صحيح إننا سئمنا من الكتابة وسئم شعبنا بالمناداة لوحدة الصف الجنوبي لقيادات لم تعرف قدر نفسها, وصحيح إن اغلب الكتاب الجنوبيين سخروا أقلامهم في مواضيع تكاد اغلبها موجهه إلى تلك القيادات بدلا من إن توجه إلى الخارج في فضح كل ما يعانيه شعبنا, لكن سنظل نكتب حتى نرى الضوء في نهاية النفق دام في شعب حي وعظيم يستحق كل شيء , مر ما يقارب سبع سنوات على الحراك ووصل إلى أعلى مراحله من الحشد الميداني إي إننا نستطيع نقول إن كل شعب الجنوب اتفق على هدف واحد لا غير وهو التحرير والاستقلال واستطاع إن يوصل رسالته إلى العالم من خلال نضاله السلمي ومليونياته السلمية المتتالية, بل اجزم وأقول أنها أول ثورة تحرريه يخرج نصف أبناؤها إلى ميادين النضال السلمي, لكن في المقابل مع الأسف الشديد فشل العمل السياسي فشلا ذريعا في إيصال رسالة هذا الشعب بسبب الأنانية والإدمان على الزعامة وحب الذوات, لم تنجح فقط تلك القيادات في إيصال رسالة شعبنا, بل عملت على تشويه ثورتنا السلمية ومبادئها ووصّلت رسالة للعالم مفادها إن الجنوب يتجه إلى المجهول وذلك من خلال خلافاتهم التي سئمنا منها والغير مبرر لها والتي أعطت للعالم انطباع خاطئ ومخاوف لا يستهان بها, ومنها استثمرت قوى الشر للاحتلال وضخمتها وعززت من موقفها بالاستمرار في نهب ثروات الجنوب وقتل أبناءه وبقاء الاحتلال جاثما على صدورنا. لقد تنادت منذ بداية الثورة أصوات شعب الجنوب تدعو إلى تجاوز مرحلة الخلافات وتطالب بالتعقل والحوار وتضع مصلحة الوطن ومستقبل أبناءه فوق كل المصالح الضيقة, والقطع مع الغلو والتنطّع من كل الجهات, غير إن تلك القيادات مع الأسف الشديد ورغم عجزها عن إيجاد حل لخلافاتها والوقوف صفا واحدا في وجه العدو الحقيقي, لا تزال تصر على الآباء والعناد والمكابرة والانغلاق والكل يدعي بأنه على حق ومن يختلف معه في الرأي فهو خائن, ويعتقد من خلال الشعارات الرنانة إن الشعب إلى جانبه وتناسى بأن الشعب يناضل من اجل تحرير وطن لا من اجل عبادة أصنام.
لقد صارت مفردة وحدة الصف أكثر شيوعا من قبل الشعب وفي الصحافة والخطابات والجلسات والمقايل واللقاءات العادية والرسمية لأبناء الجنوب, خاصة بعدما وصل الوضع بالجنوب إلى اسواء مرحلة عرفها من التنطع والانغلاق والتردي والاختلاف والتخوين والإقصاء والتهميش, بالإضافة إلى المؤامرات التي يواجهها شعبنا وثورته التحررية من قبل الاحتلال وعملائه, ولا أبالغ إن قلت إن المشهد العام في الجنوب صار منقسم على نفسه وتتجاذبه الأطراف المدمنة على الخلافات .
لقد أدمنت قيادات الجنوب على خلق خلافات وصراعات لا مبرر لها, في حين كان من الأجدر ومن المفترض إن لا ينبغي لمثل هذه الخلافات دام جميعنا مع تحرير الوطن واستقلاله.. العمل على وحدة الصف ليس شديد التعقيد إذا وجدت النوايا المخلصة, وهو بالتالي ليس صعب المنال في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ شعبنا وثورته التحررية, لهذا ينبغي على القيادات الجلوس مع نفسها والتفكير جيدا بالعمل على وحدة الصف والابتعاد عن العناد والغرور والأنانية وذبح بعضها بعضا ومعها مصير ومستقبل شعب.
في اعتقادي إن تلك القيادات المريضة لا يمكن إن يأتي منها خير أبدا, ولا يمكن إن تواجه استكبار وطغيان الاحتلال, لأنها غارقة فيه إلى حبل الوريد, فهي ما زالت بعيدة جدا عن طموحات شعبنا وأحلامه, لهذا لشعبنا الحق في لفظها التي استثمرت تضحياته من اجل مصالحها, ولذلك أحجم إن يراهن شعبنا عليها بأنها ستحمل همومه وأحلامه نحو التحرير والاستقلال, إذ لا نرى في تلك القيادات إلا الوهم والخداع والزيف, نراها ترفع شعار التحرير والاستقلال والتعدد والوفاق والمصالحة, وهي أكثر الناس مخالفه لتلك الشعارات.. لقد ملّ شعبنا منها ومن صراعاتها المستمرة وهو من يدفع ثمن تلك السلوك والتصرفات الصبيانية.
إن هذه الصراحة التي تبدو للبعض قاسية لا تحتاج إلى تدليل لمن يعرف الواقع السياسي للجنوب, وان أردت شاهدا على ذلك, فانظر كيف عملت تلك القيادات الفاشلة جر الشباب الطاهر إلى مربعها وأصبح منقسم على نفسه بسبب تلك القيادات.
إن المتابع للشأن الجنوبي يلاحظ إن الذين يطرحون موضوع وحدة الصف أنواع, فمنهم من يطرحها مزايدة ومجاراة وإرضاء لقوى خارجية مع عدم وجود النية الصادقة والتنازل لبعضهم البعض من اجل الوطن, ومنهم من يطرحها كذبا ونفاقا وذلك من اجل إيهام الشارع الجنوبي انه يسعى في الظاهر إلى وحدة الصف, ومنهم من يتناولها من منطلق مبدئي ووطني, لا من منطلق مغالبة أو منافسة أو إرضاء لأحد, حيث لم يدفعه إلى مثل هذا العمل إلا الإخلاص لدينه ثم وفاؤه لشعبه وخدمة لوطنه.
نتمنى بأن من تلك القيادات إذا كانت تقرأ ما يكتبه الجنوبيين وما ينادي به شعبنا في وحدة الصف إن تحافظ على شعرة معاوية مع شعبها الصامد إن تدرك خطورة المرحلة التي يمر بها شعبنا والتي تهدد مستقبله وتسارع في العمل على رص ووحدة صفوفها حتى نستطيع مواجهة التحديات الكبيرة في هذه المرحلة المفصلية والخطيرة والتي سيتحدد مستقبل الجنوب وأبناءه