هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    حدادا على شهيد الريح : 5 أيام في طهران و7 في صنعاء !!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    بن عديو: الوحدة تعرضت لسوء الإدارة ولا يعني ذلك القبول بالذهاب نحو المجهول    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    محمد قحطان.. والانحياز لليمن الكبير    في ذكرى إعلان فك الارتباط.. الانتقالي يؤكد التزامه باستعادة دولة الجنوب (بيان)    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيدرالية كبديل عن الانفصال
نشر في حياة عدن يوم 21 - 01 - 2012

تعالت في الاونة الاخيرة اصوات سياسية واجتماعية وشعبية كثيرة في اليمن، تنادي بان الظرف والوقت المناسبين قد حانا للجنوبيين لاعلان استقلالهم،وقيام دولتهم وذلك استنادا الى مبدأ حق تقريرالمصيرللشعوب. حيث صواب ممارسة هذا الحق في الظرف الملموس ، مع اختيار النظام الملائم كتعبير عملي عن ذلك باعتبارهم كانوا دولة مستقلة وذات سيادة ومعترف بها دوليا بكل مقوماتها وركائزها الوطنية والسياسية قبل ان يندمجوا في وحدة غيرمتكافئة مع الشمال في العام1990م معبرا عنها في المرحلة الراهنة في اطارفيدرالي كتعبير عملي موضوعي وصائب عن حق تقرير المصير. وكصيغة سياسية لضبط العلاقة على هذا الشكل ،وعلى اساس ممارسة الديمقراطية اسلوبا للحكم بعد ان اثبت فشله خلال عشرون عام من عمر هذه الوحدة، كأفضل خيار لمعالجة مشاكل دولة كبيرة تعاني من التنافس المحموم بين القبائل على السلطة والثروة والسلاح من جهة ومن جهة أخرى كحل للمأزق التاريخي الذي نعيش فيه الآن حيث وصلنا إلى نقطة الصفر بعد أن اوشكنا على تدمير دولة الاستبداد المركزي التي أقامها النظام على أنقاض دولتي التشطير.
واٍزأ هذه الاصوات وجدت بشكل عام نوعين من ردود الأفعال المعارضة والمستنكرة بشدة لهذا التوجه العقلاني الواقعي الذي يفرضه علينا التفكير الوطني السياسي الموضوعي بعيدا عن العواطف والشعارات وما يقال في وسائل الإعلام!..النوع الأول يعتقد أن الدعوة للفيدرالية هي بالضرورة دعوة للإنقصال او التقسيم .. وهؤلاء إما أن لديهم سوء فهم لحقيقة النظام الفيدرالي المطبق في عدة دول من العالم بدون أن نشهد فيها تلك الإنقسامات والإنفصالات المزعومة.. وأما أنهم يفهمون جيدا ما معنى الفيدرالية ولكنهم لأسباب مصلحية وقبلية عنصرية يخفونها ويخشون من النظام الفيدرالي لأنه في إعتقادهم سيغير موازين القوة والثروة في الخارطة اليمنية لغير صالحهم.. وهؤلاء قبليون متعصبون اغلبهم يخفون عصبيتهم تحت زي وطني ويتباكون - في الظاهر - على الوحدة الوطنية بينما هم في حقيقة الأمرانما يتباكون على شئ آخر!،
وقسم من الناس ينبري لمناقشة الفكرة، من دون الإطلاع على حيثياتها، أو فلسفتها، كما انه لم يحمل نفسه حتى عناء الإطلاع على نماذج من الأنظمة الفيدرالية في هذا العالم، والتي هي تجارب إنسانية قبل أن تكون وطنية أو إقليمية، وكلنا نعرف ان من لم يمتلك الخلفية المناسبة لفكرة ما، لا يمكنه أن يناقشها بشكل منطقي معقول، ولذلك نرى الجاهل بأمر ما يتهجم على الفكرة المطروحة للنقاش ويشتمها، أكثر مما يناقشها نقاشا علميا ومنطقيا رزينا، فهو يميل إلى العاطفة عند الحوار، أكثر من اعتماده على العقل والمنطق، فلا يجوز أن نناقش الفكرة، خاصة إذا كانت مهمة واستراتيجية للغاية، بخلفيات ضعيفة، أو بأحكام مسبقة، أو بمواقف متشنجة، أو بالاعتماد على الشائعات والقيل والقال، فقد يكون الخير كله فيها، فنخسرة ونحرم أجيالنا منه.
