البحسني يتهم العليميين بالتآمر على حضرموت ويهدد باتخاذ قرارات أحادية    المنتخبات المتأهلة إلى الملحق العالمي بتصفيات مونديال 2026    اتفاق المريخ هو الحل    الفصائل الفلسطينية ترفض الوصاية الأجنبية وتدعو الأمة ل صدّ القرار الأمريكي    مجلس الأمن وخفايا المرجعيات الثلاث: كيف يبقى الجنوب تحت الهيمنة    الكونغو الديمقراطية تصطاد نسور نيجيريا وتبلغ الملحق العالمي    اعتماد البطائق الشخصية المنتهية حتى 14 ديسمبر    وادي زبيد: الشريان الحيوي ومنارة الأوقاف (4)    رئيس النمسا يفضح أكاذيب حكومة اليمن حول تكاليف قمة المناخ    صنعت الإمارات من عدن 2015 والمكلا 2016 سردية للتاريخ    حذرت كل الأطراف الدولية والإقليمية من اتخاذ القرار ذريعة للإضرار بمصالح الجمهورية اليمنية..    الرئيس المشاط يُعزي الرئيس العراقي في وفاة شقيقه    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الماجستير للباحث النعماني من كلية التجارة بجامعة المستقبل    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    ايران: لا يوجد تخصيب لليورانيوم في الوقت الحالي    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    هزتان أرضيتان جنوب وغرب محافظة تعز    الكاتب والباحث والصحفي القدير الأستاذ علي سالم اليزيدي    بعد فشل المواجهات العسكرية أمام صمود اليمنيين.. الأجهزة الأمنية تطيح بأخطر المخططات التجسسية الأمريكية الإسرائيلية السعودية    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    خلال وقفات شعبية وجماهيرية .. أبناء اليمن يؤكدون: مساعي العدوان للنيل من الجبهة الداخلية باتت مكشوفة ومصيرها الفشل    النرويج تتأهل إلى المونديال    "الصراري" شموخ تنهشه الذئاب..!    مرض الفشل الكلوي (28)    أمن مأرب يعرض اعترافات خلايا حوثية ويكشف عملية نوعية جلبت مطلوبًا من قلب صنعاء    صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على جائزة الأفضل في افريقيا    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    البحسني يهدد باتخاذ قرارات أحادية لتطبيع الأوضاع في حضرموت ويتهم العليمي باستهداف المحافظة    طائرة البرق بتريم تتجاوز تاربة ينعش آماله في المنافسة في البطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    الشعيب وحالمين تطلقان حملة مجتمعية لتمويل طريق الشهيد الأنعمي    البرتغال إلى نهائيات «المونديال» للمرة السابعة توالياً باكتساحها أرمينيا    حكومة بريك تسجل 140 مشاركًا في مؤتمر البرازيل بينما الموظفون بلا رواتب    ضبط شحنة أدوية مهربة في نقطة مصنع الحديد غرب العاصمة عدن    رئيس تنفيذية انتقالي لحج يطلع على جهود مكتب الزراعة والري بالمحافظة    بلا رونالدو.. البرتغال "مبهرة" تنتصر 9-1 وتصل للمونديال    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    "العسل المجنون" في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    أفاعي الجمهورية    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان محمد مرشد ناجي: يسرد حكاية اغنية ..نشوان لاتفجعك خساسة الحنشان
نشر في عدن أون لاين يوم 16 - 10 - 2012


عدن أونلاين/متابعات
لايبدو مهماً انتقاء وصف متميز لتقديم حديث الذكريات هذا مع الفنان القدير محمد مرشد ناجي، فضيفنا غني عن أي تعريف أو وصف، فهو فنان متألق ومخضرم ذاع صيته وانتشر اسمه منذ خمسينيات القرن الماضي ليصل إلى مختلف مناطق الوطن اليمني وأقطار الجزيرة والخليج والوطن العربي ككل وحيثما يحل أو يرحل يجد له من عشاق فنه والمعجبين بصوته الشعبي ما يجعله يحاول إخفاء وجهه عن الحضور خشية أن يضبط أحدهم دمعة فرح خجلى تتدحرج من عينيه الواسعتين.
