لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    الإطاحة بوافد وثلاثة سعوديين وبحوزتهم 200 مليون ريال.. كيف اكتسبوها؟    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين تتجه اليمن ... لحرب أهلية أم صراعات طائفية .. قراءة تحليلية للمشهد اليمني ومتغيراته
نشر في عدن الغد يوم 02 - 01 - 2014


تحليل : فائز سالم بن عمرو
مقدمة :
أثارت فضيحة اقتحام مقر وزارة الدفاع اليمنية بالعرضي بصنعاء وما تبعها من فوضى القتل والاعتداءت المدونة بجرائم الجيش اليمني جرس إنذار مجتمعي وسياسي وامني وخاصة بعد هول فاجعة السقوط الرمزي لمنظومة ما تبقى من هياكل الدولة اليمنية وخاصة المؤسسة العسكرية والأمنية ، وما تلاها من تلاسن إعلامي وتخبط سياسي وحكومي وحزبي ، فلجنة التحقيق " السفري " لمدة أربعة وعشرين ساعة ، تبعها رفع شعار الانقلاب على الرئيس ، وإطلاق الاتهامات من قبل وزراء في حكومة الوفاق الوطنية طريقة غير سديدة لخلق وحدة صف وتوافق مجتمعي وسياسي وحزبي لإدانة الحادث الإجرامي والتعامل معه ومحاسبة مرتكبيه وتجفيف العوامل والدوافع والظروف التي سمحت بحدوث هذا الفعل الإجرامي ، قياسا على حادث اقتحام وزارة الدفاع اليمنية التي تمثل رمز الأمن والسيادة الأول ، فالدولة اليمنية ومؤسساتها العسكرية والأمنية والإدارية والتنفيذية تتجه إلى منحدر السقوط والفشل رغم ما يردد من شعارات جميلة وبراقة عن اليمن الحديث المنتظر ولادته ، ونتائج مقررات مؤتمر الحوار الوردية .
وصف المعضلة والمشكلة في المشهد اليمني :

المفترض من التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في 23/11/2011م المساهمة في حل الأزمة اليمنية التي انفجرت متأثرة بنتائج الربيع العربي ، وكان الأساس في تلك المبادرة تفكيك مفاصل القوة للأطرف المتنفذة في صنعاء والشروع في هيكلة الجيش والأمن وخلق توافق مجتمعي وسياسي يسمح بإشراك الجميع في حل قضايا اليمن المعقدة تحت طاولة الحوار الوطني لتنتهي المرحلة الانتقالية باستفتاء على دستور توافقي تتبعه انتخابات رئاسية وتشريعية ينتج عنها يمن حديث تحكمه المؤسسات المدنية في ظل دولة اتحادية من أقاليم توفر مبدءا الشراكة في الثروة والسلطة لأبناء جنوب اليمن كقضية جوهرية في الأزمة اليمنية .

ان السلوكيات والسياسيات التي اتبعت بعد اتفاقية الخليج سادها الصراع والتحاصص الحزبي ، وغلبة التجاذب السياسي والعسكري ، وطغيان الطابع التقليدي في إدارة البلاد في الفترة الانتقالية المتصف بالدفع بالأزمة والسير بها إلى الأمام والرقص على رؤوس الثعابين المختبئة خلف رداء القبيلة والمذهب والمصالح ، فصار المشهد اليمني أكثر تعقيدا ترتسم ملامحه في السير السريع نحو انهيار امني وتزايد الانفلات الأمني والإداري والسياسي ، وأضحت المراهنة على حوار وطني بضاعة خاسرة لاشتغل الحوار ودورانه في دائرة مفرغة .

يمكن تلخيص أهم المعوقات في الواقع اليمني والتي تمثل قذائف قابلة للانفجار أو على الأقل مطبات قادرة على حرف قافلة مشروع الدولة الحديثة وجرها لمشاريع محلية مركزية وإقليمية ودولية ، وهي الآتي :
= فشل حكومة الوفاق في إدارة شؤون الدولة وغلبة الصراع الحزبي فيما سمى " بثورة المؤسسات " التي جعلت مرافق ومؤسسات الدولة شبه مشلولة بالمظاهرات والاعتصامات ، وعملت الحكومة على تمكين مشاريعها فيما عرف " باخونة الدولة " ، هذه الحكومة المفروضة على الرئيس هادئ بقوة اتفاقية الخليج صارت عبئا ثقيلا على الرئيس وإدارته للمرحلة الانتقالية .
