مليشيا الحوثي تقتحم 2 من كبريات الشركات الطبية وصناعة الأدوية باليمن وتنهب مئات آلاف الدولارات    الحكومة تندد باستمرار التدمير الحوثي الممنهج للقطاع الصحي    مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار يدعم مقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    "صنعاء على صفيح ساخن.. الرعب يسيطر على المليشيا الحوثية و حملة اعتقالات واسعة"    "الحوثيون يفقدون البوصلة واصيبوا بالتخبط"...الكشف عن عجز حوثي عن مواجهة قرارات البنك المركزي بعدن    "الأقذر في الكرة الأرضية"...ناشطة يمنية تشن هجوما على قناة الجزيرة القطرية لدعمها الحوثيين    تعز التي لم تفرط بواجبها    "تقصي" تدين قرار الحوثيين بإعدام (السمحي) وتدعو للضغط لإيقاف الجريمة    الالمان يفضلون متابعة اليورو في المنازل    لماذا لن تحقق صفقة إسرائيلية-سعودية السلام في الشرق الأوسط    لجنة متابعة قضايا أبناء أبين تصدر بلاغًا بشأن فتح طريق ثرة    انشيلوتي يتراجع عن كلامه والريال يؤكد مشاركته بمونديال الاندية    إغلاق مستشفى حريب العام بمارب بسبب الإضراب عن العمل بسبب تأخر الرواتب    الشيخ زايد بن سلطان .. هل كان يحب اليمنيين الجنوبيين أم الشماليين ؟    - لأول مرة تكريم خاص بالنساء فقط في مصلحة جمارك في العاصمة صنعاء أقرأ لماذا ومنهم؟!    أكبر عملية سطو في تاريخ الأدوية اليمنية: الحوثيون يسيطرون على مصانع حيوية    بوتين يهدد بنقل حرب أوكرانيا إلى البحر الأحمر    ادارة الموارد البشرية بكاك بنك تدشن دورة تقيم الاداء الوظيفي لمدراء الادارات ورؤساء الاقسام بالبنك    الرئيس الزُبيدي يدشن أعمال الاجتماع العام الثاني لهيئة التشاور والمصالحة (نص كلمة الرئيس)    غرق وفقدان عشرات المهاجرين الأفارقة قبالة شواطئ شبوة    السلطات السعودية تكشف عن أكبر التحديات التي تواجهها في موسم الحج هذا العام.. وتوجه دعوة مهمة للحجاج    مليشيا الحوثي تسطو على منزل مواطن وتطرد النساء والأطفال وتنهب محتوياته    "الأونروا": الدمار الذي شهدته غزة لا يوصف وإعادة الإعمار يحتاج 20 عاما    النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    آخر ظهور للفنان محمد عبده عقب تلقيه علاج السرطان .. شاهد كيف أصبح؟ (فيديو)    رونالدو يحتكر الأرقام القياسية في اليورو    سينر يرتقي لصدارة التصنيف العالمي.. وديوكوفيتش يتراجع    ألكاراز يحتفل بلقب رولان جاروس بطريقة مثيرة    عقب الانهيار الجنوني.. أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية تتوقف عند هذا الحد    لأول مرة منذ 2015.. طيران اليمنية يعلن استئناف رحلاته لوجهة جديدة اعتبارا من هذا الموعد    الحوثيون يمنحون مشرفين درجة الماجستير برسالة واحدة مسروقة وتم مناقشتهما(أسماء)    دعوة لمقاطعة مبخوت بن ماضي    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    إيران تمول والحوثي ينفذ: اختفاء 43 طفلاً من مراكز صيفية في ذمار    مختار علي يعزز صفوف المنتخب السعودي امام الاردن    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    جرة قلم: قمة الأخلاق 18    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    ''استوصوا بعترتي'' و استوصوا بالمعزى!!    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    ما حد يبادل ابنه بجنّي    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين يقع الخط الفاصل بين مصالح الشعب الجنوبي ومصالح أرباب النفوذ في الشمال ؟
نشر في عدن الغد يوم 05 - 12 - 2013


