الوية العمالقة تعلق عل ذكرى نكبة 21 سبتمبر وسيطرة الحوثي على صنعاء    مليشيا الكهنوت تختطف سادس قيادي مؤتمري بسبب الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر    بالأسماء.. قناة العربية تكشف قيادات قوة الرضوان بحزب الله الذين قُتلوا بغارة الضاحية الجنوبية    انتقاماً من مسقط رأس الثائر علي عبدالمغني.. الحوثيون يواصلون حملات القمع في السدة    طالب عبقري يمني يحرم من المشاركة في أولمبياد عالمي للرياضيات    التلال يقلب النتيجة على الشعلة ويتوج بلقب كأس العاصمة عدن بنسختها الثانية    استشاري إماراتي: مشروب شهير يدمر البنكرياس لدى الأطفال ويسبب لهم الإصابة بالسكري بعد بلوغهم    نيوكاسل يونايتد يحصّن مهاجمه من ليفربول    مدافع يوفنتوس مرشح لخلافة فان دايك في ليفربول    بالوتيلي يريد العودة للكالتشيو    في يوم واحد.. المياحي مختطف وصفحته محذوفة! هل بدأت حملة قمع حوثية جديدة؟    الجنوب لن يدفع ثمن مواءمات الإقليم    رابط مشاهدة مباراة النصر والاتفاق بجودة عالية بدون تقطيع HD في منافسات دوري روشن للمحترفين    أمريكا ترفض إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية    تزامنا مع الذكرى ال34 للتأسيس.. اصلاح سيئون ينظم برنامجا تدريبيا للقيادات الطلابية    بمناسبة ذكرى التأسيس.. إصلاح غيل باوزير يقيم أمسية احتفالية فنية وخطابية    متظاهرون في مارب وتعز ينددون باستمرار جرائم الإرهاب الصهيوني بحق سكان قطاع غزة    بالوثائق .. هذه حقيقة الصراع للسيطرة على حوش سوق القات الكائن بالممدارة (الهناجر) بعدن    اديبة يمنية تفوز بجائزة دولية    أقوى تحرك حوثي ردًا على إدخال خدمة ''ستارلينك'' إلى اليمن    وفاة الإمام أحمد في تعز ودفنه في صنعاء    اتهام رسمي أمريكي: وسائل التواصل الاجتماعي تتجسس على المستخدمين    الوزير الحوثي يرفض تسليم أموال صندوق المعلم والذي يحصل منه سنويا على 27 مليار (تفاصيل)    موناكو يقلب النتيجة على برشلونة ويتغلب عليه بدوري أبطال أوروبا    شيوع ظاهرة (الفوضى الدينية) من قبل بعض أئمة ومشائخ (الترند)    قيادي إنتقالي: التسوية المقبلة تضع المجلس أمام تحديات كبرى    معارك وقصف مدفعي شمالي محافظة لحج    فرحة الزفاف تنقلب إلى مأساة في الحديدة    البنك المركزي اليمني بعدن يجمد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    في مشهد صادم: شاب من تعز ينهي حياته والسبب ما زال لغزاً!    الهجري: مأرب وقبائلها أفشلت المشروع الكهنوتي وأعادت الاعتبار للجمهورية    بداية جديدة: الكهرباء تستعيد هيبتها وتعيد النظام إلى الشبكة في لحج    بنك يمني يحصد جائزة عالمية ويؤكد ريادته في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في اليمن    الانترنت الفضائي يدخل ضمن ادوات الحرب الاقتصادية في اليمن    بالصور: تفاصيل اتهام داعية شهير بالتحرش ب 3 فتيات وإرساله صوراً إباحية لاستدراجهن    جيشها قتل 653 ألف ثائر مسلم: سلفية الهند تحرّم الخروج على وليّة الأمر ملكة بريطانيا    حرب التجويع.. مؤامرات الأعداء تتعرض لها المحافظات الجنوبية    منظمة الصحة العالمي تكرم الوكيل الدكتور الشبحي    الصين: ندعم بحزم قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه المشروعة    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة بعد خفض أسعار الفائدة    بعد توقفها لسنوات.. مطار عدن الدولي يستقبل أولى رحلات شركة