span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن/أحمد شوقي ساعتان من الزمن فقط، ربما تمران في الاجتماع الدولي حول اليمن في لندن في عدد من الخطابات السياسية لكنهما بالنسبة إلى اليمنيين تشكلان فرصة ذهبية للخروج من الوضع المتأزم الذي تعيشه بلادهم. فما بين سعي إلى أموال المساعدات، وتهدئة التوترات، والتفات لقضايا المتمردين والجنوبيين يسعى اليمنيون على اختلافهم وانقسامهم إلى قطف ثمار المؤتمر حتى قبل أن تزرع شجرته، بينما تحاول الدول الكبرى استخدامه لشرعنة نوع جديد من الوجود الأجنبي في تلك المنطقة الإستراتيجية؛ ليكون ظهور تنظيم القاعدة بذلك "بيضة القبان" للجميع، كما سيكون التنظيم نفسه أحد المستفيدين من هذا الزخم الذي يلبسه معطفا أكبر من حجمه، ويروج له في بلد يكره أهله ممارسات الحكومة والغرب معا.
وتجتمع 21 دولة وفيها الولاياتالمتحدة اليوم الأربعاء في لندن لتأكيد دعم اليمن في جهوده لمحاربة تنظيم "القاعدة" الذي تبنى محاولة تفجير طائرة أمريكية أثناء رحلة بين أمستردام وديترويت يوم عيد الميلاد. وأطلقت لندن على اللقاء اسم "اجتماع دولي" للدلالة على مكانته التي لا ترقى إلى مستوى "قمة" أو حتى "مؤتمر"، وهو لن يستمر سوى ساعتين، وليس مفترضا أن يتوصل إلى نتائج ملموسة. والهدف المعلن تأكيد دعم "الدول الصديقة" وتضامنها مع اليمن في حربه الصعبة ضد الإرهاب، وإرساء الاستقرار في البلد الممزق بالصراعات، بحسب وكالات الأنباء الغربية. span style=\"color: #800000\"المستفيد الأول الحكومة اليمنية التي تواجه تمردا شرسا في الشمال، وحركة انفصالية واسعة النطاق في الجنوب، ترى في المؤتمر فرصة لجلب مساعدات اقتصادية، ودعم سياسي من الخارج. وقبل ساعات من انطلاق الاجتماع، حذر وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي من أن اليمن يواجه خطر أن يصبح دولة فاشلة إذا لم يساعده المجتمع الدولي في تطوير اقتصاده بما يوفر للشبان بدائل عن السير في طريق التشدد. وقال القربي: "الحقيقة الواقعة أن المشكلة الاقتصادية هي السبب الأكبر لجميع المحن التي يواجهها اليمن الآن". وأوضح القربي: "يعاني اليمن من مشكلة اقتصادية خطيرة.. لديه مشكلة خطيرة في الفقر.. يواجه تحديا خطيرا للبطالة بين شبانه، فكل ذلك يشكل تربة خصبة للتحول إلى التشدد، وبالتالي إذا لم يحصل اليمن على الدعم الاقتصادي والتنموي فإن التحول إلى التشدد سيكون تحديا خطيرا". ويعيش 42% من سكان اليمن -البالغ عددهم 23 مليون نسمة- على أقل من دولارين في اليوم. وقال القربي إن معدل البطالة يبلغ 30%، وإن 65% من سكان البلاد دون الخامسة والعشرين. ويقول المحلل السياسي اليمني محمد الغباري في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت": إن "الحكومة اليمنية تصب كامل اهتمامها على الخروج بأكبر كم من المساعدات الاقتصادية، كما أن الاجتماع يمثل لها فرصة في دعمها سياسيا في الداخل". ويشير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى تلك الحقيقة بالقول: "إن الرئيس صالح غريب الأطوار، وتورد التقارير بأنه يتلقى النقد بحساسية، لكن ليس لدى إدارة أوباما بديل سوى الاستمرار بإشراكه، وستكون هناك عواقب وخيمة إذا ما فشلت في القيام بذلك". وأضاف: "يُنكر المسئولون اليمنيون أن بلادهم في طريقها لأن تصبح دولة فاشلة، لكنهم سرعان ما يستخدمون هذه الإمكانية كوسيلة لجذب اهتمام واشنطن، ولقد كان الاعتراف بوجود آلاف من مقاتلي تنظيم القاعدة مغامرة إضافية، تُدعمها الآن الارتباطات اليمنية الواضحة بمحاولة التفجير الفاشلة للطائرة الأمريكية". وتتهم المعارضة الداخلية السلطات اليمنية بتضخيم مسألة القاعدة من أجل ابتزاز المجتمع الدولي للحصول على دعم اقتصادي وسياسي في مواجهتهم؛ مما يتيح لنظام الرئيس علي عبد الله صالح البقاء في السلطة دون مضايقات من المعارضة. span style=\"color: #800000\"الحراك