الكرسي والوطن    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    وساطة عُمانية تُنهي أزمة المجمع الأممي بصنعاء    عدن تغرق في الظلام لليوم الثاني.. خطر وشيك على المياه والصرف الصحي    عدن.. الإفراج عن طيار في الخطوط الجوية اليمنية    نيويورك تايمز: قلق أميركي من انسحاب نتنياهو من اتفاق غزة    خبير في الطقس: منخفض مداري عميق في بحر العرب وصقيع خفيف في بعض المرتفعات    خبير اقتصادي يكشف عن حجم خسائر الكيان من الحصار اليمني    تفاصيل الزنزانة التي ستحتضن ساركوزي وصحف تؤكد لقاءه سرا بماكرون    أقوى 6 مباريات في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا    حادث مروري مروّع في مأرب يودي بحياة أكثر من 10 ركاب (أسماء)    ارتفاع ضحايا انفجار مأرب إلى 18 قتيلاً وجريحاً على طريق الموت بالعبر    دورة أوساكا.. ليلى تقصي تيريزا وتتوج باللقب    رباعية تمنح الأهلي أكبر فوز على الفرق القطرية    برشلونة يمنح ألفاريز السعادة في أتلتيكو    عرض أزياء يمني في ماليزيا    حياة العزلة.. حين خسر بن حبريش الرهان قبل أن يبدأ    الإعلام الإخواني... صوت الفتنة ضد الجنوب    الجنوب العربي يمثل بوابة مصر نحو المستقبل، والبحر هو طريقها إلى السيادة.    الجنوب بين العتمة والحق.. معركة البقاء من أجل الدولة والحياة    يدعم مؤسسة المياه ب20 ألف لتر ديزل لضمان استمرار إمدادات المياه    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    هم لدينا وديعة فقط.. وتهمتهم التواصل مع منزل    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    برقيات التعازي باستشهاد اللواء محمد عبدالكريم الغماري .. تؤكد .. مسيرة الجهاد والمقاومة ولّادة للقادة العظماء أمثال الشهيد الغماري    "تنمية المهارات" يؤهل 20 كادر من مؤسسة الشهيد زيد مصلح في المونتاج والجرافيك    الحوثيون ينقلون حربهم المزعومة مع إسرائيل إلى مساجد صنعاء وذمار    المغرب يتوج بلقب كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    مرض الفشل الكلوي (24)    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    قتل أبناء عدن مستمر.. من عذاب الكهرباء إلى التهديد بالموت عطشاً    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مختل عقلياً في قسم شرطة بإب    الخدمة المدنية بعدن تعلن عن فتاوى لآلاف الوظائف الجديدة وتتجنب الحديث عن معايير توزيعها    العلاقات الجنوبية - الروسية: جذور راسخة وشراكة استراتيجية متجددة    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    برشلونة غارق في الديون: 159 مليون يورو مستحقة لأندية أوروبا    الراية الثقيلة... عام على رحيل صالح الناخبي الحاضر في الغياب    الونسو: مبابي لاعب حاسم يمنحنا النقاط، وهذا ما نحتاجه    عدن غارقة في الظلام والمرتزقة ينهبون الايرادات    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    ريال مدريد يستعيد صدارة الليجا على أنقاض خيتافي    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن. "17"    فيما تم تدمير 300 لغم من مخلفات العدوان .. المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يبحث توسيع الشراكة والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    الاتحاد السياحي اليمني يكشف عن فساد في مجلس الترويج السياحي    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزي الشيخ نائف العكيمي في وفاة والده    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا في مواجهة أوروبا
نشر في عدن الغد يوم 28 - 12 - 2013

كان العالم بحاجة إلى نيلسون مانديلا، لكنه بدلا من ذلك جاءه بوتين؛ فعندما كان بطل جنوب أفريقيا يشيع إلى قبره كان الرئيس الروسي يحاول استقطاب أوكرانيا المجاورة لتشكيل اتحاد جديد بدا إلى حد ما أشبه باتحاد سوفياتي محدود، وتعزيز سيطرته على وسائل الإعلام التي تديرها الدولة بإنشاء وكالة أنباء جديدة للكرملين يديرها قومي متشدد.
