عدن اونلاين/خاص يا دامي العينين والكفين إن الليل زائل.. لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل.. نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل .. وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل...
33عاما هي العمر الافتراضي للرئيس صالح، ثلاثة عقود هي الحياة السياسية لهذا الديناصور الذي قاوم كل عوامل الانقراض والفناء واستطاع مراقصة الأحداث والثعابين ليتمدد كل هذه السنين. لكن للحياة سنن ونواميس، ولكل بداية نهاية ولكل أجل كتاب، وكتاب صالح قد استكمل كل أوراقه ، وصفحته الأخيرة كتبت بدماء شباب الثورة، وعرقهم وحماسهم وشجاعتهم.
الشباب في وجه الشيخوخة، الحماس في مجابهة السأم والملل والخنوع، المستقبل يدهس الماضي ويرميه في التاريخ ، شباب الثورة هم المستقبل الذي لامناص من تحقيق هدفهم في يمن جديد وعالم حديث ، طموحاتهم لا تتحقق بوجود صالح ، وأحلامهم غير مقبولة في مجتمع صالح وعرفه وأفكاره ، إنه صراع أجيال وصالح في العقد السابع من العمر وأعمار العباد ما بين الستين إلى السبعين وقليل من يتجاوز ذلك، هذه نواميس وحقائق كونية لا يتقبل التشكيك.
صالح انتهى .. تآكل .. شاخ .. انهزم .. هو خارج المعادلة والواقع تغير من حوله ، وهؤلاء الشباب الثائرين هم المجتمع الجديد الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مكانا لصالح.
لا اعتقد أن عاقلا اليوم في اليمن والعالم ما يزال في شك من أن حقبة صالح قد انتهت، ومن يعتقد غير ذلك فهو مخبول ومجنون ، فكل عوامل السقوط الذاتية والموضوعية تحققت، وما نراه من تخندق للبعض في صف نظام صالح فهو لا يعدو كونه تخندق ارتبط بمصلحة ستنتهي بنهاية الحكم، وهؤلاء لا يدافعون عن نظام صالح بل عن مصالحهم الشخصية التي ارتبطت بهذا النظام، بل إن الحاكم وأبنائه وأقاربه يستميتون للتشبث بالسلطة كونها في نظرهم مصلحة ذاتية محضة. إنه يحرق كل شيء ... كم يحتاج هذا التنين من الدماء المسفوكة ظلما وعدوانا كي يروي عطشه الدائم للدم؟ وكم يود أن يهلك من البشر كي يرضي غروره المنتفخ وعشقه الأزلي لسلطة مغتصبة وكرسي طالما وصفه بالملتهب؟. ما يجري اليوم في صنعاءوتعز من قتل ليس مجرد انتهاكات عابرة أو ممارسات فردية بل هو تعبير عن إفلاس حقيقي للنظام وزبانيته، هو افتقاد كلي لأي شرعية، ذلك أن من يثق أن لديه تفويضا شعبيا لن يضطر لقتل هذا الشعب، لقد غدا القتل في نظر صالح روتينا يوميا لا يمكنه الاستغناء عنه، صالح صار كمصاصي الدماء لا يهدأ له بال إلا حين يرى المزيد من الدماء تضمخ الشوارع، لا يهنأ هو و عصابته إلا وهم يرون الدخان يتصاعد من كل مكان، الدماء يجب أن تروي الأرض والدخان لابد أن يحجب السماء حتى تستقر بومة الخراب التي تنعق في رأس صالح، قال يوما أنه عاد من مشفاه وعلى كتفه حمامة سلام وفي يده غصن زيتون، لكنه لم يقل من أين تخرج حمم الحرائق ومن غيره يشعل فتيلها؟ و هو الذي ظل يتوعد بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، هو الذي صاح مبشرا أن الدم سوف يسيل إلى الركب كما فعلها أخوه سفاح ليبيا حين قذف بها إلى مهاوي الإبادة إشباعا لحاجة نفسه الأمارة بالقتل، والقتل وحده. لم يزد شيئا على القذافي إلا في كونه حفيد سيف بن ذي يزن كما زعم حين صرخ في وجه من قالوا له إن الملايين خرجوا إلى الشوارع يطالبون برحيله وقال: أنا علي عبدالله صالح الحميري، حفيد سيف بن ذي يزن! هل يدري هذا الحميري كم قتل من الأبرياء وهو يتشبث بالكرسي المغتصب؟ وهل لا يزال يتصور نفسه وصيا على الشرعية بينما هو ذاته من هدد بإحراق البلاد والعباد بالطائرات والدبابات حين جاءه نبأ هزيمته على يد المرحوم فيصل بن شملان؟ و عن أي شرعية يتحدث؟ اليوم يُقتل خيرة أبناء اليمن على يد حفنة من القتلة المنتشرين على أسطح البنايات ومداخل الشوارع وبأوامر وتوجيهات صادرة عن رأس النظام وهو أول من سيحاسب عليها، ولا نظنه قادرا على الإفلات من تبعات ما يرتكب من جرائم بشعة بحق اليمنيين و كأنه يجازيهم على صبرهم الطويل على مرارة حكمه الفاسد المتخلف لما يزيد عن (33) سنة، نظام صالح لم يكتف بقتل الشباب لكنه أمعن في جرائمه وراحت عناصره المدججة بأدوات القتل والدمار تمارس ما لم تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، قاموا بسحب الجرحى إلى أقبية السجون وصوروهم في فضائيتهم على أنهم ضحايا اعتداء شباب الثورة عليهم، إنه السقوط الأخلاقي الذي ما بعده سقوط. ماذا سيقول صالح عن هذه الجرائم؟ ماذا سيقول عن قتل واستهداف الصحفيين بالذات وقصف مكاتب الفضائيات التي لا تغني له وتتراقص بصور فخامته على جثث الضحايا؟ وماذا عن رصاص السلطة الغادر الذي قتل الطفل أنس السعيدي والطفلة مرام الصلوي في صنعاء وهاهو يواصل حصاد الأرواح في تعز، وبفعل هذا الرصاص الأرعن سقطت الشهيدة/ عزيزة عثمان، لتضيف لقائمة جرائم النظام جريمة أخرى وما أكثر جرائمه. ليت علي صالح يدرك أن السلاح الذي يتم توجيهه اليوم إلى صدور المواطنين تم شراؤه من خزينة الشعب وكان الأولى به أن يكون لحمايتهم لا لقتلهم، أليس في ذلك خيانة للأمانة؟ تبا لحاكم يؤسس مجده على الخيانة ويؤثث عرشه بدماء الأبرياء؟ هل يدرك "نيرون صنعاء" أن روما تحترق من جديد، و الدخان يتصاعد من كافة نواحيها، وهل يرى في هذا عقابا للشعب الذي ثار ضد ظالميه من القتلة واللصوص؟ بينما كان شباب الثورة يخطون بدمائهم الطاهرة طريق الحرية في شارع الزبيري كان صالح مع من بقي من جنوده في قاعة مكيفة يتحدث عن "مجانين يعانون شبق السلطة، يريدون الوصول اليها على نهر من الدماء،" لا ندري من يقصد لكن الجميع يعي ويدرك من هو المجنون الذي يحرق الأخضر واليابس ليبقى في السلطة، ولو على نهر من الدماء.