كتب /د. فارس سالم الشقاع

أشهرٌ مضت والقوم يتجادلون في قاعات فندق موفنبيك. على جدول الأعمال العديد من القضايا. كان ذلك إخراجا مقصودا الغرض منه "حشْر " مصالح شعب بأكمله ألا وهو شعبنا الجنوبي داخل هذا الخليط العجيب من القضايا السياسية والحقوقية الخاصة بالشمال. لكن الأمور لم تسِر كما خطط لها. فالصمود الرائع لشعبنا الجنوبي ، وصوته المرتفع عاليا ، وحشوده المليونية المتعددة ، كل هذا قد فاجأ الطغاة في الشمال ، وأربكهم ، وأوقعهم في حيرة من أمرهم.

كان ذوو النفوذ في الشمال قد ابتهجوا فرحا بقدوم فصيل من فصائل الحراك الجنوبي للمشاركة في مؤتمر الحوار. كانوا يظنون أن مشاركة هذا الفصيل ستكون حجّة على الأطراف الجنوبية "المتطرفة" المطالبة بفك الارتباط والاستقلال ، وأن ذلك سيعزز فرصة انتزاع موقف اقليمي ودولي قوي "يقطرس" قضية الجنوب ويضعها في سلة القضايا الأخرى فيضعفها ويقلل من شأنها وينفي كونها قضية مستقلة ترتبط بالوحدة السياسية بين دولتي الشمال والجنوب ولاشأن لها البتّة بالقضايا الداخلية للشمال.

ويوم الجمع التقت كل الأطراف داخل موفنبيك ، وألقى كل طرف رقاقته على المائدة. وتنافست الأحزاب في إظهارخلافاتها حول قضية الجنوب ، أين بدأت المشكلة ، وكيف سارت، وماذا آلت اليه، ومن هو المتسبب ، ومن هو المذنب..الخ. ولكن كل هذا الخلاف الذي ينأى كل طرف من أطرافه بنفسه عن جريمة التآمر على الوحدة ، وجريمة تدمير الجنوب ونهبه وسحق أبنائه ، وكل هذا الجدال العقيم كان لابد له أن يفضي الى نقطة جوهرية واحدة ألا وهي .. وماذا بعد ؟ ماهو الحل المقترح لديكم أيتها الأحزاب لشعب يطالب بحقه في استعادة دولته وسيادته على أرضه ؟

هذا السؤال هو السؤال القاصم للظهر ، هذا هو الامتحان الحقيقي الذي تصمد أمامه الكلمة الصادقة الشجاعة ، وتسقط الكلمة المخادعة الجوفاء. هذا هو الحق الذي يصيب العبارات الواهية ، الفارغة المضمون مهما تزينت برونق زائف ، فيبرز ركاكتها ويجعلها تتساقط وتضمحل بلا معنى.
وتكمن أهمية هذا السؤال في كونه يلخص أمرا جوهريا مفاده هل لشعب الجنوب الحق الكامل في السيادة على أرضه واستعادة دولته والحفاظ على هويته الوطنية أم لا ؟

اللعب حول عدد الأقاليم فكرة ٌماكرة ٌخادعة

في إطار بحثها عن مخرج مناسب لفك الارتباط بين الشمال والجنوب يحافظ على أواصر الإخاء بين الشعبين ، ويصون علاقات المودة وحسن الجوار، كانت قيادات جنوبية قد دعت منذ فترة الى بناء شكل فيدرالي بين الجنوب والشمال لزمن محدود مابين الثلاث والخمس سنوات يتبعه استفتاء لشعب الجنوب يتمتع فيه بقول كلمته الفصل في تقرير مصيره سواء بالاستمرار في الوحدة الفيدرالية مع الشمال أو بفك ارتباطه عنه واستعادة دولته السابقة. وقد حمل فصيل جنوبي ألا وهو "مؤتمر شعب الجنوب" هذا المطلب الى مؤتمر الحوار في صنعاء ، وكان رأي قادة هذا الفصيل واضحا لا لبس فيه وهو أننا استجبنا للمشاركة في هذا الحوار سعيا منا لتحقيق مطلب شعبنا في استعادة دولته وسيادته على أضه.

