الثابت أن قضيتنا الجنوبية تقف في هذه الأثناء أمام منعطفات حادة للغاية ففي الوقت الذي تحققت لها الكثير من الانتصارات وخروجها من نفق التضليل والتعتيم الإعلامي الذي مورس لسنوات خلت وتخلقت روح المقاومة على كافة الجهات بزخم كفاحي لفت أنظار العالم إليها إلا أن ظلال غياب الحامل السياسي الذي يمثل محورا رئيسيا مازال غائبا بحكم حالة الخذلان التي تعانيها من قبل الكثير من القوى السياسية والرموز التي تبين أنها بعيدة عن تمثيل شعبها تحت المعاناة كما أظهرت السنوات المنصرمة من عمر نضالنا السلمي وبعد أن قدم شعبنا العظيم هذا العدد الكبير من التضحيات نجد أنفسنا في هذه الاثناء أمام دوامات مستجدة هي في طبيعتها امتداد واضح للماضي بكل تبعاته وحلقاته المرتبطة أصلا بصنعاء وتحديدا بالمخلوع صالح. بعد كل أشكال القهر والمعاناة نجد أنفسنا أمام واقع فيه الكثير من الخلط والفوضى ما يشير بجلاء إلى تجدد وسائل الأمس التي كانت سببا في عدم تمكين شعبنا من تحقيق إرادته المتمثلة بالتحرير والاستقلال. أدوات ووسائل نظام المخلوع تعمل اليوم على جبهات متنوعة بهدف بعث الفوضى وعدم الاستقرار الأمني في الجنوب وبعث مناطقية مقيتة هدفها إدخال الجنوب بصراعات لا حدود لها. اللافت إزاء كل ما يجري حولنا أن مستوى العمل على الصعيد السياسي لا يشكل أي ثقل على هذا الصعيد المفصلي الهام ما يجعل الباب مواريا في الايام القادمة لإعادة إسطوانة البحث عن من يمثل الجنوب أو ابتكار من يقومون بهذه المهمة نيابة عن الجميع دون أن يكون هؤلاء من افراز او اختبار شعبنا ومقاومته البطلة. وضع كهذا يتطلب من فصائل المقاومة الجنوبية وكافة المكونات السياسية افراز وحدة حامل سياسي تكمن في طيه ثقل المقاومة التي كان لها شرف التواجد الفعلي في ساحة المواجهات المتصلة بإرادة الشعب والممثلة الفعلية لإدارته. لقد جرت على السطح مياه كثيرة ومتغيرات عاصفة ربما اطاحت بالكثير من صور التآمر والقهر الذي ظل يمارس تجاه قضيتنا العادلة الا ان اجادة استثمار ذلك لا يبدو شقا يتم العمل عليه لا من طرف المقاومة صاحبة الحق الاول ولا المكونات السياسية التي يبدو ظهورها في هذه الاثناء تكرار لماضي اداء عقيم ان جاز التعبير. فالجنوب لا يمكنها ان تحقق اهداف ثورتها الا عبر وحدة حامل سياسي وتواجد ممثليه في المحافل الدولية، وحتى نفوت الفرصة على من يعملون في هذه الاثناء على تفويت الفرصة وادخالنا في خضم صراعات داخلية لا يجني الجميع اثرها سواء خيبة امل واسعة النطاق عميقة التأثير، فاذا ما تم قراءة الوضع من زاوية المستجدات الراهنة نجد تكاتف القوى الظلامية المتربصة بعدالة قضيتنا لإشغالنا بأنفسنا بدرجة اساسية واضعاف وجودنا السياسي والاعلامي وتمزيق ما تخلقت من لحمة وطنية هي نتاج تلك الهبة واسعة النطاق التي اظهرها ابناء الجنوب في الذود عن الارض والعرض. والمؤلم ان بعض الاطراف الجنوبية ربما تحت تأثير العزف على المحاذير وعوامل الماضي تتعاطى مع الاطراف التي هي في الاصل تنصب الموت لقضيتن التي هي محور كرامتنا ووجودنا جميعا بدون استثناء.