اعتقال ناشط في مطار عدن الدولي    حكومة التغيير والبناء تحقق إنجازات اقتصادية وتنموية في عامها الأول    مطوع من مجرمي حزب الإصلاح يقتل شابين عدنيين في طريقهما للدراسة في الخارج    (100) مليون ريال يحصل عليها محافظ أبين يوميا من الجبايات    مانع سليمان في وجه كل احرار الجنوب    بيان السفارة الأمريكية في اليمن: إصلاحات عاجلة خلال 90 يومًا    عشر سنوات من الغرام، واليوم فجأة.. ورقة طلاق!    ترسيخ الطبقية والتمييز الاجتماعي: السلطة تحتكم لجرحى القبيلة وتتجاهل شهيد الطبقة المستضعفة    مجلة أمريكية: مجاعة من صنع الإنسان.. هكذا تُجوّع إسرائيل غزة    مع غزارة الأمطار..خارطة الطقس للأيام المقبلة    الشركة اليمنية تصدر قائمة أسعار جديدة للغاز المنزلي    طريقة بسيطة للوقاية من أمراض القلب    بهدفي كين ودياز.. بايرن يتوّج بالسوبر ال 11    قصف إسرائيلي يستهدف العاصمة صنعاء    الضالع .. جريمة قتل مروعة على خلفية خلاف عائلي    بين أمل البسطاء ومؤامرات الكبار    الأهلي يُعلن جاهزية عاشور    العدو الصهيوني يكشف عن السلاح المستخدم في استهداف كهرباء حزيز    تقرير جديد يكشف عن هزيمة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر    بايرن ميونخ بطلًا للسوبر الألماني بثنائية في شتوتجارت    الأمن يضبط المتورطين في حادثة اختطاف طفلتين هزت ذمار    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار رئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية    إسرائيل تقصف محطة الكهرباء في صنعاء من جديد    محكمة بريطانية تسجن يمني عقب اختراق آلاف المواقع وسرقة بيانات المستخدمين    البيضاء.. استشهاد فتاتين بانفجار لغم حوثي أثناء رعيهما الأغنام في مديرية نعمان    الأستاذ علي مقبل غثيم المناضل الأنسان    الكشف عن عصابة لخطف الأطفال في مدينة ذمار    البرلماني بشر: هل أصبح القضاء لعبة بيد الغوغاء لإصدار الأحكام كمساعدة؟!    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    رسميًا | SPORTBACK GROUP توقع مع نجم التلال عادل عباس    نسائية مديرية المفتاح بحجة تحتفي بذكرى المولد النبوي    تعز تدشن فعاليات المولد النبوي الشريف وتستكمل الترتيبات للإحتفال    الرهوي : اليمن يفرض اليوم سيادته على البحر ومضيق باب المندب بقدراته الذاتية    العميد جمال ديان آخر الرجال المهنيين والأوفياء    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    مصر تستعيد من هولندا آثارا مهربة    جمعية حزم العدين التعاونية في إب... تجربة رائدة في التمكين الاقتصادي    المؤرخ العدني بلال غلام يكتب عن جولة أضواء المدينة "جولة الفل"    تخفيض رسوم المدارس الأهلية في العاصمة عدن 30%    الارصاد يتوقع امطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على اجزاء من المحافظات الجبلية والساحلية    إدارة مكافحة المخدرات تضبط مروج للمخدرات وبحوزته 60 شريطا من حبوب البريجبالين    الرئيس الزُبيدي يعزي العميد عادل الحالمي في وفاة والدته    السيول تقطع حركة النقل بين ساحل ووادي حضرموت    أبو بارعة: مسؤولون في حجة يحوّلون الأجهزة الطبية إلى غنيمة    وقفة وإضراب جزئي لصيادلة تعز لمطالبة شركات الأدوية بخفض الأسعار    أضرار في تعز وتحذيرات من السيول بالمرتفعات    وفاة 23 شخصا بتعاطي خمور مغشوشة في الكويت    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    "الريدز يتألق".. ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقبه بفوز مثير على بورنموث    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    العثور على جثمان لاعب شعب إب خالد الجبري قرب الحدود اليمنية–السعودية    فياريال يفتتح الموسم بالفوز على ريال أوفييدو    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الثورات الشعبية بين أمريكا وروسيا
نشر في عدن أون لاين يوم 26 - 02 - 2014

بدا هنري كيسنجر متبجحاً وشامتاً في تعليقه على تطورات الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأوكراني الحليف لروسيا، لم يغفل السياسي الماكر سبب انشغال بوتين بأولمبياد سوتشي كمبرّر لمفاجأته بحدث غير متوقع، وأضاف إليه القول إن أوكرانيا تمثّل 50 ٪ من نفوذ الاتحاد السوفيتي الذي يسعى بوتين ويحلم باستعادته، السياسي المعتق لم يغفل القول بالإشارة إلى أن بوتين يدرك جيداً أن أمريكا تتمنّى أن ترى قريباً حدثاً مماثلاً لثورة أوكرانيا في موسكو.
قد تكون مبالغة منه، غير أنها إشارة تحذير إلى أن كل الخطوط الحمراء أصبحت متاحة بعد الضربات القاصمة التي وجّهتها روسيا إلى النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، والتلميحات في اتجاه مصر التي رافقت زيارة وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي؛ وهي الزيارة الأولى لوزير دفاع مصري إلى روسيا منذ أربعين عاماً.
