لم يعد أمام الحواريين الجنوبيين من مجال لإفشال خيار الأقاليم الخمسة أو الستة التي يصر عليها حواريو الشمال سوى فشل نخب الشمال في تقسيم شطرهم إلى ثلاثة أو أربعة أقاليم باعتبار ان مخاطر تقسيم الشمال إلى عدة أقاليم هي اخطر مما يمكن ان يتحقق له من مكاسب من وراء تمسكه بتقسيم الجنوب إلى إقليمين. الانفصاليون الشماليون في تعز واب وتهامة وصعدة هم الخطر المحدق بالشمال، اكثر من خطر انفصال الجنوب، وإذا ما نجحت تعز واب في الانفصال أو الاستقلالية الشاملة عن صنعاء ستفقد صنعاء ابرز أعمدتها الاقتصادية اما في حال نجاح الحراك التهامي في عزل الحديدة عن باقي مناطق الشمال فان هذه المناطق ستفقد منفذها الوحيد نحو البحر . الأمر الأبرز ان إي اتفاق حول تقسيم اليمن إلى أقاليم سيجد طريقه للتنفيذ بسهولة في الشمال بينما سيفشل في الجنوب لمبرر بسيط وهو رفض الجنوب لمخرجات الحوار خاصة إذا كانت تعزز تقسيم الجنوب وتستهدف هويته. ان سلمنا ان الشمال كان دولة قائمة قبل الوحدة بدون الجنوب، فإنه بالتأكيد لن يكون كذلك إذا إصر على تجزئة نفسه إلى أقاليم بهدف تحقيق غاية تقسيم الجنوب من منطلق علي وعلى أعدائي. إذا فكرت نخب الشمال بتجرد عن مصالحها الذاتية الأنانية والضيقة ستجد أن انفصال الجنوب أهون على مستقبلها من تقسيم البلاد إلى أقاليم متعددة لان هذه الأقاليم جميعها ستكون مهيأة ولديها رغبة جامحة للانتقام من مراكز النفوذ في صنعاء والتحرر من سطوتها وتجبرها.
فلن ينسى أبناء تعز واب ما تجرعوه في حروب الجبهة وما نالوه من امتهان واحتقار من أصحاب مطلع. وبدورهم لن ينسى أبناء تهامة أنهم قد تحولوا إلى عبيد لدى المتنفذين من القبائل المتعجرفة الذين نهبوا أرضهم وأذاقوهم الذل وسلطوا عليهم من يهينهم ويذلهم ويغتصب الرجال فيهم قبل النساء. يا أهلنا في الشمال حاربوا الانفصال فيما بينكم وغادروا مربع الحقد والانتقام وتخلصوا من ثقافة علي وعلى أعدائي فلن تكون في صالحكم.