الدكتور عبدالله العليمي يؤكد دعم مجلس القيادة الرئاسي للبنك المركزي اليمني    وزارة الداخلية تدعو المواطنين إلى عدم تصوير أماكن القصف    خلال اطلاعه على حجم الأضرار في حي التحرير جراء العدوان الصهيوني..العلامة مفتاح: الاستهداف لا يمثل أي إنجاز عسكري للكيان المجرم بل يعكس فشله واستخفافه بكل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية    منظمة صحفيات بلاقيود : مجزرة إسرائيل بحق الصحفيين جريمة حرب    النائب العام ورئيس التفتيش القضائي يدشّنان نزول اللجنة المشتركة لمتابعة قضايا السجناء    هيئة الآثار توجه نداء عاجل لليونسكو بشأن الغارات على منطقة التحرير    في وداع زملاء "المهنة".. كلمات وفاء    دماؤهم الزكية طريق للنصر    دماء الصحافة تصنع نارًا لا تنطفئ    في زمن التخاذل والمؤامرات... رسالتنا مستمرة.. ولن يرعبنا إرهاب الصهيونية    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    المقالح: سلطة صنعاء تمارس الانفصال كما يمارسه الانتقالي    فاليعنفوا أنت أعنف    الليغا: برشلونة يكتسح فالنسيا بسداسية نظيفة ويصعد لوصافة الترتيب    مانشستر سيتي يكتسح اليونايتد بثلاثية في قمة الدوري الإنجليزي    ريال مدريد يشكو التحكيم الإسباني للفيفا    الأمم المتحدة تجدد مطالبتها بالإفراج عن موظفيها وإخلاء مكاتبها بصنعاء    عسكريون يختطفون شاباً في مدينة تعز بعد يومين من الاعتداء على دكتورة وابنتها    الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن    شبوة.. تدشين مخيم لجراحة العيون يجري أكثر من 400 عملية مجانية    الفريق السامعي يدين استهداف مقر صحيفتين بصنعاء ويعتبر ما حصل جريمة حرب    حديث عن الإصلاح    الجنوب مفتاح الحل وضمان استقرار المنطقة    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    جماهير تريم تؤيد قرارات الرئيس الزُبيدي    اجتماع يناقش سير تنفيذ قرار توطين الصناعات ومشاريع التمكين الاقتصادي    لنعش قليلا مع قصص الحيوانات بعيدا عن السياسة    تقرير اسرائيلي: اليمن ساحة صراع لم ينتهِ.. الحوثيون وباب المندب نقطة المواجهة    محافظ صعدة يتفقد مشروع سد اللجم في مديرية سحار    توزيع ادوات مدرسية لمعلمين ومعلمات المعلا    محافظ حضرموت يلتقي بخبير الطاقة والنفط والغاز المهندس عمر الحيقي    قرارات تعسفية لمليشيا الحوثي تدفع الغرفة التجارية للإضراب في صنعاء    محافظ حضرموت يرعى توقيع عقود مشاريع تحسين لشوارع مدينة المكلا    انتقالي الضالع ينظم محاضرة توعوية بعنوان بالعلم وحب الوطن نبني الجنوب    الخطوط الجوية تعلن استئناف الرحلات بمطار عتق    توقف تطبيق إلكتروني لبنك تجاري واسع الانتشار يثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي    57 دولة عربية وإسلامية تجتمع في الدوحة.. هل تستطيع ردع إسرائيل    نابولي يعود بالنقاط الثلاث من فيورنتينا    يوفنتوس يعمق جراح إنتر برباعية    أحلام تُطرب جدة    أتلتيكو يستفيق ب «الغواصات الصفراء»    شباب المعافر يصعق شعب إب ويتأهل إلى نصف نهائي بطولة بيسان    الدوري الايطالي ... يوفنتوس يحسم لقاء القمة أمام إنتر ميلان برباعية    ما أجمل روحك وإنسانيتك، قاضي حاشد    في محراب النفس المترعة..    عدن .. مصلحة الجمارك تضع اشتراطات جديدة لتخليص البضائع في المنافذ الجمركية    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    هيئة الآثار تصدر العدد ال 18 من مجلة ريدان    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    الانتظار الطويل    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    مرض الفشل الكلوي (20)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيض وطائرة الجيش!!
