مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدى جعفر: النقد عملية موازية للفن والسياسة في اليمن ضد السينما
نشر في عدن الغد يوم 27 - 12 - 2013

هدى جعفر، كاتبةٌ يمنية، ومحررة الصفحة الثقافية في صحيفة ‘الأولى' اليومية، وتعمل في مجال حقوق الإنسان منذ عام 2006، بدأت الكتابة عن السينما في الملحق الثقافي لصحيفة الجمهورية، وكانت هي المرة الأولى في الصحافة اليمنية التي يتمّ فيها تخصيص عمود أسبوعيّ عن السينما، كما تكتب في عددٍ من الصحف، والمواقع العربية.
* في العادة، يعمدُ بعض نقاد السينما العرب إلى إجراء حواراتٍ مع ممثلين، ومخرجين، ولكن، لم نتعوّد بأن يتحاور ناقدان، هل تعتقدين بأن هذه الحوارات تساهم في الكشف عن تفاصيل المشهد السينمائي النقدي العربي، وتُسلط الأضواء على بعض جوانيه المُضيئة، والمُعتمة على السواء ؟
* هي ليست مفيدةٌ للقارىء فحسب، بل للنقاد بنفس الدرجة، ما يفتقد إليه الناقد العربي من ضمن ما يفتقد معرفة موقعه في الخارطة النقدية، بشكلٍ عام، هناك جفافٌ معلوماتيّ كبير في هذا الجانب، لذا، أجد هذه الحوارات بدايةً لسلسلةٍ من النشاطات قد تقود في النهاية إلى تجويد العمل النقدي، وبالتالي، تطوير السينما العربية كفنٍ، وصناعة.
كما تُساهم في نشر الثقافة السينمائية، وتُعدد الخيارات أمامها، وتعمل على خلق تواصلٍ مع الناقد، وتجعل القارئء أكثر انتباهاً للتفاصيل، وبالتالي، أكثر استمتاعاً بالمادة السينمائية.
* في إجابتكِ، لفتَ انتباهي هذه الجملة (ما يفتقد إليه الناقد العربي من ضمن ما يفتقد …)، أفهم بأنّ الناقد العربي ينقصه الكثير…؟
* بالطبع، مثلاً : الاهتمام الحكومي، تقدير المجتمع، المردود المعنوي، والمادي (وهنا لا أقصد أن يكون النقد السينمائي مصدر رزق)، وجود كيان نقابي/مؤسّساتيّ، والأهمّ، أن يؤمن الآخرون بمهمة النقد بشكلٍ عام، والنقد الفنيّ بشكلٍ خاص.
* هل تعتقدين بأنّ هذه السلسة من ‘الثرثرة' قد تقود إلى تجويد العمل النقديّ، وبالتالي، تطوير صناعة السينما العربية،…وماذا فعل كلّ أولئكَ النقاد منذ بدايات السينما المصرية، والعربية…؟
* يمرّ الوضع الثقافي العربي بحالة ركود، وغارقٌ في اللاهوية، وتتعقد المشاكل التي تواجه المثقف العربي، وهذا لا يُسيء للنقاد القدامى، ولكن، مهمة نقاد اليوم أصعب.
* حسناً،…أين درستِ النقد السينمائي، أو على الأقلّ، كيف تعلمته ؟
* لم أدرسه، في البداية كنتُ أحلم بأن أصبح ممثلة، ولكن الظروف الإجتماعية حالت دون تحقيق ذلك، ودون أن أشعر، وجدت نفسي أكتب عن السينما مقالاتٍ حاولت قدر الإمكان أن تكون جيدة.
* إشارةٌ جميلة، أعتقد بأن معظم الذين يمارسون النقد السينمائي لم يختاروه مباشرةً، ولكن، في البداية، فكروا، وحلموا بممارسة أحد جوانب العمل السينمائي، التمثيل، والإخراج تحديداً، ولهذا، هناك فكرة شائعة، تفترضُ بأن الناقد فشل في تحقيق طموح إخراجيّ، هل هذه الفكرة صحيحة ؟
* لا، النقد ليس ‘توسلاً'، و'تمسحاً' بالفنّ السابع، هو عملية موازية للفن، وليست تابعة لها، أو أحد ‘إكسسواراتها'، قد يكون هناك فعلاً من لجأ إلى النقد بعد فشله بأن يكون مخرجاً جيداً (ولاحظ بأنني قلتُ : فشل في أن يكون مخرجاً جيداً، ولم أقل كان مخرجاً فاشلاً)، بل، رُبما في داخل هذا ‘المخرج' الذي فشل، ناقداً جيداً منذ البداية، ولكنه لم يكن يعرف.
