span style=\"font-size: medium;\"من أغرب ما في المعادلة السياسية في اليمن هو تبجح ما تبقى من عناصر النظام بالتمسك بالشرعية في حين تسفك الدماء وتزهق الأرواح وتدك المباني فوق ساكنيها، وتستدعي المرتزقة الأجانب لقتل المواطنين اليمنيين بالطيران وتدعي أنها تفعل كل ذلك لأنها هي السلطة الشرعية الوحيدة في البلد. الممسكون بكرسي السلطة يعجزون ليس فقط عن القيام بأبسط الواجبات تجاه من منحهم هذه الشرعية المفترضة وذلك من خلال عجزهم عن توفير الماء والكهرباء والغذاء والدواء وصيانة الأمن، بل إنهم يعجزون عن حماية سيادة البلد وكرامة المواطن، إنهم أكثر من ذلك يعاقبون الشعب الذي خرج للمطالبة برحيلهم من خلال إخفاء المواد الغذائية والدوائية والتموينية الأخرى، وإيقاف خدمات الماء والكهرباء والوقود، فضلا عن مواصلة سياسة القتل الجماعي للناشطين المدنيين من النساء والأطفال والشباب والكهول، متناسين أن الشرعية ليست جلوسا على كرسي الحكم ومواصلة سياسة القتل، لكنها توفير الأمان وصيانة كرامة المواطن وقبل هذا حياته، وحفظ السيادة الوطنية وغيره من الواجبات التي نكث بها من يدعون أنهم شرعيون بالمقابل هناك الملايين من أبناء الشعب اليمني الذين يفترض أنهم من منح هذه الشرعية، المختطفة، لأولائك الخاطفين، هذه الملايين خرجت إلى الميادين والساحات معبرة عن نفسها بالوسائل السلمية، معلنة رفضها لبقاء هذا النظام الذي أمعن في اليمن واليمنيين انتهاكا وتمزيقا وتقتيلا وفسادا وعبثا وتنكيلا. هذه المعادلة المعوجة تبدو وكأنها تقول لنا أن السلطة هي الشرعية الوحيدة حتى وإن قتلت ونهبت ودمرت ونكلت وارتكبت المحرمات، وإن كل من يقف في وجه هذه السلطة (الشرعية) ولو كان كل الشعب هو غير شرعي، حتى وإن كان هو من منح الشرعية للقاتل والناهب والفاسد ومشعل الحرائق، ومنتهك الحرمات ومرتكب المحرمات. إن أي نظام يدعي الشرعية لا بد أن يبرهن على أهليته لهذه الشرعية في الممارسة العملية وذلك من خلال تأكيد التوافق بين سياساته وممارساته وبين تطلعات من يفترض أنهم منحوه هذه الشرعية لأنه لا يوجد أي شرعية لا تلبي مطالب الشعب فالشعب هو مصدر الشرعية وصانعها وهو من يمتلك الحق في منحها أو سحبها. الشرعية الحقيقية لا تجيز لمن يدعيها القتل والتنكيل وارتكاب المحرمات، والشرعية تسقط بمجرد عدم الإيفاء من حازها بواجباته تجاه من منحوه هذه الشرعية، أما استمرار ادعاء الشرعية في ظل مواصلة ارتكاب الجرائم وإيتاء المنكرات فهي لا تختلف عن سلوك النشال الذي يدعي أنه يحمي أملاك ضحاياه الذين ينهب أملاكهم كل يوم. في البلدان التي تتمتع بالحياة المؤسسية ويحترم فيها المسئولون أنفسهم ومسئولياتهم، يستقيل الرئيس أو رئيس الوزراء وكامل حكومته، فقط إذا ما أخفقوا في توفير سلعة غذائية أو عجزوا عن توفير الأمان لقرية من القرى أو ناحية من النواحي، وفي بلادنا يفشلون في كل شيء يفعلون من الفعائل كل ما يندى له الجبين دون أن ترف لهم شعرة ومع ذلك ما يزالون يتبجحون بالحديث عن شرعيتهم التي انتهت صلاحيتها منذ عقود. برقيات: * حديث علي عبد الله صالح عن التنحي مراوغة أخرى لخداع الرأي العام المخلي والدولي ، لكنه هذه المرة لن ينطلي على أحد إذ لم يعد يقبل إلا البرهان العملي وذلك بالتنحي الفعلي وليس مجرد الوعد. * سقوط الطيارين السوريين بعد إقلاعهم من مطار العند العسكري يشير إلى أن بقايا النظام تستقدم طيارين أجانب لقتل المواطنين اليمنيين بغد أن فقدت الثقة بالطيارين اليمنيين الذين لن يقبلوا بأن يكونوا أدوات لقتل أبناء وطنهم. * خاطرة شعرية: حديث الهوى يغري وإن كان لا يثري وليل النوى عن كل حادثةٍ يسري وقافلة الأيَّام تمضي حثيثةً وتعصف عصف الريح في البحر والبرِ زمانٌ له حكمٌ يمرُّ على الورى ويكتسح الآفاق قسراً ويستشري ففي برهةٍ ينهار جيشٌ عرمرمٌ وفي ساعةٍ ينهدُّ ما شيد في دهرِ