ولأن الحديث عن الفنان والشاعر والملحن المرشدي حديث ذو شجون ليس هنا متسع له فقد حاولنا اقتفاء بعض آثار حياته منذ الولادة وحتى زمن نشوان، معترفين بأن ما لم نأت به في هذا الحديث هو الشيء الأجزل في حياة فنان يشارف على عقده الثامن ومازال فيه من روح وإبداع الشباب ما يجعلنا نتمنى عليه أن يمنحنا من عطائه الفني وإبداعه الراقي ما يمنحنا أكبر التفاؤل بأننا مازلنا نحيا في وطن فيه من العباقرة ولو شخص واحد. وأجدر بالحكومة ممثلةً بوزارة الثقافة أن تلتفت إلى هذا العملاق والقامة الفنية السامقة الذي يعاني من المرض، وفاءً لدوره الوطني الفني الكبير. الميلاد يقول الفنان القدير محمد مرشد ناجي: أنا من مواليد 4 جمادى الآخرة 1348ه الموافق 6 نوفمبر 1929م في مدينة الشيخ عثمان من أم صومالية الأصل واسمها عورلاعبدي وفرعها الصومالي كما يقال عريق وأصيل، إذ إنها من قبيلة يقال إن جذورها عربية وتدعى مجيرتين .. لم تعلمنا أمي - أنا وإخوتي - اللغة الصومالية وكانت حتى إذا تحدث إليها نساء أو رجال من الصومال ترد عليهم بلغة مختلطة من العربية والصومالية، أما أبي فيعود إلى منطقة معافر “الشويفة” قال إنه ترك قريته هرباً من عذاب الإمامة وذلك في أثناء الحرب العظمى “1914 1918م”. ويستعرض المرشدي بدايته مع الغناء بالقول: بدأت من البيت متأثراً بأبي الذي كان يتمتع بصوت جميل ولا يمر يوم دون أن يغني بمهاجل القرية وغنائها الشعبي وظلت عادة الغناء اليومية ملازمة له حتى آخر عمره وقد وجدت نفسي مشدوداً إليه، اصغي إليه باهتمام، كما كان أخي الأكبر أحمد من أمي مولعاً بالعزف على آلة السمسمية ويكاد يكون الأول في العزف على هذه الآلة الشعبية. إلى جانب ذلك كنت استمع إلى الاسطوانات الشمعية لأغاني المطربين المحليين والعرب، فضلاً عن الحضور الدائم في حفلات الأعراس من الاستماع إلى المطربين الذين يحيون تلك الحفلات والتعرف على أشخاصهم. أما بداية ممارستي للغناء فقد كانت في المرحلة الابتدائية، حيث كان في مدرستنا استاذ لطيف وفنان هو الأستاذ أحمد حسن عبداللطيف الذي اكتشف حبي للغناء وشجعني على أداء الأناشيد والأغنية المحلية عندما كنت أزوره في البيت كما كنت أصعد مع بعض الزملاء منارة مسجد الهاشمي في كل يوم جمعة قبل الأذان لنؤدي التذكير وهي أناشيد دينية كان يطلقها الفتيان عادة من فوق منارات جميع المساجد في ذلك الوقت كلها صلوات وتسليمات على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبدأ هكذاً: الصلاة والسلام عليك ياسيدي يارسول الله وعليك صلى الله. وكانت أول مرة أغني فيها على مستوى عام هي عندما حضرت حفل عرس في شارعنا وتعالت الأصوات من الجيران الذين كانوا يسمعونني أغني وغنيت أغنية كانت تستهويني وقتذاك “ بن هرهرة قال سالت دمعتي من عيوني، ولكثرة حفلات الأعراس كانت الحال تتكرار إذا ما حضرت ويعزف لي المطرب لحن