= شابت هيكلة الجيش سطحية تقنية متعمدة حيث ظل الصراع والولاء الحزبي هو السائد في المؤسسة العسكرية ولا سيما الصف الثاني ، وصارت عمليات التغيير والتبديل شكلية لعدم قدرة القيادات المعينة الجديدة لإدارة شؤون معسكراتهم لعدم وجود التجانس وغياب العقيدة الوطنية والقتالية في الجيش ومؤسساته ، إضافة إلى أن عملية الهيكلة تفرملت ولم تصل لنهايتها حيث تقرر تأسيس إدارة المالية تمنع التسيب المالي والإداري في الجيش ، إضافة إلى تخليص المؤسسة الأمنية والعسكرية من المجندين صغار السن والمسجلين بالمؤسسة سياسيا ، كل ذلك تم تجاهله وصارت الهيكلة استنسابية وقاصرة
= حكومة الوفاق برئاسة أحزاب اللقاء المشترك فسرت المبادرة الخليجية بأنها انتقال السلطة من المؤتمر لحزب الإصلاح وشركاؤه ، فعملت الأطراف التابعة لها في حكومة الوفاق بتمكين أحزابها وأشخاصها ، واشتغلت بالجدال والصراعات الحزبية والسياسية ، فضاع الوفاق المطلوب تحققه في المرحلة الانتقالية ، كما أن تصرفات شاذة من قبل أعضاء الحكومة التي اشتبكت في صراع وتجاذب بين أعضاءها إضافة إلى الصراع مع الرئيس هادئ ؛ مما أدى إلى إضعاف واهتزاز الكل منصب الرئاسة ومنصب الحكومة وتداخلت السلطات التنفيذية بين الطرفين .
= السمة المطردة للمشهد اليمني هي تفتت بقايا هياكل الدولة وغياب مؤسساتها الأمنية والعسكرية والإدارية ، فأصبحت الدولة المنشودة المنبثقة من الحوار الوطني زائفة ، ولا تشبه الواقع اليومي المعاش المتصف بالفوضى وغلبة الصراعات السياسية والمذهبية والدينية والحزبية التي قسمت المجتمع وفرقته إلى فرق وجماعات وأحزاب ومناطق وكيانات .
= اتسمت القرارات الرئاسية في المرحلة الانتقالية بالعشوائية وعدم وجود آلية واضحة تقوم على مبدءا الكفاءة والقدرة في شغل الوظائف العسكرية والمدنية والقضائية وكبار موظفي الدولة ، حيث غلبة على هذه القرارات الصفة المناطقية والخضوع للولاءت الحزبية والسياسية ؛ مما دفع بالحوثي باتهام الرئيس بالخضوع لحزب الإصلاح والشروع في ى أخونة الدولة والمؤسسة العسكرية والأمنية .
