وري جثمان الزعيم الأفريقي وأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا الثرى في مقبرة العائلة في مسقط رأسه بقرية كونو، بعد مراسم جنازة شارك فيها العديد من القادة والشخصيات السياسية والدينية البارزة. وحضر مراسم الجنازة أكثر من 4500 شخص، بمن فيهم الوافدون الأجانب، وهي مزيج من الشعائر الشعبية والإجراءات الرسمية.
واقيم قبل دفن الجثمان، حفل تأبين رسمي ألقى فيه عدد من الرؤساء والشخصيات كلمات تأبين للزعيم الأفريقي الراحل، من بينهم الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما والرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي والرئيس المالاوي جويس باندا ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريم ديسالي الذي مثل الاتحاد الأفريقى في كلمته، فضلا عن الرئيس الزامبي السابق كينيث كاوندا. "كان مانديلا منبعا للحكمة وركنا من أركان القوة ومنارا للأمل لجميع إولئك الذين يناضلون من أجل الحرية." الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما واستذكر الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي، في كلمته دور بلاده في دعم نضال مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي خلال كفاحهم في فترة الفصل العنصري. وقال كيكويتي "كان مانديلا بطلنا ورمزنا وأبانا، كما كان بالنسبة لكم. لقد فقد الشعب التنزاني صديقا عظيما ورفيق سلاح عظيم". "منبع الحكمة" ومن جانبه قال الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما في كلمته : "كان مانديلا منبعا للحكمة وركنا من أركان القوة ومنارا للأمل لجميع إولئك الذين يناضلون من أجل الحرية". وقد صرح أحمد كاثرادا، صديقٌ مقربٌ لمانديلا، ل بي بي سي أنه فقد "أخ أكبر" رافقه سنوات عديدة في سجن جزيرة روبن. وتغيرت نبرة صوته عند وصفه لصعوبة الأشهر الأخيرة، خاصة آخر مرة أمسك فيها بيد صديقه في المستشفى. وقال: "الوداع يا أخي ومعلمي وقائدي." وكان مانديلا قد توفي في الخامس من ديسمبر/كانون الأول عن 95 عاماً. من بين الشخصيات في مسيرة مرافقة جثمان مانديلا ناشط الحقوق المدنية الأمريكي القس جيسي جاكسون والنجمة التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري. تم وضع صورة لمانديلا وأمامها 95 شمعة بعدد سنوات حياة الزعيم الراحل كما سار مرافقا الجثمان إلى مثواه الأخير كبير الأساقفة دزموند توتو، الذي لم يتأكد حضوره مراسم الدفن إلا في اللحظة الأخيرة. وقد حضرت أسرة مانديلا جنازة مسائية، قام فيها مغنٍ بأداء بعض الأناشيد الشعبية في مدح تفاصيل حياته. حمل جثمان مانديلا على عربة مدفع في طريقه إلى سرادق التأبين، ثم نقل بعربة نقل الموتى الى المقبرة. وتم حمل التابوت على مدفعٍ إلى منزل مانديلا، حيث نُصب سرادق أبيض كبير خصيصاً للجنازة. ومع بدء المراسم، قام بعض الضيوف بالغناء والرقص احتفاءً بحياة مانديلا. وتم وضع صورة لمانديلا داخل وأمامها 95 شمعة بعدد سنوات حياة الزعيم الراحل. بعد غناء السلام الوطني، توجه المتحدث باسم أسرة مانديلا، نجانجومهابلا ماتانزيما، بخطاب للحضور شكر فيه الفريق الطبي المعالج لمانديلا. وقال: "سقطت شجرة كبيرة، وها هو الآن يعود إلى آبائه. نشكرهم على إهدائنا هذه الرمز." حيا رئيس مالاوي السيدتين على حبها للزعيم وتسامحهما. ثم خاطبت حفيدتي مانديلا الحضور، حيث قرأت إحداهما النعي بينما تحدثت الأخرى عن جدها كمربٍ. وقالت: "سوف نفتقدك ونفتقد صوتك الحاسم حين لا تعجبك تصرفاتنا. سوف نفتقد ضحكتك." وقاد بعد ذلك الرئيس جاكوب زوما مراسم الجنازة، حيث بدأ بالغناء ثم ألقى خطابه الرسمي. حضرت الجنازة كلٌ من جراسا ماشيل، أرملة الزعيم، بالإضافة إلى زوجته الثانية ويني-ماديكيزيلا مانديلا، حيث جلست السيدتان بجوار الرئيس زوما. وفي خطاب لرئيس مالاوي، جويس باندا، حيا السيدتين على حبهما للزعيم وتسامحهما. وكان من ضمن الحضور عدد من أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي، المناضلون ضد التمييز والسلطة الأجنبية (بمن فيهم عدد من الرؤساء الأفارقة)، والأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، والمذيعة الأمريكية أوبرا وينفري. كما حضر المطران توتو، صديق مانديلا، رغم إعلانه إلغاء رحلته لعدم تلقيه دعوة رسمية. وبعد انتهاء المراسم التي استمرت لأكثر من ساعتين، بدأت عشيرة أباثيمبو، عشيرة مانديلا، بعقد مراسم شعبية خاصة بهم، حيث تتضمن أغانٍ وقصائد عن حياة مانديلا وانجازاته. كما سيقومون بذبح ثور. وسيبقى أحد كبار العائلة بجانب التابوت المكسو بجلد فهد "ليتحدث إلى روح [مانديلا]." "حزانى لكن سعداء" اقيمت مراسم التأبين في خيمة بيضاء كبيرة نصبت خصيصا للمناسبة. وقد نقل جثمان مانديلا يوم السبت إلى بريتوريا على متن طائرة حربية، تصاحبها طائرتان مقاتلتان، حيث انطلقت من قاعدة ووتركلوف الجوية إلى مطار مثاثا الذي يبعد حوالي 700 كيلومتر. ألقى الرئيس المالاوي جويس باندا كلمة في حفل تأبين مانديلا. ووفق التقاليد القبلية، رافق مانديلا حفيد نيلسون مانديلا جده في رحلته، حيث ظل يتحدث للتابوت بأنه في الطريق إلى الراحة في مثواه. حمل الجثمان عدد من كبار القادة العسكريين في جنوب أفريقيا. وقامت قوات من الجيش بوضع التابوت الملفوف في علم جنوب أفريقيا على عربة موتي، حيث بدأ رحلته إلى قرية كونو حيث أراد مانديلا قضاء أيامه الأخيرة. واصطف المواطنون على جانبي الطريق عبر مدينة مثاثا لتوديع جثمان الزعيم بالأعلام والتهليل والغناء. ثم عبر الموكب بوابات قرية كونو، مسقط رأس مانديلا. وكان أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي قد ألقوا النظرة الأخيرة على جثمان مانديلا في بريتوريا قبل نقله إلى شرق البلاد. وحضر الرئيس زوما وعدد من أعضاء المؤتمر مراسم توديع جثمان مانديلا في قاعدة ووتركلوف. وكان حوالي مئة ألف شخص قد ألقوا نظرة الوداع على مانديلا في المراسم التي عقدت بمقر الحكومة في بريتوريا على مدار ثلاثة أيام.