لأنها ايماضة اولى في حلكة الليل الدامس،لأنها احدى بشائر ثورة الجياع والمبشر بزوال جحافل الفيد وصناع الخراب والضياع،لأنها الواحة الأوسع للفكر المؤتلق،ورئة الوطنيين الأحرار وساحة حرية التعبير والرأي والرأي الآخر.لأنها النجاح والتميز الذي أغاض أعداء النجاح.لأنها عمق التاريخ وعنوان الهوية الوطنية.لأنها هكذا وأكثر وأبعد تحملت الجور الافضع من غطرسة صناع الفساد وتنكيل الاستبداد،خصت بالحقد الافجع والدمار الأبشع.حام حولها لسنين طوال أساطين الخراب ومصاصو الدماء،لا لقمعها فحسب كما فعلوا بصحف عديدة وإنما لخنقها واستئصال وجودها،لا بمسوغ قانوني وإنما بقانون القوة ولغة القنابل وقاذفات الصواريخ،وليت هكذا قمع اقتصر على ((الأيام)) الصحيفة خطابا ورمزا ونجاحا فحسب.وإنما تعداه إلى ما هو افضع في أسلوب تصفية الحسابات الممنهجة التي يتبعها النظام مع كل من يعارض سياساته الخرقاء، وهو الأسلوب الذي نرى نتائجه وفضائحه اليوم. في الذكرى الثانية للعدوان العسكري عليها في الذاكرة ثمة سؤال ما يزال حائرا،هل كان مسلسل القضاء على صحيفة عريقة بحجم ((الأيام)) ردا انفعاليا؟أم تتويجا لمخطط قذر نفذ بوسائل دنيئة؟ هل كان وليد لحظة،أو بمعزل عن خطايا النظام في الجنوب منذ اجتياحه في 7يوليو94م،وهي الخطايا التي تمتد تداعياتها اليوم إلى جسد الوطن برمته؟هل كان هذا الحقد بمعزل عن سياسة النظام الممنهجة في الجنوب؟ لاسيما وان المخطط مدروس بدقة في أساليبه وأدواته وتزامن مع جهر الجنوبيون بمطالبهم الحقوقية والسياسية؟ إن غريزة الانتقام لدى عصابات النظام لم تكتف بهراوة القانون لإسكات صوت((الأيام)) وإنما استخدمت أساليب افضع،إذ ما لبث أن لجأ إلى بلطجة القوة وقوة السلاح لإقصائها من ميدان المنافسة، وإخراجها من الخارطة الصحفية والسياسية والاقتصادية والفكرية. بدأها فجر 3مايو 2009م بينما كان العالم بأسره يحتفي باليوم العالمي للصحافة وحرية التعبير بحملة تقطع واسعة نفذها أمنه وبلاطجته، صادرت نسخها في الطرقات واحتجزت سيارات توزيعها. وصلت ذروتها يوم 5 مايو بحظر إصدارها نهائيا ،ثم أخضعت حتى يناير 2010م لحصار مرعب وشنت على مبناها عديد حملات عسكرية.
