فاقد الشي لا يعطيه .. مقولة تطلق على كل مفلس ليس لديه ما يقول أو يفعل .. هذا عن المفلسين الصغار أما كبار المفلسين فقصتهم مختلفة حيث يطلب منهم العطشان ماءًا ويعطونه وجبة تزيد من عطشه (أساء سمعاً فأساء إجابة).. والحال هذه تنطبق على الانفصاليين السلطويين المفلسين الذين تمخضوا فولدوا علماً وحدوياً يريدونه أن يدخل موسوعة غينتس على أنه أكبر علم وحدوي في العالم ويعتزمون رفعه في مدينة عدن الثكلى التي تلتحف أعلام جنوبية استعارتها من ذاكرتها القريبة .. ليست سوى 20 عام عندما هرول المهرولون وأنزلوا علمي ج.ع.ي ، وج .ي .د. ش ، ليرفعوا علم الجمهورية اليمنية الذي لم يحافظوا عليه . المشكلة ليست مشكلة أعلام وبيارق إنها مشكلة عقول تسعى سعيها لتسطيح القضايا وتسطيح الوعي وتسطيح الحياة برمتها .. يقال لهم قضية الجنوب قضية شعب وأرض وثروة مسلوبة ويقولون اصرفوا سيارات مونيكا لفلان وعلان ، يقال لهم الناس تتضور جوعاً .. الآبار جفت .. الناس تكفر بالوحدة وترفع أعلام جنوبية لتعبر عن منتهى سخطها مما يسمونه نظام الاحتلال ولم يعودوا يقبلوا بما دون فك الارتباط فيجيبون سنرفع أكبر علم وحدوي في مدينة عدن.. يقال لهم الجنوب كله على صفيح ملتهب ولم يعد ثمة إمكانية لاستضافة فعالية رياضية مترفة تسمى خليجي 20 في مدنية بائسة تلعن الظلم والظلام ويقولون ستكون فعالية رياضية تاريخية ومتميزة .. نعم ستكون تاريخية لأنها ستدخل التاريخ من أفضح أبوابه . ليس لأن عدن الحالمة لا تصلح لاستضافة هكذا فعالية ولكن عدن التي تقبع تحت الاحتلال هي التي تأبى أن تستقبل ضيوف المحتلين المترفين على جراحها المستعصية وهذا ليس تعبيري بل تعبير الجنوبيين الذين كسروا حاجز الصمت وعبروا عنه بكل الصور ، ولكن يبدو أن صاحب فكرة أكبر علم وحدوي يذهب إلى أمريكا وأوروبا للعلاج فيجد نفسه في ملهى ليلي فتصم أذنه من الموسيقى الصاخبة ويضل طريق الطبيب الاختصاصي بالأنف والأذن والحنجرة ، فيعود بمزيد من الصمم وقليل من العقل. فلذلك لا تبتئس كثيراً عندما تقول له: "من أبوك" ويقول: "الفرس خالي". لعل المتابع لأفكار هؤلاء يدرك لماذا يتأخر الحوار المنشود إلى درجة يوشك معها أن يستحيل حلماً لا يمكن أن يتحقق ، فمثل فكرة أكبر علم وحدوي ورفعه لاستفزاز الجوعى والثكلى واليتامى والبؤساء ليس في عدن والجنوب فحسب بل في كل اليمن تنبئ بحجم ما ابتلينا به من مسؤولين أوغاد "نسوا الله فأنساهم أنفسهم" . وكأني بهذا المسؤول "المسطول" الذي ابتدع فكرة أكبر علم وحدوي يهذي ظناً منه أنه بهذا العلم الكبير الطويل العريض سيبتلع أعلام الجنوب التي تزدان بها كل الشوارع والأزقة والمؤسسات العامة والخاصة في المحافظات الجنوبية على طريقة عصا موسى عليه السلام التي تلقف ما يؤفكون جاهلاً بحقيقة تلك العصا التي ابتلعت ثعابين السحرة ليس بحجمها بل بقدرة قادر ومعجزة نبي وليس بجبروت فرعون وأموال من استعبدهم. هل يعلم هذا المسؤول "المسطول" الذي ابتدع فكرة أكبر علم وحدوي أنه يحرق أموال الثكلى والمنهوبين والفقراء بجرة قلم ، فمن أين سيأتي بحماية لعلمه الجبار من نيران الحراك الجنوبي المتقدة أم أن رفع العلم سيكون مترافقاً مع تشكيل معسكر خاص مدجج بالدبابات والصواريخ ومختلف الأسلحة لحمايته.. أليس الحال كمن يبني قصراً ويهدم مصراً ؟!. الوقت يمضي وطاولة الحوار الوطني الشامل والكامل وغير المشروط تنتظر الحكمة اليمانية التي ضاعت في قمقم (مع كل تأخير خير) .. وفي الوقت الضائع تحضر الأفكار البائسة من مثل رفع أكبر علم وحدوي في العالم وهو أكبر فيلم انفصالي في الحقيقة .. نعم الحقيقة التي لا يريدون إدراكها والتي منها أن (السَّرْج المُذهَّب لا يجعلُ الحمار حصاناً) !!.