* هناك الكثير من النقاد تركوا دراساتهم العالية التي يحلم بها أيّ عاقل، وتوجهوا نحو النقد السينمائي، ومع ذلك، بدل أن تكون تلك الخطوة لصالحهم، تستخدمها بعض الذهنيات العدوانية ضدّهم، ماهي أسباب هذه النظرة التحقيرية للناقد، والنقد؟
* الناقد السينمائي شمعة تحترق من ناحيتين، فهو ليس ‘كاتب' فقط، بل يرتبط بعالم الفن أيضاً، ولا يخفى على أحد معاناة المثقف العربي بشكلٍ عام، فما بالكَ لو كان ناقداً سينمائياً، ثم النقد يعني بأن ‘تفكك' العمل، تضعه تحت المجهر، وتستعرض نقاط ضعفه، وقوته، وهذا ليس هيناً، لذا من الطبيعي أن يلقى الناقد كماً كبيراً من العداء.
* وهنا أصل إلى السؤال الإشكالي الأهمّ : هل النقد السينمائي في العالم العربي مهنة ؟ لديّ إحساس بأنه، خلال وقت قصير، سوف ينقرض ؟
* أفضل ألا تكون الكتابة النقدية مصدر رزقٍ لصاحبها، ولا أعتقد بأنه سوف ينقرض.
* إجابتكِ لطيفة جداً يا هدى، يعني نترك دراساتٍ تخصصية، وندرس السينما، وحضرتك تُفضلين ألا تكون الكتابة مصدر رزق لصاحبها، يعني نكتب ‘من أجل عيون السينما'، كان عليّ أن أكون مهندساً، وناقداً مثلاً ؟
* ‘من أجل عيون السينما' يجب أن يمارس الناقد الكتابة من باب ‘الشغف'، وليس من باب ‘الواجب' الذي ينال عنه أجراً، وإن كنتُ أؤيد بشدةٍ الاهتمام باقتصاد الأفكار، وتقديره حقّ قدره.
* هل يتوّجب أن يحتفظ كلّ واحدٍ منا بمهنةٍ ما كمصدر رزق، ويمارس النقد السينمائي في أوقات الراحة ؟
* نعم، هذا تماماً ما أقصده، كي يجعل الكتابة النقدية متحررة.
* هناك الكثير من العرب الحاصلين على درجاتٍ علمية عُليا، ماذا قدموا للثقافة السينمائية العربية، أجد بأن الكثير منهم اكتفى بالتدريس في المعاهد، والجامعات.
* حتى، وإن اكتفوا بالتدريس في المعاهد، والجامعات، وقبل أن نسأل ماذا قدموا للثقافة السينمائية العامة، علينا أن نتسائل : عما قدموه لطلابهم، وطالباتهم !!
* كي لا نظلمهم، ولن نظلمهم، لا يمكن أن ننكر فضلهم على الأجيال التي تعلمت منهم، ومهدوا لها مسيرتها اللاحقة، أعتقد بأن سؤالي السابق ليس في محله..
* لا، لم أقصد نهائياً إنكار فضل أحد، بل الضعف العام الذي تُعاني منه السينما العربية، لا بدّ أنهم يتحملون جزءاً منه.
* بتصوري، يتدرّج الحلم من التمثيل إلى الإخراج، هل تفكري بإخراج الأفلام، …؟
* في الحقيقة نعم، في المرحلة الأولى، أفكر بإخراج الأفلام الوثائقية، يعتبر اليمن أستوديو جاهز لتصوير أيّ فيلم عن أيّ موضوع، ورُبما أفكر لاحقاً بإخراج أفلام روائية.
* هل بالإمكان الجمع بين النقد، والإخراج ؟
* من الممكن الجمع بين النقد، والإخراج، على أن يكون الناقد/المخرج قابلاً للنقد أيضاً.