وما إن وصل الحوار حول القضية الجنوبية الى هذه النقطة حتى بدأت الأحزاب السياسية تكشف عن حقيقة موقفها إزاء شعب الجنوب ، محاولة أن تستمتع بخلق لعبة غبية تدور حول عدد الأقاليم. وفي مظهر ينم عن الكثير من المكر والخداع انبرى قادة الأحزاب السياسية : المؤتمر والاصلاح والاشتراكي والناصري يتجادلون ، ويتنافسون ، ويحتدون على بعضهم البعض بشأن الرقم الأنسب لعدد أقاليم النظام الفيدرالي ، إقليمان ، أم ثلاثة ،أم خمسة ، أم عشرة أقاليم ، ساعين بكل ماأوتوا من قوة الى إفراغ المطلب الجنوبي من مضمونه الرئيسي ألا وهو حق شعب الجنوب في تقرير مصيره.

وهكذا نجد حزب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والتنظيم الوحدوي الناصري يعترضون على مقترح النظام الفيدرالي من اقليمين شمالي وجنوبي ، ويرون في ذلك مدخلا خطيرا يؤدي الى انفصال الجنوب ولذا فهم يدفعون بخيار خمسة أقاليم متداخلة.

وخلافا لهؤلاء تتدثر قيادات الحزب الاشتراكي برداء زائف وتنبري للدفاع عن خيار الاقليمين سعيا منها لإظهار نفسها بمظهر المتعاطف مع شعب الجنوب والداعم لمطلب بعض قياداته.

أين يكمن الخط الفاصل بين مصالح الشعب الجنوبي ومصالح ذوي النفوذ في الشمال؟

كل هذا الجدل العقيم الذي تتجاذب أطرافه الأحزاب السياسية حول عدد الأقاليم في النظام الفيدرالي المقترح بين الشمال والجنوب إنما هدفه طمس المضمون الرئيسي لمقترح الطرف الجنوبي المشارك في حوار صنعاء ألا وهو الإقرار بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره بعد فترة لا تزيد عن خمس سنوات كحد أقصى من إقامة النظام الفيدرالي. فالإعتراف بحق شعبنا الجنوبي في تقرير مصيره هو الخط الفاصل بين مصالح شعبنا وبين مصالح ذوي النفوذ في الشمال وليس عدد أقاليم النظام الفيدرالي. عند هذا الخط ، وأمام مطلب شعبنا في نيل حقه في تقرير مصيره تتساوى كل الأحزاب سواء المؤتمر أو الإصلاح أو الناصري أو الاشتراكي في رفضها له.

نعم ، حتى قيادة الحزب الاشتراكي التي تحاول أن تسوّق نفسها أنها تقف الى جانب شعب الجنوب من خلال تبنيها لخيار الاقليمين ، ترفض رفضا قاطعا التسليم بحق شعبنا في تقرير مصيره. فقد أشار الأمين العام للحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان في مقابلة مع صحيفة "26 سبتمبر" نشرتها بتاريخ 26 سبتمبرالمنصرم ، الى أن مشروع حزبه لا يتحدث عن نظام فيدرالي لفترة خمس سنوات يليها تقرير مصير. وحين صارحه الصحفي أن هناك مخاوف من فكرة جعل اليمن اقليمين وخمس سنوات كفترة انتقالية تهيئ للانفصال ، أجاب د. ياسين بصورة حاسمة : " نحن لم نتحدث عن خمس سنوات في مشروعنا" وأضاف " أنا أتحدث عن مشروعنا الذي لم يتحدث عن خمس سنوات " .

