دون أن تتوسع لتشمل التنوع والتعدد الذي عليه الشارع الجنوبي فضلا عن المكونات الكثيرة في مسيرة الحراك؟ وفي إطار تسابق قيادات الحراك على إنشاء منابر إعلامية قالت مصادر إن القيادي في الحراك الجنوبي بمحافظة الضالع شلال علي شايع يستعد لإنشاء مركز إعلامي تابع للحراك المسلح التابع لعلي سالم البيض والممول من إيران ويسعى إلى الانفصال. وأشارت المصادر للأهالي نت أن خبراء حوثيين وصلوا إلى الضالع لتدريب عناصر في الحراك على العمل الإعلامي في إطار التحضير لإنشاء المركز الإعلامي. ويؤكد السياسيون الجنوبيون أن القضية الجنوبية تحولت لدى بعض القيادات إلى ورقة للكسب السياسي، ويرون أن الخروج من هذا الوضع والصراعات يتطلب تواري القيادات السياسية العتيقة أمام تول�'ي الشباب القيادة، ودعوا جميع مكونات الحراك وفصائله إلى منح ثقتها القيادات الشابة المتواجدة في الداخل، وإلى أن يصرفوا أنظارهم عن زعامات الداخل والخارج، التي ثبت للجميع أنها تتكسب على حساب القضية الجنوبية وتستثمر معاناة أبناء الجنوب لصالح أطماعها الشخصية. وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي قد اتهم إيران بدعم قسم من اليمنيين الجنوبيين الذين يطالبون بالانفصال، ورداً على سؤال ل الحياة قال هادي بعد لقائه المستشارة الألمانية انغيلا مركل إن في الجنوب حراكيين سلمي وغير سلمي والأخير يستخدم السلاح ويتلقى الدعم من إيران ويسعى إلى الانفصال. وكانت صحيفة «الواشنطن بوست» ذكرت في تقرير لها الأسبوع الماضي أن العقوبات المقترحة منذ أسبوع من قبل عدد من الدبلوماسيين الغربيين والخليجيين قد تشمل قيادات انفصالية في الجنوب وأخرى في جماعات إسلامية شيعية وسنية بسبب تورطهم في تقويض العملية السياسية للانتقال السلمي للسلطة. تأثير القيادات الجنوبية العائدة من الخارج وعن تأثير القيادات الجنوبية العائدة من الخارج على مسار الحراك الجنوبي وفعالياته ذهب البعض إلى فشل تلك القيادات في توحيد الصف وأصبحت متهمة بارتباطها بالخارج والعمل لمصلحة أطراف خارجية وعدم خدمة القضية الجنوبية حيث نشرت عدد من المواقع الإخبارية المقربة من الحراك خبراً قالت فيه إن المجلس الأعلى للحراك من فصيل باعوم وزع كشفاً بأسماء عملاء دولة إيران في الحراك الجنوبي ويريدون تنفيذ مخططات داخلية ضد الجنوب وتحويل القضية الجنوبية إلى قضية طائفية داخلية وحذر المجلس من الاستماع واتباع أهواء العملاء داخليا وخارجيا حد وصف ما جاء في الخبر الذي أكد أن من أبرز عملاء إيران في الخارج هم «علي سالم البيض -أحمد عبدالله الحسني -عبدالناصر الجعري -يحيى غالب الشعيبي», بالإضافة إلى «23» شخصاً وصفهم الخبر بعملاء إيران داخلياً ونشرت تلك المواقع أسماءهم. وعلى صعيد متصل بتعدد مكونات وسط المحافظات الجنوبية وتمتلك التأثير فقد ذهب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لشعب الجنوب محمد علي أحمد هو أحد القيادات الجنوبية العائدة من الخارج إلى التأكيد على أن زمن الإقصاء والتهميش قد ولى وعبر عن أمله في أن تعي القيادات والنخب الجنوبية في المكونات الحراكية الجنوبية حجم المخاطر والمؤامرات وتسارع المتغيرات والظروف التي لا تحتمل استمرار التشقق والانقسامات والمكايدات وتعدد المؤتمرات التي يأمل أن تكون عاملاً مساعداً لتعزيز وحدة صف قيادة المكونات الحراكية وتخرجها من دائرة الخلافات والتفكك والتعدد التي انعكست سلباً على الحراك السلمي