«ماما ماقدرتش أجبلك هدية، ماتزعليش معزتك فى قلبى أكبر من أى هدية». هذه الرسالة التى تلقتها هند من أبنائها الثلاثة أمس، فى أوقات متفرقة من اليوم، وعلقت عليها بابتسامة «ولادى بيشتغلونى».
«كل سنة على نفس الاسطوانة مش معاهم فلوس يجيبوا هدية وكأن عيد الأم بييجى مفاجأة»، هند 42 عاما، لديها توءم مان عمرهما 16 عاما، وفتاة هى الأصغر عمرها 12 عاما.
تتذكر هند أنها كانت تدخر مصروفها وهى صغيرة لأكثر من 5 أشهر لتشترى لوالدتها هدية عيد الأم، لكن فى رأيها الأجيال الجديدة مختلفة ولا تكترث بالعادات التراثية.
جميع المحال فى منطقة عين شمس حيث تعيش هند، استعدت لموسم عيد الأم بأدوات المنزل، والملابس، وكتبت على واجهات المحال عبارات تهنئة بمناسبة العيد.
قال ممدوح صاحب محل أدوات منزلية وهو يشير إلى البضاعة المنتشرة على الأرض أمام المحل، حركة البيع قليلة أوى، وبرر الموقف بأن الأسر المسيحية لن تحتفل بعيد الأم هذا العام حزنا على وفاة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
استقبلت هند من ابنائها هدايا لكن افتراضية، أشارت هند إلى صناديق حمراء ملفوفة بشرائط ذهبية، تظهر على صفحتها على فيس بوك، وعلقت «هو ده جيل التواصل الافتراضى».
حتى الآن تلتزم هند بشراء هدية عيد الأم لوالدتها، «دى عادة تعبر عن حبى لها وإننى لا أنساها أبدا حتى لو الهدية رمزية».
يرجع الاحتفال بعيد الأم فى 21 مارس، إلى فكرة طرحها الصحفى الراحل على أمين، مؤسس جريدة أخبار اليوم، فى مقاله اليومى «فكرة». كتب أمين: لم لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم، ونجعله عيدا قوميا فى بلادنا وبلاد الشر، وفى هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا، ويرسلون للأمهات خطابات صغيرة يقولون فيها شكرا أو ربنا يخليكى، لماذا لا نشجع الأطفال فى هذا اليوم أن يعامل كل منهم أمه كملكة فيمنعونها من العمل، ويتولون هم فى هذا اليوم كل أعمالها المنزلية بدلا منها ولكن أى يوم فى السنة نجعله «عيد الأم»؟ وبعد نشر المقال بجريدة «الأخبار» اختار القراء تحديد يوم 21 مارس وهو بداية فصل الربيع، ليكون عيدا للأم، واحتفل المصريون لأول مرة بعيد الأم فى عام 1956.
تذهب هند بصحبة أولادها إلى جدتهم يوم عيد الأم، لتجتمع مع إخوتها وأبنائهم، ويقدمون الهدايا لوالدتهم، التى تعيش فى منطقة رمسيس. وكانت تختار أن تتشارك مع إخوتها الخمسة ويشترون لوالدتهم قطعة ذهبية ثمينة، «علشان الذهب قيمته فيه»، لكن هذا العام تسبب ارتفاع أسعار الذهب إلى تغيير خطة هند وإخوتها «السنة دى الذهب غالى قوى». يقول محمد عادل صاحب محل ذهب فى منطقة عين شمس، إنه كان ينتظر أن ينعش عيد الأم سوق الذهب، ويعوضه عن فترة الركود الطويلة بسبب ارتفاع الأسعار التى ابعدت الزبائن عن الذهب. وأضاف أن رحيل البابا شنودة أثر أيضا فى عزوف عدد كبير من الأسر عن الاحتفال بعيد الأم بسبب حزنهم على وفاته، هذا بخلاف أسعار الذهب حيث وصل جرام عيار 21 إلى 280 جنيها. بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم العربي في مصر على يد الأخوين "مصطفى وعلي أمين" مؤسسي دار أخبار اليوم الصحفية، فقد وردت إلى علي أمين ذاته رسالة من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل.