الأغنية بين اعجاب الحاضرين وتشجيعهم لي.. واستمر الحال كذلك إلى أن جمعتني الصدفة مع الصديق الشاعر المرحوم أدريس أحمد حنبلة الذي اقترح عليّّ الانضمام إلى ندوة الموسيقى العدنية التي كان هو عضواً فيها، وفي تلك الفترة كانت تلك الندوة حديث الصحافة المحلية لأسلوبي الغنائي المتجدد المسمى وقتها بالأغنية العدنية ومحاولتها الخروج بالأغنية من الجمود الذي اعتراها بعد وفاة القمندان في لحج. وفي يوم زياراتي للندوة غنيت من محفوظاتي بعض الأغاني المحلية والمصرية وتتابعت زياراتي لمقر الندوة في اللقاء الأسبوعي، ونتيجة لما لمست من الاهتمام من الندوة وعلى رأس الجميع الأستاذ الفنان خليل محمد خليل توطدت علاقتي مع الجميع كما كنت اقدم حينها عدداً من الأغاني في احتفالات نادي الشباب الثقافي اقدم خلالها الغناء المحلي القديم وأغاني خليل الجديدة والغناء المصري وهكذا.. مع التلحين ويستعيد المرشدي ذكرياته ويقول: لم يكن يخطر على بالي أن أجرب التلحين، لكن هذا الأمر أخذ يطرح علي وقد تكلم معي بهذا الشأن الصديق الشاعر المرحوم محمد سعيد جرادة وقال: أنا علي القصيدة وعليك اللحن، وكتب القصيدة في الحال وناولني إياها وكانت قصيدة “ وقفة” واعتبرت ذلك من الصديق الجرادة بمثابة تشجيع لصديق لا أكثر ولا أقل. ويضيف المرشدي: طبيعي أن البداية في التلحين بالشعر الفصيح أمر له صعوبته البالغة ولكن اعجابي بالقصيدة هزم التهيب في نفسي وظللت أياماً أعيش مطلع القصيدة إلى أن يتسلل مفتاح اللحن وأمضيت بعده شهراً حتى اتممتها وحينما أسمعتُ الإخوان اللحن في النادي وفي مقدمتهم الشاعر محمد سعيد جرادة استحسنوه ثم اتبعته بلحنين من شعر الجرادة أيضاً “هجرت وابعدتني، وشبابك ندي ريان” والأخيرة كتبها بالعافية بعد جهد مضنٍ معه. المرشدي في إذاعة عدن.. حيرة ما بعدها يعتبر الفنان القدير محمد مرشد ناجي أن شهرته الحقيقية بدأت بعد تسجيله لعدد من الأغاني في إذاعة عدن، ويشير أن الإذاعة التي تأسست في اغسطس 54م قد قررت في مستهل عام 55م دعوة المطربين لتسجيل أغانيهم، ويقول المرشدي: لم يكن في تقديري ان التسجيل للإذاعة سيدخلني في طور لم يكن في حسباني .. كانت المسألة في البداية من قبيل الهواية والترفيه سجلت وسجل غيري وكان مدير الإذاعة توفيق ايراني يضع أمامنا ساعة أثناء التسجيل ويقول سجل لمدة نصف ساعة والمقابل ثمانين شلناً وكنت أحتال عليه بتسجيل اغنيتين وبينهما تقاسيم لا معنى لها إلى جانب التكرار الممل لمقاطع الأغنية لكن الإذاعة كشيء جديد على الناس نالت أغانيها اعجابهم وما نالته هذه الأغاني من شهرة لدى المستمعين سجلتني كمطرب وطوقتني بمسئوليات ما كانت تخطر على البال.. واعتبرت أنني قد ضقت ذرعاً بهذا الوضع الجديد الذي أمسك بخناقي وأدخلني في مازق يصعب الفكاك منه، وقضية احتراف الغناء قضية مرفوضة من أساسها ولكن بعد شهرتي الواسعة من