أطلقت الهند بنجاح مركبة فضائية إلى كوكب المريخ لتصبح بذلك رابع وكالة فضائية تصل إلى الكوكب الأحمر. وأطلقت مهمة المريخ في تمام الساعة 9:08 (بتوقيت غرينتش) من مركز فضاء (ساتيش داوان) الواقع على الساحل الشرقي للهند.
وقال رئيس وكالة الفضاء الهندية لبي بي سي إن المهمة الفضائية الجديدة ستؤكد القدرة التكنولوجية على الوصول إلى مدار المريخ وتنفيذ تجارب علمية.
ومن المتوقع أن تبحر مركبة الفضاء لمدة 300 يوم على أن تصل إلى مدار المريخ في عام 2014.
وفي حالة نجاح المهمة والالتحام بمدار الكوكب الأحمر ستكون وكالة الفضاء الهندية رابع وكالة فضاء على مستوى العالم في الترتيب بعد الولاياتالمتحدة وروسيا وأوروبا تجري بنجاح مهمة فضائية إلى كوكب المريخ.
ويعتبر بعض الخبراء إطلاق الهند مهمة المريخ، المعروفة باسم (مانغاليان) أو مركبة المريخ، بمثابة أحدث الإنجازات في سباق الفضاء الوليد بين القوى الآسيوية المتمثلة في الهندوالصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى.
وقال أندرو كوتيس، من مختبر (مولارد) لعلوم الفضاء في بريطانيا، لبي بي سي :"أعتقد أن هذه المهمة ستضع الهند بحق على طاولة استكشاف الفضاء الدولي. إن بحوث استكشاف الكواكب ليست بالطبع أعمالا لا قيمة لها، وقد وجدت (الهند) بعض المنصات العلمية المهمة التي يمكن أن تجري بشأنها بعض القياسات."
البحث عن الميثان مركبة الفضاء الهندية تفحص معدل فقد الغازات في الغلاف الجوي في الفضاء الخارجي
وتضم هذه المنصات بحوثا تهدف إلى التدليل على وجود غاز الميثان في الغلاف الجوي للمريخ الذي سبق واكتشف من مدار المريخ وأجهزة مناظير على كوكب الأرض.
يذكر أن مركبة الفضاء (كيوريوستي) التي أطلقتها وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) لاستكشاف المريخ، أخفقت مؤخرا في العثور على الغاز أثناء قياسات الغازات في الغلاف الجوي للمريخ.
ويعتبر غاز الميثان من الغازات قصيرة العمر في الغلاف الجوي للمريخ، وهو ما يعني ضرورة وجود بعض المصادر على الكوكب الأحمر التي تعيد تزويده.
وثمة نتائج مثيرة للاهتمام تشير إلى أن الميكروبات تنتج نحو 95 في المئة من غاز الميثان في الغلاف الجوي لكوكب الأرض، وهو ما دفع البعض إلى الاعتقاد باحتمالية وجود غلاف حيوي عميق تحت سطح المريخ. غير أن الغاز يمكن توليده أيضا من خلال أجراء عمليات جيولوجية تعرف باسم البركنة Volcanism (أو تفعيل أنشطة بركانية).
وسوف تجري مركبة الفضاء الهندية دراسة لفحص معدل فقد الغازات في الغلاف الجوي في الفضاء الخارجي. وهذه الدراسة قد تقدم رؤى تفيد في معرفة تاريخ الكوكب منذ مليارات السنين، وثمة اعتقاد أيضا بأن الغلاف الغازي المحيط بالمريخ يمثل أهمية بالغة.
وكانت الهند قد وافقت على المشروع عام 2012، ومنذ ذلك الوقت دأب العلماء المشرفون على المهمة في بذل قصارى الجهود من أجل إعداد المركبة الفضائية بغية الاستفادة من اقتراب الكوكبين وهو ما يسمح بترشيد الوقود خلال رحلة المركبة إلى المريخ.
وسوف ترسل عملية الاحتراق النهائية المركبة الفضائية إلى مسار الكوكب لتبدأ رحلتها في 300 يوم بمسافة 780 مليون كيلومتر. ومن أجل التحام مهمة المريخ بالمسار الصحيح، يجب الاطلاق قبل حلول 19 نوفمبر/تشرين الثاني وإجراء الدوران النهائي في المدار بحلول 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
بلدان في بلد واحد سوف يسمح الاطلاق الناجح لمهمة المريخ للهند أن تنافس الصين على الأقل في مجال استشكاف المريخ
ويتساءل بعض المعلقين بشأن ما إذا كان ينبغي للهند أن تنفق 72 مليون دولار على بعثة علمية في الوقت الذي تحتل فيه البلاد أحد المراكز المتقدمة على قائمة سوء تغذية الأطفال في العالم.
غير أن المدافعين عن المشروع يقولون إن مهمة المريخ تعتبر منخفضة التكلفة نسبيا وقد يفضي التطور التكنولوجي اللازم لتعزيز المهمة إلى استفادة غير مباشرة لأنشطة أخرى في البلاد.
وقالت نيشا اغراوال، المدير التنفيذي لمؤسسة (أوكسفام) في الهند، لبي بي سي "الهند دولة بها فقراء كما أنها من بين الاقتصادات الصاعدة، ودولة من دول الدخول المتوسطة، وعضو في مجموعة العشرين. ومن الأشياء التي يصعب على الناس استيعابها أننا بلد يضم فقراء لكننا في الوقت نفسه قوة عالمية."
وأضافت: "نحن لسنا بلدا واحدا بل نحن بلدان في بلد واحد. ونحتاج أن نفعل الشيئين: الإسهام في المعرفة العالمية إلى جانب رعاية الفقراء في البلاد."
وسوف يسمح الاطلاق الناجح لمهمة المريخ للهند أن تنافس الصين في المنطقة على الأقل في مجال استشكاف المريخ، بعد أن وصلت مركبة الفضاء الصينية (ينغهوا-1) إلى مدار المريخ في أواخر عام 2012.
وكان من المقرر إطلاق مهمة المريخ في وقت سابق في 28 أكتوبر/تشرين الأول، غير أن سوء الأحوال الجوية في منطقة المحيط الهادئ دفعت المسؤولين عن المهمة إلى تأجيل عملية الإطلاق.