(يا جنوبي علّي الصوت استقلال والا الموت) و (لا تفاوض لا حوار نحن أصحاب القرار) بهذه الكلمات وغيرها من الهتافات والشعارات الثورية الجنوبية وبحشد مليوني غير مسبوق تخطى كافة العقبات والعراقيل الأمنية التي حاولت قوى النفوذ في صنعاء وضعها للحيلولة دون تجمعهم أعلن شعب الجنوب ومن قلب الجنوب النابض وعاصمته الأبدية عدن ومن ساحة المكلا بحضرموت رفضه الكامل والمطلق لمؤتمر الحوار الوطني الذي جاءت هذه الفعاليات متزامنة مع انطلاق جلسات أعماله في العاصمة اليمنية صنعاء . وكالعادة لبت جماهير الجنوب نداء الواجب وجاءت من كل حدب وصوب جاءت زرافات ووحدانا من المهرة وشبوة وحضرموت وأبين ولحج والضالع من الريف والحضر جاءوا إلى العاصمة عدن غير عابئين بمشاق السفر ووعثائه , جاءوا بصدورهم العارية ليواجهوا بها رصاص الموت التي سبق وأن حصدت أرواح العشرات من إخوانهم خلال الفعاليات السابقة في رحلة وفعالية الوفاء لأولئك الشهداء الذين سقطوا في ساحتي المعلا وخور مكسر .
هاهو شعب الجنوب اليوم يزأر وللمرة الخامسة بروح يملؤها الايمان والثقة في صعيد واحد وبصوت واحد من عاصمة الجنوب والسلام عدن زئير " القرار قرارنا " ليخاطب ويناشد العالم بلغة السلم والسلام الوقوف معه لفك اسره والاعتراف بهويته وإعادة كرامته وسيادته بعد سنوات من الصبر والمعاناة والعذاب الاليم الذي تجرعه بفعل (...) غاشم وتدميري لم يشهد له التاريخ مثيل ، وهاهو شعب الجنوب اليوم من عدن يبعث رسائله الحضارية اللطيفة والمتتالية رافضاً مشاريع أنصاف الحلول وحديث الباطل المتلبس بثوب الحوار الوطني المليء بنجاسة النية وضلال الطريق الصحيح .
وعلى مسرح ساحة العروض بخور مكسر بعدن وفي ليل جنوبي بامتياز وبحشد مليوني غير مسبوق فاق كل التصورات وكسب كل الرهانات عزف أكثر من مليون ونصف المليون من الجنوبيون سيمفونية البقاء والخلود وبإتقان لايقارن نسجوا خلالها خيوط فجر غدهم المنتصر ,لاشيء يشبه مساء الجنوب في تلك الليلة.. فرح وبهجة واصرار على الانتصار ,وجوه معفرة بالتراب لكنها شامخة ..منهكة من اعباء الحياة لكن رؤؤسها منتصبة تعانق السماء , وحدهم هؤلاء لا سواهم من يكتبون تاريخ وطنهم ..لانهم هم الأنقى من أدران السياسة وأمراضها ,ولهؤلاء وحدهم لا لتجار السياسة الكلمة الفصل التي ينبغي ان يصغي اليها الكون.
أكثر من مليون ونصف المليون وفق تقديرات محلية قياساً على مليونيات سابقة احتشدوا في ساحة العروض بالعاصمة الجنوبية عدن يوم الاثنين تلبية للدعوة التي وجهتها قوى الثورة الجنوبية السلمية لمطالبة المجتمع الدولي بترتيب حوار بين الجنوب والشمال وفق مبادرة خاصة ومع اشتراط الندية بين الطرفين, ولرفض الدخول في حوار مبني على مبادرة لتقاسم السلطة بين أطراف النزاع في صنعاء .
