يتغنى كثيرون بحب الجنوب، الوطن، الانتماء، حبهم هذا أدخلهم في خانة المحظور، إذ جعلهم هم الجنوب وأهله ومن يدافعون عنه، وأقصوا غيرهم من مشاركتهم الحب، والتغني بوطنهم المسلوب، الساعي لاستعادة كرامته وعنفوانه واستقلاله، هل يعد هذا مرضاً نرجسياً بغيضاً أم تنقيصاً في حق الآخرين؟!!. بعد مؤتمر القاهرة_ المتبني فكرة الفيدرالية بين الشمال والجنوب_ هاجت تلك العقليات، وماجت، ومسحت بكرامة الذاهبين إلى هناك الأرض، واعتبروهم مجرد (خونة) و(أنذال)!! هكذا سمعت بكل أسف!. الانكى من كل ذلك عندما تسمع قيادي (مخضرم) _هكذا يظن نفسه_ يقول: "ليت الطائرة التي أقلتهم إلى القاهرة ذهبت بهم إلى ماوراء البحااااااار.." !!. هل سينتصر الجنوب بهكذا تفكير عقيم، وبسلوكيات كهذه؟!!. أعطيكم نكتة..قال لي (زعيم) حراكي في إحدى المحافظات إنه يتواصل مع عمار محمد عبدالله صالح وكيل جهاز الأمن القومي، وهو صديقه، لكن هذا الزعيم الجنوبي يرفض الحوار مع تيار الفيدرالية، بل يخرجهم من الدين والملة!!. أنا لا دافع عن أحد بقدر ما يؤلمني حال الجنوب المائل، لن تنتصر قضيته العادلة، ولن يقف في وجه تيار الأعداء، إلا بمزيد من رص الصفوف، والتخندق بخندق الجنوب بكل أطيافه وألوانه، أما حكاية التخوين والعمالة فهي اسطوانة مشروخة، تشرخ الجدار، وتقصم الظهر، وتكسر عصا الألفة بين الأخوة، متى سيسمو تفكيرنا؟ متى سنتقبل كجنوبيين الأخر؟! لمصلحة من هذه الخلافات والانقسامات السامة؟!!. يدرك الجنوبيون قبل غيرهم أن ثورتهم على الباطل الجاثم على الصدر الجنوبي منذ حرب94م، محاطة بكثير من الأخطار، داخلية وخارجية، إذ يتخندق (الشماليون) معاً ضد فكرة الانفصال، وهناك عدم رضاء دولي لذلك المشروع، خاصة في ظل الظروف الراهنة، وما تشهده من تعقيدات وتشظيات، لا تخدم المصالح الإقليمية والدولية، ومع هذا يبقى التناحر اللفظي، وسياسة الإقصاء والتهميش، هي عنوان المرحلة الجنوبية، إن لم تكن معي فأنت ضدي. فكيف سيتم تحقيق النصر والأخوة أعداء؟!!. بالعودة إلى نتائج حرب 94 المدمّرة، نقول إنها طالت الشارع الجنوبي كله، وأدخلت الحزن والكمد إلى كل بيت، حتى أولئك (المتمصلحون) أجزم إن ضمائرهم تعذبهم، النتائج مؤلمة، الفتوى لم تستثن أحد، الوطن نهب، الأرض والثروة اغتصبتا، الكوادر أجبرت على التقاعد، التاريخ والجغرافيا أخذوهما على حين غرة، لم يبقوا إلا صمود الرجال البواسل وحبهم لوطنهم المسلوب، وتوقهم لإعادة كتابة التاريخ بماء الذهب، والانتصار للجنوب أرضاً وإنساناً، هنا العزة، هنا الحب، هنا الجنوب. كلمة لوجه الله أقولها لكل غيور على التراب الجنوبي: "الجنوب ملكنا جميعاً، حبنا، ملاذنا، مصيرنا، هو العقل، القلب، الكبد، هو أمانة في أعناق الأحرار، فلا تخذلوه بخلافاتكم، وحواركم البيزنطي العقيم، افتحوا قلوبكم لبعضكم البعض، اجلسوا على طاولة الحوار المستديرة، أكبروا وكابروا فوق الجراح، وليكن الجنوب عنواننا الأوحد مهما تعددت الرؤى، واختلفت الشعارات.. وتخوين الجنوبي _ الجنوبي حرام..".