شكلت التحالفات القبيلة نقاط القوة الضاربة لشعب الجنوب في عدد من المراحل التاريخية ضد الغزاة سواء من الجيران أو القادمين من وراء البحار ، وهنا نتناول حقبة تاريخية مهمة وهي فترة حكم الدولة القاسمية والتي احتلت فيها الجنوب ابتداءً من احتلال العاصمة عدن سنة 1054 ه على يد احمد ابن الحسن الملقب سيل الليل والذي أجارته عدن وحاكمها الأمير حسين بن عبدالقادر السليماني وذلك بعد أن فر ابن الحسن من عمه اسماعيل ابن القاسم ، وكان رده للجميل أن غزا عدن واستباحها سلباً ونهباً ، وما حدث من احتلال لمناطق يافع سنة 1065 ه وتواصل الاحتلال لباقي مناطق الجنوب حتى حضرموت والمهرة وظفار الحبوظي حتى سنة 1069 ه . وما شهدته تلك المناطق من ثورات باءت بالفشل ضد الاحتلال القاسمي كشفت مدى ضعف الثورات المنفردة للقبائل الجنوبية ضد جيوش القاسميين ، عرفت خلالها - قبائل الجنوب - أنه لايمكن لقبيلة وحدها الانتصار على الجيش القاسمي ، لذلك استمر النضال على جبهة توحيد القبائل لسنوات عديدة قبل القيام بالنضال المسلح . ونأخذ هنا قبائل يافع مثالاً ، فبعد الاحتلال القاسمي ليافع سنة 1065 ه ، قامت الثورة الأولى ليافع بعد عامين فقط أي سنة 1067 ه ، ولكنها فشلت في إخراج القاسميين من يافع ، ليدرك أبناء يافع أهمية توحدهم جميعاً قبل القيام بالثورة ، واستمرت عمليات التوحيد ولمّ الشمل حتى سنة 1092 ه لتنتفض قبائل يافع متوحدة لتضرب بيد من حديد كل المواقع العسكرية القاسمية في يافع وتبدأ بمطاردة فلول القسميين خارج يافع ، وعلى الرغم من توحدهم تحت لواء سلاطين يافع وأبرزهم السلطان سيف بن قحطان بن معوضة العفيفي المعروف بسيف الحنيفة إلا أن الأميرة نور العفيفي كانت الملهمة الأساسية لكل أبناء يافع في معاركهم الشرسة ضد الغزاة والتي كانت الأميرة نور على رأس الكثير منها قبل أن تسقط شهيدة على يد القاسميين. وعندما رأت باقي قبائل الجنوب ما فعله توحد قبائل يافع من نصر مبين ، سارعت إلى عقد التحالفات مع يافع وبشكل خاص في جبل العر التاريخي حيث قدمت وفود القبائل الجنوبية من الشرق والغرب لتوقع معاهدات التوحيد فيما بينها وتحقق النصر المبين في حرب ضروس ضد القاسميين لتكلل بتحرير الجنوب ، استلهمت البطولات فيها من بطولة امرأة يافعية حفرت اسمها في جدران التاريخ الجنوبي ، امرأة أميرة اسمها نور العفيفي. واليوم نرى أن يافع وباقي مناطق الجنوب تمر بنفس المخاض الذي مرت فيه الجنوب قبل نحو أربعة قرون ، ونرى فيهم جميعاً بطولة وشجاعة سيف الحنيفة القائل : إن الإمام اقديه لو كان اعوج وأرض ما بيني وبينه نصفين
ولم يبقَ لنا إلا الملهمة نور العفيفي ، فهل نرى الأميرة نور العفيفي في قادم الأيام القريب؟