افريكان أكسبرس    البنك المركزي يجمّد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    نمبر وان ملك الأزمات... سيدة تقاضي محمد رمضان بعد تعديه على نجلها بالضرب    رئيس كاك بنك يبحث فرص التعاون المشترك مع البنك الزراعي الروسي في بطرسبورغ    منتخب شباب اليمن يحدد موعد سفره إلى إندونيسيا    خطط لتأهيل عشرات الطرق في عدن بتمويل محلي وخارجي    صنعاء تعاني تصحر ثقافي وفني .. عرض اخر قاعة للعروض الفنية والثقافية للبيع    3 اعمال لو عملتها تساوي «أفضل عبادة لك عند الله».. اغتنمها في الليل    أأضحك عليه أم أبكيه؟!    شجرة العشر: بها سم قاتل وتعالج 50 مرضا ويصنع منها الباروت (صور)    بالصور .. نعجة تضع مولود على هيئة طفل بشري في لحج    سيدي رسول الله محمد .. وُجوبُ تعزيرِه وتوقيرِه وتعظيمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم    14 قطعة في المباراة.. لماذا يحرص أنشيلوتي على مضغ العلكة؟    مؤسسة ايوب طارش توضح حول ما نشر عن ملكية النشيد الوطني    السلطة عقدة بعض سياسيِ الجنوب.    يسار الاشتراكي وأمن الدولة يمنعون بناء أكثر من 10 أدوار ل"فندق عدن"    في هاي ماركيت بخورمكسر: رأيت 180 نوعاً من البهارات كلها مغلفة بطريقة انيقة.. هل لا زالت؟؟    لم يحفظ أبناء اليمن العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتاجرة بالدين...!
نشر في براقش نت يوم 28 - 08 - 2010


ولأن الدعوة تحولت على يدي بعض الدعاة إلى
يوسف أبا الخيل
سلعة لها ثمن, فمن الطبيعي أن تخضع في سبيل توزيعها في وسط المستهلكين لنفس المنطق الذي تقتضيه آليات الترويج التجاري البحت, وهي آليات تعتمد ترويج السلع عبر مغازلة وجدان الجمهور المستهلك. لذا, واتساقاً مع هذا المنطق الترويجي الذي يستهدف تمرير رسائل وجدانية تساعد على القبض على أعلى قدر من الاستجابة, فلا غرابة في أن نجد كثيراً من الدعاة والوعاظ وقد نفروا يتوسلون طرائق غاية في دغدغة المشاعر الطفولية. نجد مثلاً لتلك الطرائق فيما ذكره الأستاذ: مشعل السديري في مقال له بعنوان: "أصحاب اللحوم المسمومة" نشره في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ (14/8/2010م) من أن " أن أحد الصحافيين الخبثاء فضح أحد هؤلاء الدعاة عندما قرأ مسودة محاضرته قبل أن يلقيها, ويقول بالحرف الواحد: كنت أقرأ أمامي وقفات كتبها ذلك الشيخ الداعية، فبعد كل عدة أسطر وجدته يكتب ملاحظة:(هنا يجب أن أرفع صوتي, أو هنا يجب أن أبتسم, أو هنا يجب أن أبكي), أي أن المسألة كلها تمثيل وضحك على الذقون. ويمضي ذلك الصحافي قائلا: إن ذلك الداعية بعد أن انتهى من محاضرته تلك أتيته قائلا: أراك يا فضيلة الشيخ قد ذرفتَ هذه الليلة دموعا كثيرة, وتفاجأت برده وكأنه يلقمني حجرا عندما أجابني من دون أي خجل, ومن دون أن يرف له رمش قائلا لي: نعم إنها دموع نحشد بها الجماهير". ونتيجة لمثل هذه السيناريوهات التي تتغيأ السيطرة على عواطف جمهور متدين بالفطرة, فقد ارتفعت أسعار الدعاة إلى الحد الذي أصبحت تحسب فيه, وفقاً للكاتب," بعشرات الآلاف من الريالات وذلك في المحاضرة الواحدة التي لا تزيد مدتها على ساعتين فقط", مقابل" كلام في كلام في كلام يطير في الهواء. بل إن بعضهم يخفي رأيه أمام العامة، فيقول في منبر دروسه رأيا ثم يناقضه في مجلسه الخاص، ويقول للحاضرين: إن ما قلته خاص (بالعامة)، والصواب هو كذا وكذا. وهذا معروف وموثق ومحفوظ, بل ومسجل بالصوت والصورة".