السيناريوهات المحتملة للمشهد اليمني مستقبلا :

تعقد المشهد اليمني كثيرا وتداخلت أوراقه وخيوط اللعبة حتى صارت الثعابين في كل منعطف سياسي وحزبي وتاريخي مهددة مستقبل اليمن المنشود تحققه في إقامة دولة المؤسسات المدنية وإضعاف سلطة الدولة التقليدية ممثلة في القبيلة والتركيبة الاجتماعية الإقطاعية والفساد الإداري والمالي الذي أصبح مكونا ومشاركا بفعالية وقوة في صناعة يمن جديد في هزلية سياسية عرفت بمؤتمر الحوار الوطني ويتربعون كراسي حكومة الوفاق ، ويمكننا استقرار سيناريوهات المستقبل للصراع والتفكيك في الآتي :
أولا : المشاريع الداخلية :
1 مشروع الإسلام السياسي " الإخوان " :
= ما زالت بعض القوى التي ترفع شعار " المشروع الإسلامي " وخاصة مشروع " الإسلام السياسي " في اليمن ترى بأنها أحق بالحكم والسلطة في اليمن باعتبارين أساسيين أولاهما بان اليمن وحكمها حقا مشروعا للإخوان المسلمين المتمثل في حزب الإصلاح امتداد لنتائج الربيع العربي ، وثانيهما بان هناك تفاهمات بين الأمريكان والتنظيم العالمي للإخوان بتقديم اليمن لقمة سائغة للإخوان تعويضا عن فقدن الإخوان مشروعهما في الوطن العربي وخاصة في مصر ، وهناك أمر يتردد بان اليمن تعتبر المرجعية الأساسية لمشروع الإخوان عسكريا ، فكثير من قيادات الإخوان الكبار ولا سيما مكتب الإرشاد العالمي منحت لهم جنسيات يمنية من القائد العسكري محمد علي محسن كما ذكرت وسائل الإعلام المصرية ، واتخذ التنظيم العالمي ارض اليمن وجبالها وتضاريسها الوعرة قاعدة للتدريب قيادات الإخوان استغلالا لعلاقتهما القوية بقيادات عسكرية ومدنية باليمن ، ويعتبر مشروع الإخوان المسلمين بأنهم الطرف الأقوى في اليمن بعد تفكيك القوة الموازية لهم التي كانت مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، فكثير من التعيينات الأخيرة في الفترة الانتقالية مكنت قيادات عسكرية ومدنية محسوبة لحزب الإصلاح وال احمر ، وهناك مليشيات عسكرية مدربة ومجهزة تم تدريبها وتجهيزها في الفترة الانتقالية ، كما ضم عدد كبير من هؤلاء المليشيات العسكرية إلى القوات العسكرية والأمنية تحت شعار مناصرة الثورة وأنصارها بعد أن غيرت القيادات الإصلاحية المتحالفة مع النظام السابق وركبت في زورق الثورة ، فالمتوقع بان هذه القوى تعمل على القفز على السلطة وحكم اليمن والانفراد بثرواته وأراضيه عن طريق المشاركة في رسم السلطة كما تريد ، ومن خلال توظيف مؤتمر الحوار وفرض مشروعهم السياسي المطروح في تصورهم لحل الأزمة اليمنية من خلال دولة دينية بسلطة مركزية تتحكم في السلطة والثروة من خلال تعديلات شكلية تصدر عن مؤتمر الحوار الوطني وتكرس قيادة جديدة وشكلية لليمن تحت شعار الثورة ومسمياتها ، والسيناريو الثاني المحتمل للمشروع الاخواني بان تستغل هذه الأطراف ضعف الدولة وترهلها عن طريق للانقلاب على السلطة في اليمن وفرض سلطة الإخوان بقوة المليشيات العسكرية المدعومة من أجهزة الدولة المخترقة والتابعة لحزب الإصلاح تحت ظل قبيلة آل الأحمر .
2 المشروع السلفي " العسكري " :
= وهناك مشروع آخر لما يسمى بالجماعات الإسلامية وهو يدعو لاستعادة الخلافة الإسلامية ، وتتوحد خلف هذه الدعوة كل من جماعات الإسلام الجهادي والإسلام السلفي والإسلام السياسي " الاخواني " ، وهذه القوى مشتركة كثير منها مشارك في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وتمتلك قدرات عسكرية ومالية كبيرة ، كما أنها لها امتدادات إقليمية ودولية كبيرة تمكنها من تنفيذ مشروعها بالسيطرة على اليمن في حال وجود فراغ امني وسياسي في الدولة ، ويعتقد بان هذا المشروع تجمعه دعوة عامة " استعادة الخلافة " قد تمكنه من أقامت مشروعه ، ولكنه سريعا ما يتشظى ويتفرق وتسوده الصراعات لاختلاف التفسيرات والنظرات والتحالفات حول الخلافة ، فالإسلام السياسي يطالب بالخلافة العثمانية ، بينما الإسلام السلفي والجهادي يطالب بالخلافة الراشدة .
