قتل اربعة اشخاص واصيب اكثر من سبعين آخرين بجروح الخميس في انفجار في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله الشيعي، حليف دمشق القوي، بعد اقل من اسبوع على انفجار اودى بحياة السياسي السني محمد شطح المنتمي الى قوى 14 آذار المناهضة لحزب الله ودمشق. وهو التفجير السادس في اطار سلسلة من التفجيرات بدأت في تموز/يوليو على خلفية النزاع السوري الذي ينقسم حوله اللبنانيون.
وتوقع استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت هلال خشان "تصعيدا وتدهورا في الوضع الامني"، مضيفا "الانفجارات هي النتيجة المباشرة للوضع في سوريا في وقت يواجه البحث عن حل للازمة السورية طريقا مسدودا في الوقت الحالي".
ومنذ اشهر اتضح ان تداعيات النزاع على لبنان، البلد الصغير المجاور ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة، ستكون سيئة للغاية.
فقد انهارت الحكومة قبل تسعة اشهر، ولم ينجح السياسيون، بسبب الانقسامات الحادة، في التوصل الى تشكيل حكومة جديدة.
في الربيع الماضي، كان مجلس النواب مدد ولايته لاكثر من سنتين، لاغيا بذلك الانتخابات، بحجة عدم وجود استقرار امني في البلاد. الا ان البرلمان يعجز عن الانعقاد والتشريع في ظل غياب الحكومة والخلافات السياسية القائمة حول كل الملفات.
اما الانتخابات الرئاسية المقررة في موعد اقصاه ايار/مايو 2014، فكل المؤشرات تدل على انها لن تحصل.
وبدأ الانقسام بين قوى 14 آذار المؤلفة من مجموعة من الاحزاب والشخصيات وحزب الله وحلفائه في 2005، بعد مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في انفجار وجهت اصابع الاتهام فيه الى دمشق وحزب الله. وشهدت السنوات العشر الماضية سلسلة ازمات سياسية نتيجة هذا الانقسام كانت تنتهي في كل مرة بتسوية موقتة. وقد تعمق هذا الانقسام مع الكشف قبل اشهر عن مشاركة حزب الله في القتال في سوريا الى جانب النظام.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت كريم مقدسي "انه فشل محزن عام يطال كل الطبقة السياسية في البلاد. الامر لم يبدا اليوم، انما منذ عشر سنوات، لكنه ظهر خلال السنة الفائتة اقوى من اي يوم مضى".
ويتابع "انه فشل الطبقة السياسية في الالتقاء او ادراك انها تنحدر الى حرب مدمرة، وانه لا بد لها من اظهار بعض المسؤولية".
وتقول سحر الاطرش من مجموعة الازمات الدولية (انترناشونال كرايزيس غروب) ان التفجيرات والاعتداءات الاخيرة تجسد ايضا تصاعدا في موجة التطرف في اوساط الطائفة السنية، وتصعيدا في الخطاب الطائفي بشكل عام.
وتضيف "الوضع يدفع كل الاطراف الى التطرف والى التمسك بمواقفها. لا ارى ان حزب الله سينسحب من سوريا، وهذا على الارجح سيدفع قوى 14 آذار الى مزيد من التصلب".
وتشير الى ان القادة التقليديين بين المسلمين "يخسرون مقابل من هم اكثر تطرفا"، مضيفة "بالنسبة الى الكثيرين، لقد اثبت هؤلاء انهم ليسوا اقوياء بدرجة كافية لمواجهة حزب الله".
بعد مقتل محمد شطح في تفجير بيروت الاسبوع الماضي، وجهت قوى 14 آذار الاتهامات مجددا الى حزب الله والنظام السوري بالوقوف وراء عملية الاغتيال، واعلنت رفضها تشكيل حكومة يشارك فيها "القتلة". الا ان حزب الله يتمسك ب"حكومة وحدة وطنية" يتمثل فيها الجميع.
وشدد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط (وسطي) بعد انفجار الخميس على ضرورة قيام "حكومة جامعة (...) لا تستثني اي فريق"، معتبرا ان "التوافق" هو الطريق الوحيد "لتلافي مزيد من الدماء".
الا ان مصدر القلق الاكبر هو الانتخابات الرئاسية القادمة والتي يصعب اجراؤها في ظل غياب توافق ما بين الاطراف اللبنانيين.
وتقول سحر الاطرش "يصعب علي رؤية الطرفين يجلسان الى طاولة واحدة ويتفقان على حكومة او على رئيس".
وتضيف "الانقسام عميق جدا، والمسائل مصيرية بالنسبة الى كل من الطرفين، ولا احد منهما مستعد للتنازل".
ويشير مقدسي الى ان حلول الازمات في لبنان لطالما اتت من الخارج.
ويقول "لا اعتقد ان لدى الاطراف في لبنان اي استراتيجية (...) اعتقد انهم يعيشون كل يوم بيومه، وكل لحظة بلحظتها، من دون اي استراتيجية عقلانية".
ويضيف ان الحل الوحيد قد ياتي "في حال ضغط السعوديون (الداعمون لقوى 14 آذار) للتوصل الى اتفاق معين، والتقوا مع الايرانيين (الداعمين لحزب الله) على تسوية".
وفي انتظار حصول ذلك، يرى ان "الامور لن تتحسن. للاسف، لا يمكنني ان اتوقع الا مزيدا من التفجيرات العشوائية".
ويقول خشان "اظن ان البلد سيبقى معلقا الى حين التوصل الى اتفاق ما في سوريا".