وقد يسخر هذا الموضوع لماّرب سياسية وشخصية بفعل نقص الوعي الشعبي للمواطن في الثقافة السياسية ..ومع تردد الاخبار التي سمعناها من مصادرعدة خلال الايام السابقة عن انعقاد مؤتمر دولي ستستضيفه مدينة المكلاء خلال شهر مارس القادم بهذا الخصوص فانني أتوقع أن تثار زوبعة سياسية واعلامية حول الفيدرالية في اليمن من قبل بعض الاطراف،ممن سيدعون- بانهاعامل للتجزئة وسيتباكون على وحدة الوطن أرضا وشعبا(وطبعا إعلام الجزيرة ومحلّليها جاهزون لذلك ويعدون العدة من الآن)وسيقولون أنها مطلب خارجي في احسن الأحوال وسيخلطون ،كعادتهم، كل الأوراق وسيعتبرون الفيدرالية مظهرا للانفصال والعنصرية وسيخلصون إلى أنها حرام وان المنادين بها من أهل النار وضد العروبة والإسلام وان كل الشرف والوطنية ووحدة اليمن شمالا وجنوبا يقتضي رفض الفيدرالية الكافرة.. وحتى نصل إلى اخماد هذه الزوبعة ونتخلص من شرور هولاء الافاقين والاسلاميين الاوصوليين وعيرهم من المستبدين يجب على جميع القوى الحية والفاعلة بنخبها وجماهيرها في البلاد شمالا وجنوبا أن تأخذ دورها في العمل وتثقيف المواطنين حول هذا الموضوع وعدم تجاوز القواعد الشعبية كما يفعل السياسيون عادة ، وكمحاولة منا على هذا الطريق بعد ان تعمقنا كثيرا بالقراءة في هذا الموضوع ولاثراءه بالافكار والاراء التي تكونت لدينا ، نقول وبالله التوفيق:
إن نظام الحكم الفيدرالي يعني فيما يعنيه الاتحاد وليس الانفصال فهو أسلوب يعتمد على توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وعدم تركيزها في جهة واحدة لمنع الاستبداد والتخلص من أخطاء المركزية الخطيرة في التحكم وعدم إفساح المجال للجميع وكبت الطاقات المحلية ومنعها عن الإبداع والعمل فضلا عن أنها-الفيدرالية- تؤدي إلى إيصال الخدمات للجمهور بأسرع وقت ممكن وبأفضل الوسائل لان أهل مكة أدرى بشعابها – كما يقولون- بفضل إن القائمين على الحكومة المحلية هم أهل الدار يفهمون حاجاتها وطبيعة سكانها وهمومهم لا كالمتربعين على عرش السلطة في العاصمة يقررون كما يشاءون في ظل النظام المركزي.وهناك بون شاسع بين الفيدرالية وشكل نظام الحكم في البلاد، فالفيدرالية شكل من أشكال الدولة او الوحدة وطريقة من طرق تنظيم العمل فيها فهناك الدولة البسيطة التي نحن عليها الان وهناك الدولة الفيدرالية وهناك الدولة الكونفدرالية (وهذه خيارات طرحها الجانب الشمالي على الجانب الجنوبي الذي اختار الاندماجية وفضلها عنها) قبيل البدء بخطوات تحقيقها بين الشطرين وللشعوب ان تختار شكل هذه الدولة بحسب طبيعة كل شعب وخصوصياته وما قد ينجح عند طرف قد لا ينجح عند الآخر بخلاف ماحدث للوحدة اليمنية الاندماجية،
وتتميز الدولة الفيدرالية عن الكونفدرالية بأنها اكثر اتحادا وقوة لذلك فقد انتشرت في اغلب مناطق العالم ولم تشهد تجربة فيدرالية مشاكل تستحق التوقف عندها في جميع الدول التي طبقتها كسويسرا وألمانيا تقريبا وامريكا واكثر من ثلاثة أرباع دول العالم، ويعتبر الشكل الفيدرالي للدولة الطريقة الأكثر نجاحا لادارة الشعوب المتنوعة سياسيا اوثقافيا او اقتصاديا او جهويا او اجتماعيا او دينيا لأنها تضمن خصوصيات كل نوع وتحقق طموحاته كاملة فلا مكان للاضطهاد والاستعلاء والإلغاء أو التهميش الذي يمارس عليها في ظل الدولة البسيطة.وعلية تعد الصيغة الفيدرالية أمانا للمظلومين وراحة لهم من الاستبداديين وتحقق مصالحهم بأيسر الطرق ومن خلالهم هم, فيطمئن الناس ويشعرون بإنسانيتهم وتعود لهم مواطنتهم بالتدريج بعكس الحرمان والكبت والأحقاد التي تنشا بسبب توحيدهم بالقوة تحت سيطرة سلطة واحدة مركزية كما حدث للوحدة الاندماجية منذ صيف 94م. والفيدرالية بذلك - كطريقة لإدارة الدولة – تختلف عن شكل نظام الحكم أو طريقة الإدارة السياسية له فأنظمة الحكم متعددة فهناك النظام الرئاسي الذي يمنح رئيس الدولة سلطات واسعة ويتم اختياره مباشرة من قبل الشعب عن طريق الانتخابات الرئاسية وهو يختار أفراد حكومته كسلطة تنفيذية وطبعا تكون مستقلة عن السلطة التشريعية التي أيضا يختارها الشعب ولها صلاحيات وسلطات تختلف عن صلاحيات السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس فضلا عن استقلال السلطة القضائية عنهما معا، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات، وتختلف الدول بحسب تطورها حول رسم طبيعة العلاقة بين هذه السلطات بين انفصال تام أو تعاون غير متداخل..