لم يكتف النظام بذاك الحظر وإنما واصل حصاره واعتداءاته المسلحة على مبنى مؤسستها ومنزل ناشريها ففي مساء الاثنين 3 يناير 2010م توج النظام حقده الدفين بشن هجوم عسكري ضخم شاركت فيه قوات الأمن المركزي ومختلف الأجهزة الأمنية، قصف خلاله مبنى (الأيام) ومؤسسة إصدارها ومنزل ناشريها لثلاثة أيام متواصلة بمختلف الأسلحة،بما فيها القنابل الهجومية والمسيلة للدموع وصواريخ ال ( أر بي جي ) .لم تكتفي الحملة العسكرية بقتل حارس الصحيفة في اليوم الأول للهجوم واعتقال نجل رئيس التحرير وعدد من أقاربه وموظفي الصحيفة، وإنما أضافت لهم عدد من الأكاديميين والقيادات الحزبية في مقدمتهم د. واعد باذيب عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي وزير النقل الحالي ،وعلي منصر عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي سكرتيره الأول بمحافظة عدن وعدد من رجالات السياسة والفكر والقانون والصحافة ممن تواجدوا لحظتذاك في منتدى (الأيام).ثم صعدت الحملة ضراوة قصفها، فجر الخامس من يناير بهجوم اعنف،ولأكثر من أربع ساعات، لم يتوقف إلا بعد اجتياح مبنى الصحيفة ومنزل ناشريها واعتقال القامة الوطنية هشام باشراحيل من على فراش المرض،ليحمل إلى السجن الذي اعتقل فيه أكثر من 80 يوما، تعرض خلالها لأقذر أساليب لي الذراع ومحاولات التركيع. فما الحجة التي يستطيع النظام البائد أن يبرر بها جريمة إغلاقه منبر إعلامي بحجم ((الأيام)) لأكثر من 31شهرا خارج سلطة القضاء؟وأي منطق يسوغ قصف مقر صحيفة ومؤسسة مدنية ومنزل ناشريها بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة؟وما الانتصار الذي بفاخر به(المخلوع علي صالح ) وأعوانه من حبس (الأيام) قهرا لأكثر من31 شهرا؟وما المكاسب التي جنوها من قصف وتدمير مبنى صحيفة وتخريب آلاتها وآلياتها واجتياحها بقوة السلاح؟ بديهي أنهم لم يحققوا من كل هذه العنجهية شيئا عدا انكشاف عورة تعاطيهم مع حرية الرأي والتعبير أمام الرأي العالمي، وغير إخراج (الأيام) من الخارطة الصحفية والسياسية والاقتصادية والفكرية وتجويع أسرتها وصحفييها وموظفيها وإقصائهم من الدفاع عن المضطهدين وفضح الفاسدين.غير وصمة عار أبدية لحقت به لم يستطع النظام كما اعتاد مع ضعفاء النفوس والمتساقطين تركيع وإذلال من تشربوا من حليب (الأيام) قيم الإباء وعزة النفس. في الذكرى الثانية لعدوان النظام على صحيفة (الأيام) ومبنى مؤسستها ومنزل ناشريها في الخامس من يناير 2010م وفي هذه اللحظة المصيرية التي يتآكل فيها آخر ما تبقى من شرعية عصابات النظام ويتعرض الوطن وشعبه لأهوال الخوف ، والخرائب والحرائق ،والاستنزاف المدمر للمال العام ويتشتت شمل عصابة الفساد والاستبداد ،وتتساقط فلول النظام بمشاهد مخزية أمام ضربات الثورة الشعبية ينبغي على جميع القوى الوطنية والسياسية ومنظمات حقوق الإنسان وفي مقدمتهم قوى ثورة التغيير والحراك الجنوبي أن يجعلوا من قضية((الأيام)) طليعة نضالهم في وجه من تبقى من أدوات النظام البائد. وألا يتجاهلوا الخسائر الفادحة التي لحقت بها ،وما ترتب على ذلك الاجتياح من دمار فادح بمنزل ناشريها وممتلكات وأصول الصحيفة،وتعطيل نشاطاتها حتى اليوم. إن جرائم النظام بحظر (الأيام) وإغلاق مؤسستها وتدمير أصولها وتخريب آلاتها والياتها يفترض أن تغدو اليوم دونما تأجيل أو تسويف القضية الأولى في أجندة شباب الثورة بمختلف مكوناتهم وائتلافاتهم ،وأمام حكومة الوفاق الوطني، لإنصاف هذه الصحيفة والمؤسسة المدنية العريقة وتعويضها عن الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدتها خلال القصف العسكري والإغلاق التعسفي لأكثر من 31 شهرا. فهكذا منبر تحمل مشاق النضال ومقارعة الفساد والباطل وقدم تضحيات جسام ينبغي أن تحتل قضيته الأولوية القصوى أمام شرفاء الوطن، وقوى المقاومة للطغيان والاستبداد وحكم العصابة الهمجية وأمام القوى السياسية،وكل عشاق الحرية ،والمتطلعين إلى بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات والقانون، والشراكة والعدالة والمساواة.