يلملم الليل أشياءه ويمضى راحلا ،يبدأ الصباح بشق عتمة الليل ،زغردة العصافير تصنع موسيقى الانتعاش ، نشاط الطفولة أقبل ، أستيقظت من نومي في السابعة صباحا تلك عادتي منذ أن سمعت أن " الوطن يحب من يستيقظ باكرا " نهضت منتشيا علّه يحبني خرجت أبحث عن دميتي التي أضعتها في الليلة الماضية أثناء البحث سمعت أنين موجوع وبفضولية الطفل الطامع في المعرفة تحسست المكان باحثا عن مصدر الصوت . مندهشا رأيتها إنها ..... إنها تعاني مخاض الولادة فقد كنت أرى بطنها تنتفخ يوما بعد أخبرتني جدتي أنها حامل تتألم لكن لا تصرخ كما أمي التي وضعت ابنها قبل أيام . تبكي دون دموع آه . . آلامها تؤلمني ليتني أستطيع فعل شيء من أجلها. . ليتني أعرف كيف أساعدها أنصبّت دموعي على خدها . . أنشق قلبي لمعاناتها . . بدأت الحركة تدب في الحي . . جدتي تتجول في حوش الدار هي تحب الاستيقاظ باكرا هكذا عهدتها بعد أدائها صلاة الفجر تجلس تنادي الصباح وتنتظر غائبها الذي فارقها قبل خمس سنوات عجاف من عمرها كانت تراقبني نادتني بني : تعال وخذ لها كسرات الخبز _ لا يوجد لدينا سواها _ وأطعمها وانتبه لجرائها إعط اهتمامك لبكرها من أن تأكله كلمتها الاخيرة جالت في الذاكرة وصالت في أرجائها مندهشا : أيوجد أم في الدنيا تأكل أبنائها ؟ أبتسامة قادمة من غيهب الشتاء ردت جدتي قائلة : إن من طبيعة الكلاب أن تأكل إبنها البكر هو الجرؤ الأشد ذكاء من بين الجراء جميعا ربما لشدة الالم تأكل طفلها . . هكذا توقعت سكنت الفكرة في الاعماق أضمرت في نفسي أنانيتي بتربية ذلك الكلب الذكي وبحماس الطفولة رعيتها رعاية الطبيب بمريضه تمت الولادة بدون تدخل الاطباء ليس كابنة الجيران التي شق الاطباء بطنها على امتداد خاصرتها . . وأخرجوا طفلا بحجم الكف انه ذو الفرو الاشقر الجميل كان ذلك البكر ماذا أسميه ؟ كان هذا السؤال الذي قفز إلى ذهني . . لا يهم الاسم المهم أن أمه لم تأكله توالت الايام وترعرع الصغير الاشقر كبر ونما أعجبني ذكائه لقد كانت جدتي محقة تعلقت به وأصبح يلازمني كظلي في بعض الاحيان أخرج ليلا لأطمئن علية في وكره الذي بنيته له بمساعدة جدتي أذهب الى المدرسةو أعود إلى كلبي أعلمه ما تعلمت في المدرسة لا تتكلم الكلاب والحيوانات لأنها لم تدخل المدرسة سأعلم كلبي الجميل وأجعله يتحدث أصطحبه معي الى غرفة الاستذكار الواقعة في خارج المنزل عندما كان أخي الاكبر طالبا في الجامعة كان يحبذ الجلوس بها يستذكر دروسه ويجلس مع أترابه اللواصق والصور تملأ الغرفة صورة لمسجد قبة الصخرة لم يكلف أحد نفسه مسح الغبار عنها بجوارها صورة لرجل كبير في السن ذو لحية طويلة بشرته قمحية مائلة للسواد وانف كبير لا أعرف من يكون كل ما أعرف أن هناك بقايا كلمة " الشيخ العلامة " وفي الجهة المقابلة للباب صورة لرجل ببزته العسكرية سألت جدتي مرة من يكون ؟ قالت : إنه زعيم البلاد .. يا ولدي وتساقطت الدموع من عينها مرت الايام وكلبي لا ينطق رغم اهتمامي الشديد بتعليمه لا أعرف ما يحزنه عندما أكون أنا وهو في غرفة الاستذكار أرى دموعه تنهمر . تمكن اليأس من قلبي وأجتاح الاحباط حياتي عانيت مرارة الفشل رغم الاصرار على النجاح ذات يوم جلست جوار بيت الكلب حزينا بائسا . . اتمتم بكلمات لا أفهما . نظر الاشقر إلى أشفق لحالي . . واذا بصوت تكتسي نبرته الحزن " أننا كنا نتكلم . . لكننا فضلنا السكوت لكيلا يمارس علينا التجسس والاقصاء فضلنا السكوت لكيلا لا تصيبنا نيران الفتاوى القاتلة فضلنا السكوت لكي نتكافل نتعاون نحافظ على كياننا يا صديقي إنا مجتمع نحب بعضنا ونكتم أسرارنا " قفل عائدا . . " هذا سر ياصديقي أفصحت به إليك فاحفضه وصنه " لحظات . . مات الكلب مقتولا من إخوانه الكلاب حزنت لموته حزنا شديدا . .لم أدرك قوله آنذاك . .لكني وعيته الان !