عجيب زمننا هذا,وعجيبة تقلباته,لا يستقر على قرار, ولا يهدأ له بال..بات الصواب فيه الخطأ وبات الخطأ هو عين الصواب,يناصره الكل الخطأ ويؤازرونه ويقفون بجانبه وينصرون صاحبه,وخذل الحق والصواب الكثير منا..إن قلت كلمة حق فستثور الدنيا ضدك وأن صمت فقد كسبت ود وحب ذلك الذي حاد عن الصواب وأتخذ من الحيلة والتباهي والاعتزاز بالإثم والخطأ منهاج وطريق يسير فيه إلى غاياته وأهداف ومآربه حتى وأن تنافت مع مبادئ الحقيقة وفطرة الإنسان السليمة الصادقة التي أنسلخ منها الكثير من البشر..عجبا لهؤلاء الذين يمارون ويخادعون أنفسهم ويضنون غير الذي يعيشون ويراه الآخرون,فيستمرون في غيهم وتكبرهم وعنجهيتهم وتعاليهم ويرفضون كل من ينصحهم ويحاول أن يصحح اعوجاجهم ويسند انكسار ظهورهم الذي لا يشعرون به.. عجبا لهؤلاء الذين جعلوا من كلمة الحق باطل أقاموا فيها الدنيا ولم يقعدوها ضد من قال في وجوههم أنتم مخطئون ومضلون وبعيدون كل البعد عن جادة الصواب,وأنتم على شاف جرف هار ربما ينهار بكم بين الفينة والأخرى إن لم تعدوا لما كنتم عليه وإلى طريق الصواب والصلاح والاستقامة والثبات ومراجعة الذات التي تهوى السمو والتعالي والتباهي والتفاخر وتتناسى في خضم زهوه الصواب والصلاح والإستقرار والحق,فلا ترى في الآخرين إلا اناس مخطئون ضالون مضلون جاهلون لا يدركون عواقب الأمور وعظائمها..بينما هو الذين ضلوا السبيل وغرتهم الحياة الدنيا وغرهم ذلك البهاء والزخرف الذين تزينه أنفسهم الأمارة بالسوء..
عجبا لمن يريد من الآخرين أن يحابوه ويداهنونه ويلمعونه ويبجلونه حتى وان كان لا يستحق ذلك وبينه وبين الصواب والصلاح بون شاسع وبعد المشرقين والمغربين,ولكن النفس حينما تعتاد على تبجيل الأخرين لها ورفع قدرها ومكانتها فإن كلمة الحق ومجابهتها بالواقع يكون لها وقع مؤثر فيها,ولذا لا ترضخ له ولا تقبل به وتحب أن تظل في أعين الناس بذات البريق واللمعان والسحر ولن تقبل بغير ذلك بديل..عجبا لمن يقلب الحقائق ويعكسها ويفهمها بعقليته ومن النظر المجرد من التفحص والسطحي لها دون أن يغوص بين سطورها وجنباتها ويتعمق في مدلولها ومعانيها وماترمي إليه وماتحمله بين طياتها وإلى ماتهدف وما الدافع الحقيقي منها,ليستشف الخير والصلاح والفائدة منها,بعيدا عن التعالي وعدم إحترام رأي الآخر والأخذ به وأعتباره عداء وحرب وبغض وحقد وكره..