3 المشروع القبلي :
= تسعى بعض القوى المركزية المتنفذة وهي في الأساس تكتلات قبيلة ومالية وسياسية لنقل الصراع الجوهري المركزي إلى مناطق الفروع والمحافظات الذي انفجر أساسا في المركز " صنعاء " نتيجة اختلاف بين القوى المتسلطة على الانفراد بالسلطة والثروة مما جعل هذه القوى تتصارع وتلجئ للوصاية الدولية ممثلة في اتفاقية الخليج ، وتقوم الفكرة الأساسية لهذا المشروع بنقل الصراع إلى الفروع والمحافظات لتخفيف الضغط على المركز وكسب الوقت وخلط الأوراق ، والركيزة الأساسية في هذا المشروع هو نقل الصراع إلى الجنوب لإنهاء قضية الجنوب وخلط الأوراق من خلال الاعتماد على مليشيات عسكرية تقوم بأعمال قتل وتخريب مثل ما حصل مع مقتل الشيخ سعد بن حبريش العليي ، حيث قامت قوات من الجيش باغتياله بشكل متعمد لجر المحافظة إلى صراعات عسكرية ، وبالتالي نقل الصراع من المركز إلى الأطراف ، كما أن مشروع انتقال القوى العسكرية من أبين ومناطق أخرى إلى الجنوب وحضرموت حصل بتواطئ قيادات عسكرية ومدنية كبيرة ما زالت تتربع عرش السلطة حتى بعد ما سمي هيكلة الجيش .
4 مشروع الحراك الجنوبي :
= ما زال الجانب الأقوى في مشروع الحراك الجنوبي هو الطابع السلمي حيث تجمع كثير من القوى الفاعلة والسياسية بان قوة الحراك الجنوبي في سلميته التي أثَّرت في القوى الشمالية الفاعلة ففجرت الثورة في صنعاء التي اقتدت بالحراك السلمي ، وترى كثير من القيادات الجنوبية بالداخل أو بالخارج بان مشروع الوحدة في أساسه هو مشروع خارجي بمعنى بان العالم أراد الانتقال من الحرب الباردة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي إلى مشروع القطب الواحد فتم التخلص من دولة الجنوب وفرض مشروع الوحدة الاندماجية لتكون تجربة مشوهة وتمنع أي تقارب وحدوي بين الأمة العربية من خلال الجمع بين نموذجين متناقضين ومختلفين تقريبا في كل شيء ، وبان مشروع فك الوحدة واستعادة المصير هو أيضا مشروع خارجي يأتي في إطار تفاعلات الربيع العربي في إعادة خارطة المنطقة ، وما نسمعه من بعض الدعوات للتصادم والانتقال إلى العمل المسلح ما هي إلا تكتيكات سياسية ليس لها أساس على ارض الواقع ، إذ أن مشروع الحراك يقر بعدم التوازن في القوى بين الشمال والجنوب عسكريا وماليا ، وبان الدعوة لإسقاط الدولة المركزية يتم من خلال الاعتصامات والاحتجاجات ووقف التعامل مع سلطة الدولة المركزية والضغط على المجتمع المحلي والدولي لتقرير المصير واستعادة دولة الجنوب .
وظهر في الفترة الاخيرة مشروع الهبة الجنوبية التي ترسل رسالة للخارج والداخل بان مشروع الحوار الوطني البراق لم يعد يغري الجنوبيين وبانهم مستمرون في نيل حقوقهم ، وبان المزايدات الحزبية والسياسية ولجان الاعتذار والكذب لم تعد تجدي في تهدئة الشارع الجنوبي ، واذا استمر مشروع الهبة سيكون الجنوب يقرر مصيره بالسلم او بالكفاح المسلح ، والامور تسير بتسارع غريب في المشهد الجنوبي .
= المشروع الحوثي : وسنتحدث عنه عند الحديث عن المشاريع الإقليمية والدولية .
ثانيا : المشاريع الإقليمية والدولية :
يوجد تداخل وترابط وتشابك بين هذه المشاريع وأهدافها داخليا وخارجيا ، ولا يمكن الفصل بين هذه المشاريع المتداخلة الأهداف والتمويل والارتباط السياسي والعسكري والحزبي على ارض الواقع إلا لضرورات البحث ، فالدراسة تفرض على الباحث التفصيل وإبراز المشاريع وتباينها نظريا للإفادة .
