يستعد لبنان لاجراء انتخابات نيابية في السابع من الشهر المقبل يجمع المحللون على انها لن تحدث انقلابا جذريا في المشهد السياسي الحالي مهما كان الفائز فيها ، الا انها قد تغرق البلاد مجددا في ازمة سياسية حادة. وتشهد الانتخابات ، الخامسة عشرة منذ استقلال البلاد في 1943 والثانية منذ انتهاء الوجود السوري في 2005 ، تنافسا حادا بين الاكثرية الحالية المدعومة من الغرب ودول عربية بارزة (قوى 14 آذار) وقوى 8 آذار القريبة من سوريا وايران وابرز مكوناتها حزب الله. ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية هلال خشان "اذا حصل حزب الله وحلفاؤه على الاكثرية ، لن يقلبوا الحكم في اليوم التالي ولن تقوم دولة ولاية الفقيه ، هذا غير واقعي". وسجلت الاسابيع الاخيرة ارتفاع حدة الحملات الانتخابية التي يحذر فيها كل طرف من "خطورة" فوز الطرف الآخر ، اذ تحذر قيادات 14 آذار الناخبين من ان فوز المعارضة يعني "تحكم ايران بلبنان" ، بينما تدعو قيادات 8 اذار الى "اسقاط المشروع الاميركي" في لبنان. وتقول المحللة ساندرين غامبلان من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات (انترناشونال كرايزيس غروب) "القول ان الاميركيين او الايرانيين هم الذين سيفوزون في الانتخابات كاريكاتوري بعض الشيء ، لان العاملين الاقليمي او الدولي ، وان كانا مؤثرين ، لا يختصران العملية الانتخابية".واشارت الى ان "كلا من المعارضة والاكثرية لديه اجندة وطنية". وعددت بين العوامل المؤثرة "سياسة اليد الممدودة الاميركية الى سوريا وايران والانتخابات الايرانية" ، مضيفة "يكفي مثلا ان ينقطع الحوار الاميركي السوري ليتعقد كل شيء". ورأت ان تغير المعطيات على الارض ، في حال تغير الاكثرية الحالية ، مرتبط بقبول الاطراف المحليين وعرابيهم الخارجيين نتائج الانتخابات. ومن الصعب جدا التنبؤ بهوية الفائز لانه بات واضحا ان النتائج ستأتي متقاربة وان الاغلبية ستحدد بعدد قليل من المقاعد. وترتسم ، بحسب المحللين ، ثلاثة سيناريوهات للانتخابات وهي: بقاء الاكثرية على حالها ، فوز المعارضة ، نشوء كتلتين مع كتلة ثالثة مستقلة في الوسط. ويؤدي الاحتمالان الاولان الى تجدد الازمة. ويعتبر خشان ان "الخيارات المطروحة بعد الانتخابات اسوأ من المطروحة حاليا". ففي حال فوز الاكثرية الحالية وتمسك قوى 8 آذار بالمشاركة في الحكم على اساس اتفاق الدوحة "التعطيل وارد سياسيا او عسكريا" يقول خشان ، مذكرا بالازمة السياسية التي امتدت 18 شهرا بين 2007 وايار 2008 وشلت العمل الحكومي والبرلماني وابقت منصب الرئاسة شاغرا لمدة سبعة اشهر وتطورت الى مواجهات عسكرية. ويبرر قياديون في الاكثرية ، وابرزهم النائب السني سعد الحريري ، رفضهم بان تجربة حكومة الوحدة الوطنية الحالية تسببت بشلل العمل الحكومي ، معتبرين ان المشاركة ممكنة ، انما من دون ثلث معطل. ويقول حزب الله ان عدم مشاركة قوى 14 آذار لن يمنعه مع حلفائه وابرزهم التيار الوطني الحر برئاسة النائب المسيحي ميشال عون ، من تشكيل حكومة من دون خصومهم. ويشدد خشان على ان "الانتخابات في لبنان توافقية لا تتسم بديمقراطية حقيقية ، لان الديموقراطية فيها منافسة ورابح وخاسر ، بينما نظامنا لا يتحمل وجود طرف خاسر". وبالتالي ، فمن الصعب على قوى 8 آذار اختيار رئيس حكومة سني بعيدا عن ولاءات الناخبين السنة حتى لو حصلت على الاكثرية ، كما سيكون متعذرا على 14 آذار الاتيان برئيس مجلس نواب شيعي لا يرضى عنه حزب الله ، حتى لو امتلكت الاكثرية. كما يبقى دور لرئيس الجمهورية المسيحي ميشال سليمان الذي يفترض ان يوقع على مرسوم تشكيل الحكومة. ويكرس الاحتمال الثالث ، اي نشوء كتلتين مع عدد من النواب المستقلين ، مبدأ الحكومة الائتلافية ودور الرئيس التوافقي ، ما قد يخفف من الازمة. *( ا ف ب)