ادري أن الصباح سيحمل لنا رقماً جديداً من الشهداء والقتلى ومزيداً من أشلاء الأبرياء ، ودموع الأمهات ، وجديد اليتامى ندري أن الصبح لم يعد يستيقظ – كعادته - على لحن الحياة ، ورائحة الخبز ، وقطرات الندى ، مع الأسف فشعري بجمال الصباح لم يعد بتلك البراءة المرسومة في وجوه أطفال الدراسة ولا بتلك الرحمة المزروعة في ملامح ابتسامة الأمهات وهن يودعن أطفالهن .
ندري تماماً أن الحديث أصبح لا يخلوا من الألم ومن البكاء والنحيب ومن التشاؤم بمستقبل يحمل لنا فاجعة بلون الدم وكأن لسان حالنا يقول ما قاله درويش :
وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها لأسبابٍ عديدةْ من بينها: خطأ كبير في القصيدة عذراً إنا لا أريد أن أعكر صفو أملكم بشوائب التشاؤم التي تعتريني الآن !
لكن مع الأسف عندما تسقط كل الحسابات الإنسانية والأخلاقية هذا السقوط المروع ويصبح حديث أبناء هذا البلد اليومي هو حديث مكرر عن القتل ودراجات الموت والاغتيالات والسيارات المفخخة المركونة بزاوية مهملة من شارع ممتلئ بالأبرياء .
أحياناً لا أجد تفسيراً للصمت رغم كل الضجيج وصوت الإسعاف والأشلاء المبعثرة في الإرجاء ورائحة الموت التي تطاردنا في كل مكان، مؤلم ما يحدث ..
نزيف الدم وصور الأشلاء على أرصفة شوارع المدن والآكام والجبال في الأطراف وحدود الجبال ، استمرار كل هذا النزيف يجعلنا نؤمن بان من ما سيحدث – لاحقاً- ليس إلا نتيجة حتمية لمبادرة التسوية الهزيلة التي فسحت المجال لنفس الأشخاص الجناة الذين ينتقمون من معارضيهم ويتفننون في طريقة القتل وتدمير ما تبقى من ارض وإنسان الوطن .
ما حدث في مستشفى العرضي بوزارة الدفاع لن تكون خاتمة الأحزان والماسي الحزينة ، ولن تنتهي الحكاية حتى تكون هناك أكوام من الأبرياء بلا ملامح .
طالما وان هناك مشاريع مدعومة بكل الوسائل من قِبل بعض الدول ، ومن مراكز نفوذ قادرين على تفجير الوضع وقتما شاءوا بحيث لا تقوم لليمن قائمة بعدها ..
هذه ليست تمنياتهم التي يتمنونها وإنما كل ذلك من أجل العودة لصولجان الحكم ، أما وهم ليسوا على ذاك الصولجان فهم يريدون أن يبقى مشهد الأرصفة الحمراء المختلطة بالدم في شوارع الوطن بشماله وجنوبه مستمراً ،هذا هو الواقع الذي يريده هؤلاء ومن معهم من الحاقدين .
بالمقابل ومع مشهد الموت الدامي الذي يساق إليه الأبرياء أسربا وجماعات .. هناك القوى السياسية التي لا تجيد فعل أي شيء سوى التحريم فوق جثث هذا الشعب المسحوق كالغربان السوداء ، وكتابة بيانات التنديد والشجب في كل ما يحدث من جرائم تهتك أستار البشرية (الكلاب تعوي ... والقافلة تسير)
الله لا يحتاج أمثالكم لأن الله يحب لنا الحياة لا يحب القتلة ومن عاونهم … فلا غالب لكم إلا الله..بحجم الدمار الذي يريدوه البعض وبقدر السلام والأمن والحياة التي يحلم بها الجميع.
كواحد من آلاف الشباب اليمني الغيور على وطنه وأبناء بلاده وإخوته أتمنى من الله أن يحفظ يمننا وتبقى أرصفة شوارعه وإحياءه بيضاء كالثلج تنعم بالحرية والأمان بعيدة عن انهار الدم والحرب والرصاص والانتقام .
(ابتسموا ) (فطالما حافظ شعب على ابتسامته.... تعافى وطنهم من كل ما به)