لماذا تثير الدورات الصيفية الحوثية مخاوف اليمنيين؟    استهداف الاقتصاد الوطني.. نهج حوثي للمتاجرة بأوجاع اليمنيين    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    الحوثيون يمنعون محاكمة مشرف متهم بقتل مواطن في إب... ضربة قوية للقضاء    منظمة الشهيد جار الله عمر تعقد اجتماعاً مع هيئة رئاسة الرقابة الحزبية العليا    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    وزراء إسرائيليون يهاجمون بايدن وزعيم المعارضة يطالب بوقف الحرب وبن غفير: حماس تحبه    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    بعثات دبلوماسية تدرس إستئناف عملها من عدن مميز    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    روح الطفلة حنين تبتسم في السماء: تأييد حكم الإعدام لقاتلها في عدن    القادسية يتأهل إلى دور 16 من كاس حضرموت الثامنة لكرة القدم    أول تحرك للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد احتلال اسرائيل لمعبر رفح    أنظار العالم تتجه إلى الرياض مع انطلاق بطولة رابطة المقاتلين المحترفين    رئيس مجلس القيادة يكرّم المناضل محمد قحطان بوسام 26 سبتمبر من الدرجة الأولى    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    اعتدنا خبر وفاته.. موسيقار شهير يكشف عن الوضع الصحي للزعيم ''عادل إمام''    الأسطورة تيدي رينير يتقدم قائمة زاخرة بالنجوم في "مونديال الجودو – أبوظبي 2024"    تصرف مثير من ''أصالة'' يشعل وسائل الإعلام.. وتكهنات حول مصير علاقتها بزوجها    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    إعلان عسكري حوثي عن عمليات جديدة في خليج عدن والمحيط الهندي وبحر العرب    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميد عقبي:لست مثليا لكني كنت أخونجيا وعلاقة الجنس بالجنة مسألة يصعب انكارها
نشر في البيضاء برس يوم 16 - 05 - 2010

حاوره: ياسر العرامي - منذ 7 أسابيع، وقضيته تتفاعل، بسبب مقال نقدي كتبه في صحيفة يمنية حول الفيلم المصري "حين ميسرة". لقد أثار مقاله جدلاً واسعاً، ولا زالت فصول هذا الجدل تتوالى يوماً عن آخر، فمنذ أن بدأ النائب البرلماني اليمني محمد الحزمي بطرح موضوع ما تضمنه المقال، أمام البرلمان وشكلت لجنة لمناقشته، لم تنته بعد من عملها، إلى إيقاف صحيفة الثقافية الصادرة عن مؤسسة الجمهورية والذي نشر فيها المقال، وصولاً إلى تعرضه للتهديدات بالقتل والتكفير، وممارسة ضغوطات شتى ضده وأسرته التي تقطن منطقة بيت الفقيه في محافظة الحديدة (غرب اليمن) وغيرها من تداعيات مثيرة للاهتمام


إنه المخرج والناقد السينمائي اليمني حميد عقبي، المقيم حالياً في فرنسا للدراسة، الذي يقول إن فتاوى صدرت بتكفيره وإهدار دمه في اليمن عقب كتابته ذلك المقال، بزعم أنه "يدعو لحرية المثلية الجنسية". وفي هذا الحوار يتحدث عقبي ل"صحيفة الهدهد الدولية" عن مستجدات قضيته، ويتعمق أكثر في شرح موقفه من قضية المثلين جنسياً ومواضيع أخرى شائكة ومحظور تناولها في اليمن، كما نناقش معه قضايا السينما والفن في اليمن والعوائق التي تقف حائلاً لتقدمه. ويكشف عقبي عن اعتزامه إنجاز فيلم جديد يتناول الجنة والنار وبينهما الجنس واللذة، فإلى الحوار
* موخراً أعلنت الإضراب عن الطعام لمدة 100 ساعة، فما هي الأسباب التي دفعتك إلي ذلك..ومن هي الجهات التي قامت بتكفيرك وإباحة دمك.. نرجو تسميتها؟
هذا الإجراء كنت مضطراً إليه كنوع من الاحتجاج على صمت المنظمات وخصوصاً اليمنية والمشكلة منذ بداية شهر إبريل ولم يصدر بيان واحد من نقابة الصحفيين أو الفنانيين باليمن بل لم يتصل بي أي واحد منهم عدا الدكتورة سعاد القدسي و النائب البرلماني أحمد سيف حاشد وكذا المنظمات العربية وجدت تفاعل متواضع من زملاء سينمائيين و نقاد وتم نشر بيان تضامني على موقع سينماتك حداد الذي يديره الناقد السينمائي البحريني حسن حداد، وكذا على موقع الناقد السينمائي صلاح هاشم، وعلى موقع السينما العربية التابع لمهرجان نوتردام الدولي. عندما تحس إن حياتك في خطر و حياة أسرتك، فعليك أن تتبع كل السبل ونحن نتبع سبل قانونية وحضارية وليست همجية.