1 المشروع القطري :
= نظرت كثير من القوى الإقليمية والدولية ربما بان مكمن القوة في اليمن يكمن في ما يسمى " بشمال الشمال " لكونها تملك الثقل القبلي العسكري والثقل السياسي ممثل في امتلاك السلطة والثروة بالتبعية للسلطة ، وسعت كثير من القوى لدعم هذه المثلث السلطوي من خلال العنوان القبلي " آل الأحمر " أو العنوان السياسي والحزبي " حزب الإصلاح " ، لكن شهدت اليمن قبل الثورة وبعدها تغيرات جوهرية خلطت الأوراق السياسية في هذه الرقعة الجغرافية ، حيث ظهر مشروع الحوثي وتمدد من صعده إلى عمران على حساب القوى التقليدية القبيلة والحزبية ، والمتغير الآخر هو تشتت هذه القوى القبلية وتفرقها ونشأت الصراع بينها للاستئثار بالسلطة والثروة مما اضعف هذه القوى وافقدها كثير من مصدر سلطتها وجبروتها . وبعد أن شرعت المملكة السعودية في مواجهة مشروع الإخوان المسلمين في مصر وإجهاضه شهدت العلاقات مرحلة فتور بين المملكة وال الأحمر وحزب الإصلاح إلى حد وصولها لدرجة الانقطاع ، وحينها استغلت مملكة قطر الفرصة ودخلت على خط اللعبة في اليمن من خلال دعم حزب الإصلاح والاتجاه القبلي لإجهاض المشروع الحوثي ونقل الصراع الطائفي " بين السنة والشيعة " إلى حدود المملكة العربية السعودية . فمحافظة صعدة تجاور محافظة نجران التي معظم سكانها من الشيعة الاسماعلية " قبائل يام " ، وهي بهذه الدعم تريد معاقبة السعودية ونقل الصراع الطائفي إلى داخل المملكة من خلال تدشين حرب على الحوثيين تحت شعار مناصرة إخواننا في دماج في تحالف غريب بين " السلفية التعليمية " التي كانت قبلا ترفض الجهاد وتنتقد مشروع الإخوان بقوة والطرف الآخر في الحرب على الحوثيين هم حزب الإصلاح وال الأحمر ، فهذا التحالف دشن حربا مقدسة لمحاربة الحوثيين وإقحام المملكة السعودية في الصراع علما بان هناك حوالي ثلاثة حروب بين السلفيين والحوثيين لم يشترك فيها حزب الإصلاح وال الأحمر وترك السلفيين لوحدهم في مواجهة الحوثيين .
2 مشروع إضعاف منطقة " شمال الشمال "
= المشروع الثاني وهو مشروع ذو طابع دولي وربما إقليمي يعتبر إضعاف منطقة " شمال الشمال " مطلب واجب التحقيق لتنفيذ أجندة الحوار الوطني التي تطالب بدولة مدنية حديثة ، والعائق أمام قيام هذه الدولة عائق عسكري وقبلي اجتماعي يأتي جله من هذه الرقعة الجغرافية ، فإضعاف هذه المنطقة مطلب واجب تحققه إذا أراد المجتمع الدولي السير في مشروع الحوار الوطني وتقسيم اليمن لعدة أقاليم في إطار ما يعرف بالدولة الموحدة ، أو أراد المجتمع الدولي تقسيم اليمن وتفتيته فان مطلب إضعاف هذه القوى المتنفذة عسكريا وقبليا وماليا هو يخدم جميع الأطراف في داخل اليمن وخارجه .
3 مشروع الدول الرافضة لاتفاقية الخليج :
= جرت بعض القوى الإقليمية والداخلية إلى مبادرة الخليج كرها ، فهي لها مشاريعها الجاهزة لليمن عسكريا وماليا ، كما أن بعض القوى جاهرت برفض اتفاق الخليج ورفضه ومحاربته ، تسعى هذه القوى بتحالفات دولية مع تنظيم العالمي للإخوان المسلمين في تركيا ، وقد تتقاطع معها بعض القوى والمشاريع الأخرى لإفشال مؤتمر الحوار الوطني وإفراغ الدولة اليمنية من الداخل ، والسعى لإعاقة مشروع الدولة من خلال تفريخ المشاكل وتوسيعها ونقلها من المركز " صنعاء " إلى الأطراف " المحافظات " وإشغال الدولة والحكومة الانتقالية في مربعات وصراعات مناطقية وفئوية ومذهبية وسياسية وحزبية ودينية تفتت ما تبقى من هياكل الدولة وتزيلها ، وتخلق بيئة معادية مستقبلا لأي قرارات لمؤتمر الحوار الوطني حيث عمليا وواقعيا يصعب تطبيق هذه القرارات في ظل واقع يومي معقد ، وهذا ما يطرح في الساحة اليمنية بان الدولة الانتقالية لا تستطيع أن تحاسب من يقطع الكهرباء والنفط لمدة سنتين كاملتين بشكل متكرر ، فكيف تستطيع أن تطبق مقررات الحوار الوطني ممثلة في المشاركة في الثروة والسلطة وإنشاء أقاليم ذات سيادة سياسية ومالية ، فضلا ان تكون الدولة الانتقالية قادرة على تغير وجهة اليمن وإزالة القوى التقليدية وإحلال محلها قوى حديثة وديمقراطية تقبل بالمشاركة وترفض الإقصاء .
