مضى العمر وعلمتنا السنيين ،، ولكننا تعلمنا القليل بجهدٍ كبير ، واقتضى الحال أن نتعامل مع خلق كثر من جنسيات كثيرة ؛ وكلما واجهنا مالانعلمه دمعت أعيننا حسرةً على العلم ، وقلنا في أنفسنا ماذا لو كان العلم ميسراً في زماننا وتعلمنا ماكنا بهذا الضعف في اعمالنا اليوم....؟ نعم كنَّا سنكون أفضل وأقوى .. فالعلم قوة .. ولهذا السبب ضغطنا على أولادنا كي يتعلموا إلى أعلى درجات العلم ؛ لانريدهم أن يكونوا مثلنا بل أفضل منا .. وكنَّا نفرح كلما سمعنا أن أحداً تعلم من أهلنا من يافع . وخلال أكثر من عشرين سنة مضت ؛ حاولنا بكل الوسائل أن ننشئ مؤسسة أو جمعية يتعاون على تمويلها تجار يافع ؛ تهتم بتعليم أبناء يافع الغير قادرين على مصاريف التعليم ؛ وتهتم بالعلاج والصحة عندما عجزت الدولة عن توفير هذه الخدمات ؛ فهذا واجبنا نحو أهلنا....؟ لكنَّنا فشلنا وحاولنا وفشلنا ......... عشرات المرات..! كنَّا نفشل , لأن الأهواء والانتماءات السياسية تدفع بعضنا لإفشالنا , ظناً منهم أن ما نعمله يضر مصالحهم أو يضر التوجه الذي ينتمون إليه....! وكان بعضنا بعد كل فشل يتوجه إلى العمل الفردي فيقوم بتعليم من يعرفهم من أهله وقريته ؛ اتِّباعاً لسنة وضعها كبارنا الوالد الشيخ عمر قاسم العيسائي يرحمه الله والوالد الحاج علي عبدالله العيسائي حفظه الله ،، اللذان قاما بمساعدة المتفوقين على طلب العلم منذ ستينات القرن الماضي . وكنا نعلم أن العمل الفردي يضل ضعيفاً مهما كان حجمه ؛ فيافع تكبر اسرع من كبر العمل الفردي ؛ وآمالنا أكبر من خدمة يافع لوحدها ،، بل نأمل أن نساعد ماحولها من المناطق لأنهم أيضاً أهلنا .. وكلما فشلنا وبادر البعض لدعوة جديدة كان الجميع يلبي الدعوة دون تردد . حتى جاءت دعوة اليوم من الشيخ عبدالحكيم السعدي للإعلان عن {جائزة المرحوم أحمد عبدالحكيم السعدي للتفوق العلمي} التي جعلها إلى روح ولده الدكتور أحمد يرحمه الله ؛ الذي لم تغريه الاموال ولاالوظائف الحكومية في السعودية ولا الراحة كونه مواطن سعودي...! بل ضل مغرماً في طلب العلم ، وسافر إلى آخر الدنيا -امريكا- وراء العلم....! حتى وافته المنية بحادث مروري قبل أن يعود إلى أهله حاملاً شهادة الدكتوراه بأسابيع .. مثل هذا الفتى ليس ولد عبدالحكيم السعدي ، بل هو ولد يافع كلها ؛ تفتخر به وتتشرَّف به كما تشرَّف بها .. واليوم تعود ذكراه العطرة لتفرض علينا ماتمنيناه ؛ حيث تحوَّل حفل تكريم الدكتور علي صالح الخلاقي بجائزته للتفوق العلمي إلى مهرجان للعلم وطلابه ، وتجاوزت بركة ذكراه المسافات الطويلة لتصل إلى كل مدارس مديريات يافع الثمان وآلاف الطلبة والطالبات.....! ليس هذا فقط....؟ بل فرضت علينا النجاح فيما فشلنا فيه أكثر من عشرين عاماً ؛ حيث وضعتنا على سكة القطار للعمل الجماعي لأول مرة .. ونتمنَّى من الأخ عبدالحكيم السعدي أن يقودنا إلى النجاح في خدمة الناس كما نجحنا اليوم ، فهو من القلائل الذين يحضون بثقة الجميع ، لكنَّه الوحيد الذي بادر , ولايختلف اثنان على مكانته وكفاءته وحبه لأهله .. وعليه اليوم تعوِّل يافع في تحويل المبادرة إلى مؤسسة رائدة في خدمة التعليم .. وإذا نجحنا في تطوير خدمات التعليم في منطقتنا وأنقذنا أبنائنا من الجهل الناتج عن تقصير الحكومة عن القيام بواجبها ؛ فذلك سيكون حافزاً لنا في بقية الاعمال الأخرى التي نحن في أمس الحاجة إليها , خصوصاً في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ؛ التي لا يأمن الشخص فيها على حياته وماله .
فليرحم الله أحمد السعدي وجزاه الله عنَّا خيراً إذ جمعنا على الخير .. فلله درُّه من فتى ؛ تشرَّفت به يافع حياً وميتاً...! ولله درُّه من فتى ؛ جمعنا وهو في القبر عندما فشل في جمعنا من في الضبر....!