عندما نتابع صفحات التواصل الاجتماعي وخصوصًا (الفيس بوك) نجد أنها تحتوي على أراء متعددة وأحيانًا متناقضة حول القضايا المطروحة على الساحة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية, وهذه تعتبر ظاهرة صحية وسنة كونية؛ لأن الله سبحانه وتعالى له حكمته في ذلك . فكل إنسان له رأيه وتصوراته ومقترحاته حول ما يطرح, والذي نراه مفيدًا في اختلاف الرؤى والأطروحات هو التنافس الإيجابي لتقديم الرأي الأصوب والحل الأمثل والأنفع للمجتمع, وكل يعرض بضاعته على الناس ويحاول بقدر الإمكان تلميعها وتنظيفها وإبرازها وحسن عرضها في أحسن حلة وأبهى صورة؛ لكي يقنع الآخرين باقتنائها, كأي بائع ناجح في السوق, وهذا هو التنافس الشريف والراقي الذي يسمو بصاحبه ويُحترم في عيون الناس والناس بعد ذلك تختار ما تريد . لكن هناك بعض الإخوة عندما نتابع تعليقاتهم نجد أنها تحولت من نقد إلى قذع, ومن تصويب إلى هجوم, ومن تصحيح إلى تفضيح, ومن رأي إلى سلوك أرعن, فهم للأسف تخلوا عن القيم النبيلة وتحولوا إلى ذئاب بشرية, وهم بهذه الطريقة يسيئون إلى أنفسهم قبل الآخرين ويحطون من قدرهم ومن قدر آبائهم الكرام, وكذا لا يحسنون عرض بضاعتهم وأفكارهم ويقدمونها بأسلوب نسميه للأسف ( أسلوب وحشي هجومي ) غير قابل للتعايش والقبول بالآخر, ناهيك عن أنه يحكم على فكرته بالموت المبكر ونفور الناس من حوله حتى وأن كان ما يدعو إليه صوابًا ومطلبًا ضروري من متطلبات الأمة . إننا بحاجة إلى الخطاب العقلاني الذي يحتوي الناس بكافة مشاربهم وبحاجة إلى تحكيم العقل وليس العاطفة؛ لأن العاطفة مهلكة ويتعامل صاحبها مع ردود الأفعال وليس مع استراتيجيات واضحة المعالم, كما إننا بحاجة إلى أن نحكم على الأفعال التي تظهر لنا وليس على النيات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .إن صاحب الهدف النبيل يجب أن يستوعب الناس ولا يستعديهم؛ لأن من سيتم استعدائه لن يرضى عنك حتى وأن كنت من خيرة الناس وأنبلهم !!