اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    الصين: بعد 76 عاما من النكبة لا يزال ظلم شعب فلسطين يتفاقم    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    صيد ثمين بقبضة القوات الأمنية في تعز.. وإفشال مخطط إيراني خطير    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وداعاً للروتين.. مرحباً بالراحة: بطاقة ذكية تُسهل معاملات موظفي وزارة العدل!    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في مرمى ديبورتيفو ألافيس    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    الاتحاد الأوربي يعلن تطور عسكري جديد في البحر الأحمر: العمليات تزداد قوة    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    نص المعاهدة الدولية المقترحة لحظر الاستخدام السياسي للأديان مميز    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    هيو جيو كيم تتوج بلقب الفردي وكانغ تظفر بكأس الفرق في سلسلة فرق أرامكو للجولف    ولي العهد السعودي يصدر أمرا بتعيين "الشيهانة بنت صالح العزاز" في هذا المنصب بعد إعفائها من أمانة مجلس الوزراء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد عام من "ثورتهم" المزعومة .. فضائح مدوية للحوثيين (وثائق)
نشر في عدن بوست يوم 12 - 09 - 2015

لم يقتصر فساد الحوثيين على قطاعات محددة، فقد طال حتى قيمة الإنسان كإنسان، حيث عرفت الجماعة بتقسيماتها الطائفية للمجتمع، بل وتقسيماتها الطبقية داخل صفوف الجماعة نفسها، وأعادت جماعة الحوثيين إحياء أمراض السلالية والمناطقية والجهوية في المجتمع اليمني، وعملت ولا تزال على تمزيق نسيجه الوطني وإثارة الكثير من الأحقاد الدفينة، وهو الأمر الذي يمثل مساساً بالأمن القومي للبلد وصورة من صور الفساد الاجتماعي.
ومن المفارقات أن جماعة الحوثيين التي تدعي تعرضها للإقصاء والتهميش، طيلة فترة حكم حليفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، عمدت بسبب ثقافتها العنصرية وسلوكها العنيف وفسادها إلى فرض مزيد من العزلة بينها وبين المجتمع اليمني، وزاد من عزلتها وضوح صورتها لدى اليمنيين بوصفها مجرد أداة لمشاريع خارجية، بعد أن كشفت عدم امتلاكها أي مشروع وطني، فمنذ اللحظة الأولى التي استولت فيها المليشيات الحوثية على العاصمة اليمنية صنعاء وفرضت الإقامة الجبرية على الرئيس وحكومته توجهت أنظارها نحو السجناء الإيرانيين المتورطين في قضايا التجسس وتهريب أسلحة للمتمردين الحوثيين وقضايا تمس الأمن القومي اليمني، حيث قامت باقتحام مكان احتجازهم في مقر جهاز الأمن القومي بمنطقة صرف شمالي صنعاء وأطلقت سراحهم.
الفساد الأمني
وقد تحدثت مصادر صحفية عن قيام مسلحين تابعين لمليشيات الحوثي بمحاصرة مقري جهاز الأمن القومي في منطقتي "صرف" بضواحي صنعاء، و"شعوب" بوسط العاصمة، وقاموا بإطلاق سراح عدد من العسكريين الإيرانيين، الذين كانوا ضمن طاقم سفينة الأسلحة الإيرانية "جيهان 1"، التي احتجزتها السلطات اليمنية في يناير 2013، والتي كانت تحمل أسلحة للمليشيات الحوثية. وأشارت إلى أنه بين من أطلق سراحهم خبراء عسكريون تابعون للحرس الثوري الإيراني، كانت مليشيات الحوثي بذلت جهودا كبيرة من أجل إطلاق سراح هؤلاء الإيرانيين، في حين تحدثت مصادر أخرى أن الإفراج عنهم جاء بقرار من السلطات اليمنية، بفضل وساطة لسلطنة عمان.
الخطوة الأكثر كارثية إقدام مليشيات الحوثي، في وقت سابق، على اختطاف أحد كبار ضباط جهاز الأمن السياسي "أحد فرعي المخابرات اليمنية"، وهو اللواء يحيى المراني وكيل الجهاز والمسؤول عن قضيتي خلايا التجسس وسفينة الأسلحة الإيرانية جيهان، وإخفائه قسرياً لمدة 19 يوماً، حيث جرى استجوابه بشأن هذه القضايا، ولم يطلق سراحه إلا بوساطة عمانية، وبشروط حوثية أوعزت بها المخابرات الإيرانية، تقضي بمنع اللواء المراني مزاولته عمله ومغادرته موطنه اليمن فوراً، وتعيين أحد الموالين للمتمردين الحوثيين في منصبه، وهي الشروط التي اضطر الرئيس هادي للموافقة عليها، حيث كان تحت الإقامة الجبرية حينها.