* بعيداً عن تجربة الموجة الفرنسية الجديدة، عندما تحوّل مخرجوها من النقد إلى الإخراج، تركوا النقد، كما حال بعض المخرجين العرب الذين مارسوا النقد قبل الإخراج، يسري نصر الله على سبيل المثال، ولكن، في المشهد السينمائي العربي، هناك بعض النقاد الذين ‘سلخوا' أفلام الآخرين، وعندما أنجزوا أفلاماً كانت محاولاتٍ متواضعة للغاية، وهناك من يريد أن يقلب السينما العربية رأساً على عقب، وأفلامهم لا تصل إلى مستوى طموحاتهم النقدية….؟
* نعم، قد يحدث هذا الأمر، وليست المشكلة هنا في الجمع بين النقد، والإخراج، بل بأن هذا الناقد، ورغم معرفته بالأدوات السينمائية، وتقنياتها، لم يتمكن من تحويلها إلى عملٍ ما، وأعتقد بأن لو تفحصنا كتابات هذه النوعية من النقاد، سوف نجدها دون المستوى المطلوب.
* يبدو من خلال متابعتي للمشهد السينمائيّ النقدي العربي، بأنّ النقاد يعيشون أجواء باردة، وضبابية فيما بينهم، ماهو تفسيركِ لها ؟
* النقاد العرب جزءٌ من مجتمعاتهم، وبيئتهم، يعجّ العالم العربي بالخلافات، والمُهاترات، والعنف، الفعل، وردة الفعل، من الأسرة وحتى قبة البرلمان، فليس غريباً ان يُبتلى الوسط النقدي بذلك.
* في السنوات الأخيرة، عمد بعض النقاد العرب إلى إنشاء مُدوناتٍ شخصية، هل حققت أغراضها ؟
* أرى ذلك مهماً، ورائعاً، هناك عددٌ من المُدونات لنقادٍ عرب أتابعها بجدية، وإهتمام، وقدمت رفداً جيد جداً للثقافة السينمائية، فهذا التنوّع مطلوب، يثري الثقافة السينمائية، ويمنح فرصة عادلة، ومتساوية لجميع النقاد بالظهور، كونها استغلت إمتيازات النشر الإلكتروني، والقارئ هو الذي يحكم في النهاية.
* على ذكر المُدونات، والتنوّع، هل يُعقل أن تقتصر الثقافة السينمائية العربية على عددٍ محدود جداً من المواقع، والمدوّنات، …المقارنة مع المئات، وربما الآلاف المتوفرة باللغة الفرنسية على الأقلّ، تكشف عن فجوةٍ عميقة جداً بين ماهو متوفرٌ للقارئ الفرنسي، وما يقرأه العربي، كما أن المدونات تتشابه في تناولها للشأن السينمائي العام، بينما نجد مدونة فرنسية مختصة بأفلام الرعب، وأخرى بأفلام الكابوي، وثالثة بتاريخ صالات السينما، ورابعة بالمجلات السينمائية، وخامسة بالسينما الآسيوية، وسادسة بأفلام المبارزة…
* هذا صحيح، المشاكل التي تواجه النقد السينمائي لا تنفصل عن السينما العربية، العملية الإبداعية برمتها مرتبطة مع بعضها البعض، فرنسا لديها هذه الكنوز الحقيقية على حدّ قولكَ، فيما لازلنا مختلفين حول ‘حرمانية' الفن، والسينما.
* هل هناك حقيقيّ، ومزيفٌ في النقد السينمائي ؟
* بالتأكيد، ومن أجل توضيح الفكرة، سأذكر لك أمثلة، في بداية إهتمامي بالنقد، بحثتُ عن كتابات ناقد سينمائيّ راحل ‘كبير'، وحصلتُ عليها بعد جهدٍ مضنيّ، فوجدتُ التالي :
مقالاتٍ من ألف كلمة، منها 700 منها يحكي قصة الفيلم، وال 300 الباقية عبارة عن معلوماتٍ سينمائية عادية جداً، هناك ناقدٌ شهير أيضاً، يكتب بعمق، غزير الإنتاج، واسع الإطلاع، وشغوف فعلاً بالسينما، ولكنه يكتب عن ‘قضية' الفيلم سواءً سياسية، إجتماعية، أو إقتصادية، ولا يكتب عن الفيلم نفسه، أيضاً يكون النقد مزيفاً عندما يهتم بالجوانب التقينة البحتة، والمؤثرات الفنية بمعزلٍ عن السياق الإجتماعي، والسياسي، والثقافي، والقيمة الحقيقة للفيلم، فيدفعه ذلك لأن يقول مثلاً : أن فيلم ‘سيد الخواتم' من أهمّ ما أنتجته هوليوود مؤخراً !!!، أما ‘سيد' النقاد المزيفين، فهو الذي لا يفرق بين نجاح الفنان، ونجاح التاجر !