إذا ًهذا أقصى ماتستطيع أن تقدمه قيادة الحزب الاشتراكي لشعب الجنوب: نظام فيدرالي من اقليمين ولكنها ترفض رفضا قاطعا الحديث عن خمس سنوات أو حتى خمسين سنة يكون بعدها لشعب الجنوب الحق في تقرير مصير قد يؤدي الى فك الارتباط. وإذا ماتساءلتم عن سبب هذا الرفض القاطع فما عليكم سوى البحث بين طيات العبارات الدبلوماسية المنمقة لتصطدموا بجواب واحد يقدمه قادة الحزب الاشتراكي ألا وهو أن الوحدة خط أحمر.

وهكذا عند هذه النقطة تكرر قيادة الاشتراكي بعبارات دبلوماسية نفس مضمون عبارات علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر ومحمد اليدومي وصادق الأحمر ألا وهو أن الوحدة خط ٌ أحمر.

ماهي المصالح التي تعبّر عنها الأحزاب السياسية؟

إذا ً عندما نتجاوز لعبة عدد الأقاليم التي تحاول الأحزاب السياسية أن تلعبها ، وتسعى الى إغراقنا في دهاليزها المظلمة ، ونرسم الخط الفاصل بين مصالح شعبنا الجنوبي ومصالح ذوي النفوذ في الشمال بوضوح تام ، ووعي كامل ، ألا وهو حق شعبنا في تقرير مصيره واستعادة دولته ، نجد أن جميع هذه الأحزاب تقف على منصة واحدة ، وتعبّر عن موقف واحد ألا وهو رفضها التام والقاطع لحق شعبنا في نيل حريته وتقرير مصيره ، يتساوى في ذلك الدكتاتور العسكري مع القائد الاشتراكي ، كما يتساوى القومي الناصري مع المتطرف الاسلامي. فجميع هؤلاء يرون أن لهم هم الحق في كتابة مستقبل شعب الجنوب وتقرير مصير أبنائه وليس لشعب الجنوب شيء من ذلك.

هذا الموقف الذي يوحد كل الأحزاب السياسية إزاء القضية الجنوبية كثيرا مايلفت انتباه العديد من الأقلام الجنوبية ، وأحيانا يصيب البعض بالدهشة. فهم يرون هؤلاء يتصارعون في صنعاء ولكنهم يتفقون على موقف واحد حين يتصل الأمر بالجنوب. وأحيانا ما تدفع هذه الدهشة بعض الكتاب الجنوبيين الى نكران الصراع الدائر في الشمال ، واعتباره مجرد مسرحية هدفها دفن القضية الجنوبية وهو تفسير لا يتطابق مع حقائق الواقع. ذلك أن حرق علي عبدالله صالح في جامع دار الرئاسة (3 يونيو 2011) ومقتل عبد العزيز عبد الغني رحمه الله ، وتمزيق أوصال نعمان دويد وصادق أبو راس ورشاد العليمي ، كل هذا لايمكن أن يكون مجرد مسرحية.

ولهذا فإن إدراك الأسباب الحقيقية التي تجعل هذه الأحزاب المتصارعة فيما بينها تتفق وتلتقي جميعها في موقف واحد إزاء الجنوب يتطلب منا البحث عن المصالح الاقتصادية والسياسية التي تعبّر عنها هذه الأحزاب.