ونقلت وسائل إعلام محلية وعربية عن مصدر أمني يمني بأن المحققين سألوا اللواء المراني عن الجهة التي أمرت بضبط خلايا التجسس الإيرانية والسفينة جيهان، ومن قام بالتحقيق مع الأشخاص المضبوطين ومكان احتجازهم، إضافة إلى أسئلة عن كيفية تبادل المعتقلين والمطلوبين أمنياً بين اليمن والسعودية، كما أن الحوثيين سألوه عمن كان يعذب أنصارهم الذين اعتقلوا أثناء الحروب الستة وعن أماكن اعتقالهم. وأوضح أن المحققين الإيرانيين والحوثيين حصلوا على معلومات أمنية حساسة من أسرار جهاز الأمن السياسي تمس الأمن القومي للبلاد، لافتا إلى أن المراني خضع طوال فترة احتجازه للتهديد باختطاف أولاده وتصفيتهم إن لم يجب عن كل التساؤلات، وهو ما رضخ له خوفا على مصير أبنائه. وقال المصدر إن أكثر شيء أحزن المراني في تجربة اختطافه هو ثمن استعادة حريته بإجباره على مغادرة بلده مكرهاً، وهو لم يرتكب جرما يستوجب ذلك.
وكانت السلطات اليمنية أعلنت عام 2012 ضبط خلية تجسس إيرانية يقودها ضابط في الحرس الثوري الإيراني تمارس مهام التجسس منذ سبع سنوات في البلاد، تحت غطاء العمل التجاري. وفي العام التالي أعلنت ضبط السفينة الإيرانية "جيهان" في المياه الإقليمية اليمنية وعلى متنها أسلحة متطورة، وأحالت طاقمها المكون من تسعة أشخاص -بينهم إيراني- إلى المحاكمة قبل أن تصدر إحدى المحاكم في مدينة عدن أحكاما على المتهمين بالسجن بمدد مختلفة، ولا يعرف حتى اليوم مصيرهم، في ضوء المعلومات التي تتحدث عن إطلاق سراحهم، عقب دخول الحوثيين صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول العام الماضي.
وإذا كان هذا هو سلوك المليشيات الحوثية في واحدة من أخطر القضايا الأمنية، فكيف يمكن أن تكون أمينة على حياة وأمن ومستقبل قرابة 25 مليون مواطني من أبناء الشعب اليمني، وكيف يمكن أن تكون أمينة على حياة وأمن ومستقبل شعوب الجوار الإقليمي والعربي؟!.
وفي سياق سلوكها العبثي وفسادها في مؤسسة الأمن والمخابرات، أغرقت مليشيات الحوثيين جهاز الأمن السياسي بالمئات من عناصرها، بموجب توجيهات من رئيس الجهاز اللواء حمود خالد الصوفي المعين بقرار من الرئيس هادي، وفرضت المليشيات عناصرها نواباً للإدارات العامة في المركز والفروع دون ترشيح من المدراء أو تزكيتهم أو حتى دون مراعاة توفر الحدود الدنيا من شروط شغل الوظائف، واجتياح الجهاز بما يقرب من خمسمائة منتسباً جديداً في الإدارة العامة.
وكشفت مواقع إخبارية يمنية عن مراسلات سرية بين وزير الداخلية اللواء جلال الرويشان الذي يشغل منصب رئيس ما يسمى "اللجنة الامنية العليا" التابعة للحوثيين في صنعاء, وبين رئيس جهاز الامن السياسي اللواء حمود خالد الصوفي الذي يقيم حاليا في القاهرة، تركزت حول موضوع تدخل الحوثيين في جهاز الامن السياسي , وفرض الحوثيين لشخص يدعى "كاظم" قيادي في الجهاز فضلاً عن شخص يدعى "أبو طه"، يعتقد انه مندوب الحوثيين في جهاز الامن السياسي.
