جاء البيان الختامي لمؤتمر حضرموت الجامع والذي انعقد بمدينة المكلا عاصمة المحافظة اليوم السبت ليحمل "جملة من الرسائل" التي حاولت تبديد التكهنات التي سبقت انعقاده والتي اعتبرت انعقاد المؤتمر بمثابة "نقطة البداية" للعد التنازلي لانفصال حضرموت عن مشروع دولة (اليمن الإتحادي) او عن (مشروع دولة الجنوب) وفي ذات الوقت اثبتت خطأ التكهنات التي قللت من اهمية انعقاده ورأت بأنه لا يعدو كونه مجرد فعالية سياسية عابرة سينتهي تأثيرها بمجرد انتهاءها. على ارض الواقع مثل انعقاد مؤتمر حضرموت الجامع "فرصة ملائمة" ل بلورة وطرح "الخيارات المشروعة للحضارم" والتي كان يتعين عليهم صياغتها وتحديدها بعقلانية وواقعية ، كما يتعين على أصحاب كلا المشاريع الأخرى احترامها والقبول بها والتعاطي معها بواقعية بعيدا عن اساليب التخوين والترهيب والتحريض.
هذه "الخيارات المشروعة للحضارم" عبرت عنها بكل وضوح "اجندة العمل السياسي" التي اقرها المؤتمر والتي اكدت على أحقية حضرموت في امتلاك قرارها كإقليم مستقل ، كما عبرت عن اهم الأولويات لحضرموت في هذه المرحلة و التي على رأسها "البدء في إعادة إعمار حضرموت"
كما جاء ميثاق الشرف الذي وقعت عليه كافة المكونات المشاركة في المؤتمر والذي تضمن التأكيد على تجريم استخدام العنف بكافة أشكاله (المادية والمعنوية) بين كافة القوى والمكونات المجتمعية الحضرمية عند الاختلاف في الرؤى الخاصة لأي منها بشأن حضرموت، ونبذ النعرات، وعدم إثارتها، والالتزام بمبدأ الإخاء والتعايش السلمي قوًلا وعمًلا، والاحتكام إلى الشرع الإسلامي الحنيف وإلى منطق العقل وإلى القانون لحل الخلاف ، جاء ليبرز خصوصية حضرموت الثقافية والحضارية ، كما يعكس بوضوح مدى ترسخ وتجذر "الثقافة المدنية" في اوساط مكونات المجتمع الحضرمي.
وبرأيي ان مؤتمر حضرموت الجامع والذي يمكن اعتباره نقطة الانطلاقة الفعلية نحو بلورة "الخيارات المشروعة للحضارم" منح كافة المكونات المشاركة فيه الفرصة الملائمة لأن تطرح كافة اهدافها وتطلعاتها بواقعية وعقلانية ، كما يمنحها القوة لأن تعلن عنها بكل صراحة وشفافية وبلا أي مواربة بدلا من تحويلها الى "رسائل ترضية" لكل الأطراف" سعيا وراء ارضاء "جميع الأطراف"
كان يتعين على المكونات المشاركة في المؤتمر ان تدرك بأن "الهوية الحضرمية" لا يمكن استعادتها او الحفاظ عليها عبر استنهاض الشعبوية والشمولية أو عن طريق تكريس "الإنعزالية" والإنغلاق على الذات ، وان تدرك بان قوة حضرموت الحقيقية لا يمكن اختزالها في موقعه الجغرافي فقط او في مساحتها الجغرافية الكبيرة او في ما تحويه في باطنها من ثروات نفطية او ما تحتويه سواحلها من ثروة سمكية ، وبأن قوة حضرموت وخصوصيتها وفرادتها تكمن في ما تملكه من مقومات حضارية وثقافية ، وما تختزنه من "ثقافة مدنية" متجذرة في اوساط مكوناتها المجتمعية.
شخصيا أنا على يقين بأن التكامل بين كافة المقومات السياسية والديمغرافية والاقتصادية والمجتمعية والإنفتاح على الآخر هو الكفيل بأن يضع حضرموت في المكانة اللائقة بها وبأبنائها وهو ايضا ما سيمكنها من مواجهة كافة الصعوبات والتحديات الراهنة حاليا ومستقبلا .