وتصادف أن زارت إحدى الأمهات مصطفى أمين في مكتبه وحكت له قصتها التي تتلخص في أنها ترمَّلت وأولادها صغار، فلم تتزوج، وأوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلت ترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية.
فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير "فكرة" يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها، وأشارا إلى أن الغرب يفعلون ذلك، وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم، فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يومًا واحدًا فقط، لكن أغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وشارك القراء في اختيار يوم 21 مارس ليكون عيدًا للأم، وهو أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.. واحتفلت مصر بأول عيد أم في 21 مارس سنة 1956م، ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية الأخرى.
عيد الأم في الغرب وأنشأ الغرب أساطير وخرافات لهذا الأمر منذ آلاف السنين، حيث قيل إن هناك إله وإلهة حركت قرص الشمس في السماء.. وجعلا النجوم تتلألأ، وتطورت هذه الأسطورة سنة بعد سنة.
وقيل إن شعب فريجيا بآسيا الصغرى قبل 250 سنة قبل الميلاد كان عندهم عقيدة أن أهم إله عندهم "سيبيل" ابنة السماء والأرض ..وأنها هي أم لكل الآلهة الأخرى، فكان هذا الشعب يقوم بتكريم (سيبيل) ..وهذا أول احتفال حقيقي من نوعه لتكريم الأم.
اليونان "الإغريق".. فازت الآلهة "رهيا" بلقب الآلهة الأم لأنها كانت أقواهم على ما يعتقدون، فكانوا يحتفلون بها ويقدسونها وذلك في احتفالات الربيع.
الرومان.. كان "ماجناماتر" أم لكل الآلهة وكانوا يطلقون عليها الأم العظيمة، وكان لها معبد خاص "تل بلاتين"، وكانوا يحتفلون بها في 15 آذار من كل عام لمدة ثلاثة أيام، وكان يطلق على هذا الاحتفال "مهرجان هيلاريا"، ويأتون بالهدايا التي توضع في المعبد لبعث السرور على نفس أمهم المقدسة كما يعتقدون.
النصارى.. كانت الاحتفالات تقام على شرف الكنيسة الأم في الأحد الرابع من الصوم الكبير عند الأقباط، ويتم شراء الهدايا لكل كنيسة يتم التعميد فيها، كما قيل إن الكنيسة كانت تقيم احتفالات لتوقير وتبجيل مريم عليها السلام، وبدأت هذه العادة بحث الأفراد على زيارة الكنيسة التابعين لها والكنيسة الأم محملين بالقرابين.
العصور الوسطى.. كان الأطفال يعملون بكسب العيش وليس لهم إجازات إلا يوم واحد هو (الأحد الرابع من الصوم الكبير) يعود فيه الأبناء إلى منازلهم لرؤية أمهاتهم، وقد أطلقوا على هذا اليوم "أحد الأمهات"، وبعد أن غزا المستعمرون أمريكا تم إلغاء هذا الاحتفال سنة 1872م لضيق الوقت.
بداية العصر الحديث.. قامت محاولات لعودة الاحتفال بهذا اليوم مرة أخرى على يد الكاتبة "جوليا وارد هاوي" والمعلمة "ماري تاويلز ساسين"، حين قدما اقتراحاً بإعداد برنامج موسيقى لأمهاتهم في كل عام للاحتفال بهن.
أمريكا.. قامت " أناجارفس" أول امرأة دعت إلى الاحتفال بعيد الأم، وهذه المرأة عاشت في "جرافتون" غربي ولاية فرجينا ولم تتزوج، وكانت شديدة الارتباط بوالدتها، وكانت ابنة للدير، وكانت تدرس في مدرسة الأحد التابعة للكنيسة النظامية "أندور" في جرافتون غرب فرجينا.