مقالة البرلماني الإصلاحي محمد الحزمي وخطبة الجمعة التي ألقاها بها الكثير من الحض على العنف و قوله تطبيق حد الله، وإننا خارج الدين وجئنا ببضاعة فاسدة من فرنسا، وإن مقالتنا كانت خرق دستوري وأداة هدم وغيرها من الألفاظ، جعلت الكثير من الجماعات الدينية تتبنى هذا الخطاب العنيف وهي كثيرة ومن الصعب تسميتها ولكن حزب الإصلاح والإتجاهات التي تسمي نفسها ب"السلفية و السنية" هي إتجاهات متشددة ولا تؤمن إلا برأيها وأفكارها الرجعية وهي على إستعداد لإرتكاب أكبر الجرائم ولعلنا نتذكر قتل المناضل الاشتراكي جار الله عمر أمام الأشهاد وغيره كثيرين قتلوا بسبب الخطاب الديني المتزمت.
* ذكرت في تصريحات صحفية بأن زوجتك وأولادك يتعرضون لتهديدات واعتداءات يومية، فهل تقدمت ببلاغ لمركز الشرطة مثلاً، ومن هم الأشخاص على وجه التحديد الذين قاموا بذلك؟
أنا على تواصل مستمر مع عائلتي بشكل يومي، بل أكثر من عشر مرات باليوم وكلما أتصل بزوجتي أجدها تبكي بسب العنف والأقاويل وخطب الجوامع. وللأسف لم ينزل صحفي واحد أو أي منظمة لرصد هذه الإنتهاكات والجهات هي ذات الإتجاهات الدينية المتشددة، وقد أصبحت موجودة بقوة، وخصوصاً في بيت الفقيه وتهامة حيث تقطن عائلتي. لقد كانت تهامة من قبل مركزاً للتنوير والتنوع والفكر الصوفي، ولكنها الآن صارت تعج بالمراكز الدينية وهي عبارة عن قلاع لا يعرف أحد ما يدور فيها، لكن المؤكد إنها تصدر العنف والفوضاء وتستغل الدين في ذلك.
* في الواقع لا توجد ضجة جماهيرية في اليمن، ومن الملاحظ أن قضية "تهديدك بالقتل" تتداول في المواقع الإلكترونية فقط.. هل تتفق مع من يقول إنك تحاول إعطاء الموضوع أكبر من حجمه؟
أنا لم أبالغ أبداً، ويمكنك أن تتصفح الكثير من المنتديات الإلكترونية وترى التعليقات من قبل الزوار التي تبيح دمي، كما يمكنك الإطلاع على تعليقات بعض الأخبار الخاصة بقضيتي المنشورة في المواقع اليمنية، وستجد كمية كبيرة من العنف والتهديدات، فمنهم من يقول اقتلوه واسحلوه وأحد المواقع سمح لأحدهم القول "أدعوا اخوننا الإرهابيين لتفجير ونسف حميد عقبي من وجه الارض". أضف لذلك خطباء المساجد الذين يحرضون ضدي أثناء خطب الجمعة وغيرها، ولولا هذه الخطب لما تم إغلاق صحيفة الثقافية، وهذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها صحيفة بسبب مقال أو عبارة في مقال. كما تم مناقشة الموضوع في مجلس النواب وشكلت لجنة لهذا الغرض. أعتقد إن كل هذه الحقائق تدل على عدم وجود أي تهويل، وأنا لم أبدأ الحديث عن مشكلتي في وسائل الإعلام إلا بعد مرور مدة على إثارتها محلياً، وذلك لأنني كنت مشغولاً في دبي بحضور مهرجان الخليج السينمائي، ولم يكن لدي وقت كافي حينها لمتابعة القضية.