* نسبةً كبيرة من الكتابات العربية عن الأفلام هي بالأحرى تلخيص قصصها، أو وصفها، وعندما أقرا هذا التأكيد لناقدٍ ما، أعود إلى بعض كتاباته، فأجده وقع في نفس المصيدة : تلخيص، وصف، وبعض الاراء السريعة عن الجوانب الفنية، والجمالية للفيلم…
* هذا يحدث كثيراً، بل رُبما يقع فيه نقاد كِبار، أحياناً الجمهور يحكم على الناقد بنوعية الكتابات النقدية التي يقدمها، ولكن، المشكلة حينما يصبح ذلك نمطاً عاماً للكتابة.
* ومن هنا، تتجسد إزدواجيةً في شخصية بعض النقاد، كيف يمارس مهنة الناقد، ولا يتقبل النقد؟
* بذات الطريقة التي جعلت ‘عادل إمام'، الذي ظلّ زمناً طويلاً يحارب – كما يقول التزمت، و'طيور الظلام' المُجابهين للفنّ، والإبداع، ثم أعلن على الملأ أنه لا يقبل أن تكون ابنته ممثلة، لأنه رجل شرقي !
* عندما عمد ثلاثة إلى تأسيس ‘إتحاد دوليّ لنقاد السينما العرب'، ظهرت عوائق، وإشكالياتٍ من بعض النقاد، وكانت لديهم اعتراضاتٍ على التسمية نفسها ‘دولي'، ولماذا يتأسّس من طرف نقاد المهجر، والأهمّ بأنهم يؤسّسون ذاك الاتحاد لأغراضٍ شخصية، ومصالح، ومنفعة، ومن ثمّ توقف المشروع تماماً ؟
* هذا مؤسفٌ حقاً، أتمنى فعلاً أن يُعاد التفكير في هكذا مشاريع، مع أنّ الأمر ليس بهذه السهولة، ولا أتوقع أن يتمّ ذلك في الفترة المقبلة، هذه الأعمال تحتاج إلى تخطيطٍ سليم، وطاقم مهني بالدرجة الأولى.
* أتصوّر، بأنكِ، حتى الآن، بعيدة عن الوسط المهرجاناتي العربي، ولكن، من خلال قراءاتكِ، ماهو تقييمك للمهرجانات السينمائية العربية، وبما أنك يمنية، بإمكانكِ الحديث عن المهرجانات في بلدان الخليج تحديداً ؟
* بالطبع، مهرجانات لها آثار إيجابية بالغالب، وما يحدث في الخليج، خطوة ممتازة على جميع الأصعدة، أتمنى أن يتمّ ذلك قريبا في بلدي اليمن.
* منذ سنوات، حاول المخرج اليمني ‘حميد عقبي' تأسيس مهرجان دولي في صنعاء، وفشل المشروع، وكما تعرفين، هناك مهرجانات في مسقط، الدوحة، دبي، أبو ظبي، البحرين، الكويت
وحتى السعودية، ولكن، مازلنا ننتظر اليمن، ماهي أسباب هذا التأخير، وخاصة مع التغييرات الثورية التي حدثت ؟
* بدأت أسباب التأخير منذ عهد الرئيس السابق ‘علي عبد الله صالح'، حيث دأب، وبإصرار، على تشويه الفنون بأنواعها، وإقصائها، مستعيناً بالقوى الدينية الوهابية التي أجادت دورها كأفضل ما يكون، أما التغييرات الثورية التي حدثت في اليمن، فلم تخرج عن كونها تفريخاً للقوى الدينية، والقبلية، وإعادة توزيع المناصب بين الأحزاب السياسية، حيث نال حزب الإصلاح (إخوان اليمن) على أهم الوزارات في حكومة الوفاق، بالإضافة إلى عقباتٍ إقتصادية، وثقافية، واجتماعية تشكل حاجزاً منيعاً ضدّ تنفيذ هكذا مشاريع ثقافية على الأقل في الوقت الحاضر.