وتصاعدت روائح فساد الحوثيين وعبثيتهم بجهاز الأمن السياسي درجة لا تطاق، ما دفع منتسبو الجهاز بصنعاء، أخيراً، إلى الخروج عن صمتهم، والبدء ببرنامج تصعيدي لحماية مؤسستهم الأمنية ومنتسبيها عبر احتجاجات سلمية تعبر عن رفض للسلوك "الهمجي" لجماعة الحوثي، دون أن يستبعد منتسبو الجهاز في بيان، نشرته مواقع إخبارية يمنية، "اللجوء إلى وسائل مشروعةٍ أكثر فاعلية نتشارك فيها مع كل من تعرض للضيم والظلم والقمع في مؤسسات الدولة"، حسب البيان.
إفساد الدبلوماسية
حتى القطاع الدبلوماسي طاله فساد المليشيات الحوثية، حيث نشر الصحفي اليمني نبيل سبيع وثيقة، وصفت ب"الفضيحة"، عبارة عن شكوى قدمتها السفارة الألمانية، في ديسمبر الماضي، إلى وزارة الخارجية اليمنية تشكو من تزايد المضايقات التي يتعرض لها الدبلوماسيون الألمان أثناء المغادرة أو الوصول عبر صالة التشريفات في مطار صنعاء الدولي الذي يخضع لسيطرة الحوثيين.
وفي التفاصيل، يقوم أتباع الحوثي بمضايقة الدبلوماسيين الألمان بشكلٍ وصل إلى المطالبة بدفع مبالغ مالية مقابل السماح بالمغادرة أو الوصول عبر الصالة، وكشفت الوثيقة أنه تم فرض ما بين "200-250 دولاراً"، بل وأحياناً منع الدبلوماسيين من المغادرة أو الوصول عبر الصالة.
وقال الصحفي سبيع إنه عبر تاريخ مطار صنعاء، وعبر تاريخ العلاقة بين اليمن وألمانيا، لم يسبق أن سُجِّلتْ مثل هذه الفضيحة في هذا المطار (ولا في أي مطار آخر طبعاً). ولكنها سُجِّلتْ أخيراً بفضل الحوثي!، مشيراً إلى أن هناك ما يقارب (14 رسالة) مماثلة من عدة سفارات غربية وغير غربية تحمل شكاوى حول إساءات مختلفة يتعرض لها دبلوماسيوها في المطار.
وفي وقت لاحق، تداول ناشطون يمنيون أيضاً وثيقة موجهة من السفارة الصينية بصنعاء إلى وزارة الخارجية اليمنية بخصوص تعامل غير لائق من قبل سلطات مطار صنعاء مع الدبلوماسيين الصينيين. وقالت السفارة في مذكرتها إنه عند مغادرة سعادة السفير المفوض لجمهورية الصين الشعبية تم اعتراض الحقائب الخاصة به من قبل موظفي الجمارك والأمن في مطار صنعاء الدولي، وتفتيشها والعبث بها من قبل الموظفين بالمطار. ونوهت السفارة في مذكرتها الى أنه تم التعامل مع أعضاء البعثة بعد احترام وهو ما عدته السفارة منافيا لكل الأعراف الدولية والدبلوماسية.
وفي سياق ممارساتها العبثية أيضاً، عبر مصدر أمني في مطار صنعاء الدولي عن انزعاجه من عبث وفساد المليشيات الحوثية في مطار صنعاء، مشيراً إلى أن المليشيات الحوثية منذ دخولها صنعاء والسيطرة على مؤسسات الدولة ومنها مطار صنعاء الذي يعد الواجهة الأولى للبلد قامت بتهميش وإقصاء موظفي المؤسسات الرسمية في المطار ومصادرة حقوقهم، ولم تكتفِ بذلك، بل وصل بها الحد إلى الاعتداء عليهم واحتجاز عدد منهم في زنزانة المطار ومنع كافة الموظفين من الاطلاع على الطرود التي تصل إلى المطار، كما تقوم المليشيات الحوثية بالاستيلاء على المخصصات الخاصة بالمطار من (علاوات ومشتقات نفطية وغيرها ) وتقوم بتوزيعها على المسلحين التابعين لها وبيعها في السوق السوداء، وقامت المليشيات الحوثية بتسريح كتيبة "قوات الامن الخاصة" المكلفة بحماية المطار وإحلال مليشيات حوثية محلها وجعلت دور مسئولي المطار صوريا ولا يقومون بأي عمل إلا بتوجيهات من قبلها، وتطرق المصدر الأمني إلى قيام المليشيات الحوثية بمصادرة كافة الأدوات والمعدات التي كان متحفظاً عليها من قبل سلطات الأمن والجمارك في المطار وتلك المعدات والأدوات يقدر ثمنها بعشرات الملايين، بالإضافة إلى اقتحام عدد من مكاتب الطيران في المطار ونهبها. وكشف المصدر عن قيام المليشيات الحوثية بالاعتداء على عدد من الشخصيات السياسية داخل مطار صنعاء والتلفظ عليهم بألفاظ نابية، بمن فيهم شخصيات محسوبة على حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح حليف الحوثيين.