لم تكن تحركات بوتين أحداثا أحادية، فهي تتماشى مع نمط سلوك خلال الأعوام السابقة وحاول متعمدا النأي بروسيا ثقافيا واجتماعيا عن الغرب الليبرالي، وما يجري الآن أمر أكثر تعقيدا وخطورة من تعزيز بوتين لقوته السياسية، بل إنه يحاول مواجهة أوروبا، لتعميق الانشقاق في قارة كانت مهد حربين عالميتين. وبات واضحا أكثر من أي وقت مضى أن بوتين لا يواجه الغرب وفقط لرفع قاعدة الدعم له أو إرهاب المعارضة الداخلية في مهدها، بل يحاول العودة إلى الحقبة التي كانت قبل 25 سنة.
كان دافع بوتين هدفا للكثير من التكهنات الصحافية والبحثية على مدار فترة طويلة، التي تمخضت عن الكثير من النظريات المتداخلة، والتي كان من بينها أنه الفتى الذي تعذب في الحديقة الخلفية القاسية لليننغراد قبل الحرب، والذي ارتدى زي ال«كي جي بي» ينتقم ولا يخلعه على الإطلاق. وهو الساخر الذي يجيد حسابات السياسة الحقيقية. وهو أيضا روح روسية معذبة كأحد أبطال روايات ديستوفسكي، يزعجه الإلحاد والإباحية والتردي الأخلاقي. وهو الرجل السوفياتي الذي لا يزال يقاتل في الحرب الباردة، وهو نرجسي كلاسيكي، لكنه يميل إلى تصويره عاري الصدر ممتطيا صهوة جواده.
ومنذ بدء ولايته الرئاسية الحالية في 2012، شعر بوتين على نحو متزايد بأن تقربه من الغرب لم يمنحه الاحترام الواجب، وأن روسيا كانت تعامل كدولة مهزومة، وليس على قدم المساواة على الساحة العالمية. وقد تحول هذا الاستياء إلى آيديولوجية كراهية ليست سوفياتية على نحو خاص، بل روسية عميقة.
لكن ما الصلة بين عودة روسيا إلى التزمت والاضطرابات في شوارع كييف، عندما واجه المتظاهرون التواقون إلى شراكة مع الاتحاد الأوروبي، الرئيس فيكتور يانكوفيتش، الذي بدا سعيدا، بالانضمام إلى اتحاد يوراسيا عوضا عن ذلك؟
يكفي الاستماع إلى رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي، ألكسي بوشكوف، الذي حذر من أنه في حال انضمت أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فسوف يتسلل المستشارون الأوروبيون إلى البلاد ويحاولون «توسيع مجال ثقافة مثليي الجنس»، أو تعيين ديمتري كيسليوف، المذيع التلفزيوني الذي يوجه انتقادات حادة للغرب على رأس وكالة أنباء أعيدت هيكلتها.
ويبدي ديمتري ترينين، وهو باحث في مكتب موسكو لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، اقتناعا بأن ذلك ليست مجرد إرضاء لشعب متدين، بل هو أمر أكثر شخصية. فقد تحول بوتين خلال العامين الماضيين إلى شخصية أكثر تحفظا من الناحية الآيديولوجية، أكثر ميلا لرؤية أوروبا منحلة وغريبة عن المسيحية الأرثوذكسية، والعالم الشرقي السلافي الذي ينتمي إليه كل من روسيا وأوكرانيا.
وأضاف ترينين: «إنه تسامح لا حدود له. إنها العلمانية. فهو يرى أوروبا ما بعد المسيحية. وهي السيادة الوطنية التي حلت محلها مؤسسات فوق وطنية. وتقلص دور الكنيسة. وحقوق الناس التي فاقت مسؤوليات الناس على بعضهم البعض وإلى الدولة».