ومنذ مساء السبت توافدت الجماهير الجنوبية إلى ساحات عدن, وأقيمت يوم الأحد احتفالية كبرى في شارع "مدرم" بالمعلا عشية مليونية "القرار قرارنا". ويشير اسم المليونية إلى أن "شعب الجنوب هو صاحب القرار في قضيته", وتسعى أطراف داخلية وخارجية لفرض ممثلين عن الجنوب من داخل البرلمان المنحل ومن خارجه بعد رفض فصائل الحراك السلمي الجنوبي المشاركة في المؤتمر الذي يستمر ستة أشهر وخصصت له مبالغ ضخمة. وفي منصة الاحتفالات ارتفعت صور الرئيس الجنوبي "علي سالم البيض" في إشارة للتأكيد على التمسك به وإدانة بيان صادر من مجلس الأمن أشار إليه, كما رفعت أعلام الجنوب, وصور شهداء الثورة الجنوبية السلمية. وفي الحفل الذي أدار فقراته الناشط الشاب "مؤمن السقاف" ألقيت كلمات وقصائد شعرية, وكلمات لعدد من النشطاء, بينها كلمة للقيادي الشاب "عبدالرؤوف حسن زين" نيابة عن الشباب قال فيها أنه يجب على العالم أجمع أن يعلم أن ما يحدث في الجنوب ليس قضية تتسول من مكتب إلى آخر وإنما هي ثورة شعب يرفض الاحتلال الغاشم على أرضه وقد قال كلمته بأكثر من 5 مليونيات حاشدة بالعاصمة عدن ومختلف محافظات الجنوب".. مضيفاً "يجب أن يعلم العالم أجمع أن شعب الجنوب هو صاحب هذا الجزء الهام من هذا العالم وأن هذه الأرض لا يمكن أن تكون في وضع استقرار مالم يكن هناك حل دائم وفق ما يريده شعب الجنوب صاحب الأرض, وليس وفق ما تريده أطراف أخرى .. أياً كانت هذه الأطراف".. وألقيت كلمة للقيادي الشاب "عبد الرحيم العولقي" عن الأسرى والمعتقلين" أكد فيها ثبات المعتقلين في الزنازين, وثبات الجنوبيين على العهد خارج الزنازين والتمسك بتحرير واستقلال الجنوب. وعبر الهاتف ألقى الرئيس الجنوبي "علي سالم البيض" كلمة أشاد فيها بشعب الجنوب وصلابته مجدداً العهد بالمضي على نهج الشهداء. وألقى مطرب الثورة "عبود خواجة" كلمة في الحاضرين. وكانت عدد من قيادات ونشطاء الثورة الجنوبية قد تناوبت على إلقاء كلمات منذ الصباح وألقى المناضل "حسن باعوم" كلمة في العصر, وانتشرت في أطراف الساحة تجمعات خلال الصباح والظهيرة لشعراء شعبيين ألقوا قصائداً شعرية نالت استحسان المتابعين. وقام مشاركون في الاحتفال بطلاء أجسادهم بألوان علم الجنوب, كما قاموا برسم العلم على وجوههم. وخلال تأدية الأغاني شاركت فرق شعبية في الرقص وقرع الطبول. وشهدت الفعالية حضوراً نسوياً قوياً. وقامت مروحية بالتحليق فوق المتظاهرين لأسباب غير معروفة.
- في ساحة العروض بخور مكسر رسم الجنوبيين لوحات بديعة جسدت معنى التصالح والتسامح الحقيقي وعبرت عن مدى الترابط الوثيق بين أبناء الجنوب كما جسدت مدى الإصرار في التمسك بمطلب التحرير والاستقلال ورفض أي مشاريع تنتقص من حقهم في استعادة دولتهم , صور ومشاهد رصدتها عدسة الأمناء وعدد من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأبناء الجنوب كيف افترشوا ساحة العروض وقضوا فيها ليلتهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء , يقتاتون كسرة خبز جافة يتقاسمونها فيما بينهم , لم يبيتوا ليلتهم في فنادق ال(5) نجوم ولم يتناولون طعامهم في المطاعم الفاخرة , جاءوا بعد استدان البعض منهم على حساب قوت أولاده , لم يتلقون دعما إيرانيا ولا صالحيا ولا يحزنون , كما جسد أبناء محافظة عدن على وجه الخصوص مدى الترابط والتلاحم والشعور الأخوي الصادق النابع من شعورهم تجاه إخوتهم من أبناء الجنوب حيث جسد أبناء عدن ذالك من خلال حرصهم على الإسهام بتقديم وجبات الغذاء والعشاء للمشاركين في الفعالية رغم ظروفهم المعيشية الصعبة كما كان للنساء الدور البارز في هذا العمل الإنساني المعبر عن الأصالة والكرم .
