عدن أون لاين/ خليج عدن-كتب:خالد الشودري ظهر في الآونة الأخيرة مشهد خطر حقيقي بات يتكشف معه مسلسل مخطط الانفلات الأمني لإغراق مدينة عدن في الفوضى المتعمدة والصراع المستمر، وذلك ظهر جلياً من خلال الأحداث المؤلمة خلال الأسبوع الماضي والذي راح ضحيتها قتيل وعشرات الجرحى من الشباب، وأمام هذه التطورات و المستجدات تبرز تساؤلات ملحة حول من يقف خلف تغذية الصراع بين شباب مكونات الحراك الجنوبي والثورة السلمية؟ ومن هو المستفيد من تأجيج الصراع؟ وماذا عن بقايا النظام السابق ودورها في هذا التحريض ضد شباب الثورة؟ وهل من مصلحة الحراك الجنوبي استعداء الثورة السلمية والعكس بالعكس؟ و ما هو المطلوب من جميع الأطراف لإيقاف هذا المخطط الخطير الذي يهدد السلم الاجتماعي في مدينة عدن خصوصاً وبقية محافظات الجنوب عموماً.
هل يمثل شباب الثورة خصم حقيقي للحراك الجنوبي؟ عندما انطلق الحراك الجنوبي في العام 2007م للوقوف أمام ممارسات نظام المخلوع علي عبدالله صالح، استطاع أن يقدم نفسه كحركة تحرر سلمي تقاوم الظلم من خلال النضال السلمي، واستطاع أن يصمد أمام آلة القمع التي ووجه بها في فعالياته المختلفة، وعندما قامت الثورة الشبابية السلمية في فبراير 2011م ضد نفس النظام وهو نظام المخلوع علي عبدالله صالح واجهتها آلة القمع بنفس الشراسة التي واجهت به فعاليات الحراك السلمي، وظهرت هنا العديد من نقاط التشابه و من خلال الخصم المشترك للطرفين، وأسلوب التعامل من قبل النظام، إضافة إلى أن الثورة والحراك انتهجا النضال السلمي في مواجهة بطش السلطة، على اعتبار أنهما حركة اجتماعية ثورية نضالية انطلقت من نفس المسببات تقريباً و لديها خصم مشترك وجوبهت بنفس الوسائل و الأساليب، وعليه فإن نقاط الاشتراك بين الحراك و الثورة السلمية أكثر من نقاط الاختلاف، و لديها نفس الأهداف وهو إسقاط نظام علي عبدالله صالح. و هنا يبرز التساؤل المهم هل يمثل شباب الثورة خصماً حقيقياً للحراك الجنوبي، والعكس بالعكس، وعلى ضوء ما تقدم يظهر لنا أن الثورة السلمية لا تمثل خطراً حقيقياً للحراك الجنوبي، كما أن الحراك الجنوبي لا يمثل هو الآخر خطراً على الثورة و خصماً يجب مواجهته، ومن هنا يجب على الطرفين إدراك أن النظام السابق وبقايا فلوله لازالت موجودة، و يهمها تأجيج الصراع من خلال إثارة الفتنة بين الطرفين (الحراك،الثورة) في عملية خلط للأوراق و إضعاف لهما في محاولة من فلول النظام السابق والعمل على طريقة هدم المعبد على الجميع.
دلائل تورط بقايا النظام السابق عند اندلاع الثورة السلمية في فبراير 2011م، ظهرت مكونات على هامش الحراك الجنوبي كما ظهرت شخصيات ادعت انضمامها له و معروف عن تلك الشخصيات عضويتها في المؤتمر الشعبي العام حتى قبيل اندلاع الثورة، كما يعرف عن تلك الشخصيات والأسماء قربها وولاءها الشديد لشخصيات النظام السابق مثل عبد الكريم شائف، وعارف الزوكا، وحافظ معياد، وعبده بورجي، وبقية أعضاء اللجنة الخاصة التابعة لأحمد علي عبدالله صالح، هذه الشخصيات المنضمة للحراك بعد اندلاع الثورة أصبحت في فترة قياسية من كبار القيادات داخل الحراك و أصبحت هي الآمر الناهي، ونجحت إلى حد كبير من سحب البساط من القيادات التاريخية للحراك منذ انطلاقه في 2007م، وظهر ذلك جلياً من خلال التحريض على تلك القيادات و رفع شعارات مثل (لا قيادة بعد اليوم) تهدف من خلاله إبقاء الحراك كيان كبير دون قيادة واعية، لكي يسهل قياده و توجيهه. هدفت تلك الشخصيات المدسوسة على الحراك من أول يوم لحرف وجهة الحراك الحقيقية و إدخاله في صراعات ليس هو معني بها، لينفذوا من خلاله مخطط الإجهاض على الثورة تحت شعارات عاطفية تظهر الحرص على القضية الجنوبية، ومن الدلائل التي تثبت تورط بقايا النظام في تأجيج الصراع، هو بقاء القيادات المؤتمرية في عدن بمنأى عن أي مطالبات بالرحيل سواء من كان منهم في السلطة المحلية و غيرها في عدن و بقاءهم معززين في