وفي يوليو (تموز) 1989 ألقى الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، خطابا في ستراسبورغ عده الكثيرون خطوة مهمة في إنهاء الحرب الباردة. وتحدث فيه عن أن روسيا تعد نفسها الآن شريكا في «البيت الأوروبي المشترك» جنبا إلى جنب مع منافساتها الغربية. وعن ضرورة أن يحل الاحترام المتبادل والتجارة محل المواجهة والردع كأساس للعلاقة. وإعادة تشكيل التكتلات العسكرية في المؤسسات السياسية. وهو ما وصفه الرئيس الأميركي رونالد ريغان بأن «إمبراطورية الشر» ستكون جارا طيبا.
ويقول جيم هوغلاند، كبير مراسلي السياسة الخارجية في «واشنطن بوست»، في ذلك الوقت: «يبدو أن الشتاء الطويل للصراع العالمي القائم على الفرقة بين أوروبا يقترب من نهايته».
وعندما تفكك الاتحاد السوفياتي بعد بضع سنوات، كانت أكبر الجمهوريات الأربع عشرة التي تحررت من الهيمنة الروسية هي أوكرانيا. ورغم استمتاعها باستقلالها، فإن الكثير من الأوكرانيين أرادوا السير على خطى روسيا التي أعلنها غورباتشوف.
وبعد ما يقرب من 25 سنة على خطاب غورباتشوف عن «البيت الأوروبي المشترك» يبدو بوتين وكأنه هادم البيت الأوروبي المشترك.
صحيح أنه خلال السنوات الأخيرة من الركود والتقشف التي سادت أوروبا فقد البعض حالة الانبهار بها، لكنها لا تزال أكثر إغراء من الاقتصاد الأوكراني المهترئ. ولم يتخل الأوكرانيون على الإطلاق عن أملهم في أن يكونوا جزءا من الغرب؛ فالمحتجون الذي تظاهروا في ساحة الاستقلال في كييف كانوا يمثلون الجيل الذي درس وعمل وسافر إلى بولندا عقب انضمامها إلى أوروبا، والذين لا يريدون العودة إلى زمن الإمبراطورية الروسية. ويتلقون، أيضا، دعما من خلال شريحة كبيرة من قطاع الأعمال الأوكراني، الذي يفضل سيادة القانون الغربي على الفساد والنزوات القانونية لروسيا وأوكرانيا.
لقد نجح بوتين في أسر أوكرانيا، لكنه قد يأسف على ذلك؛ فرغم دراسته الماضية، فإنه ينبغي أن يتوقف بعض الوقت عند تجربة الرئيس الأسبق، جوزيف ستالين، الذي ضم غرب أوكرانيا من بولندا. وكما يشير رومان سبورلوك، المدير السابق لمعهد البحوث الأوكرانية في جامعة هارفارد ، كان ستالين يعتقد أنه ذكي، لكنه انتهى إلى مواجهة مشاكل جمة، فقد استدعى الأوكرانيين المضطربين سياسيا إلى خيمة السوفيات، وترك بولندا أكثر قوة وتجانسا واستقرار عبر الأقلية الأوكرانية بها.
وبالمثل، إذا حاول بوتين ضم أوكرانيا إلى ائتلافه الذي تهيمن عليه روسيا، فسوف يحتاج إلى تهدئة الرأي العام عبر إمطار العضو الجديد بالهدايا التي لا يمكنه رفضها، والتنازل عن ذلك التأثير الذي يفضل ألا يشاركه أحد فيه. وحتى ذلك الحين، سوف يتفاقم استياء الشباب من محبي الأوكرانيين الراغبين في الانضمام إلى منطقة اليورو، وسيزيد السخط من جيل الشباب خاصة في روسيا. كما يشير ترينين: «ستحاول أوكرانيا دائما البحث عن مخرج، فقد يعلم بوتين، كما فعل ستالين، أن استقطاب أوكرانيا سيزيد من المتاعب أكثر مما تستحق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.