الجنوبي وألحقت به أذى وتعثراً لمسيرة نضاله. البيض يفصل باعوم بعد زيارته السعودية وكان علي سالم البيض والأمين العام للحراك الجنوبي قاسم عسكر قد أصدروا بيانا أعفى المناضل حسن أحمد باعوم من رئاسة المجلس الأعلى للحراك الجنوبي لتحفظه على معلومات هامة أثناء زيارته إلى الخارج (السعودية)، إضافة إلى فصل كل من صلاح الشنفرة -نائب رئيس المجلس- وعلي هيثم الغريب بسبب عدم الالتزام باللائحة التنظيمية للمجلس والممارسات غير المسؤولة داخله وخلق الفتن فيه -حد قول البيان. الجنوب والحوار وفي الوقت الذي تختلف فيه الروايات عن مشاركة القوى الجنوبية في الحوار الوطني أقرت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني بالإجماع تشكيل اللجنة التوجيهية التسييرية) لمؤتمر الحوار بالمناصفة بين الشمال والجنوب حيث ناقشت اللجنة في اجتماعها السبت الماضي ترتيبات تنظيم مؤتمر الحوار الوطني الذي كانت قد بدأته في آخر اجتماع لها الأسبوع الماضي. ويشهد الحراك الجنوبي انشقاقات وتصدعات واسعة، ففي الوقت الذي لا يزال الاختلاف والتباين هو المسيطر فيه على مواقف القوى الجنوبية بشأن المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني أعلن خلال الشهور الماضية عن تأسيس تكتلات جديدة، حيث أعلن القيادي في الحراك العميد ناصر النوبة في يوليو الماضي عن تأسيس ما سماها بالهيئة التنسيقية الجنوبية العليا وقال بأن عدداً من مكونات الحراك والقوى السياسية الجنوبية الحاملة للقضية العادلة قد اتفقت على تأسيسها بهدف العمل على تحقيق إجماع وطني جنوبي يؤمن الوصول إلى الغاية المنشودة، غير أن القيادي في المجلس الأعلى للحراك الدكتور ناصر الخبجي حذر حينها مما وصفه بتعدد كيانات الحراك. وفي يونيو الماضي أعلن في صنعاء عن تشكل مجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية ومهمته توحيد رؤية وموقف قوى الثورة السلمية بالجنوب إزاء مؤتمر الحوار القادم بحسب ما جاء في كلمة رئيس المجلس التي ألقيت في حفل الإشهار بصنعاء، وهو الأمر الذي اعتبره البعض ميلاداً لصناعة قوى جنوبية جديدة ربما تمتلك رؤية واضحة وموحدة فيما يتعلق بحل القضية الجنوبية والقضايا الوطنية الأخرى، ومع أن إعلان مجلس كهذا يبعث التفاؤل لدى معظم الأطراف كونه جاء في مرحلة هي الأشد في التنازع بين قيادات كثيرة ظهرت خلال الفترة الماضية حول من يمثل الحراك والجنوب ويتحدث عن القضية الجنوبية إلا أن هذا الإعلان يثير جملة من التساؤلات وفي مقدمتها: هل صناعة قوى جنوبية جديدة يضمن نجاح مؤتمر الحوار بمشاركة الحراك، أم ستكون إضافة لتلك القوى التي تتنازع تمثيل الجنوب والحديث عن قضيته؟ فصائل مؤيدة للحوار الوطني وفيما يتعلق بقضية الحوار الوطني خرجت قيادات في مكونات الحراك بتصريحات مؤيدة للحوار خلال الفترة الماضية وأبرزها تصريحات أمين عام الحراك عبدالله الناخبي، وبالمقابل يثير تيار البيض مخاوف المجتمع الدولي بعد إعلان قيادات محسوبة عليه انتهاج العنف وترك النضال السلمي كخيار وحيد كما يثير مخاوف الجيران والمجتمع الدولي علاقة البيض وتياره المتشدد بطهران التي هي على علاقة سيئة مع أغلب مكونات المجتمع الإقليمي والدولي، وقد اتهمت صحف عربية وعالمية جناح البيض بتجنيد الشباب من الجنوب وتدريبهم في لبنان وإريتريا للقيام بعمليات مسلحة وزعزعة استقرار اليمن وهناك تحالف معلن بين تيار البيض وجماعة الحوثيين في شمال الشمال.