ومنذ سيطرتها على مطار صنعاء، شرعت مليشيات الحوثي في استقبال طرود مشبوهة كانت تصل عبر الرحلات القادمة من بيروت، بالإضافة إلى الطائرات الايرانية التي وصلت مطار صنعاء، بموجب اتفاقية تمنح بموجبها إيران تسيير 28 رحلة أسبوعياً بين البلدين.
إفساد الإعلام
طالت مسيرة الفساد الحوثية قطاع الإعلام اليمني بمختلف أنواعه ووسائله، حيث شرعت في مصادرة الإعلام الرسمي وفرض على أدائه رؤية أحادية صارمة لا تخرج عن الخطاب التحريضي الطائفي التضليلي الذي تمارسه هذه المليشيا منذ نشأتها.
وكغيرها من مؤسسات الدولة، مارست المليشيات الحوثية عملية إقصاء منظمة ضد كل الكوادر الوظيفية في مؤسسات الإعلام الحكومي، وتسليم المؤسسات إلى عناصرها المتخلفة.. وفي المقابل أقدمت المليشيات الحوثية على اقتحام ونهب وإغلاق كل وسائل الإعلام الأهلية، المرئية والمطبوعة والمسموعة، وقامت بحجب كل المواقع الإلكترونية الإخبارية التي لا تسبح بحمدها.
وفي فبراير الماضي، كشفت وثيقة مسربة عن إقدام رئيس قطاع التليفزيون اليمني التابع لجماعة الحوثي جمال الحمادي على مخاطبة مدير عام المؤسسة اليمنية للإذاعة والتلفزيون بشار مطهر يطالبه بصرف 5 ملايين ريال يمني وذلك لمواجهة التغطية المستمرة لما سمي ب"الإعلان الدستوري" الانقلابي لجماعة الحوثي، بالإضافة إلى عمل تحقيقات ميدانية تؤثر على الجماهير اليمنية!. وقد علقت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان، على الوثيقة بالقول: "شيء من فساد ميليشيا الحوثي في مؤسسات الدولة".
إفساد الاتصالات
في مجال الاتصالات، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مطلع العام الجاري، وثيقة تظهر توجيهات لرئيس مجلس إدارة شركة "يمن موبايل" للهاتف المحمول، بصرف مرتبات شهرية لأفراد "اللجان" الحوثية الموجودة في الشركة، وكذا صرف جاكتات "للحوثيين"، للتغلب على أجواء صنعاء الباردة. ووصف النشطاء هذه الوثيقة بأنها تظهر الوجه الحقيقي للحوثيين والفساد الذي يمارسونه دون رقيب, هو ما يناقض توجهاتهم المعلنة بمحاربة الفساد. وتساءل النشطاء: بأي حق تصدر مثل هذه التوجيهات، خصوصاً أن شركة يمن موبايل شركة مملوكة جزء من اسمهما للمواطنين الذين شاركوا في اكتتاب عام, مؤكدين أن هذه الصرفيات غير القانونية تجعل اموال المساهمين في خطر.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد نقلت مواقع إخبارية يمنية عن مصدر في شركة "يمن موبايل" عن معلومات خطيرة وهامة تؤكد سيطرة ميليشيات الحوثي المسلحة على عمل الشركة بشكل كامل، وتسخيرها في عمليات التنصت على مكالمات المشتركين ورسائلهم النصية، ونقل إحداثيات وتمركز المقاومة الشعبية وكشف الخطط الحربية والتحرك في ميادين المعارك، بناءً على ذلك.
وأفاد بأن شبكات الهاتف النقال في اليمن تعمل كأكبر شبكة تجسس على المقاومة لصالح مسلحي الحوثي وقوات صالح، مؤكدا وجود فريق خاص تم إعداده من قبل الحوثيين للقيام بهذه المهمة ليل نهار، وأن هذا الفريق يقوم بنقل الإحداثيات إلى غرفة عمليات مليشيات الحوثي - صالح الذي يباشر نقلها إلى قواته المتواجدة على الأرض.
نشر غسيل الفساد
لقد أدى تصاعد روائح فساد المليشيات الحوثية لدرجة صارت أحاديث الناس، الأمر الذي دفع بعض قيادات المليشيات إلى نشر غسيل جانب من هذا الفساد، في محاولة لتنفيس الغضب الشعبي المتنامي.
