جاءت فكرة قيام الإتحاد الخليجي لدول الخليج العربي الست المؤسسة لمجلس التعاون الخليجي في العام 1981م في ظل ما يشهده الوطن العربي بصفة خاصة والعالم عامة من متغيرات سياسية وتفكيك تحالفات على المستوى العربي والعالمي أهمها ثورات الربيع والتي أطاحت ببعض الأنظمة ذات التوجه القومي المعادي للسياسة الصهيوامريكية والممانع لها على الرغم مما تتصف به من دكتاتورية واحتكار للسلطة وتوريثها للأسرة فكرة الإنتقال من التعاون الخليجي إلى الإتحاد الإندماجي والذي ربما يكون الهدف منه حكومة خليجية " فيدرالية " عاصمتها السياسية الرياض هي فكرة تبناها النظام السعودي من المؤكد هنا بأن الفكرة لم تكن نابعة من رغبة سعودية في الإتحاد الحقيقي ورؤية قومية على أساس تكوين نواة وحدوية خليجية للمشروع العربي الحضاري الوحدوي الذي يمتلك كل المقومات المادية والمعنوية والحضارية المشتركة بل هو هروب من النظام السعودي إلى الأمام نظراً لما بات يُعانيه من حراك سياسي في الداخل يتسع يوماً بعد آخر ولا شك أنه بات يقض مضاجع القصور الملكية نتيجة الكبت وتقييد الحُريات وتصنيف المواطنة على أساس الخطوط " الخضراء والصفراء والحمراء " والأهم من ذلك كُله وقوف النظام السعودي على حقيقة هامة وهى عدم ديمومة العلاقات السياسية الدولية في نهج أُحادي مع التحالفات وهذا ربما ما ادركه النظام السعودي مؤخراً من خلال التوافق الإيراني الأمريكي حول برنامج إيران النووي وإزاحة الستار الوهمي حول العلاقات العدائية بين البلدين وهنا رشح للنظام السعودي فكرة الإنتقال بالخليج إلى الإتحاد كردة فعل من الممكن أن تغيظ الحليف الأمريكي وتُغير موازين القوى من العدو الإيراني المصطنع بيمنا لم يدرك هذا النظام أزلية وعضوية العلاقة الإيرانية الحميمة مع سلطنة عُمان قيادة وشعباً وهنا كانت رِدة الفعل قوية في وجه النظام السعودي من قبل سلطنة عُمان والتي صدعت بها علناً في مؤتمر المنامة ب " ثلاث لاءات " ولكنها ليست كتلك اللاءات العربية في قمة الخرطوم في العام 1967م التي حطمتها دول النفط الخليجي ؟ اللاءات العُمانية تأتي مستندة على وقائع ومستجدات دولية لا للاتحاد الخليجي الإندماجي ويظل الحال كما هو عليه وعلى النظام السعودي اللجوء إلى الواقع , لا للعُملة الخليجية الموحدة فعمان تشهد إستقرار إقتصادي ولم تلمس من دول الخليج الأخرى المتخمة وخاصة السعودية أي تقدم في التبادل والتكامل الإقتصادي وتعاني من هذا لا لتوسيع قوات درع الجزيرة لأن السعودية تحتكر النسبة الأكبر في تكوين هذه القوات الشكلية وربما تنطلق سلطنة عُمان في هذا الجانب من حقيقة أن مهمة هذا القوات قد إنتهت بالإحتلال الأمريكي للعراق ومكن الصديق الإيراني من السيطرة على قطرالعراق ولم يعد هناك صدام يهدد الخليج !! بل هناك إيران الصديق القديم الجديد ومع سلطنة عُمان تقف بقوة إمارة قطر وتدعم التوجه العمُاني . اللاءات الثلاث العُمانية لها ما يُبررها فعُمان تمتلك سياسة خاصة في توجيه علاقاتها الخارجية وتختلف في مواقفها من الأحداث والتحالفات مع سياسة بعض دول الخليج العربي بيمنا تتصادم سياسة دول الخليج مع بعضها في المواقف والتحالفات فالنظام السعودي يمتهن سياسة احتوائية إستعلائية قد لا تحبذها بعض دول الخليج والتي تمثل قوام فكرة الإتحاد الخليجي فهناك خلاف عميق مع دولة قطر حول العلاقات البحرينية المتأزمة وأن تقاربا في المواقف