ليلة البارحة كان مهبط رحالي في مدينة الضالع ليلآ بعد غياب طويل لم يكن الوقت متأخرآ فقد كانت الساعة في يدي تشير العاشرة والنصف لكن الزمن بدا متأخرآ كثيرآ فقد كان0عهدي0 بمدينة الضالع وهي تملأ الدنيا نشاطآ وضجيجآ وصخبآ. نزلت من باص الأجرة في الشارع العام فهالني ما رأيت هذه ليست الضالع التي عهدتها من قبل كيف أضحت مدينة الحياة خاوية على عروشها لا تسمع فيها همسا. ... من قتل حياتها من صادر الابتسامة من شفتاها الم تكن الى عهد قريب تستقبل زائريها بحرارة وبترحاب جميل وشوق كبير عن أي شوق أتحدث وأنا أرى شوارعها وكأن أهلها قد هجروها منذ قرون صدقت ياشوقي: قتلوها بقولهم حسناء#والغواني يغرهن الثناء الضالع تناضل من اجل الحياة فإذا بها تفقد ما تبقى فيها من حياة داهمتني القشعريرة من الصمت القاتل الذي يسود المكان وكأنني في جزء من صحراء الربع الخالي لا صوت لا حركة لا أثر لا بشر كل المحلات مقفلة والحركة متوقفة ها أنا ذا أقف وحيدآ في شارعها العام تلفت يمينا ويسارآ بحثت عن دراجة نارية تقلني الى مبتغاي الذي يبعد عن الشارع العام بمسافة نصف كيلومتر تقريبآ لم أجد خيل لي أن من يأتي إليها يبحث عن جلده وبدون مزيدآ من التفكير حثثت الخطى مشيآ على الأقدام محدقآ عيناي في وجه مدينة الصمت المخيف حاولت أن اسمع ولوصوتآ يدلني على بقية من حياة ساكنيها فأعياني الانتظار ولم يكسر حاجز الصمت سوى سماعي لأصوات نباح الكلاب ووحدها تجول وتصول بحرية تامة في شوارع المدينة وحاراتها وبرغم كثرتها فقد كانت ملتزمة بالنباح السلمي فلم تحاول الاعتداء علي عدا واحدآ منها حاول الاقتراب مني كان التقاطي للحجر كافيآ لردعه ليعلم أن للسلمية حدود خصوصآ إن بلغت حد الاعتداء على النفس ذكرتني ببيت الشعر العربي: لو أن كلبا عوى القمته حجرآ# لأصبح الحصى مثقالآ بدينار فبينما كانت تنبح لم اعرها اهتماما فواقع الضالع الذي فاجأني كان وحده مايسيطر ويشغل بالي كنت ماش في طريقي أتأمل كل ماحولي على أسطح بعض البيوت تعلو أعلام دوله الجنوب وفي تقاطع 0لطريق فرعي نصب برميل قديم نصبت علية عصا طويلة في نهايتها وضع0علم دولة الجنوب سابقآ وعلى سور بيت مطفئ كتب بخط مخربش وبلون أسود جنوووب تساءلت أهذا هوالفردوس المفقود الذي يبحث عنه العاشقون للوهم اولسنا بحاجة الى0وطن خالي من النقاط والخربشات أيا كان نوعها عن أي دولة مدنية يتحدثون وقد قتلوا حياة المدن من يبحث عن المستقبل لا يقتل الحاضر من يناضل لأجل الحياة لا يجعلها خيارآ بينها وبين الموووت وبدون ثمن كنت أظن أن الحنين الى عودة براميل الشريجة فقط أما في شوارع المدن وكجزء من ثقافة الواقع فلم أكن أتخيله قط ولماذا يا أرض السعيدة بحسب د. العودي. ولولا الكهرباء التي كانت مضيئة لظننت بأنني أخطأت التقدير ولست في مدينة الضالع ووحدها أشعرتني بقليل من الأمان و الحياة لمدينة الصخب الذي أطفئ عن سوء نيه وتدبير وفي منتهى طريقي التفت يسارآ شاهدت منارة المسجد تعانق في شموخها السماء وبجوارها بعض الأشجار العالية تنفست بعمق قلت لنفسي لم تزل الدنيا بخير ومازال الأمل متسعآ ولله الأمر من قبل ومن بعد.