المسألة لم تعد مجرد أخذ أجرة محدودة بالحاجة للمال, بل تعدتْها إلى أن تكون عبارة عن صفقات تجارية يتخللها مفاوضات مسبقة, معرضة للاتفاق كما للاختلاف, والفيصل في كلا الأمرين الاتفاق والاختلاف هو المال.


من جانبه, لاحظ الزميل الدكتور: عبدالله العسكر في مقال له في هذه الجريدة(=الرياض) عنْوَنَه ب(الفتوى وما آلت إليه), أن الفتيا"غدت عملاً يمكن للشخص التفرغ له، والكسب من ورائه. بينما الفقيه في عصور الإسلام الأولى لا يمكنه أن يتكسب من علمه الشرعي. وحيث غدت الفتيا مهنة، فقد كثر الذين امتهنوها، ثم زاد الطلب على من لديه القدرة على إصدار الآراء الشخصية ودفعها للجمهور على أنها فتوى يجب الأخذ بها، ثم توسع المفتون وطفقوا يبحثون في التراكمات الفقهية، ويستخرجون شواذ الآراء، والأفكار، والتعليقات، والتهميشات والأحلام، يخرجونها للناس، ثم توسعوا أكثر عندما وضعوا في روع الناس ضرورة سؤال أهل العلم (هكذا يسمون أنفسهم) عن كل صغيرة وكبيرة، ثم زادوا بأنهم يصدرون عن فقه وتخصص، وأنهم يوقعون عن الله سبحانه وتعالى. وأخيراً تعاقدوا مع الفضائيات، وانتشروا وأثروا. والله يرزق من يشاء!".

لكن الأمر الذي لا يريد أولئك الدعاة/التجار مناقشته أو الاقتراب من حماه هو أن تلك المداخيل الوافرة من الانتظام في سلك الدعوة, لا تخلو من شائبة, بل شوائب كثيرة, تتعلق بمسألة حلها . ذلك أن أخذ الجُعْل على تعليم شيء من أحكام الدين, إفتاءً أو وعظاً أوإرشادا, مما اختلف فيه الفقهاء في حِله, بل, إن بعضهم مال إلى جانب تحريمه تحريماً مطلقا. فقد رأى الإمام القرطبي في قول الله تعالى:"ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون", أن" هَذِهِ الآية وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّة بِبَنِي إِسْرَائِيل فَهِيَ تَتَنَاوَل مَنْ فَعَلَ فِعْلهمْ. فَمَنْ اِمْتَنَعَ مِنْ تَعْلِيم مَا وَجَبَ علَيْهِ أَو أَدَاءِ مَا عَلِمَهُ وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذ عَلَيْهِ أَجْرًا فَقَدْ دَخَلَ فِي مُقْتَضَى الآية وَاَللَّه أَعْلَم". إضافة إلى ذلك, فقد أورد جملة من الأحاديث النبوية التي تسير في الاتجاه ذاته, اتجاه حرمة أخذ العوض من تعليم الدين. منها ما رواه أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَعَلَّمهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِد عَرْف الْجَنَّة يَوْم الْقِيَامَة". ومنها حديث أَبي هُرَيْرَة أيضاً قَالَ: قُلْت يَا رَسُول اللَّه مَا تَقُول فِي الْمُعَلِّمِينَ قَالَ"دِرْهَمهمْ حَرَام وَثَوْبهمْ سُحْت وَكَلامهمْ رِيَاء". وكذلك, ما رواه عُبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ : عَلَّمْت نَاسًا مِنْ أَهْل الصُّفَّة الْقُرْآن وَالْكِتَابَة , فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُل مِنْهُمْ قَوْسًا فَقُلْت : لَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيل اللَّه. فَسَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:"إِنْ سَرَّك أَنْ تُطَوَّق بِهَا طَوْقًا مِنْ نَار فَاقْبَلْهَا".