أعتقد أن القضية الآن لا تزال في البداية، وأنا لا أدري ماذا سيحدث بعد، لأنني لا زلت أنتظر مناقشة الموضوع في مجلس النواب، ولا أعرف ما يخطط له دعاة العنف، هل سيتبعون القانون في رفع ما يسمى ب"الحسبة" أم سيكون إجراء آخر أكثر عنفاً، لأن مسألة الاغتيال لديهم أمر عادي، والجميع يعلم إن هناك جرائم كثيرة ضد صحفيين ومفكرين وفنانيين ورائها عصابات دينية متشددة، وهم أشبه بالمافيا لهم وسائلهم وإمكانياتهم الكثيرة.
* تتحدث عن "فتاوى كفرتك واهدرت دمك" وصورت الأمر في أحد تصريحاتك بأن قضيتك صارت حديث الشارع اليمني لكنه لا يوجد أي تحرك على المستوى المحلي من قبل الصحفيين والناشطين مثلاً؟
أين هم هؤلاء الناشطين؟ لم نسمع صوت واحد، إلا مقاله من الصديقة بشرى المقطري، حين تحدثت عن عنف حزب الإصلاح، وذكرت قصتي. لا يوجد أي مقالة دافعت عن صحيفة الثقافية رغم أنها الصحيفة الثقافية الوحيدة في اليمن، لا يوجد إلى الآن تحقيق صحفي واحد يعرض القضية من كل وجهات النظر، لم يتصل بي صحفي واحد يطلب مني الدفاع عن نفسي، رغم أن عنواني معروف ولي مدونة على الأنترنت. هناك أصدقاء من مصر وقفوا بشكل جاد واتصلوا بي، كما إن الصحف المصرية نشرت الكثير عن الموضوع وصحف دولية ترجمت ما نشر عن الوكالات العالمية، وستحد مواضيع بمختلف اللغات.
من تسميهم باليمن ناشطين لا يستيقظون إلا بعد أن يجدونك جثة هامدة أو خلف القضبان، وحتى بعد هذا يكتفون ببيانات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع. اليمن يعيش في حالة خوف شديد من الإتجاهات الدينية المتطرفة وبعض المنظمات اخترقتها أو سيطرت عليها شخصيات دينية أصابتها بالشلل وجعلتها تنظر إلى أي قضية من رؤية دينية ضيقة.
لكن كما قلت لك، الموضوع الآن أصبح مطروح على الساحة العربية، والكثير من المنتديات تنشر أخباراً عن القضية وصحف أجنبية تترجم ما ينشر، وقد تلاحظ سوء فهم من خلال التعليقات للقراء وهناك الكثير من الشتائم والكلام العنيف جداً يحرض على قتلي أو يعتبرني مرتداً وغير ذلك من التهم، ونحن ندعو الجهات الحقوقية لتوثيق كل هذا ونتمنى أن يتوقف بعض الخطباء في المساجد باليمن عن كيل الاتهامات والابتعاد عن تفسير كلامي من وجهة نظر الحزمي ورفاقه.