قبل الإذاعة وقعت في الممارسة الاحترافية، بدون مقابل، وإنما كنت أجهد نفسي دون طائل من أجل حب الناس ووقعت في حيرة ما بعدها حيرة. مع الأغنية الوطنية وإذا كانت إذاعة عدن قد وضعت الفنان المرشدي في حيرة ما بعدها حيرة لما منحته من شهرة ومعجبين وأجبرته على احتراف الغناء فإن منعطفاً فنياً آخر قد حدث أثر على نوعية الغناء الذي كان يؤديه.. وتمثل هذا المنعطف بقرار نادي الشباب الثقافي الذي كان عضواً فيه إقامة حفلة موسيقية تكون مدفوعة الدخول لمواجهة الضائقة المالية التي كان النادي يمر بها وذلك في مدينة الشيخ عثمان ويحيي هذه الحفلة الفنانين محمد مرشد ناجي وأحمد قاسم.. ويقول المرشدي: حاولت التخلص من هذه المهمة لكنهم اقنعوني بأسلوب تحريضي بضرورة دور الغناء في تدعيم المنظمات الوطنية.. ولم يدر بخلدي كما حدث مع الإذاعة أن هذه الحفلة ستدخلني في منعطف آخر مع الجماهير وفي منافسة فنية ومواقف لا نهاية لها وبنجاحها فتح الباب لحفلات فنية لا أول لها ولا آخر. ويتذكر المرشدي: وفي هذه الحفلة قدمت لأول مرة أغنية وطنية بعنوان “ياظالم” من كلمات الأستاذ المرحوم عبدالله هادي سبيت وكنت أول من دخل هذا الميدان، ميدان الأغنية الوطنية، ولم يكن في تصويري أنني بهذه المبادرة ادخل منعطفاً جديداً وأصبحت الجماهير تطلب مني نشيداً وطنياً في كل حفلة، كما كان يطلب مني ذلك في “المقايل” بسبب الزخم الوطني الذي كان سائداً في مستعمرة عدن. تمسك بالوطن كان الفنان الكبير محمد مرشد ناجي خلال حياته الفنية الحافلة واحداً من رواد الأغنية، واستطاع بما قدم من أعمال وطنية وعاطفية رائعة ان يأخذ بألباب الجماهير التي عشقت فنه بل وحفظت معظم أغانيه.. ورغم حالات الشد والجذب التي عاشها المرشدي في علاقاته مع صناع القرار السياسي في عدن عقب الاستقلال عن الحكم البريطاني إلا ان ما يحسب لهذا الفنان أنه ظل متمسكاً بوطنه رافضاً اغراءات عديدة عرضت عليه في عدد من دول الخليج بل إنه رفض اغراءات أخرى قدمت إليه في سبيل ان يحظى منه بعض زعامات المنطقة بأغاني مديح، وذلك لكونه يؤمن ان الفنان ينبغي ان يظل أسمى من رماد الفلوس. ويصعب الوقوف على عدد وأسماء الأغاني العاطفية والوطنية التي غناها المرشدي ونالت شهرة واسعة.. لكننا وفي معرض حديثنا عن هذا الفنان الشامخ اطال الله في عمره ارتأينا أن نكشف بعض أسرار أغنيته الشهيرة “نشوان” التي يبتهج لها البعض ويراها البعض الآخر مصدر حساسية. يقول المرشدي عن حكايته مع نشوان: في العام 79م بدأت مفارقات على حدود شطري الوطن واستمرت في التصاعد إلى درجة خطيرة، ودعيت في ليلة رمضانية إلى منزل الأخ علي ناصر محمد رئيس الوزراء وبحضور مجموعة من القيادات السياسية والشاعر الملحن حسين المحضار والفنان عبدالرحمن الحداد، قال الحاضرون: سمعنا أن لديك أغنية بعنوان "نشوان" نود سماعها وقلت: هذه أغنية رفضت