وعلى ذلك يمكننا ان نزعم زعما قاطعا بان الدعوة للفيدرالية اليوم – ليست دعوة للتقسيم والإنفصال كما يردد البعض بسوء فهم أو بسوء نية بل هي دعوة وطنية واقعية عقلانية ترى في الفيدرالية الحل البديل عن الانفصال التام بين الشطرين والعودة الى ماقبل العام90م والخيار العملي العملي الشافي لكثير من مشكلات اليمن المزمنة التي تتطلب في معالجتها التعامل معها بشكل واقعي عملي يراعي حقائق الواقع وطبائع اليمنيين بعيدا عن الشعارات والكلام الذي يقال في وسائل الإعلام !.. فالفيدرالية هي دعوة صادقة مع النفس الى إعادة تشكيل الوحدة على أساس سليم وصحيح وقوي ومريح يرضي الجميع عن طريق الإعتراف بالواقع الثقافي والمدني والاجتماعي للجانبين وهي صمام الأمان وقارب النجاة والحل الامثل والمرحلي للخروج من هذا المأزق التاريخي وهذا العجز الكبير الذي نتخبط فيه الآن ..لان العدول الى الفيدرالية يجب ان يكون في الوقت الراهن أيسر وأهون بكثير جدا ً من محاولة توحيد دولتين متخاصمتين بينهما نعرات كبيرة وثارات مريرة فيمالا قدر الله و قرر الجنوبيون الانفصال إن لم يبقى امامهم اي خيار اخر غيرذلك !.. فأشد ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نقول فيه: يا ليتنا أخذنا بالنظام الإتحادي والحل الفيدرالي!.. فإذا كان اليوم في نظر البعض شرا فسيكون غدا أاخف الضررين وأهون الشرين!ولكن بعد فوات الاوان.. ويا ليت قومي يعلمون,,,
ان المطالبة بتحقيق النظام الفيدرالي في ظل دولة مابعد النظام الفاسد بمؤسساتها من اعلى الهرم الى السلطات الثلاث والدستور الواحد الذي يجب ان يعدل او يجدد قبل الاستفتاء عليه،لن تتوقف لانها تخدم الشعب اليمني في اجزاء الوطن المختلفة و ترسخ نظام يسهل اداء الخدمات التي ترتبط بحياة الناس اينما كانوا وحيثما وجدوا ، وهذه من اهم سمات هذا النظام، هذا ان لم تتطورهذه المطالب مع اي رفض قد يواجهها ..
وفي ضوء هذه المعطيات تأتي اهمية الاخذ بالنظام الفيدرالي في اليمن الجديد وباسرع الخطوات ضمانا لتثبيت اسس الدولة الجديدة والخروج من المآزق التي نشاهدها ونلمسها يوما بعد اخرومنذ وقت طويل،
افلا يجدر بنا دراسة موضوع الفيدرالية بعمق وجدية ومتابعة احوال الدول والشعوب التي تعيش في ظل هذا النظام المثالي ومقارنتها مع غيرها من الدول الاخرى التي تطبق الانظمة المركزية. ومحاولة الحكم بنظرة محايدة وموضوعية بعيدا عن الاهواء للوصول لمعرفة الحقيقة المجردة، وذلك دون نشر الفزاعات والمخاوف من أن الفيدرالية هي حالة انفصال للوطن وكأن المطاليبين بها ليسوا وطنين ولاتهمهم مصلحة اليمن بل وربما طلاب سلطة او منافع شخصية والامر ليس كذلك فالمطالبون بالفيدرالية هم الوطنيون الحقيقيون الذين ناضلوا وقاوموا طغيان صالح ونظامه ولم تحتويهم حبائل النظام المنهار بمغرياته التي سقط فيها الكثير من ضعاف النفوس وهم المتنورين والمثقفين من ابنا الشعب في الجنوب والشمال وقادة الفكر فيه ..
