أنا أتزين لملاقات حور العين, كانت إجابة الشاب العشريني, بينما كان يحتلق في هواء (رابعة), قبل فض إعتصامها ب 24 ساعة في أغسطس الماضي. إجابة تضمر من الدلالات ما يبرر الإقدام على المخاطرة أياً كانت النتائج.
فالتزيُّن هو الرابط المشترك بين الإنتحاريين الذين يذهبون بمصائرهم الى المجهول, كما تؤكد (وصاياهم) وصورهم قتلى, فتجارة (الشهادة) رآجت في ضل إنسداد الواقع الإقتصادي, لتصبح وسيلة المنتحر وسبوبة السمسار, ولك منهما ما نوى, إذ لم يترددا في الحكم بإعدام مسشفى العُرضَّي التابع لوزارة الدفاع في العاصمة صنعاء في 5 ديسمبر الجاري بمن حضر, والحكم بإعدام ما يزيد على 100 جندي في ميدان السبعين في 21 مايو قبل الماضي. فكل منتحر من هؤلاء يصل به اليقين: بإن حياة الإبرياء مهر ل(حوريته), لن يتردد عن التسبب بالمقتاله. وتبقى المفارقة إن من يرسل السذج للتهلكة حليقين, يحافظ هو على ذقنه كثة الى الأبد, وعلى روحه سليمة معافاة حتى أرذل العمر!.
خبث السؤال وسذاجة الإجابة تلخص حالة التوحش وبشاعة القتل بالجملة التي نعيشها منذ بداية القرن ال 21, فما يحدثُ منْ أعراسِ قتلٌ جماعبة هنا أو هناك, دليل حالةُ تعفُّن عند البعض, أصابت خلايا الإحساس بالعلاقات الإنسانية, وفيها الدليلُ على فشلٍ أصابَ البعضُ من مُتلبسِّي دين السلام, هذا البعضُ الذي فشلَ في حياةٍ سويةٍ, تحولَ الى (إنسان) بدقنِ تيسٍ, ولغيابُ الآهلية قرر محاججة المجتمع بالقتل والتدمير. لا أدعي التقريرَ, ولكن يتملكني إحساسٌ: إن كل ما تقوم به هذه البؤر الإجرامية, أقل ما يوصف بإنه: خروجاً على القيمِ الدينيةِ. فيه التجسيد البشري الخطأ, للدين الحنيف, وفيه التوظيف السياسي, لرسالة لإسلام السمحة التي تتسع الجميع.
وأبلغُ دليلٍ: ما قام به, إسماعيل هنية, الذي لم يتردد عندما تملكته المشاعر الإنسانية كَجَدٌ, لم يتردد عن إرسال حفيدته لعلاج ميئوس, في مشافي إسرائيل وعندما تتلبسه المشاعر السياسية يرسل اليها الصواريخ, المقارنة هنا لا تنسحب على المقاومة كحق مشروع, وإنما على حالة التناقض حد (الشيزفرينا) بين القول والفعل. وهي حالة تدعو كل من يقف في طابور الإنتحار لملاقات (حور العين), تدعوهم الى التريث وتأمل المشهد بشيء من الموضوعية والتعقل والتدبر بسماحة الإسلا.. فالمسألة ليست حفل زفاف وإنما حفلة قتل جماعي أول ضحاياها ومن يحاسب عليه يوم الحساب هو العريس الموهوم.
فليس هناك من صلة بين عدالة الإسلام الذي نعرفه وبين تدمير جميع الأجهزة والمعدات الطبية لمستشفى العُرضي والفتك التام بكل أقسام العيادات الخارجية فيه. فما حدث الخميس الفائت, وفي 14 أغسطس 2012 في وزارة الدفاع او في وزارة الداخلية في 31 يوليو 2012 وفي حضرموت وجعار وعزان وغيرها, كل تلك العمليات بالإضافة الى كونها: جرائم بحق الأنسانية, ففيها كامل التشويه لسماحة الإسلام. فبناء الحجة الوهمية (دولة الخلافة) لتأجيج حدة الخلاف السياسي حد الفعل الحيواني المتوحش, يعكس تغلب غريزة الغوغائية على حكمة العقل والمنطق وتأصل ثقافة بناء دولة الجهل على جماجم البشر وعلى أنقاض بنية المجتمعات .
فعلى أي وجه وأياً كانت الدوافع فلا عرف يقر بقتل المريض وهو على سرير العلاج, ولا أخلاق تدعو الغدر بطبيب يحاول إنقاذ ارواح سقيمة, ولادين يحث على الفتك بحياة (ملاك رحمة) وهو يؤازر نفسٍ عليلةٍ, وليس من الإنسانية بمكان ولا من الشهادة بصلة الغدر بمواطن بريء كل همة: توفير لقمة العيش لأفواهٍ تنتظره فأغرة جوعاً وعطشاً. أكان هذا المواطن عسكرياً أو مدنياً أو حتى عابر سبيل. جاهدكم الله يا من تدعون الجهاد حتى المريض الذي كان تحت تأثير المخدر لم تمهلوه يصحوا وينطق الشهادتين قبل أن يسلم روحه لبارئها.