السيد عبدالملك الحوثي المكرم أحببت أن أكتب إليكم هذه الرسالة بعد تجدد الحرب في دماج وكرمكم النبيل بالتعامل الإنساني الراقي مع الأسرى الجنوبيين المغرر بهم. لكن قبل ذلك فأنني أبين لكم وجهة نظري فيما يخص الخلاف بينكم وبين السلفيين خصوصاً وأهل السنة عموما. سمعت خطابكم الأخير حول ولاية علي الإلهية التي تنتقل من جيل إلى جيل بالنتيجة في السلالة الكريمة ومآخذ بعض المنتمين للطائفة السنية الكريمة على هذا القول وألفت نظركم أنتم وهؤلاء أن عمر رضى الله عنه لا يختلف عن علي بن أبي طالب عليه السلام في هذا الأمر وهو أن الإمامة التي تعني الخلافة ليست (إلا في هذا الحي من قريش) تلك الكلمة المشهورة التي قالها عمر في سقيفة بني ساعده وقطع بها الطريق على الأنصار في تولي أي منصب سياسي. الخلاف أن علي أرادها في البيت الهاشمي وعمر فرضها في قريش. تواترت أحداث التاريخ وتحالف بني العباس والعلويين وهم فرعي البيت الهاشمي للإطاحة ببني أمية وإعادة ( الحق إلى نصابة) وبالفعل نجحوا بمساعدة جند الفرس الذين قادهم أبو مسلم الخراساني وسقطت دولة بني أمية في العام 132للهجرة/ 750 للميلاد بعد 91 عاماً من الحكم الذي بداء في 41 للهجرة وقد قام السفاح أول خلفاء بني العباس وأبو جعفر المنصور الذي تبعة بإزاحة العلويين جانباً وعدم الالتفات لمذهبهم في الدين وكان حينها التشيع للعلويين سياسياً وليس معتقد قبل أن يتحول على أيدي الفرس، وحكم بني العباس إمبراطورية مترامية الأطراف متكئين على أركان السنة التي أعتبر فقآئها أن الخليفة مركز الكون وأن الخروج عليه محرم شرعاً وهكذا حكم بني هاشم من الفرع العباسي دولة الإسلام لقرون طويلة من الزمن. قصدي أيها السيد الكريم أن عمر لا يختلف عن علي عن معاوية عن السفاح وأبو جعفر المنصور في نظرتهم للخلافة التي أعتبرها البعض أمر تختص به قريش بينما أعتبر الآخرون أنها أمراً يخص بني هاشم وجاء الأئمة من سلالة علي وقالوا باختصاص العلويين بها حتى الإمام الهادي الذي ركز الخلافة في سلالة البطنين وهو ماصار في حكم هذه السلالة حتى رحيل البدر بن أحمد بن يحي حميد الدين يوم 26 سبتمبر 1962م. مما سلف لا أجد مبرر للخلاف بينكم أنتم والسنة الذين يجلون أبوبكر وعمر وعثمان وعلي ذلك أنهم جميعاً ركزوا الخلافة في ذات القبيلة ولم يكونوا شورويين (ديمقراطيين) حتى تشتموهم أنتم وهم أبناء عمومتكم أو يدافع عليهم أبناء السنة الذين صاروا بحتمية التاريخ أبناء للخلفية سواء قريشي أو تركي أو الباني. لماذا إذاً الإستمرار في هذا الصراع العبثي الذي أستنزف المسلمين وثرواتهم وطاقاتهم لقرون طويلة من الزمن أن لم تكن السلطة هي المحرك الأساس لأشواق إعتلاء كرسي الملك، هذه المشكلة التي حلها العالم المعاصر بالديمقراطية. وعليه فأني أحسب نفسي مسلماً وكفى ورغم أني لأؤيد الحق الالهي في الحكم الذي تدعون إليه لكن مادام شعبكم راض ويقاتل من أجل هذا الأمر فلا اعتراض لدينا عليه ونبارك لكم ما اجتمعتم عليه أنتم وشعبكم الكريم. بالنسبة لحرب دماج أظن أنها استمرار للسياسة بوسائل القوه كما قال المفكر الإستراتيجي الألماني كلاوفيتز وعندما تنتهي موجباتها السياسية يجب أن تتوقف وليس من داعي للغوص في تحليل خلفياتها ودوافعها وشحن الناس طائفياً مما سيوسع الحرب ولن يستفيد من ذلك إلا عصابات صنعاء. بالنسبة لنا في الجنوب لا ننظر إليها إلا من زاوية تعاملكم الكريم مع المغرر بهم من أبناء الجنوب الذين دائماً ما يزجون في حروب صعده للدفاع عن مصالح العصابات المتنفذه في صنعاء من ناحية وللتخلص منهم من الناحية الأخرى سوى أولئك الجنود الذين كانت الحاجة هي الدافع الأساسي لتجنيدهم في الجيش حتى زج بهم في حروب صعده الستة أو هؤلاء الذين يجندونهم الأخوان المسلمين والسلفيين وأولاد الأحمر للحرب في دماج للدفاع عن مصالحهم وليس عن الدين لذلك وجب أن نهديكم شكرنا الجزيل كمواطن جنوبي وتحياتنا لأخلاق الفرسان تلك. لا يغيب عنا في هذا الصدد أن نزجي لكم الشكر لموقفكم النبيل من قضية الجنوب الذي يدعوا لإعطاء الجنوبيين الحق في تقرير مصيرهم ونتمنى منكم وقد أصبحتم رقماً صعباً في معادلة السياسة في اليمن أن تضغطوا على الأطراف الأخرى للقبول بهذا الحق الأصيل لشعب الجنوب. وفي الأخير نرجو من الله العلي القدير أن يمن عليكم بالصحة والسعادة والنجاح فيما تسعون إليه لمصلحة شعبكم الأبي المكافح الذي يستمد من دماء الشهيد الحسين بن بدر الدين الحوثي أسمى معاني التضحية والفداء.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.