أيام قلائل وتطل علينا من نافذة الزمان مناسبة غالية على قلوبنا نحن الجنوبيون,مناسبة لا تشبه أي مناسبة أخرى,فوقعها في النفس مختلف وطعمها مختلف ووقتها أيضا مختلف,مناسبة شكلت منعطفا هام في حياة كل الجنوبيين وبددت كل الفوارق وأذابت كل الأحقاد ولملمت الشمل ورصت الصفوف ونقت القلوب وشابكت الأيدي ووحدت القوى وقلبت كل الموازين وأبطلت كل الألاعيب القذرة التي حاكها المندسون ومن يريدون لشعب الجنوب الشتات والدمار والاستمرار في الاحتراب وتقليب صفحات الماضي المؤلم التي تغلب عليها الجنوبيون ومزقوها وجعلوا منها ماض لا يحبذون تذكره..وتناسوا كل تلك الأيام التي فرقت شملهم وقضت على وطنهم وأقبلوا على الحياة بقلوب لا تحمل الحقد أو الضغينة أو البغض وبحثوا بين ثنايا أنفسهم عن وطن مزقته الحرب ونهبت ثوراته وخيرات المؤامرات وطمسه النافذون المتعجرفون.. يطل علينا يوم ال13من يناير,اليوم الذي أبطل فيه الجنوبيون كل المؤامرات وكشفوا فيه كل المخططات والدسائس التي دأبت طوال عشرين عام إلى شرذمة الجنوبيين من خلالها وأذكى ذكريات الماضي والنبش بين صفحاتها ومن أجل عودة عجلة الزمان وعقارب الساعة للخلف ومن أجل أشعل فتيل الحرب والاقتتال فيما بينهم ليظل الوطن متشظي ممزق ويظل حلم الجنوبيين أملا يرقد في جنبات المحال,وأمنية لن يطالها الجنوبيون مهما حاولوا أو اجتهدوا..ذكرى التصالح والتسامح الذكرى الجميلة التي امتزجت فيها القلوب وتشابكت فيها الأيدي وتعانقت فيها الأجساد والأرواح واضمحلت وذابت فيها كل الأحقاد والضغائن وتبددت كل الفوارق بين أبناء الشعب الجنوبي وبات الكل يبحث عن هدف واحد وحلم واحد وغاية واحدة تحقق للشعب الجنوبي طموحاته وأهدافه وأحلامه وتعيد له كرامته وحق المنهوب الذي ضاع بين النافذين والفاسدين..
ذكرى التصالح والتسامح الذكرى التي قالت للماضي وداعا وأحتضت الحاضر وسارت نحو المستقبل وأقبلت على الغد بكل قوة وشجاعة ورسمت لوحة جنوبية ناصعة البياض والجمال والبهاء وأظهرت للكل مدى صدق الجنوبيين وعزمهم على بلوغ مرادهم والتخلي عن كل لأحقاد والمشاكل والضغائن من اجل أن يتحقق لهم الحلم المنشود ويستعيدوا دولتهم التي سطت عليها قوى الاحتلال وعاثت فيها فسادا وحاولت جاهدة أن ثير الماضي وأن تقلب صفحاته وان تجعل الجنوبيين على صفيح ساخن وان تأجج النزاع والخلافات فيما بينهم حتى يظل الوطن الجنوبي تحت رحمتهم وتحت سيطرتهم..
إلا أن الجنوبيين أدركوا أن هناك مؤامرات وأن هناك قوى تسعى لئن تذكي الماضي وتنكي لحظاته ليس حبا في الوطن الجنوبي ولكن حقدا عليه وحرصا على أن يظل الصراع الجنوبي الجنوبي قائم أبد الدهر وبوتيرة عالية وتظل الدماء الجنوبية تنزف وتسيل وتظل الأحقاد والضغائن فيما بين أبناءه معششة في القلوب وتطل من العيون ويترصد بعضهم ببعض..التصالح والتسامح الذكرى التي باتت علامة فارقة في حياة كل جنوبي وحدث هام يسعى الجنوبيين لأحيائه وتخليده ليظل أبد الدهر وعلى مر السنين للأجيال المتعاقبة وليخبر أبناء الجنوب أن هذه الذكرى طوت كل صفحات الماضي البغيض المؤلم وفتحت صفحات الحب والوفاء والتسامح والإخلاص والتعاضد من أجل الوطن الجنوبي ومن أجل استعادة الدولة التي ظلت تعاني من سياسية السلب والنهب والمصالح وظل شعبها يتجرع المرار ويعاقر الأحزان وتعتصره الألأم والأوجاع والحرمان من أبسط مقومات الحياة ومن حقوقه القانونية التي حرمه منها شريك الوحدة الذي أستأثر بها وجعل منها سلم صعد من خلاله لأحلامه ومآربه وغاياته الشخصية والتي تمثلت في نهب خيرات وثروات الوطن الجنوبي..ذكرى التصالح والتسامح كانت صفعت قوية وجهت لكل من أراد أن تظل الصراعات الجنوبية قائمة لا تنتهي وصدمت كل من كان يخطط ويحيك الدسائس ويضمر للشعب الجنوبي الأحقاد والضغائن والكره ويتمنى أن تظل صراعات الجنوب أبد الدهر وان لا يتصالح الجنوبيون على مر الأيام ,لان في تصالحهم وتسامحهم قوة هائلة تدك حصون المعتدين وتدمر عروش الفاسدين وتزعزع أركان المتسلطين,وتقضي على كل المؤامرات التي أنهكت الشعب الجنوبي وأرقت جفنه وأعيت جسده المنهك..