* دعوت في مقالك إلى ضرورة سن قوانين للمثلين جنسياً ومنحهم مزيداً من الحرية الاجتماعية والتعامل معهم دون أي تمييز عنصري، فهل لا زلت تطالب بسن قوانين تبيح زواج الرجل بالرجل في اليمن، خصوصا وأنك توقعت أن ذلك سيصبح أمر عادياً في بلادك ؟
هذا كلام غير دقيق. أنا طالبت بمسألة توسيع وسن قوانين للحرية الإجتماعية، وفهم ظاهرة المثلية الجنسية والتعامل معها بأسلوب علمي وحضاري، والعبارة الأخيرة ليست أمنية ولا حلم بالنسبة لي، تستطيع أن تقول إني ضد أن يكون هناك تمييز عنصري بين الناس بغض النظر عن انتمائهم الديني أو هويتهم الجنسية. أنا لست مثلياً ولكني أعيش في بلداً متحضر لا يفرق بين الناس ويحترم حرية التعبير والحرية الشخصية ومسألة سن قوانين للزواج المثلي لم يكن مطلبي كوني أعلم جيداً إن هذا أمر يناقش حتى هنا بفرنسا، وهناك من هم مع أو ضد هذا الأمر، ولكن النقاش يدور بطرق حضارية. أنا أكثر علماً وفقهاً وإيماناً من محمد الحزمي ويمكنني مناظرته ومستعد لذلك بأي قناة فضائية عربية أو عالمية مستعد للرد عليه بخصوص هذه القضية، وقضية زواج القاصرات ومسألة تحرير المرأة كونه ينظر إليها كمتاع، ويحرمها من أقل حقوقها كإنسانة.
* تطالب بأن يحترم رأيك.. لماذا أنت لم تحترم طبيعة المجتمع اليمني وأنت تعرف جيداً أن أفكار من هذا القبيل ليست مستساغة في هذا البلد المحافظ؟ وهل ترى بأنه ينبغي عليك الإعتذار؟
لو أن النائب الحزمي ورفاقه ناقشوني، وطلبوا مني تفسيراً لما قلته كنت سأوضح لهم وجهة نظري. وهذا القضية كانت نقطة بسيطة وليست هي القضية الرئيسية في دراستي لفيلم "حين ميسرة". وكان عليهم إتباع هذا الأسلوب الحضاري، لكنهم توجهوا للبرلمان ثم للمساجد يصرخون ويكفرون.
أنا بالطبع أحترم المجتمع اليمني والدين، وأنا جزء من هذا المجتمع وتربيتي دينية، وربما بعض العبارات خرجت دون الانتباه لها كوني أعيش بمجتمع ديمقراطي وبيئة حرة، لذلك فقدت مسألة الرقابة الذاتية والخوف من رجال الدين وتفسيراتهم، وليس لدي ما أعتذر عنه، كوني لم أرتكب جريمة وعلى رجال الدين ترك مراقبة الناس وتفسير أي عمل فني أو أدبي أو مقال صحفي وفق معايير خاصة بهم. حشر الدين في كل هذه الأمور أمر مرفوض، والدين لا يرفض نقاش أي مسألة مهما كانت كبيرة.
* بعيداً عن موضوعك المثار حالياً .. تستعد لإنجاز فيلم بعنوان "بلال وحبيبته حورية" فما هي القضايا التي سيناقشها الفيلم؟ وهل فعلاً سيتطرق إلى قضايا مثل المثلية الجنسية والجنة والنار والحب والألم؟
فيلمي الجديد يناقش الكثير من القضايا من منظور ميتافيزيقي أكثر منه نفسي أو اجتماعي أو سياسي. والفيلم قصة حب بين بلال وحورية، ولكني لا أميل جداً للحكاية، لذلك أحاول الغوص في الشخصيات، وهي عديدة ومختلفة ومتناقضة، وأنا أحاول الإبحار في ذاتي وقلقي وهواجسي وجنوني عبر هذه الشخصيات. والفيلم يمكن اعتباره محاولة لتوثيق أحلامي وكوابيسي والتي حاولت تمريرها بعدة صور وأساليب محاولاً البعد عن المباشرة في الطرح، وقضية المثلية الجنسية مسألة فرعية، حيث أن هناك أكثر من شخصية مثلية، ولكنني أركز على القلق الإنساني الداخلي دون أن أنظر للشخصية أنها شريرة أو خيره ، ولا أحب هذا التصنيف كوني أحاول تحسس الروح وليس الظهور الخارجي، وهناك مشهد جنسي يدور في الجنة وشخصية تأتي من النار، وأحاول التلاعب بين هذه العوالم، مستخدماً أسلوب الهدم والبناء.