- ولفلذات الأكباد إيضا حضور : هناك اناس يحتفلون بطريقتهم الخاصة البريئة وباسلوبهم الجميل وباصواتهم الصغيرة الناعمة ، انهم فلذات الاكباد ، كانوا منتشرين هنا وهناك على طول ساحة الحرية تغشاهم الابتسامة ،ويشع الفرح على محياهم الجميل ،ولسان حالهم يقول للحشود : اننا هنا نشارك ونساهم بطريقتنا البريئة لنعطي لفعاليتكم ايها الكبار رونق وجمال على جمال ،
ومما ينبغي الإشارة أليه في هذا التقرير هو أن المشاركين في هذا الحشد المليوني الذي شهدته مدينة عدن لم يتسببوا بكسر شجرة ولا عمود إنارة ولم تسفك قطرة دم في الساحة الأمر الذي يؤكد سلمية الحراك الجنوبي ودحض كل الإدعاءات التي تروج لها بعض وسائل الإعلام المعادية للحراك , كما ينبغي الإشارة إلى ثلاثة أشخاص قد جرحوا برصاص قوات الجيش في إحدى النقاط العسكرية في عقان وسائلة بلة كما جُرح آخرون في المكلا وسيئون وشحير واستشهد شاب في مدينة تريم برصاص قوات الجيش التي حاولت فض اعتصام بقوة السلاح .
مسك الختام
مسك ختام فعاليات مليونية (القرار قرارنا) كان بالبيان الصادر عن مكونات الحراك الجنوبي والذي أكد على مايلي :
1- ان شعب الجنوب قد حسم خياره مضرجا بالدماء الزكية وهو اليوم يجدد تمسكه المطلق بهدف ثورته السلمية التحررية ، أي هدف التحرير والاستقلال واستعادة دولته وسيادتها على كامل ترابها الوطني.
2- ان شعب الجنوب الأبي يتمسك بموقفة السياسي الواعي الرافض المشاركة فيما يسمى ب(مؤتمر الحوار الوطني ) كونه فخا سياسيا يستهدف إسقاط قضيته الوطنية ، وانه سيواصل ثورته السلمية التحررية حتى يفرض تفاوضا ندياً بين دولتين تحت رعاية إقليمية ودولية ، تفاوض على إزالة الاحتلال والإقرار بحق شعبنا في التحرير والاستقلال والسيادة على ترابه الوطني .
3- ان شعب الجنوب بقوى ومكونات ثورته السلمية التحررية ينبه إلى أن أي جنوبي يذهب الى حوار الاحتلال ، فانه إنما يمثل نفسه ، وانه لا ينتمي للإرادة الشعبية الجنوبية ولا إلى ثورته السلمية التحررية ، وليس ذلك بقادر على تزوير إرادة شعبنا الأبية، كما يتوهم الاحتلال، انه بعملية الاستنساخ وشراء الذمم أو بالمنتمين إلى أحزاب صنعاء سيلغي إرادة شعبنا الثائر، غير القابلة للانكسار.
أيها المناضلون الأحرار:
أن كل اشكال الحصار الإعلامي والسياسي واستخدام الاحتلال للقوة المفرطة وارتكابه الجرائم ضد الإنسانية بحق شعبنا وإدراج اسم الرئيس / علي سالم البيض في بيان مجلس الأمن الدولي ومحاولات الالتفاف المختلفة على ثورتنا ، ان كل ما سلف ليس سوى ضغوط يراد من ورائها إضعاف موقف شعبنا الأبي ، الذي غدا أكثر وعيا وإدراكا بقضيته وأكثر إيماناً بانتصارها وبالتالي استدراجه إلى فخ ما يسمى (الحوار الوطني ) لكن شعبنا اليوم ومن هذه الساحة وبصوت مليوني اخر يقول : كلا وألف لا لفخ إسقاط قضيته الوطنية العادلة وكلا وألف لا للمشاريع السياسية المنتقصة من حقه في التحرير والاستقلال والسيادة على أرضه .