يتطلع لكن هناك من يزاحم الحكومة في نيل الدعم، فالحراك الجنوبي يرى في الاجتماع المنعقد أساسا لمكافحة القاعدة فرصة لإبراز قضيته، ونيل دعم سياسي لها، خاصة فيما يتعلق بانفصال الجنوب، وهو أمر غير مطروح بالنسبة للدول الكبرى، بحسب الغباري، الذي يؤكد في نفس الوقت أن "مجرد طرح القضية سيكون إيجابيا لقوى الجنوب". ويقول الغباري: إن "الهدوء هو الثمرة التي تعد الأقرب إلى أيدي الجنوبيين من الاجتماع الدولي الذي يهتم بإرساء الاستقرار الأمني في البلاد؛ حتى تركز السلطات على مكافحة القاعدة". وذكر في هذا السياق أن تعليمات أمنية صدرت أمس لقوات الشرطة بعدم اعتراض نشطاء الحراك في مهرجاناتهم الاحتجاجية، وذلك في لفتة من الحكومة إلى الخارج بأنه عازم على تهدئة الأوضاع، وهو ما يمهد إلى إقامة حوار مع الجنوبيين، ربما برعاية خارجية. وخرج الآلاف صباح أمس الثلاثاء في مدينة ردفان بلحج في جمع حاشد وكبير حضرته كبرى قيادات ما يسمى ب"الحراك الجنوبي", منهم علي منصر محمد، وناصر الخبجي، وشلال علي شايع, وقادة فصائل الحراك. وفي المهرجان دعا فضل هماش -رئيس اللجنة التحضيرية للمهرجان- مؤتمر لندن إلى النظر بقوة إلى قضية المحافظات الجنوبية والتدخل العاجل لوقف ممارسة نظام صنعاء ضد أبنائها العزل, على حد تعبيره. وطالب المشاركون مؤتمر لندن بالرجوع إلى قرارات مجلس الأمن "924, و931" الصادرة أثناء حرب 1994, مؤكدين تمسكهم بالنضال السلمي حتى آخر لحظة. وفي هذا السياق قال ناصر الخبجي أحد أبرز قيادات الحراك الجنوبي إنه "من الضروري أن تكون قضية الجنوب في مقدمة الملفات إذا أراد المجتمع الدولي النجاح للمؤتمر، وتنفيذ ما يتمخض عنه من قرارات، وإلا فستتفاقم المشكلة وتكون أكثر تعقيدا؛ لأن الإرادة الشعبية المناضلة لأبناء الجنوب لن تتوقف إلا باستعادة الدولة واستقلالها مهما كلفها الثمن، والخيارات أمامها في ذلك مفتوحة". span style=\"color: #800000\"الحوثيون.. يهدئون ولا يمكن الفصل بين الخطوة التي اتخذها الحوثيون في شمال اليمن بالانسحاب من أراض سعودية حدودية احتلوها خلال قتال ضار على مدار شهرين، وبين اجتماع لندن، فبحسب الغباري شهدت الأيام القليلة الماضية اتصالات يمنية سعودية حوثية أفضت إلى عرض الحوثيين لهدنة تتجه الرياض للموافقة عليها. ويرى الغباري أن هذه التهدئة تسعى من خلالها السلطة في صنعاء إلى تهيئة الأوضاع الداخلية من أجل تحقيق هدفها من المؤتمر، وهو مزيد من المساعدات الدولية، لكن من ناحية أخرى يخرج الحوثيون من تلك المعادلة رابحين، فالحرب في طريقها للتوقف دون أن يعلنوا استسلامهم، كما أن فرصة الحوار الجاد مع صنعاء أضحت سانحة؛ لأن الحرب والاضطرابات تضر بجهود الحكومة في محاربة القاعدة، أو بمعنى آخر: الفشل في تنفيذ التزاماتها تجاه الدول الكبرى، كما أن الحوار سيستجيب بشكل أو بآخر لمطالب الحوثيين ولو جزئيا. وقالت مصادر قريبة من السلطة في صنعاء ل"إسلام أون لاين.نت" إن الأيام القادمة ستشهد توقيع الحوثيين على مبادرة النقاط الست التي أطلقها الرئيس علي عبد الله صالح قبل عدة أشهر لإنهاء القتال، ولم يتسن الحصول على تأكيد من الحوثيين على ذلك. وعلى المستوى الإنساني، ربما يجد النازحون من محافظة صعدة -التي تشهد قتالا بين الجيش اليمني والحوثيين- متنفسا من الهدوء يعين الوكالات الإغاثية على الوصول إليهم وتقديم العون لهم. span style=\"color: #800000\"ليس للمنح ومع كل هذه الإيجابيات التي يتوقعها اليمنيون، فإن الغرب يؤكد أن الاجتماع لن يكون مؤتمر مانحين يغدق الأموال، وإنما يهدف لإبداء الدعم الأمني والسياسي. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن باري مارستن، المتحدث باسم الخارجية البريطانية قوله إن الاهتمام كان مركزا في الأسابيع الماضية على التحدي الأمني المتمثل في تهديدات "القاعدة" من اليمن، ولكن الرؤية التي تحكم فكرة لقاء لندن هي أن قضية "القاعدة"، بالإضافة إلى مشكلة التمرد في صعدة والقلاقل في الجنوب، هي أعراض لمشكلة أعمق، وهي المشكلة الاقتصادية والمظالم نتيجة وجود نسبة بطالة تتجاوز 40% بين القوى العاملة، والاعتماد بنسبة 70% على عائدات النفط الذي سينضب بعد سنوات، وكذلك مشكلة ندرة المياه. وأضاف أن ذلك خلق حالة لا تستطيع فيها الحكومة تقديم الخدمات الأساسية في بعض المناطق، معتبرا أن جذور بعض المطالب بالانفصال في الجنوب هي اقتصادية أكثر منها عدم قدرة على التعايش في دولة واحدة، وكذلك مشكلة صعدة التي تتعلق بالتهميش أكثر منها بالطائفية. وشرح أن اللقاء ليس مؤتمر مانحين؛ لأن مؤتمر المانحين عقد بدعوة بريطانية أيضا في لندن عام 2006، وقدم تعهدات بخمسة مليارات دولار لمساعدة اليمن، ولم يتم إنفاق الجزء الأكبر من هذه التعهدات؛ بسبب أن اليمن لم يكن لديه قدرة استيعاب لهذه الأموال في مشاريع يستفيد منها المواطن اليمني العادي. وقال مارستن إن لقاء لندن سيبحث لماذا لم تنفق هذه التعهدات التي قدمت في 2006، وكذلك خطة طويلة الأمد تقودها الحكومة اليمنية في مجال الإصلاحات لجعل النظام أكثر فعالية. وحول مخاطر "القاعدة" في اليمن قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية إن هذا محور مهم، لكن إذا كانت هناك حكومة فعالة تسيطر على كل المناطق وتستجيب للتحديات الأمنية، فلن تكون هناك مشكلة فراغ في بعض المناطق تستغله "القاعدة"، كما سيكون التعامل مع مشكلة التطرف أكثر فعالية. span style=\"color: #800000\"الوجود الأمريكي ولن تكون هذه الجهود مجانية، بحسب الغباري، فالولاياتالمتحدةوبريطانيا يجدان في تقديم المساعدات فرصة للتدخل في السياسات الداخلية في اليمن والتحكم فيها؛ حيث أثبتت تجربة واشنطن في أفغانستان أن تقديم المعونات -بدون إشراف قوي- بأنها فاشلة؛ حيث ذهبت المعونات في طاحونة الفساد المستشري في كابول. وبحجة الإشراف على تنفيذ الالتزامات الموقعة مقابل الدعم المالي والعسكري، يرى الغبارى أن واشنطن ستؤسس لنفسها بقعة جديدة من الهيمنة في منطقة خليج عدن ومضيق باب المندب، كما ستحصل بريطانيا على حق العودة، ولو بشكل غير مباشر، إلى البلد الذي استعمرت جنوبه قبل الاستقلال عام 1967. span style=\"color: #800000\"القاعدة تربح أيضا وإذا كان هذا الحفل الدولي معقودا على شرف القاعدة، فإن المفارقة هي أن هذا التنظيم سيكون أحد المستفيدين من التجمع الدولي "ضده". ويقول الغباري: "هذه التحركات الدولية تعطي للقاعدة حجما أكبر من حجمها، وزخما يصورها على أنها نجحت في إيجاد موطئ قدم قوي في اليمن، وهو ما يفيد التنظيم في حشد مزيد من الأنصار وتجنيدهم". ومن غير المرجح أن تثبت الغارات الجوية -كالتي استخدمت في هجمات على منزل عايض الشبواني الزعيم المحلي للقاعدة في الأسابيع الأخيرة- أنها سلاح فعال على المدى الأطول، بل ربما تؤدي إلى إذكاء المقاومة. وشبه تيودور كاراسيك -من معهد التحليل العسكري للشرق الأدنى والخليج- هذه الغارات باستثارة "عش للنحل"، بحسب وكالة رويترز. وقال إنه إذا تم الضغط حقا على القاعدة "فإنهم سيرحلون فجأة ويفرون إلى مكان آخر.. لكن من خلال الطريقة التي تسير بها الأوضاع حاليا يبدو بالنسبة لي أن الوضع ربما يتدهور بالفعل قبل أن يتحسن". وبعد الحديث عن الرابحين، يتبادر سؤال في الذهن حول الطرف الخاسر في هذا الحفل الدولي؟ ويجيب المحلل السياسي محمد الغباري على ذلك بأن المعارضة المتمثلة في أحزاب اللقاء المشترك هي "الخائف الوحيد"؛ حيث يخشون من استقواء السلطة بالشرعية الخارجية من أجل تعطيل الحياة الديمقراطية وقمع المعارضة التقليدية. وفي هذا السياق، حذر مؤتمر لمنظمات المجتمع المدني اليمنية مؤخرا الولاياتالمتحدة وأوروبا من أن يتحول مؤتمر لندن من دعم اليمن إلى دعم قمع الحريات الأساسية في اليمن، تحت مبرر مكافحة الإرهاب والتطرف. span style=\"color: #666699\"* اسلام اون لاين