* لماذا الجنة والنار وبينهما الجنس؟
بالتأكيد صورة الجنة والنار لها علاقة بثقافتي الدينية حيث كنت في بداية شبابي ومراهقتي شخصاً متدين وعنيف وأحلم بالجهاد وأسعى لدخول الجنة حتى لو لزم هذا الأمر أن أفجر نفسي، وأفجر أعداء الله الكفار، وأنت تعلم أن الكثير من المتدينيين لديهم صورة الجنة على أنها الحور العين وأنهار العسل والنبيذ والولدان المخلدة، أي إن إرتباط الجنة بالجنس أمر لا يمكننا أن ننكره. أنا هنا لا أعكس صورة مضادة أو مغايرة، أو أنكر وجود الجنة أو النار، ولكني أعكس خيالي الطفولي في مرحلة التدين حول الجنة و النار، وأترك مساحة للجدل والنقاش، كما أتطرق إلى إشكالية البكارة وقسوة الرجل والجدل حول موضوع اللذة الجنسية والحب. ويحتوي الفيلم على مشاهد مقززة وعنيفة، وهناك جدل واسع عن مفهوم الحلال والحرام، إضافة إلى أمور أخرى مثل موضوع الهوية والهجرة والتأقلم والحوار الحضاري بين الشرق والغرب. هناك فعلاً مواضيع شائكة جداً ولعل هذا ما قد يؤخرا عملية الإنتاج كوننا نبحث عن منتج شجاع لأن العمل قد يثير جدلاً واسعاً وقد نتعرض لموجه كبيرة من العنف وتهديدات لا حصر لها
* ماذا عن كاتب السيناريو وأبطال الفيلم وجنسياتهم والميزانية الخاصة بذلك، وأماكن التصوير والجهة المنتجة للفيلم؟
أنا صاحب فكرة الفيلم وكاتب السيناريو، والآن نحن في المرحلة الأخيرة من تحسين الحوار، وهناك منتج فرنسي مقتنع بالفيلم، لكنه طلب بعض التعديلات على الحوار، وكنت قد عرضت السيناريو على عدد من الممثلات في فرنسا، وهناك رغبة كبيرة، ووجدت تجاوباً لكن أمر اختيار الممثلين يناقش مع المنتج، ونحن نسلك الطرق ونتحاور مع المنتج وربما يكون هناك أكثر من منتج، وهذا أمر يأخذ وقتاً والميزانية ليست بسيطة والتصوير ربما يتم في فرنسا والجزائر، أو فرنسا والمغرب، لكن كما قلت لك مضمون وشكل الفيلم مثير للجدل ويحتاج لشجاعة ومؤسسات قوية تستطيع إنتاج الفيلم وتوزيعه.
* الفنان اليمني محاصر معزول عن الحركة الفنية العربية والعالمية ونادرا ما يشارك أي فنان يمني في مهرجانات فنية عربية أو دولية .. فما هي أسباب ذلك؟
المشكلة تكمن في عدم وجود مؤسسات رسمية لديها النية والرغبة لتطوير الفن بشكل عام. وبما أنه لا يوجد مؤسسات فنية خاصة أو مستقلة فإنه لا يوجد إنتاج. إذاً فكيف سيكون هناك حضور أي مهرجان يدعوك لتقدم عملاً أو ورقة نقدية أو المشاركة في حوار. لقد انتهى زمن المهرجانات التي تدعو المؤسسات الرسمية الآن، أي مهرجان يحترم نفسه لا يدعو إلا أصحاب الشأن، عندما يكون هناك أي فنان لديه شأن أو عمل يمكنه المشاركة حتى بدون موافقة الجهة الرسمية. أنا أشارك وشاركت في مهرجانات عديدة بصفتي مخرجاً أو ناقداً وباحثاً سينمائياً، وكذلك السيدة خديجة السلامي لها حضور كونها شخصية سينمائية، لكن اليمن للأسف يعاني من كسل وموت وإحباط يسيطر على الجميع، ووزارة الثقافة ليس لديها إمكانيات أو أفكار لحل المشكلة.