حول النظام السوري والانتقام الشخصي من الرئيس الليبي يأتي التناقض الكبير في الحالة السياسية المصرية واليمنية ومع النظام السعودي تتفق دولة الإمارات العربية وتُحايد دولة الكويت بنظام البرلماني الدستوري غائب كلياً لدى النظام السعودي وشكلياً في دول الخليج الأخرى الخلاف العميق الذي يرافق مؤتمرات مجلس التعاون حول الجُزر الإماراتية مع إيران هناك خلافات عميقة ترافق مجلس التعاون الخليجي كمنظومة سياسية تحكمها التحالفات الخارجية وكثير منها غير قادر على تجاوزها أو فك الإرتباط معها كسلطنة عُمان التي تحتفظ بقواعد إيرانية وخُبراء في المجالات العسكرية والإستكشافات النفطية فهل من المعقول أن يكون النظام السعودي تبنى فكر الإتحاد الخليجي على أساس مقومات شكلية " العِقال والغُترة , أغنية البحر , اللهجة اللكنة , موائد الكبسة , الطفرة النفطية , " وقد يُؤيد فكرته على أساس هذه المقاومات بعض السطحيين من العامة في الخليج والوطن العربي كبيرة هي المتناقضات السياسية والأجندات المتضاربة في العلاقات الخليجية مع بعضها وما يرتبط بهذه العلاقات من مصالح فردية مع دول إقليمية وأجنبية ولذا جاءت اللاءات العُمانية موضوعية بالمقارنة مع فكرة النظام السعودي التوحيدية على أساس الهروب من الواقع والقفز على الأحداث والمتغيرات وتعثر الأصدقاء الأمريكان عن مواصلة الدعم السياسي والتخلي عن حُلفائه التقليديين كنظام مبارك في مصر ولم تكن نابعة من منطلق المشروع الوحدوي الحقيقي والذي عمل النظام السعودي على تفكيكه بالتعاون مع حُلفائة الصهيوامريكان على مدى التأريخ السياسي لدولته الوليدة التي أدمنت الضم والإلحاق لأرضي الدول المجاورة بما فيها الخليجية . إذاً يأتي وقوفنا مع فكرة المشروع الإتحادي كنواة للمشروع الوحدي الحضاري العربي من المحيط المغربي إلى الخليج العربي وليس كفكرة نظام يريد الهروب من الإستحقاقات الداخلية والعربية والمتاجرة بقضايا الأمة المصيرية على حساب الغباء السياسي وجر الأخرين لمعركته الوهمية . كثير من دول الخليج تُدرك تماماً جوهر الفكرة وأهدافها الأنية ولذا صدعت سلطنة عُمان بلاءاتها الثلاث وخرجت عن سياسة المراوغة والبصم على طاولة الرغبات وبذا تكون شبت عن الطوق وإن ارتدت طوق أخر فهي تخاطب الواقع مجبرة وقد لا تسلم بديمومته على المدى القريب وهنا يتوجب على النظام السعودي التوقف في محطات ثلاث بمقابل اللاءات العُمانية الثلاث ؟؟ وقرأتها قراءة داخلية وخارجية وعن بُعد في التعامل مع استراتيجيتها أولا : أن هناك في أولويات واشطن تعمل على إعادة ترتيب الملفات العالمية من مطلق مصالحها وفق النتائج والدراسات التي تشير إلى المفاوضات وعدم جدوى التورط في الحروب والتدخل العبثي ثانيا : تراجع أهمية دول الخليج بالنسبة لواشنطن تتراجع على الرغم مما تمتلكه من مخزون نفطي فالعراقوإيران التي تسيطر عليه قادرة على التعويض في الإنتاج النفطي ومشتقات الطاقة العالمية ثالثا : أن المتغيرات الدولية باتت تحكمها المصالح وتسيطر عليها الإقتصاديات ذات السياسة الإنتاجية المعتمدة على البدائل المتجددة في مصادر الطاقة وهذا ديدن واشطن وأخواتها الغربيات ومن هنا انطلقت اللاءات العُمانية وفق رؤية عالمية لا تعرف بالفِكر الأنية وردات الفعل التشنجية وهذا ما يجب على النظام السعودي استنتاجه من اللاءات العُمانية .. الإتحاد مطلب تتوق إليه الجماهير العربية.