وبعد موت والدتها بعامين قامت بحملة واسعة للاحتفال بعيد الأم، ودعت الوزراء ورجال الأعمال لإعلان يوم عيد الأم عطلة رسمية في البلاد، حتى يشعر الأبناء بدور الأم، لأن الأطفال لا يقدرون ما تفعله الأمهات.
وبناء على طلبها قام حاكم ولاية فرجينا بإصدار أوامر لإقامة الاحتفال بعيد الأم في يوم 12مايو 1907م.. وهذا أول احتفال رسمي بعيد الأم في أمريكا.
وفي 10 أيار 1908م قامت الكنيسة بتكريم "أنا جارفس" في جرافتون، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الأم في أمريكا، ومع عام 1911م كانت كل أمريكا تحتفل به، ثم دخل المكسيك وكندا والصين واليابان وأمريكا اللاتينية حتى وافق عليه الكونجرس.
واستمرت "أناجارفس" في حملتها للاحتفال بعيد الأم، وليكون عيداً قومياً بكل الولاياتالمتحدةالأمريكية، وليكون الأحد الثاني من مايو ، حتى عام 1909م أصبحت كل ولايات أمريكا تحتفل به إلى أن جاء الرئيس ويلسون في 9مايو علم 1914م وأمر بالاحتفال بعيد الأم في الأحد الثاني من مايو في جميع الولاياتالمتحدة. - ولم تكتف أناجارفس بذلك.. بل ظلت تنادى أن يكون هذا اليوم (عيد الأم) يوما عالميا تحتفل به كل شعوب العالم وليست أمريكا وحدها، وقبل وفاتها بيومين تحقق لها ما أرادت وانتشرت الفكرة في أنحاء العالم.
ألمانيا.. أن هتلر نادى بالاحتفال بعيد الأم ليكون هو نفس اليوم الذي يحتفل فيه بعيد ميلاد والدته.
ولم يكن هناك اتفاقاً على اليوم الذي يكون فيه الاحتفال بعيد الأم مع الاتفاق على مبدأ الاحتفال، وقامت كل دولة تحدد لنفسها اليوم الذي ترى أنه مناسب لهذا الاحتفال.
أمريكا واليابان..
الأحد الثاني من مايو حيث يقام معرض باسم "أمي" للصور، يظهر رعاية الأمهات لأبنائها الأطفال من 14:6سنة، ومعرض جوال يقام كل أربعة سنوات يتجول في العديد من البلدان.
فرنسا.. آخر أحد من مايو يحتفل به على أنه عيد ميلاد للأسرة.. تجتمع فيه لتناول العشاء.. وبعدها تقدم تورطة أو كيك للأم.
البرتغال وأسبانيا.. 8 ديسمبر.. ويكون مرتبط بالكنيسة لتكريم السيدة مريم وجميع الأمهات.
السويد.. آخر أحد من مايو ويكون إجازة.. ويطلق عليه إجازة العائلة.
الهند.. أوائل أكتوبر ويكون لمدة 10 أيام.. ويسمى "درجا يوجا" وهذه أم قديسة لديهم.. وهي أم آلهة هندوسية.
يوغسلافيا.. في أول أحد في ديسمبر 3 أيام قبل بداية الكريسماس "عيد الطفل وعيد الأم".
في الأحد الأول من ديسمبر عيد الطفل يربط الآباء والأبناء.. ولا يطلقونه حتى يعترفوا لهم بطاعتهم وفي الأحد الثاني عيد الأم من ديسمبر تقيد الأمهات من قبل الأبناء.. ولا يطلقونها إلا بعد أن تعطى لهم الحلوى وفي الأحد الثالث عيد الأب يقيد فيه الآباء من الأبناء.. ولا يطلقونه إلا بعد الوعد بشراء الهدايا والملابس.