ومما لاشك فيه بان الضغوط التي تمارس على شعبنا وثورته سوف تتواصل في فترة حوار الاحتلال ، لكن شعبنا يدرك بان المنظمة الأممية ومجلس أمنها ،لم ولن يتخذا قرارا على شعب ، فيتحولان إلى مشرعنيين للاحتلال واستعباد الشعوب وان المثابرة والصمود كفيلان بتفكيك أسباب الحصار والمواقف الإقليمية والدولية التي تحركها المصالح ليس إلا . فضلا عن ان مراكز النفوذ القبلي والعسكري والديني في الجمهورية العربية اليمنية لم ولن تقبل ببناء دولة ، ولو دام حوارهم سنوات ، بل ان حوارهم قد يعجل بانهيار سلطة الاحتلال المؤجل المفضي الى فوضى عارمة.
ايها المناضلون الكرام
ان شعبنا ومن ساحة الثورة الجنوبية المتواصلة يتوجه الى السيد جمال بن عمر والدول الراعية للمبادرة الخليجية برسالة موجزة تتمحور في :
1- ان أي مساعي من قبلكم تلغي إرادة شعب الجنوب في خياراته المعلنة، لن تكون غير إهدار للجهد والوقت معاً ،لان الشعب – لا الأفراد- هو صاحب القرار.
2- إن تنظيم لقاءات جنوبية في الخارج على غرار اللقاءات السابقة، سوف تكون نتائجها كسابقاتها، اذ ان أي حوار جنوبي ينبغي ان ينطلق من ارادة الشعب وتطلعاته وان يأخذ بالحسبان قوى الثورة الشعبية الجنوبية الفاعلة في ساحات النضال وأن يكون أي حوار بين قوى الثورة الجنوبية التحررية في الداخل.
3- يؤكد لكم شعب الجنوب ان إرادته لن تنكسر وان لا أمن ولا استقرار في هذا الجزء من العالم مالم ينال حقه الشرعي والعادل في تحرير أرضه واستعادة دولته ليعيش بعزة وكرامة كباقي شعوب الارض.
4- يستغرب شعب الجنوب الصمت المريب من قبل المنظمة الدولية ولاسيما مجلس الأمن الدولي إزاء جرائم الاحتلال ضد الإنسانية بحق أبناءه الثائرين سلميا، إذا يمثل ذلك بنظر شعب الجنوب تسترا على تلك الجرائم وممارسة المعايير المزدوجة في النظر الى ما يتعرض له على غرار التعاطي مع جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الشقيق .
5- ان تجاهلكم لحقيقة أن القضية الوطنية الجنوبية هي قضية دولة تحت الاحتلال يجعلكم غير موفقين في وصف العلاج لقضية شعبنا، إذ لا حل لها خارج هذه الحقيقة.
إيها المناضلون الكرام:
اننا اذا ندين جرائم الاحتلال الهمجي وسعار القتل والسفك الذي تجلى في حربه غير المعلنة ضد شعبنا منذ 21 فبراير الماضي فان شعبنا يؤكد بان ذلك لن يثنيه عن مواصلة ثورته بوعي الثمن الذي علية ان يدفعه عرقا ودما وارواحا ، وفي الوقت ذاته نناشد المنظمات الاقليمية والدولية المعنية بحقوق الانسان وحرياته ان تقوم بواجبها الانساني لحماية شعبنا مما يتعرض له .
وليسمع العالم صرخة هذا الشعب الجبار من عاصمته السياسية (عدن ) الباسلة ان لا لا للمشاركة في فخ الحوار .
فالشعب الجبار هو صاحب القرار
وفي هذه المرحلة التي تمر بها ثورتنا فان اولى المهام الملحة امام قوى الثورة التحررية هي توحيد ارادتها وقيادتها وقرارها وحده ترتقي الى مصاف وحدة الشعب خلف هدفه الوطني النبيل وستكون (الجبهة الوطنية لتحرير واستقلال الجنوب ) نواة هذه الوحدة قريبا باذن الله .