وهذه الأحاديث, وإن كان يشوب أسانيدَها شيء من الضعف, إلا ابن تيمية فصَّل القول في موضوع أخذ الأجرة على تعليم الدين في المسألة رقم(204/30) من مجموع الفتاوى عندما سُئل عن"جواز أخذ الأجرة على تعليم شيء من أحكام الدين". وبدون أن نخوض في التفاصيل التي ضمَّنها جوابه, فإن الناظر فيه سيجد أنه(=ابن تيمية) ناقش المسألة من وجهيها فمال, على ما يبدو, إلى ناحية عدم الجواز, معللاً موقفه ب"أن هذا العمل عبادة لله عزوجل, وإذا"عُمل للعوض لم يبق عبادة, كالصناعات التي تُعمل بالأجرة", وبالتالي ف"لا يجوز إيقاعه على غير وجه العبادة لله, كما لا يجوز إيقاع الصلاة والصوم والقراءة على غير وجه العبادة لله, والاستئجار يخرجها عن ذلك". مستدلاً على ما يقول بعدة آيات كريمات, منها قوله تعالى:"وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين". وكذلك قوله تعالى:" قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين". وكذلك قوله تعالى:" قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا". وحين ناقش مسألة جواز أخذها, أعني الأجرة, ربطه بحاجة الداعية للمال, وبأن يُعطى من بيت مال المسلمين فقط.
ومن نافلة القول أن آليات التكسب التي يستخدمها الدعاة حالياً هي أبعد ما تكون عن تلك القيود التي اشترطها ابن تيمية. فالمسألة لم تعد مجرد أخذ أجرة محدودة بالحاجة للمال, بل تعدتْها إلى أن تكون عبارة عن صفقات تجارية يتخللها مفاوضات مسبقة, معرضة للاتفاق كما للاختلاف, والفيصل في كلا الأمرين الاتفاق والاختلاف هو المال, والمال وحده, مستخدمين في سبيل ذلك طرقاً متعددة لقبض الثمن, فمرة يقبضون ثمن المحاضرات أو الدورات التي يقيمونها(...) مرة واحدة عند انتهائها, ومرات أُخَر يقبضونها على أساس العمل بالقطعة/الساعة . وبعضهم يشترطون رعاة إعلاميين يقتسمون معهم أجور الرعاية الإعلامية إضافة إلى أجرهم الأساسي!

وليس ثمة مهرب من الاعتراف بأن نقد تحويل العمل الدعوي إلى بازار استثماري لا يمكن أن يجد له صدى لدى متولي كبره من الدعاة/المستثمرين, فهم في النهاية تجار يعرضون بضائعهم في سوق يخضع لقانون العرض والطلب, وبالتالي, فإن النقد يجب أن يوجه ناحية الارتقاء بذائقة المستهلكين الذين تحولوا إلى مناجم تدر ثروات طائلة في جيوب أولئك الدعاة, مقابل حشو من فضول الكلام الذي يمكن أن يجدوه, بل وأفضل منه بما لا يقاس, إذا ما جاسوا خلال محركات البحث على شبكة الانترنت!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.