كلماتها عام 77م من قبل القيادة، قالوا: نسمعها الليلة وفهمت واسمعتهم، فقال العميد علي أحمد ناصر عنتر: يا بن مرشد هذه الأغنية بمائة خطبة، وغداً تسجلها للإذاعة ولم يكن هناك أي ملاحظة على القصيدة لأن الحاضرين ما كانوا على علم بأسباب رفض القصيدة في العهد السابق سوى الرئيس سالمين وصاحبه عبدالفتاح إسماعيل. وأقول إن هذه القصيدة التي كتبها الشاعر سلطان الصريمي ووجدتها منشورة في أحد أعداد مجلة الحكمة كانت قصيدة جريئة في تناولها لقضايا الأرض وهموم الإنسان اليمني في المناطق الشمالية وتمجد ما يجري من تحولات اقتصادية ووطنية في المناطق الجنوبية، وقد قرأت هذه القصيدة على الشاعر القرشي عبدالرحيم سلام بعد أن اخترتها لتقديمها كأغنية تعالج قضية الإنسان اليمني بشكل عام بأسلوب “المرمزه” الشفافة فقال خيراً ما اخترت ثم أطلعته على نيتي في إضافة بيت هاجم السلطة في الجنوب.. وأقصد بذلك الرئيس سالمين وجماعته وليس القيادة السياسية التي ما كان لها حول ولا قوة في الحكم، فقال القرشي: افعل ما بدالك .. وحانت حفلات اكتوبر 77م وكان أول من عرضت عليه قصيدة نشوان الصديق طه غانم، فقال: أبو علي هذا غير معقول! وأثناء حديثنا أقبل رئيس لجنة الاحتفالات الأخ سالم باجميل وكان صديقاً للرئيس سالمين وسألني بعد أن قرأ مطالع القصيدة أتريد أن تقدم هذه القصيدة؟ قلت نعم وماذا فيها؟ قال وماذا تعني بالعصابة؟ قلت: لست ما أعني أنا وإنما الشاعر قال: سأريها “الشيبة” ويعني الرئيس سالمين والأمين العام عبدالفتاح اسماعيل لمعرفته باللهجة ورفضت القصيدة وألغيت مشاركتي في الحفل. المهم أنه بعد إجازة هذه الأغنية تم تسجيلها على العود عصر اليوم التالي ولم اندهش من ذكاء القيادة السياسية عندما ظلت الإذاعة تذيع إعلانات بين وقت وآخر من صبيحة اليوم الثاني تلفت انتباه المستمعين إلى إذاعة أغنية جديدة بعنوان نشوان في الخامسة بعد الظهر، الأمر الذي جعل المواطنين في الساحة اليمنية والجزيرة والاستريوهات في قمة الشوق لسماعها واذيعت الأغنية في موعدها.. ما أستطيع قوله أنها تعرضت إلى تحريم سماعها في المناطق الشمالية والجزيرة ولو سجلت إذاعة صنعاء الأغنية وقت إذاعتها من عدن لفسدت الأغنية وجعلت المستمع يفكر في كلمات الأغنية على أنها لا تهاجم صنعاء وحسب ولكن.. كما سرت إشاعة بعد ذلك بأن الشاعر سلطان الصريمي الذي كان وقتها يقيم في الحديدة قد رحل إلى صنعاء للاعتقال وهو ما يؤكد خطورة الأغنية الناجحة والتأثير الوارد فعاليته في الجماهير.. وقصيدة الشاعر سلطان الصريمي “نشوان” عندما نشرت في مجلة الحكمة اليمانية في عهد الرئيس الحمدي لم تنزعج منها الدوائر الحكومية المختصة لسبب بسيط هو أنها كانت خارج دائرة التأثير والفعل الجماهيري، ولكن عندما طارت على أجنحة نغم دخلت ضمن مكونات الذوق والإحساس الشعبي وهنا أحست الجهات المختصة بالخطورة وأعماها