لم يقتصر أذى جماعة الحوثي على المواطنين اليمنيين فقط، وإنما تعداه ليشمل الدبلوماسيين الأجانب الذين اشتكوا مؤخرًا تعرضهم لمضايقات وعمليات ابتزاز من قبل الحوثيين في مطار صنعاء الدولي في سابقة هي الأولى من نوعها باليمن. ويسيطر الحوثيون على مطار صنعاء الدولي مثل غيره من مؤسسات الدولة منذ اجتياحهم للعاصمة في 21 سبتمبر الماضي وتمكنهم من الإمساك بمقاليد الأمور عسكريًا وسياسيًا في البلاد.
واشتكت بعثتا ألمانياوالصينبصنعاء من تعرض دبلوماسييهما لمضايقات وعمليات ابتزاز مالي مقابل السماح لهم بالمرور أو المغادرة عبر صالة التشريفات بالمطار.
مضايقات وابتزاز
وقالت السفارة الألمانية في صنعاء في رسالة بعثتها إلى وزارة الخارجية اليمنية، إن “الدبلوماسيين الألمان تعرضوا لمضايقات من قبل(الحوثيين) في المطار وصلت إلى حد فرض مبالغ مقابل السماح بالمغادرة أو الوصول عبر صالة التشريفات”.
وأشارت في رسالتها التي حصل”التقرير”على نسخة منها والمؤرخة بتاريخ 3 ديسمبر الجاري إلى “تزايد المضايقات التي يتعرض لها الدبلوماسيون الألمان في الفترة الأخيرة أثناء المغادرة أو الوصول عبر صالة التشريفات بمطار صنعاء الدولي”.
وأوضحت أن “المضايقات وصلت إلى حد المطالبة بدفع مبالغ مالية مقابل السماح أو الوصول عبر الصالة(عن كل فرد 200 إلى 250 دولارًا)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى منع الكثيرين من المغادرة أو الوصول عبر الصالة، وفق شكوى السفارة الألمانية”.
ونبهت السفارة إلى أن “هذا يحدث على الرغم من حصول دبلوماسييها على مذكرات من وزارة الخارجية بشأن السماح أو المغادرة عبر هذه الصالة نظرًا للظروف المرتبكة التي يمر بها المطار وتعدد الجهات صاحبة القرار فيه”.
ووصفت السفارة ما يتعرض له دبلوماسيوها ب”التعامل الفج”، ما ولد حالة من السخط في صفوفهم، داعية إلى معالجة هذه الإشكالية التي وصفتها ب”المزعجة”.
وبالمثل اشتكت سفارة الصين في رسالة منفصلة من تعرض دبلوماسيين صينيين لمضايقات من قبل الحوثيين معتبرة هذا خرقًا للأعراف الدبلوماسية، داعية السلطات اليمنية لوضع حد لهذه المشكلة.
اعتراف وتراجع
واعترف الحوثيون في أكتوبر الماضي بقيام مسلحي ما يسمى “اللجان الشعبية”، التابعة لهم بتفتيش صناديق تابعه للسفارة الأمريكية فور وصول الطائرة الأمريكية نوع (يوشن) إلى مطار صنعاء محملة بالعديد من المستلزمات التابعة للسفارة.
وأكدوا حينها أنهم قاموا بمطابقة تلك الصناديق بالكشف المرسل من السفارة وعند وجود صندوق غير مطابق لما في الكشف المرسل من السفارة قامت اللجان الشعبية بإرجاعه الى الطائرة ولم يسمحوا بدخوله، الأمر الذي أثار سخط رجال الأمن القومي وطاقم الطائرة ومبعوثي السفارة الأمريكية .
وعلى الرغم من اعترافهم هذا ومعرفة اليمنيين بتواجدهم بالمطار مثل غيره من مؤسسات الدولة؛ إلا أنهم اضطروا مؤخرًا بعد شكوى السفارات الأجنبية من تصرفاتهم إلى نفي تواجدهم بالمطلق.
ونفى حسين العزي، مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة الحوثي، قيام عناصرهم بتفتيش السفراء في المطار، مؤكدًا في تصريح صحفي عدم تواجدهم هناك ومن يتواجدون موظفون رسميون يؤدون واجبهم.
ويرى محللون أن هذه التصرفات ستلحق الضرر باليمن وسمعة البلد في الخارج في ظل حاجة الدولة للتواصل مع الخارج وكسب دعمه وتعاطفه؛ نظرًا للأوضاع الصعبة حاليًا.
وأكد الدكتور نبيل الشرجبي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الحديدة، أن “هذه التصرفات تضر بصورة اليمن أمام الآخر وخاصة المجتمع الدولي”، مشيرًا في تصريحات خاصة ل”التقرير”، إلى أن “هذا الأمر يؤكد الصورة الذهنية لعجز الدولة اليمنية”.
واعبر الشرجبي تصرفات الحوثيين خرقًا للأعراف الدبلوماسية، الأمر الذي قد يضر اليمن في الكثير من الجوانب، منها تقليل المساعدات أو تخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي أو تشديد الإجراءات حول سفر اليمنيين من وإلى اليمن.
وحذر من أن “التداعيات على ذلك، قد تشمل تقليل الدعم من قبل بعض الدول، واليمن في غنى عن مثل هذه الإجراءات التي تخدمها”.
من جانبه، قال عدنان هاشم رئيس مركز “ساس” للأبحاث ودراسة السياسات، إن “هذه تعتبر سابقة تاريخية لم تحدث في أي بلد في العالم، وهي رسالة تؤكد على أن لا دولة تدير البلد وأن من يديره هي جماعة مسلحة لا تهتم لعلاقات اليمن الخارجية”.
واعتبر في تصريحات ، هذه الحوادث “تشويهًا مكتمل الأركان لليمنيين في الخارج”، داعيًا لوقف هذه الممارسات وعدم الاكتفاء باعتذارات وزارة الخارجية للسفارات الأجنبية في البلاد، مطالبًا ب”موقف رسمي يفرض هيبته على كل تراب الدولة، وبداية من المطارات”.
ورأى هاشم أن “هناك رسالة أخرى تبعثها هذه التصرفات، وهي أن هذا هو المستقبل الذي على العالم تقبله في اليمن”.