قد يستغرب المرء عند قراءة العنوان الذي اخترته لمقالي ولكن الاعتقاد السائد لدا البعض ان التزوير هو دائمآ التزوير بمعناه المتعارف علية والذي يجب ان تتوافر فية اركان جريمة التزوير الذي تعاقب عليها كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية وقد يخطر في بال البعض اسم الفيلم الشهير تزوير في اوراق رسمية بينما قد ينحصر تفكير البعض بأن التزوير هو فقط محصورآ في تزوير شهادات الدراسة او شهادة الولادة او ماشبة ذلك من الامور. ولكن الكارثة عندما يفوق التزوير كل هذة الحالات المذكورة ويكتشف المرء انة عاش تاريخآ و مزورآ وبالتالي تفقد الأشياء قيمتها سوى كانت هذة الأشياء مادية او معنوية لأن الحقيقة لابد لها من الظهور وان حاول البعض حجبها وبكل اسف هذا ما حدث للجنوبين جيلآ من بعد جيل وخصوصآ جيل ما بعد الاستقلال فالهوية هي تاريخ وعندما يزور التاريخ فبكل تأكيد تصبح الهوية ايضآ مزورة وهنا تكمن الصدمة والكارثة فكيف لي ان اعتز بهوية اكتشفت فجائة ان تاريخها مزور. في حقيقة الامر ما يحدث في الساحة الجنوبية شئ مؤلم ومؤسف بكل ما تحمل الكلمة من معنى وخصوصآ في ظل الظرف التاريخي والحساس الذي تمر به القضية الجنوبية والمنطقة عمومآ وبقدر الحسرة والألم التي تعتصرنا ونحن نشاهد حالة التشظي والتشرذم الذي يتفنن الجنوبين باتقناها بحرفية مطلقة تكفل لهم حقوق الملكية في عدم الاتفاق فأننا وفي الوقت نفسة نرى ان ما يحدث هو نتاج طبيعي لحالة التزوير التي رافقت تاريخ الجنوبين وهويتة وشوهت كل جميل في داخل الانسان الجنوبي الذي اصبح يرتاب ويشكك بكل ما يدور حولة كيف لا والتزوير لم ينل الهوية بل اجتثها من جدورها وبقرار فردي اصبح تاريخ وهوية الجنوب تباع في باب اليمن وبلغ حد الاستهتار بنا الى حد ان يطلق العبارة الشهيرة في الاسواق التجارية ( الأربعة بدينار) . ان الطفولة وذكرياتها المؤلة تظل محفورة في الوجدان والعقل واحيانا كثيرة يظن المرء انه قد نساها او تجاوزها الا ان عودة شبح الماضي يعيد للذاكرة تلك المواقف المؤلمة والمنعطفات الدموية التي رافقت تاريخنا الذي درسناة عن المستشرق فيتالي نؤماكين وغيرهم من الدخلاء والذي لولا ان منا الله علينا بانهيار سور برلين لظلينا في جاهليتنا الاولى وتحت قبضة الحزب الذي كان هو ضميروشرف وعقل الشعب. ان ما حدث لنا في الماضي من دروس وعبر كانت كفيلة بأن تجعل منا شعب نموذجي وتخلق اجيالآ محصنه من اي اختراقات تجرها الى الماضي لتدخل الجنوب وشعبة في دوامة لا تنتهي من الصراع والتناحر وعدم الاتفاق. ففي الأمس القريب تعرض التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي عند اشهارة في عدن لبلطجة سياسية بأساليب قديمة ولكن أدواتها وبكل أسف كانت من الجيل الجديد الجيل الذي نعول علية استلام الراية فإذا كنا نحن ضحايا الحزب الواحد الذي منع عنا معرفة تاريخ شعبنا وشوهنا بقراءة تاريخ غير تاريخنا ولولا لطف الله بنا وخروجنا للدراسة ولقاءاتنا بإخواننا ممن شردوا واهلهم منذ 1967 لظلت الحقيقة غائبة عنا وقد مسكنا طرف الخيط وتتبعناه الى ان وصلنا يقينآ اننا تعرضنا الى اكبر عملية تزوير في التاريخ كادت ان تفضي بنا الى جهل تام ومرض توحد مزمن , ولكن ماذا اقول لاولئك الذين وبكل أسف وقفوا تلك الوقفة المخجلة بكل المقاييس من أشهار التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي دون ان يعرفوا او يحاولوا معرفة اهداف وبرنامج التكتل واطلقوا العبارات الرعناة والتهم القديمة الجديدة التي تعود للسبع الايام المجيدة سيئة الصيت, هل كان بين هؤلاء البلاطجة