تقع "منطقة الشريجة" إلى الشمال من محافظة لحج وهي المنطقة الحدودية الشهيرة الفاصلة بين شمال وجنوباليمن قبل تحقيق الوحدة بين الشطرين في مايو/ آيار 1990. ترتبط الشريجة في مخيلة اليمنيين ببرميلها الذي كان يفصل دولتي الشمال والجنوب، وقد أزيل هذا البرميل إبان تحقيق الوحدة وتم نقله إلى المتحف الوطني بصنعاء. مؤخرا تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية المدعومة بتعزيزات التحالف العربي من استعادة المنطقة (الشريجة) بعد أشهر من سيطرة الحوثيين وقوات صالح عليها، حيث شهد المكان معارك عنيفة قتل فيها العشرات. وعملت القوات القادمة من الجنوب على مواصلة السير إلى تعز على عكس ما حدث الجبهة المحاذية للشريجة بمحافظة الضالع حيث رفضت بعض فصائل المقاومة التقدم لإسناد قوات المقاومة في المناطق المحسوبة على شمال اليمن سابقا. وفي ظل وضع كهذا يظل السؤال عن مصير حلم عودة "برميل الشريجة" الذي لوحت به قيادات الحراك المطالب بالإنفصال منذ سنوات، هل مازال ممكنا أم أن هناك واقع جديد تولد اليوم بفعل التدخل العربي؟ تراجع لصالح الدولة يؤكد عبدالرقيب الهدياني رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر الحكومية الصادرة أن عودة برميل الشريجة مستبعد في ظل المتغيرات الحاصلة على الأرض، ويرى أن صوت الإنفصال في الجنوب تراجع وخفت لصالح مشروع الدولة الوطنية. واستدل الهدياني على حديثه بمشاركة أبناء الجنوب من عدن والضالع ولحج واختلاط دماء الجنوبيين بالشماليين في تعز ودمت والمخا والراهدة وعدن". وأكد الهدياني أن عمليات عاصفة الحزم التي قادتها السعودية في اليمن بمشاركة عدة دول عربية أسقطت الدعوات المناطقية والإنفصالية، وأصبح اليمنيون جميعا لايقبلون التجزئة والتمزيق وفق قوله. التحالف "يتخبط" في المقابل يبدو أن تذمرا في أوساط المطالبين بإنفصال جنوباليمن من التحالف العربي بقيادة السعودية ومن مشاركة جنود من المقاومة الجنوبية في التصدي للحوثيين بمناطق محسوبة على شمال اليمن، وهو ما وصفه جمال الحسني رئيس تحرير وكالة المصير للأنباء المحسوبة على الرئيس السابق علي سالم البيض ب"الخطأ". يقول: "التدخل العسكري الخليجي في اليمن هو امتداد لتسوية سياسية بهدف الحفاظ على نفوذه من خلال تجاهل القضايا الرئيسية وتهميش القوى السياسية في الشمال والجنوب". واستبعد الحسني عودة دولة جنوباليمن من "بوابة الهيمنة السعودية" لكنه أكد أنه لا يمكن لأبناء الجنوب أن يتحملوا مسئولية "جرائم التحالف" - حد وصفه. وقال: "إن أبناء الجنوب لن يتخلوا عن قضيتهم التي يحاول التحالف الركوب عليها" .. متهما التحالف العربي في اليمن بقيادة مخطط عدواني ضد اليمن في الشمال والجنوب. متغيرات على الأرض عدنان العديني - كاتب يمني ينتمي إلى محافظة إب الشمالية - يرى وجود متغيرات على الأرض يصبح معها عودة برميل الشريجة مستبعد. ويضيف: "أبناء عدن اليوم يقاتلون في عمق تعز جنبا إلى جنب، وهناك جسر قبلي ممتد بين أبناء القبائل في شبوة ومأرب على الدوام ويحمل المؤن والذخائر ومشاعر الأخوة بين الجميع". ويؤكد العديني أن دعوات عودة "برميل الشريجة" كانت دعوات انفعالية ناتجة عن غياب الدولة وستنتهي هذه الدعوات بحضور الدولة وتصويت الأخطاء التي كانت حاصلة. ويشير العديني إلى أن الروابط التي تربط شمال اليمنبجنوبه لن تسمح لآلة الفرز بأن تذكي الخلافات بين اليمن الواحد وفق تعبيره. وكانت مليشيات جنوبية قد قامت مطلع هذا العام بإعادة "برميل الشريجة" إلى مكانه ورفعت عليه علم الجنوب سابقا إلا أن الحوثيين وقوات صالح أزالت استبدلت علم الجنوب بعلم دولة الوحدة عندما سيطرت على المنطقة في مارس الماضي.