بالمناسبة، لقد تمّ ترشيح فيلم ‘ليس للكرامة جدران' للمخرجة اليمنية ‘سارة إسحاق' للمشاركة في أوسكار 2014 عن فئة الفيلم الوثائقي، على أن يكون تمحيص آخر في يناير القادم لتحديد الأفلام التي سوف تشارك في المسابقة الرسمية، وقد سرّني ذلك جداً بطبيعة الحال، ليس فقط لأنّ ‘سارة' مخرجة أنثى، بل لأنها لم تقع في فخ كراهية الرجل، والعنف ضدّ النساء، وإلى آخر هذا الكلام الذي يروق للغرب.
* لو كنتِ في لجنة تحكيم، وأردتِ منح جائزةَ لناقدٍ سينمائيّ عربيّ، من هو، وماهي مبرراتكِ ؟.
* هناك عددٌ من الأسماء اللامعة، والقيمة في العالم العربي : الراحل د.رفيق الصبان، إيزيس نظمي، إبراهيم العريس، أمير العمري، محمود قاسم، يوسف شريف رزق الله، وغيرهم،…. ولكن، إن كان، ولابدّ من تحديد إسم معين، فهو الأستاذ ‘عدنان مدانات' الذي أُتيحت لي فرصة التعرّف عليه عن قرب، وكذلك الراحل ‘عمار آليكسان'.
* دعينا نفترض بأنّ أحد المهرجانات العربية إعتمد جائزةً سنويةً لناقدٍ عربي، ماهي المواصفات التي يجب على إدارة المهرجان، أو لجنة التحكيم أخذها بعين الإعتبار لمنح هذه الجائزة إلى هذا الناقد، أو غيره ؟
* الثقافة السينمائية الرفيعة، الإسهام بنهوض السينما، والحركة الفنية في بلاده (أذكر مثلا هنا الناقد عمار آليكسان، ودوره في إطلاق مهرجان آدونيا)، الأسلوب السلس القريب من الجميع، لأنّ الناقد لا يكتب للنخبة، ولا لأصدقائه فقط، الجمع بين معرفته بالسينما كتقنية، وأدوات، ومؤثرات، والسينما كانعكاس سياسي، وإقتصادي، وثقافي، أن تكون كتاباته متعة موازية لمتعة مشاهدة الفيلم، والكتابة المنتظمة، ولا بأس إن كان متخصصاً بسينما معينة.
* ماهو المقصود من التخصص بسينما معينة ؟
* أقصد، أن يكون متخصصاً بأفلام الرعب، أو الأفلام التسجيلية، أو السينما الأوروبية،..الخ.
* بالمناسبة، أجد نوعاً من تبسيط العلاقة بين الناقد السينمائي العربي، والسينما، وحتى قصوراً في دوره، على سبيل المثال، لا أجد ناقداً عربياً متخصصاً في نوع سينمائيٍّ معين، وحتى ألاحظ تعالياً يصل إلى حدّ إحتقار بعض الأنواع، والسينمات، مثل : الأفلام الجماهيرية، أفلام الرعب، الكاوبوي، السينما الهندية،…
* هذا صحيح، هناك بعض النقاد يحتكمون لمعايير غريبة قليلاً في كتاباتهم، كشباك التذاكر، ومجاملة نجوم الصف الأول، ..الخ، ولكن، قد يعود ذلك إلى المشاكل التي تعتري الكتابة النقدية في العالم العربي بشكلٍ عام.
* هل تتابعين مسيرة السينما في بلدان الخليج ؟
* بالتأكيد، هناك أعمال مشرّفة جديرة بالمتابعة، وإن كانت محدودة جداً، ويذكرني هذا بخبر مشاركة فيلم (وجدة) السعودي للمخرجة ‘هيفاء المنصور' في أوسكار 2014، هذا خبر سارّ بلا شك، وإن كنت لا أثق كثيرا بنية الغرب في تكريم الأعمال القادمة من الشرق الأوسط،، وخاصة التي تقدمها النساء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.