* سينما يمنية مشروع صعب جدا وتبدو ولادتها عسيرة .. ألا تعتقد صوابية ذلك؟ ومن المسؤول عنه؟
سينما يمنية فعلا مشروع صعب! ولعلك ترى مشكلتي بسبب مقال فما بالك بفيلم. المسؤولية يتحملها الجميع الجهات الرسمية المعنية بالشأن الثقافي والفني، ومؤسسات أخرى مثل مؤسسات المجتمع المدني وكذلك المؤسسات الأكاديمية، لكنه لا شيء مستحيلاً، نحن ندعو القيادة السياسية العليا بتوفير وتبني مشروع ميلاد السينما باعتبارها فن حضاري وإنساني مهم، ووسيلة تعبير وتوثيق للتراث الحضاري والإنساني لليمن، ولا نعفيها من مسؤولية تأخر ميلاد سينما يمنية.
* مهرجان صنعاء السينمائي الأول بات مستحيلاً تحقيقه بعد أربع سنوات من اقتراحك لإقامته.. فهل كنت متهوراً بطلبك ولم يكن هدفك سوى الشهرة فقط، بدليل أنك تركت كل تلك الأماني واتجهت للدراسة بفرنسا..أرجو أن تكون صريحاً في إجابتك؟
مشروع مهرجان صنعاء السينمائي لم يحقق لي الشهرة، بل ألحق بي الكثير من المتاعب وضياع جهد أكثر من 6 شهور. فمثلاً لم يتم دعوتي من أي مهرجان دولي ولو لمرة واحدة بصفتي منسق أو صاحب مشروع فكرة المهرجان، ولم يدخل في جيبي ميلم واحد ناتج عن هذا المشروع، بل بالعكس صرفت الكثير من المال والجهد والوقت.
أنا تعاملت مع الجهات المختصة بعقلية فنان، ولم أكن أعلم إني سأدخل في دوامة وأخرج منها بالكثير من التهم والألم. لقد أصبت بصدمة نفسية قاسية، وما زلت حزين لفشل المشروع، وكنت بعد جهد جهيد أحاول إقناع وزير الثقافة بتبني ولو ربع البرنامج ولو البدء بأي خطوة، ولكني صدمت ببيان وزارة الثقافة الذي اتهمني بالغش والخداع وتشويه صورة اليمن بالخارج، ولو أني حصلت على مكاسب مادية أو معنوية أو شهرة حسبما تقول لفرحت، لكنني طرحت المشروع وأنا أدرس بفرنسا وطرحته بعد مشاركات في مهرجانات دولية.. ربما كنت متهوراً في ثقتي الزائدة بالمؤسسات الرسمية في هذه النقطة لديك حجة
* قمت بإخراج أفلام ك(الرتاج المبهور) و(ستيل لايف) و(محاولة للكتابة بدم شاعر) وفيلم (سوق بيت الفقيه) وثائقي.. من الأقرب إليك؟ .. وهل حصل أحد تلك الأفلام علي جوائز من خلال المهرجانات التي شاركت فيها؟
أفلامي مثل أولادي، لا أستطيع أن أفرق بين واحد منهم، كل لحظة سواء كانت أثناء الإنتاج أو عرض الفيلم بأي محفل، كانت لها لذة رائعة لا أستطيع وصفها وتعلمت كثيراً من خلال خوض هذه التجارب العملية، وأغلب مشاركاتي في المهرجانات كانت خاصة كون النموذج جديد، ولم يكن يمكن تصنيف الفيلم كفيلم روائي مثلاً، وأستفدت كثيراً من النقاش مع الجمهور وأنا الآن أعرف أخطائي وإيجابياتي، ولعل هذا يشجعني على خوض تجربة فيلم طويل.