الضحايا من سمع عن شيخان الحبشي وهل كان بينهم من قراء او اطلع على خطاب الاستاذ شيخان عبد الله الحبشي رحمة الله علية الذي ألقاه امام لجنة تصفية الاستعمار في ابريل عام 1963م لعمري لو كان واحدآ منهم اطلع على ذلك لفكر الف مرة قبل ان يطلق اي عبارة او كلمة نائبة عن حزب الرابطة وان اختلف معهم في الرؤيا وهل احدآ فيهم كان يعرف ماذا قدمت الرابطة وجيلها العملاق بقيادة محمد علي الجفري وجبهة التحرير بقيادة المكاوي وغيرهم من رجالات الجنوب الذي حاول البعض في فترة من الفترات شطب اسمائهم او اقراناها بالعمالة وكذا كان نصيب معظم القوى الوطنية التي قاومت الاستعمار وشاركت في صنع الاستقلال ولم تجني سوى التصفية والابعاد وهكذا اصبح الاستقلال منقوصآ ودخل الجنوب دوامة الصراع الذي اودت به الى هذا الواقع المرير الذي يعيشه الجنوب ولم تكن الرابطة والقوى التي ابعدت عن الجنوب واخرجت من كتب التاريخ ظنآ من قاصري الوعي ان تاريخ الشعوب يمكن تزوير وقائعه او سرده وفق اهوائهم الا ان الحقيقة لابد لها ان تظهر وان غيبت ردحآ من الزمن فهل كان اولئك النفر يدركون ابعاد اعمالهم الذي يكررون فعلها ويصرون على المضي بنفس تلك الأساليب. وفي المقابل تعرض المناضل محمد على احمد لحملة شرسة لم يسبق لهل مثيل للتشكيك بدورة النضالي الذي لايختلف علية اثنان ولو كان ابو سند من عشاق المناصب والجاة والسلطان لكان ملئ جيوبة من خزائن صالح الذي فتحت له على مصرعيها ولكنة اختار ان يكون مع شعبة واهلة في الجبهات وفي الميدان وعمل في احلك الظروف واكثرها تعقيدآ وسيسجل التاريخ ان محمد علي احمد كان اخر القادة الخارجين من عدن بعد معركة المطار الشهيرة وهو اول العائدين ومن ذات المطار وفي ظل اصعب واحلك الظروف التي يمر بها الحراك ويالها من مفارقة تبعث للسخرية فنجد من يقود الحملة ضدة لم يقدموا شئ يذكر حتى الان وكانوا اول الفارين من ارض المعركة وما هذة الزوبعة الا خوفآ وهلعآ من انة يسحب بن علي البساط من تحت اقدام المدعين زروآ انهم قادة وزعماء فالزعيم هو من يلتحم بالجماهير . واذا ما اعدنا الذاكرة قليلآ للوراء فأننا لا زلنا نتذكر ما تعرض له مؤتمر القاهرة ومشروع الفيدرالية وقياداتة المجربة من تهكم وهجوم دون ان يكلف نفسة احدآ ممن كالوا الشتم والسب والقذف حتى مجرد القرءاة والاطلاع و لو من باب الفضول على ما يحمل المشروع من رؤى وافكاروخارطة طريق تقدم حلول ومقترحات لا تفرضها على احد بقدر ما تريد مشاركة الجميع بصنع مستقبل اجمل يتسع للجميع. ان الحرب الاعلامية والتصرفات اللااخلاقية والبلطجة الثورية ضد الجنوبين الصامدين في ميادين التضحية والشرف قد طالت كل الهامات والتيارات السياسية كما ان هذة التصرفات ترافقت مع حملات التشوية والتهديد التي طالت بعض الصحفيين بهدف خلق نوع من العنف الثوري اسوة بالعنف الثوري الذي رافق حكم الحزب الواحد وما تلاها من كوارث واني اتعجب ان يقع شباب الجنوب ضحية لمثل هذة الافكار علما بأن مهاجمة جميع من ذكروا انفآ يصدر من اتجاة واحد. ان تزوير الحقائق والتاريخ امر اصبح مستحيل في زمن الفضاء المفتوح وعالم النت والفيس بوك واتعجب ان البعض لايزال يعتقد انه قادرآ على الحكم بنفس الأسلوب القديم وان استبدل البدلة السفاري الخاصة بآعضاء الحزب بربطة العنق الانيقة الا ان العقلية ظلت جامدة ومتوقفة عند لحظة بعينها و لم تتمكن من تجاوزها كما ان التاريخ لن يرحم اولئك الذين اتخدوا الجنوب سلعة يتنقلون بها ويسوقونها وفق مصالحهم الشخصية ويكفي ما قد دفعتة الاجيال طيلة الخمسون عام الماضية من تزوير لتاريخها الوطني.