وفي هذا الصدد يمكن القول إن القوى التقليدية المتنفذة داخل حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح ترفض فكرة النظام الفيدرالي من أصله ، ناهيك عن تكوينه على أساس اقليمين. ذلك أن نظاما فيدراليا تتمتع أقاليمه بحقوق تحمي مصالح أبنائه سوف يضعف سلطات المركز المتمثل بالعاصمة صنعاء وهي المتنفذة فيه والتي اعتادت على جعل اليمن مجرد مزرعة تابعة لها تقتات منها وتتمتع بخيراتها دون سائر أبناء اليمن. ولما كان الجنوب قد أ ُلحِقَ بهذا المُلك منذ جريمة حرب 1994 ، ونظرا للثروات الهائلة التي يدرّها على جيوب الطغاة ، فمن الطبيعي أنهم سيقاومون مقاومة شديدة أي خيار سياسي يعيد الجنوب الى أهله ويقطع عنهم هذه الموارد غير المشروعة.

وخلافا لهؤلاء يعبّر الحزب الاشتراكي والوحدوي الناصري عن مصالح الفئات الاجتماعية التي تعاني من سيطرة المركز على مناطقها ومن هيمنة قوى النفوذ العسكري القبلي على مصالحها. ولهذا فهي تتبنى خيار النظام الفيدرالي من حيث المبدأ وتطالب به لأنه يلبي مصالح القوى الاجتماعية التي يرتكز عليها هذان الحزبان.

وإذا ماكان الوحدوي الناصري يرفض خيار الاقليمين خشية منه على مصير الوحدة اليمنية التي يتبناها انطلاقا من شعارات القومية ، فإن تبني الحزب الاشتراكي لخيار الاقليمين نستطيع أن نعزوه الى ضغوط القيادات الجنوبية داخله التي ترى في ذلك الحدّ الأدنى الذي يمكن أن تقبل به. وقد انعكست هذه الضغوط في مقال حرره الاسبوع الماضي القائد الاشتراكي أنيس حسن يحي دعا فيه قيادة حزبه الى التحلي بالشجاعة والاعتراف بحق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره.

لكن هذين الحزبين يلتقيان في رفض مطلب شعبنا بشأن تقرير المصير واستعادة الدولة ، وهما بذلك يعبّران عن مصالح قوى راس المال الشمالي التي كان لها باع ٌ واسع في نهب خيرات الجنوب والاستحواذ على ثرواته جنبا الى جنب مع قوى النفوذ العسكري القبلي.

ماهو الأساس المادي الذي يوحّد مواقف الاحزاب السياسية إزاء مطلب تقرير المصير؟

هذه الشراكة غير المقدسة في نهب الجنوب والاستيلاء على خيراته وتشريد أبنائه ، هي التي توحّد مصالح القوى العسكرية القبلية مع مصالح رأس المال الشمالي إزاء الجنوب وتجد انعكاسا لها في مواقف هذه الاحزاب ، وهي التي تمثل بالتالي الأساس المادي الذي يوحّد مواقف الاصلاح مع الاشتراكي والمؤتمر مع الناصري ضد مطلب شعبنا الجنوبي في تقرير مصيره واستعادة دولته.
وبالاضافة الى ذلك فإن رفض الاشتراكي والناصري مطلب تقرير المصير الجنوبي يعكس كذلك مصالح النخبة السياسية الشمالية التي استحوذت يوما ما على مقاليد الحكم في عدن وتمتعت بدور سياسي خطير مازالت تطمع في استمراره. ولا شك أن هذه النخبة ترى في استقلال الجنوب وحكمه على يد الأجيال الجديدة من أبنائه كابوسا مرعبا يشير الى نهاية ٍحتمية ٍ لدورها السياسي والقضاء على النفوذ والمزايا الواسعة التي تمتعت بها على مدى عقود في بلادنا.

إن نضال شعبنا وصموده الأسطوري وتضحياته الجسيمة ووحدة قياداته هي الكفيلة بعون الله بوضع حد ّ للنهب والسلب الذي تمارسه قوى النفوذ والطغيان في الشمال ، ووضع نهاية لأحلام النخبة السياسية الشمالية في الاستحواذ على قرارنا السياسي بعد أن فعلت ذلك ردحا من الزمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.