* تهتم بمعالجة القصائد الشعرية سينمائيا.. فهل كتاباتك الشعرية هي السبب وراء ذلك؟
أجد هذا الأسلوب مناسباً للتعبير عن قلقي وجنوني وتمرير شيء من ذاتي وسيرتي الذاتية الخاصة. كل عمل هو جزء مني، خلال مرحلة حياتي حدثت مجموعة من الإنقلابات والتطور في التفكير و تأمل الأشياء، وأحاول أن أصل للسينما الشعرية، وألمس ما بداخلي، أحاول عرض روح الأشياء وليس شكلها كما يحدث لدى الشاعر، أحاول الغوص في دواخلي وعرضها حتى و إن كانت سلبية ولعل دراستي الأكاديمية وإرتباط بحثي بنفس القضية وإطلاعي على الأفلام الشعرية جعلتني مهووساً بهذا الإتجاه.
* تكتب القصيدة النثرية والقصة القصيرة والمسرحية والسيناريو التلفزيوني والسينمائي ولك كتابات في النقد الفني والأدبي كما أنك مخرج سينمائي ومصور فوتوغرافي.. في خضم كل ذلك أين تجد تميز وتفرد حميد عقبي؟
لكل لحظة في حياتي مذاق خاص و أسعى أحيانا للتعبير عن هذه اللحظة بمرارتها وعنفها ولذتها وصخبها، وأعبر عنها بالوسيلة المتاحة، أي حلم حلمت به أوثقه بقصيدة نثرية، أمر على مكان لي به ذكريات يمكنني أن ألتقط له صورة.. ذكريات قديمة قد أعبر عنها في إطار مسرحي، ويمكنني مثلاً أن أحكي لك عن مسرحية الرصيف وهي مسرحية قدمتها على خشبة المسرح باليمن في حفل تأبين الفقيد الرائع عمر الجاوي، وهذا الرجل كنت أطارده وأنا أخوانجي وأحرجه بأسئلتي وأتهجم عليه وأهينه أمام الناس، وعندما كان يأتي إلى بيت الفقيه أو تهامه لإلقاء محاضرات، وكان الإخوان يشجعوني ويحموني، كنا نعتبره عدو الله ورسوله، وبعد سفري إلى بغداد اكتشفت مدى فضاعة ما كنت أعمله من تكفير وتهجم على الناس. ولما عدت من بغداد بعد الإنتهاء من دراستي كان موت الجاوي رحمة الله، فكتبت المسرحية، وهي شبه اعتذار، تعرض شخصية الجاوي كمعلم فقدناه ولم ننصفه، وحينها سارعت إلى مؤسسة العفيف الثقافية حيث كانت تجتمع هناك لجنة تأبين الجاوي، وعرضت عليهم الفكرة وتم تكليف جار الله عمر وزين السقاف بدراسة النص وإجازته وفعلاً تم الموافقة على الفكرة وتم عرض المسرحية، وكانت المرة الأولى التي يتم فيها عرض عمل مسرحي في حفل تأبين باليمن.
وهكذا لكل عمل ارتباط خاص ووثيق، ومثلا فيلم "محاولة للكتابة بدم شاعر" عن قصيدة الشاعر العزيز والأب الرائع الدكتور عبد العزيز المقالح، لها علاقة بشيء من الذاكرة، فعندما كنت اخونجي كنت أيضا أتهجم وأكفر المقالح، في الحقيقة لم يسلم أحد من سلاطة لساني وقد كنت أخطب بالمساجد وأسيطر على إذاعة المدرسة .. الخ. كنت عنيفاً ومتطرفاً للغاية ولحسن الحظ إني أتجهت للفن ولو أني بقيت مستمراً مع الإخوان لكنت اليوم في تورا بورا مع ابن لادن أو أحد سجناء غوانتامو، أو أعد لعملية إرهابية.. الفن أنقذني وطهر روحي وجعلني أنظر للناس بكل حب وتسامح.. الفن جعلني إنسان طاهر ونقي ومؤمن.
المصدر: الهدهد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.