الغضب فلم تتفحص مضمون القصيدة ولا زمن كتابتها فداهمت الشاعر في مأمنه وهو لا يعلم من الأمر شيئاً. واختتم الحديث بالقول: إن الصدق الفني في أغنية نشوان في عناصرها الثلاثة أعطاها الانتشار الواسع ليس في اليمن فحسب وإنما الجزيرة وعموم الخليج العربي والمنظمات الوطنية العربية على الرغم من لهجتها الكلامية لمنطقة معافر اليمنية وما تحمله في طياتها من مفردات “مرمزة” قد يصعب فهمها حتى على البعض من أهل المنطقة نفسها، وأقول هذا الكلام لمن أتعبوا الشعر والغناء في البحث عن التمجيد الاجوف للإنجازات العادية
التي هي من صميم واجبات الدولة أو الفردية القيادية وأتعبوهما على الوجه الآخر في كتابة الملاحم الصغيرة والاوبريتات غير الدقيقة فنياً تحت دعاوي الأعمال الثورية والوطنية وصرفوا في سبيل ذلك مبالغ طائلة والناتج أن المواطن اليمني المقصود بكل هذه الأعمال، دعك عن غيره، لم يحس بها إطلاقاً لتجردها من الصدق في حياته السياسية والاجتماعية وبالتالي يأتي الخلق الفني باهتاً ولا يمتزج مع الوجدان الجماهيري. كما أن الفنان المرشدي كانت له صلته بالقيادات السياسية، فقد كان على صلة بعبدالفتاح اسماعيل الذي غنى له قصيدة “تاج النهار”. نشوان كلمات - د . سلطان الصريمي نشوان لا تفجَعَك خَسَاسَة الحِنْشَانْ ولا تُبَهِّر إذا ماتت غُصُون البان الموت يا بن التعاسة يخلُق الشُّجعان فكِّر بباكر ولا تبكِ على ما كان قطر العروق جاء يُسقِّي الورد يا نشوان حِسَّك تُصدِّق عجائب طاهِش الحَوبان ولا تُصَدِّق عِصابَة عمَّنا رَشوان أصحابها ضيّعونا كسّروا الميزان باعوا الأصابِع وخلّوا الجِسم للديدانْ وقطَّعوها على ما يشتهي الوزّان فكر بباكر ولا تبكِ على ماكان لكن دم الضحايا صانع الألحان لحّن لصنعاء نشيد الأرض والريحان ولاح برق المعنّى في جبل شمسان ينقُش على الصّخر والأحجار والعِيدان لكن زرع الحَنَش وحارس البُستان يشتي يركّب برأس الجمبية جعنان فكر بباكر ولا تبكِ على ماكان نشوان أنا فريسة المصالح ضحية الطبال والقوارح من يوم خُلِق سيف الحسَن وصالِح وانا وحيد في قريتي أشارح أبني المَكَاسِر وازرَع البراصِح والفائدة لِمَنْ مَسَبُّه فاتِح والويل لمن في سُوقِنا يُصارِح أو من بَجَش صِدقُه على الفَضَائِح نشوان كم في جعبتي نصائح وكم ورِم قلبي من الفضائح وكم شسامِح لو أنا شسامِح أوصيك لا تهرب ولا تمازح لا تفتجع من كثرة المرازح شُق الطَريق وظهِّر المَلامِح حتى تُعانِق صبحنا تصافح وينتهي الإرهاب والمذابِح نشوان سامح من جِنِن وهَسّتَر ومن رِدِع عَرض الجِدار وفكّر ولا تُسَامِح من رقًد وفسّرْ أو الذي من عَومَتُه تِكَسَّر أما الذي عِند المصيبة يفتَر وبالنفَس يَهدِر هَدِير عَنتَر يحتاج تلقينه دُروس ومَعشَر فهو من الحِنشانِ بَلْ هو أخطَر
(نقلا عن الجمهورية )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.