4 المشروع الإيراني والحوثي :
= دخلت إيران إلى المشهد اليمني متأخرا من خلال دعمها للحوثيين ، ولكن هذا الدعم منظما ويأتي ضمن مشروع كبير يعد له بدراسة وتأني وبحنكة سياسية منقطعة النظير هذا المشروع طويل الأمد يتمثل في إعادة دولة الإمامة لحكم اليمن ، فالقوة الحوثية هو الوحيدة المستفيدة من التغيرات ما بعد الثورة وتفكك هياكل الدولة فهي تنجح سياسيا وحزبيا من خلال مشاركتها الفاعلة في مؤتمر الحوار ، كما تنجح عسكريا ومجتمعيا فهي تتوسع ويمتد نفوذها إلى مناطق خارج ملعبها مثل صنعاء وتعز وغيرها من المناطق كما أنها عمليا تحكم عدة محافظات في شمال اليمن ، فجمهورية إيران تعزز مشروعها من خلال التحالف مع الحراك الجنوبي وكثير من القوى الثورية وغير الثورية في اليمن ، كما أنها تواجه وتجابه مشروع الإخوان لابتلاع اليمن ، ويشير بعض المهتمين بان لولا قوة الحوثي لسيطر الإخوان وحلفاؤهم من المشروع القبلي والعسكري على السلطة في اليمن ، كما ان القوى الحوثية قد تعمل مستقبلا ضمن مشروعها الأيدلوجي " دولة الفقيه " إلى فتح جبهة مع المملكة السعودية عبر الحدود من خلال دعم مناصريها من الشيعة في المملكة لفرض مشروعها وتصفية حساباتها مع المملكة العربية السعودية على الرغم من العلاقات الجيدة بين المملكة العربية السعودية وبين الحوثيين والتي تمثلت في اجتماعات وتفاهمات بين سفير المملكة في اليمن وبين صالح هبرة ممثل الحوثيين .

هذه السيناريوهات المفزعة في اليمن لها أرضية واقعية وسياسية وحزبية تدعمها وتبقي خيار الصراع العسكري قائما ، فالانهيار المتسارع في أرضية الدولة وشلل مؤسساتها العسكرية والأمنية والاقتصادية " ضرب وقطع إمدادات النفط " وترهل ما تبقى من هياكل الدولة من خلال " ثورة المؤسسات " والإضرابات والاعتصامات ستقود إلى سقوط الدولة وانهيارها مما يغري كثير من القوى وهي في الأساس قوى قبلية على القفز على السلطة والثروة من خلال مشاريعها العسكرية والسياسية والحزبية ، ومفتاح هذا الصراع العسكري في اليمن ليس مستبعدا ، ففشل مؤتمر الحوار الوطني يعني بان اليمن أمام خيار الاقتتال والتشرذم ونقل الصراعات الإقليمية والدولية إلى اليمن وجعلها ساحة صراع وتبادل الرسائل بين القوى الإقليمية والدولية ، كما ان عملية اقتحام وزارة الدفاع قد توصل مستقبلا إذا لم تتخذ علاجات حقيقية بفرض هيبة الدولة إلى وصول هذه القوى إلى القصر الجمهوري ومقتل الرئيس لتفجير حرب عسكرية لتفتح كل الاحتمالات للتدخلات العسكرية والسياسية الإقليمية والدولية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.