بدأ عملية التنفيس هذه القيادي الحوثي السابق علي البخيتي، الذي كان يشغل عضو المكتب السياسي والناطق باسم الحوثيين، حيث شنّ البخيتي هجوما عنيفا على الجماعة، متهما إياها بالفساد المالي وتدمير موارد اليمن، مضيفاً بأن جماعة الحوثيين تسعى لإعادة الأوضاع إلى ما قبل الدولة.
وكتب البخيتي سلسلة من المقالات عن فساد الحوثيين، مشيراً إلى أن "الفساد المالي الذي بدأ ينخر بوضوح في جسد جماعة الحوثي، تحت مبرر المجهود الحربي"، ووصف الحالة التي عليها الجماعة، بالقول: "نحن بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن الفساد مستشر في الحركة من رأسها حتى أخمص قدميها، وتحول إلى منهجية عمل، ولم يعد مجرد تجاوزات منذ 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وإما أن الحركة تم اختراقها بعد وصولها إلى السلطة، وانتمى لها كل من هب ودب، وأفسد وظلم، ورفع شعارها ليستر نفسه ويحمي فساده". وتابع البخيتي أنه في كلتا الحالتين "نحن أمام كارثة حقيقية، أمام جماعة لا تسيطر على المنتمين لها، ولا تحاسب أحدا، وهذا أدى إلى أن يتحكم الفاسدون في أرزاق الناس وحياتهم في أصعب الظروف".
وأوضح أن "ما يتم هو دمج مؤسسات الدولة في مؤسسات أنصار الله البدائية، وهذا يعني ببساطة إعادة الأوضاع إلى ما قبل الدولة، وهذا انتحار سياسي للبلد برمته، وتدمير مُمَنهج دون وعي أو إدراك لمؤسسات الدولة، وسيعم الضرر الجميع دون استثناء بما فيها أنصار الله".
واعتبر أن "اللجنة الثورية تتجاوز كل القوانين واللوائح، وإذا استمرت على هذا النحو فستنتهي مؤسسات الدولة، وسيضرب جهازها الإداري في الصميم، فهناك تذمر واسع في الكثير من المؤسسات، ومقاومة لرغبات اللجنة الثورية، ولكل الثورجيين الذين يسعون لاستغلال الأحداث لتمرير مصالحهم الخاصة، والكثير من الموظفين والمسؤولين يتهربون من الدوام حتى لا يشتركوا في الكارثة".
وتابع البخيتي هجومه على قيادة الحوثيين بسبب التعيينات الوظيفية، التي قال إن "أغلب التعيينات والترشيحات تظهر عودة الهاشمية السياسية، عبر استيلاء شريحة معينة على أغلب وأهم المناصب الحساسة، وهو الوباء الذي "سيضرب النسيج الاجتماعي في الصميم، ويعيد إلى الأذهان بعض الممارسات التي كانت سائدة ما قبل عام 62م".
من جانبه، كشف الصحافي أسامة ساري رئيس تحرير صحيفة "المسار" الموالية للحوثيين، عن فساد كبير في وزارة الدفاع التي يسيطر عليها الحوثيون، يتمثل في مبالغ مالية كبيرة تصرف للضباط وبعض المجندين من دون وجه حق أو سندات مالية، وعن خصومات بمبالغ كبيرة من رواتب منتسبي الوزارة.
وقال ساري إن أكثر من مليار ونصف المليار ريال يمني تلاشت من وزارة الدفاع باسم "الثورة والمجهود الشعبي"، واتهم رئيس اللجنة الثورية العليا، محمد الحوثي، ومندوب "اللجنة الثورية" في وزارة الدفاع، محمد المؤيد، بصرف مبالغ بالجملة وبشكل غير واضح، وخصم أخرى على المجندين من دون وجه حق وتقاسمها فيما بينهما.
وأشار ساري إلى أن أكثر من مليار ونصف المليار ريال باسم المجهود الشعبي تختفي وتتلاشى في جيوب اللصوص بوزارة الدفاع "باسم الله وباسم الثورة"، ونشر عددا من المذكرات الداخلية والمراسلات بين المندوبين من جماعة الحوثي والضباط في الوزارة تفيد بسحب الملايين من الأموال المخصصة لرواتب المجندين، من دون بنود واضحة.