أماكنهم ولم يطلهم ما حدث لنظرائهم في بقية المحافظات، و عليه فقد عمل بقايا النظام من خلال عناصره المدسوسين على الحراك بتوجيه نشاطه لاستهداف القوى الثورية و كل المكونات الداعمة لها و على رأسها حزب الإصلاح و استهدافه حتى بالشعارات و قياداته، في حين لم ترفع شعارات أخرى تطالب برحيل (أحمد علي ويحي و عمار) على الرغم من أن نصف شهداء الحراك قتلوا على يد قوات الأمن المركزي التي يرأس أركانه يحي محمد صالح، ونصفهم الآخر على يد قوات الحرس الجمهوري الذي يقوده نجل المخلوع، فيما عذب أغلبيتهم في أروقة الأمن القومي التي يديره عمار محمد عبدالله صالح، وإطلاق مصطلح الإصلاح الحاكم، بينما جميع الأحزاب الموجود تعتبر حاكمة بحكم مشاركتها في حكومة الوفاق، فلماذا هذا الاستهداف للإصلاح تحديداً. إضافة إلى ما سبق يدل التماهي في الخطاب التي تتبنيه وسائل إعلام المخلوع مع تلك الممارسات والتحريض على القوى الثورية،كما أن الحراك الجنوبي منذ انطلاقته في 2007م كان يقدم نفسه على أنه قوة ثورية، لكن الممارسات الأخيرة التي استهدفت القوى الثورية و فعالياتها كان أقرب لممارسة النظام في قمع الثورة في صنعاء و تعز، من حرق للساحات و مواجهتهم بالرصاص الحي، والاعتداء عليهم، الأمر الذي يثير التساؤل حول من هو المحرك الحقيقي لتلك الاعتداءات، إضافة إلى التشابه حد التماهي في الموقف من ثورة المؤسسات حيث اعتبرها نظام المخلوع استهداف لكوادره، فيما اعتبر تلك القيادات المدسوسة على الحراك ثورة المؤسسات أنها استهداف للقضية الجنوبية و الجنوبيين!!(مؤسسة أكتوبر مثالاً) متناسين أن الذين ثاروا على رئيس المؤسسة هم جنوبيين يطالبون بحقوقهم، وكذا نفس الموقف في دائرة التوجيه المعنوي، حيث تعتبر أحد أكبر معاقل النظام السابق.
أهداف بقايا النظام يهدف فلول النظام السابق من خلال تأجيج الصراع بين الحراك و القوى الثوري في المحافظات الجنوبية إلى خلط الأوراق و صرف الأنظار عن ممارسات المخلوع وأسرته من تخريب الكهرباء، والتخفيف من الضغوط التي تمارس على أسرة المخلوع لإقالتهم من الجيش و الأمن، كما يلاحظ أنه كلما تقدمت العملية السياسية إلى الأمام وفق اتفاق نقل السلطة، تزيد حدة التحريض ومحاولات تأجيج الصراع بين الحراك والقوى الثورية في محاولة لإطالة عمر الأوضاع الراهنة من عدم الاستقرار السياسي والأمني لإخفاء جرائم النظام السابق والإفلات من الملاحقة القانونية ، وهنا تتقاطع مصالح بقايا النظام مع التدخل الإيراني في محاولات إفشال المبادرة الخليجية الذي مثل اتفاقاً لتجنيب اليمن مخاطر الحرب الأهلية. الدور المطلوب من الحراك الحقيقي السؤال الحقيقي من يقف أمام الغوغاء التي نجح المدسوسون على الحراك في تأجيج مشاعرهم ضد قيادته، وبالتالي عدم الانصياع لهم و رفض أي موقف، بيانات الطرد من الحراك تلوح أمام أي قيادي يبدي مرونة أو عقلانية في حل القضية الجنوبية مثل(الناخبي)و (السعدي)و(الطويل) وغيرهم، وعليه فإن المطلوب اليوم من تلك القيادات الإدانة الواضحة و المتكررة من أي أعمال عنف يقدم عليها هذا التيار ضد القوى الثورية، و الخروج من الغموض الذي يثير الشكوك حول موقف الحراك الحقيقي. مصير القضية الجنوبية في ظل هذه التطورات، ينبغي على قيادات الحراك الحقيقي التبرؤ من أي أعمال عنف وإلصاقها بالقضية الجنوبية، والتنبه لتلك المخاطر التي تحدق بالقضية الجنوبية و التقاط اللحظة التاريخية التي وفرتها الثورة الشبابية من اعتراف محلي و إقليمي ودولي. كما ينبغي على الشركاء الآخرين من أحزاب سياسية وقوى وطنية أن يكونوا على قدر من المسئولية السياسية والوطنية والأخلاقية من حيث عدم إلصاق الممارسات السيئة بالقضية الجنوبية، والتذرع بها لتجاهلها و تجاوزها، بل تظل القضية الجنوبية قضية الأرض التي نهبت والمظلومين الذين سرحوا، ويظل كل اليمنيين معنيون بها باعتبارها البوابة للتغيير و إعادة الشراكة وإدراجها على سلم أولويات الحوار الوطني.