ان تطوير صيغة المطالب الحالية بالفيدرالية الى صيغة الاستقلال والانفصال مرهونة بموقف احد الطرفين منها ومن المبادرة الخليجية ان لم تجد طريقها للنجاح وانزلقت البلاد إثر ذلك الى اتون الفوضى والحروب الاهلية في الشمال على وجه التحديد فإن العامل الخارجي/ الموضوعي وغير الموضوعي، المتمثل بمدى تأثير الموقف الاقليمي للبلدان الخليجية ، وكذلك تأثير البلدان العربية، على القضية الجنوبية والاعتراف بها كقضية سياسية، يجب حلها بشكل يضمن حق تقرير المصير. والعامل الدولي ، ويتمثل في موقف تلك الدول ممن لها مصالح اقتصادية وجيوسياسية في الجزيرة العربية وباب المندب والسواحل الجنوبية بشكل عام ، وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها من القضية الجنوبية في المنطقة والتعامل معها بشكل يضمن لها المحافظة على هذه المصالح . في الوقت الذي نجد ان النظرة الدولية الى القضية الجنوبية، لاتزال حتى الان نظرة انسانية وليست سياسية وموقفها من قضية اقرار حق تقرير المصير للشعب الجنوبي بما في ذلك الانفصال مازال مرتبطا بنجاح او فشل المبادرة الخليجية التي قوبلت بمباركة اقليمية وعربية ودولية لانظير لها .
إن التجربة التي عاشها الشعب اليمني منذ اعلان الوحدة الاندماجية بين شطريه والى اليوم أثبتت فشل الدولة المركزية في تحقيق الأمن والحرية والرخاء للمواطن ، بل على العكس ساهمت هذه الدولة في زرع الفتن الطائفية و الوطنية والسياسية والمذهبية والقبلية والاجتماعية وزادت من توسيع الشرخ السياسي والاجتماعي الموجودليس فقط بين الجنوب والشمال بل وبين اطراف سياسية ومناطقية وجهوية ومذهبية متعددة وأصبحت الهوية والقبلية تلعب دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع وتقلص دور الحركات المدنية التي تحمل برامجا وطنية للتغيير،كما ان اغلب المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي نعاني منها اليوم ظهرت بوادرها مع تحقيق الوحدة الاندماجية بين الشطرين..
والعالم الان يتجه الى التمكين والى اللامركزية المجتمعية والى الحكم المحلى ، وهى فيدراليات بتسميات واساليب مختلفة ،ولكنهااساليب علمية وفنية وليست عقائدية او تعبويه كما يعتقد البعض ، بل هى اساليب ونظام يغلب عليها الجانب الفنى المهنى ، خصوصا فى المجالات الادارية والقانونية ،
ومن ناحية اخرى ، عمليا ما الذى يناسب اليمن غيرنظام الحكم الفيدرالي ؟، وما الذى يحقق التنمية ويحقق العدالة فى توزيع المنافع والثروات ، ما الذى يحقق الحد من الفساد ، والحد الادنى من الاحتقان والحفاظ على الترابط الاجتماعي والسياسي بين الكيانات الوطنية للشعب ، انها ظروف موضوعية هى التى تجعلك تتجه الى النظام الفيدرالى او المركزي ، واريد ان اوضح هنا ان الاصل هو المركزية ثم تطورت الى اللامركزية وهى تبقى فيها درجة من المركزية ولكن الفيدرالية هى نظام لنقل وتوزيع حقيقى للسلطات ، والفيدرالية لا علاقة لها بالدين ولا بالايدلوجيات وغيرها انما هى نظام سياسى ادارى فيه تفويض حقيقى للاختصاصات التقريرية والتنفيذية ، وللاسف يوجد قصور فى فهم هذه الانظمة من الناحية العملية ، نتيجه التاثير بثقافة النظام السابق ، من حيث التعبئة القبلية التى عمل على نشرها وتاثر بها الكثير،
إن ما يحملنا على القول بنظام القيدرالية ما نلاحظه بوضوح من ظروف سياسية واجتماعية ومعيشية سيئة تدفع إلى الاخذ بالنظام الفيدرالي، الذي تسعى إليه الأحزاب والتيارات السياسية والجماهيرية والوطنية في الشمال والجنوب وفي كل جهات الوطن ، بهدف التخلص من الإستبداد والتسلط السياسي، وإلغاء العنصرية القبلية والمذهبية و السياسية، التي قد تهدد وحدة اليمن ووحدة شعبه، فالطريق الأمن والسليم إنما يكمن في (إشراك) جميع اليمنيين في الحكم والإدارة لضمان وحدة الشعب اليمني، بإشراف ورقابة الدولة والسلطة المركزية، وفي حدود نظام دستوري يعين ويحدد صلاحيات كل من المركز (العاصمة) والاقليم او الحكومة المحلية، ويقوم على أساس العدل، والديمقراطية، وتكافؤ الفرص، وبالشورى والرقابة، لتحقيق أهداف الشعب في البناء والإعمار، والأمن والإزدهار الإجتماعي واقامة صرح الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع اليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.