وبشأن الفساد الذي تمارسه المليشيات الحوثية في جهاز الأمن السياسي، كما أشرنا إليه سابقاً، قال علي البخيتي إن عدداً من ضباط جهاز الأمن السياسي قاموا بزيارته منهم عمداء وعقداء، بعضهم يحمل شهادة الدكتوراه والماجستير، واشتكوا من تصرفات الحوثيين داخل الجهاز، حيث يديرون الجهاز خارج سلطة القانون واللوائح، واقصوا أغلب الكوادر المؤهلة من حاملي الرتب العليا والشهادات الأكاديمية، وأتوا بكوادر من خارج الجهاز لا يحملون أية مؤهلات أو رتب عسكرية، ولا علاقة لهم بالمؤسسة الأمنية، وسلموهم كل الأعمال المهمة، فيما أصبح منتسبو الجهاز بالكامل يشعرون بالغربة فيه وكأنهم ضيوف.
في غضون ذلك، انضم إلى طابور الحوثيين الناقمين على فسادهم عضو ما يمسى ب"اللجنة الثورية العليا" محمد المقالح، وهو قيادي اشتراكي وصحافي، شن هجوماً لاذعاً على جماعة الحوثي, وسرقتها للوظيفة العامة، كما هاجم الهاشمية السياسية، واعتبر قيام الحوثيين بسرقة الوظيفة العامة لتوظيف ما يسمى ب"اللجان الثورية" جريمة وعمل من أعمال الفساد الذي أثار غضب الشعب.
وفي وقت سابق، أعلن البرلماني عبده بشر رئيس تكتل تنظيم الاحرار استقالته من عضوية "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثين، على خلفية الفساد. واتهم بشر في بيان صادر عنه لجنة الحوثيين بالفشل الذي أرجعه إلى العشوائية واللامبالاة والارتجال وعدم تحمل المسؤولية والارتهان والشخصنة، كما اتهمها بتنفيذ اعتقالات دون محاكمات وتلاعب وفساد واضح في جميع مرافق ومؤسسات الدولة، وقرارات ليس للجنة علم بها وعدم الوصول إلى الشراكة الحقيقية.
وأشار إلى تقديمه الخطط والبرامج، التي لم يلتفت إليها، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التدهور والفساد والتلاعب وافتقار المواطن لأبسط متطلبات الحياة وتدهور المالية العامة للبلد بسبب تلك التصرفات.
ظلمات بعضها فوق بعض
صحيح أن الفساد المالي والإداري الذي ينخر في جسد الدولة اليمنية ليس حديث النشأة، غير أن مليشيات فاسدة كالحوثيين لم تتخذ شعار الفساد وتحارب تحت هذه اللافتة إلا لتكون شريكاً في الفساد، بل وأن تحظى بنصيب الأسد من صفقات الفساد، وهو ما كشفت عنه مفاوضاتها مع الرئيس هادي قبيل انقلابها عليه، وخلال إقامته الجبرية، حيث كشفت مصادر صحافية يمنية بأن الحوثيين كانوا يطالبون هادي بإعطائهم حق الاطلاع على كل ما يتم صرفه من مبالغ مالية في جميع الوزارات والجهات الحكومية، وتوقيع مندوبين عنهم على أي عملية صرف قبل اعتمادها من قبل أي وزير أو مسؤول، كما يطالبون بحق الرقابة المسبقة على جميع المصروفات والمسحوبات المالية التي تمر من وزارة المالية والبنك المركزي، وفي كافة الوزارات والجهات الحكومية. بالإضافة إلى تعيين ممثلين عنهم في جميع المحاكم، ليتولوا مراجعة القضايا، على أن يُمنع أي قاض من إصدار أي حكم إلا بعد موافقة ممثليهم.
في الواقع لم تكن شعارات الحوثيين بمحاربة الفساد سوى محاولات لذر الرماد على العيون، فالجماعة التي تتهمها التقارير الصحفية بمسيرة حافلة بالفساد منذ انطلاقتها في مران صعدة قبل أكثر من عشر سنوات، حتى سيطرتها على مقاليد السلطة في سبتمبر 2014، صرفت ملايين الدولارات في شراء الولاءات وإفساد الضمائر.
يعلق الصحافي اليمني أمجد خشافة على مسيرة الفساد الحوثية في اليمن، قائلاً: "إن هذا السلوك الحافل بالفساد دليل قاطع على نوايا مبيتة لدى الحوثيين للرحيل وقرب مغادرتهم مربع العملية السياسية، فلم يعودوا يتصرفون كسلطة للبقاء، بل كمليشيات وناهبين".

الاسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.