بقدر ما للثورات الشعبية وآخرها الأوكرانية من بُعد شعبي موضوعي، بقدر ذلك تماماً يمكن قراءتها من زاوية الصراع الدولي القديم الجديد على النفوذ بين أمريكا وروسيا؛ ذلك أن الأبعاد تتداخل ببعضها، ولا يمكن الفصل ما بين الظروف الموضوعية الداخلية التي تهيّئ للثورات الشعبية وآخرها أوكرانيا، وما بين حضور تأثيرات النفوذ الدولي وقدراته وتحالفاته ومصالحه.
كان الانطباع السائد بعد نجاح روسيا في إعاقة الثورة السورية وتقوية تحالفها مع إيران وهلالها الشيعي في المنطقة، أن أمريكا تمر بفترة انحسار وتراجع لنفوذها في الشرق الأوسط والعالم، وأن محوراً جديداً بدأ في التشكُّل على مستوى الشرق الأوسط والعالم لمواجهة الغرب وأمريكا.
في بنيته العميقة يبدو المحور الروسي أقرب إلى مصلحة الشرق الأوسط والعرب والتوازن المطلوب للمصالح في العالم؛ غير أن مشكلة روسيا هي أنها تضع نفسها مع الأنظمة المستبدة والمرفوضة شعبياً بل تعمل كل ما بوسعها لبقاء نظام الأسد الطائفي في سوريا وراهنت أيضاً على نظام فاسد في أوكرانيا.
على العكس من ذلك يبدو المسلك الأمريكي برجماتياً ومستعداً للتضحية بحلفاء استراتيجيين مثل حسني مبارك حتى لا تجد أمريكا نفسها مع الخيارات الخاسرة المحروقة، وبدلاً من ذلك يفضّل النهج الأمريكي مسايرة الثورات حتى يتسنّى له كسر الموجة وتلطيخ النموذج، ومن ثم احتواء الوضع الجديد، والعمل الحثيث على بلورة معطيات جديدة تعيد إنتاج النُخب المرتبطة به، وترسيخ نفوذه وهيمنته على البلدان التي تشهد ثورات ومراحل انتقالية.
تكلفة الحرب الباردة الجديدة التي تتمازج مع ثورات الشعوب وتتداخل مع ظروفها الموضوعية تبدو باهظة ومدمرّة ولا تقارن برتم الحرب الباردة التي شهدها العالم أواسط القرن الماضي والتي وضعت أوزارها مع انهيار الاتحاد السوفيتي بداية التسعينيات من القرن الماضي.
الحرب الباردة الجديدة تؤدي إلى إحراق بلدان ودول وليست مجرد مناوشات على الحدود المرسومة؛ والعراق وسوريا وليبيا مثال واضح على قذارة المصالح الدولية المستعدة للتضحية بمصير شعوب بأكملها من أجل استمرارية مصاصي الدماء في الهيمنة على البلدان العربية.
كان بإمكان الربيع العربي أن يغيّر ميزان القوة العالمي وليس فقط تغيير أنظمة فاسدة ومستبدة في المنطقة. ولذلك أدرك النظام العالمي المهيمن خطورة ترك موجة الثورة العربية تتدفق وفق منطقها الذاتي متنقلة من عاصمة إلى أخرى، ومن أجل كسر الموجة وتلطيخ النموذج حشدت أمريكا وحلفاؤها في المنطقة كل «مكرهم» وأحابيلهم وإمكانياتهم لخلط الأوراق في مصر وتونس اليمن، وتلطيخ النموذج بنزيف الدم الأهلي في ليبيا وبعدها سوريا المستمر نزيفها شعباً ودولة وكياناً وطنياً حتى الآن.
من دون ذلك كانت موجة التغيير العربي سترتطم سريعاً في عواصم الخليج النفطي، وستؤدّي إلى خلق ميزان قوة جديد في المنطقة سيؤدي بدوره إلى إعادة النظر في معادلة النفوذ العالمي المستقرة لصالح أمريكا والغرب منذ عقود، المعادلة التي لم يستطع الاتحاد السوفيتي بأسلحته النووية ومحوره العالمي أن يغيّر فيها أو يفرض إعادة صياغتها في المنطقة العربية وخصوصاً الخليج النفطي في قلبها.
في نهاية المطاف تبدو كل الاحتمالات مفتوحة، فقد كان محمد البوعزيزي بمثابة «جناح الفراشة» التي حرّكت شبكة العالم المتداخلة كأنظمة حاكمة وديكتاتوريات وطوائف كامنة وكراهيات مستفحلة ونفوذ دولي مترابط مع تلك التوليفة كلها.
وبمثل ما أدّى حدث عابر مثل اغتيال ملك النمسا في سراييفو في بداية القرن العشرين إلى سلسلة مترابطة من الأحداث امتدت إلى حروب عالمية أولى وثانية وانهيار أنظمة وامبراطوريات وإقامة أخرى، ولم تنتهِ تأثيرات الحدث إلا بهدم جدار برلين عام 90م، فإن حركة جناح الفراشة البوعزيزي سيستمر تأثيراتها وتفاعلاتها وقد بدأت الدورة الزمنية لتأثيرها بانهيار أنظمة وحروب داخلية أهلية وطائفية، وفي الطريق حروب إقليمية وعالمية.
نظرية الفوضى ليست بدعة أمريكية؛ بل علم قائم بذاته يحاول تفسير غير المفسر، وقراءة الغامض وغير المتوقع من الأحداث، ووحدها «نظرية الفوضى» العلمية القائمة في كل مجالات العلوم الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية؛ بإمكانها قراءة ما يحدث في البلدان العربية والعالم منذ شرارة محمد البوعزيزي التي دشّنت دورة القرن الحادي والعشرين في أواخر 2010م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.