نشر في عدن بوست يوم 02 - 05 - 2013

"تمكنت مروحيتان تابعتان للجيش من إجلاء 47 شخصاً يوم الاثنين الفائت حاصرتهم السيول المتدفقة إلى سد مأرب في المناطق الواقعة بوادي أذنه بمحافظة مأرب، إذ كانت وزارة الدفاع قد أرسلت مروحيتين إلى منطقة سد مأرب مع فريق متخصص، وتمكنت من إنقاذ جميع الأشخاص المحاصرين مع 200 رأس من الماشية".
بكل تأكيد الخبر يفرح، فوزارة الدفاع ترسل طائرتين عموديتين لإنقاذ مواطنين لا لترويعهم وقتلهم، ألا يعني لكم هذا النبأ بشيء؟ فإذا كانت حياة إنسان ليست مهمة وطنية جديرة باستنفار الجيش والأمن؛ فعن أية وظيفة وواجب يستوجب التباهي والشرف؟.
أما الخبر غير السار فيتمثل بأربعة اعتداءات همجية بربرية مهلكة لملايين اليمنيين، وفي ظرفية قياسية لا تتعدى ساعات اليوم الواحد، نعم تخريب طال خطوط نقل النفط والكهرباء ودونما قدرة على إنقاذ حياة ملايين من الأطفال والنساء والكهلة والمرضى ممن يموتون كمداً وقهراً وعبثاً وحسرة, فكلما أحس هؤلاء بتفاؤل يسري ويدب في عروقهم الضامرة الملتاعة لعودة الحياة إلى كيان دولة مجهد ومبعثر أوصاله؛ عاد الإحباط والتشاؤم مستبداً قاتلاً لروحهم المستبشرة بإمكانية النجاة من هلاك قوم البغي والعدوان والقتل الجماعي.
قبل بضعة أعوام كنت قد تناولت واقعة إسعاف امرأة سقطرية عانت من عسر مخاض الولادة، وقتها كان نائب رئيس الدولة المتوحدة لتوها السيد/ علي سالم البيض قد أمر وزير الدفاع بسرعة توجه طائرة عمودية إلى جزيرة سقطرى، مهمة وطنية وإنسانية صميمها حفظ حياة مواطنة يمنية مهددة بالموت، الوزارة بكل تأكيد لم تتردد إذ وجهت قائد القوات الجوية كعادتها في التعامل المنضبط والصارم إزاء أوامر قيادات الدولة أو حيال إغاثة منكوب..
لكن طائرة العائلة والقبيلة في الشمال ليست كطائرة الوزارة والدولة في الجنوب، فلم تقلع الطائرة من مربضها بسهولة ولمجرد بلاغ مكتوب مرسل للضابط المناوب، فبعيد مماطلة وتسويف وربما, أيضاً, السخرية من استخدام طائرة لإسعاف "مكلف" تولد لا لنقل قائد همام أو لمهمة استعراض، أقلعت وتوجهت إلى الجزيرة النائية, ولكن بعد ذهاب البيض وموكبه إلى وزارة الدفاع ومرابطته فيها واستخدامه كامل نفوذه وسلطانه؛ إذ لم أقل تشنيعه وتهديده لكل متقاعس ورافض تنفيذ أمره.
وإذا كانت وزارة الدفاع قد نجحت في إنقاذ حياة أناس تقطعت بهم السبل حتى كاد الموت غرقاً أقرب لهم من الحياة؛ فإن فعلها الجميل والنبيل والوطني ينبغي أن يتساوق مع أفعال جريئة وشجاعة ووطنية حيال عصابات مسلحة, عابثة, قاتلة, مدمرة, منهكة لوطن ولمجتمعه وأمنه واستقراره واقتصاده ومكتسباته ومقدراته.
الثلاثاء الفائت كان الرئيس هادي قد وجه وزارة الخدمة المدنية باعتماد نظام البصمة والصورة الإلكترونيتين في وزارتي الدفاع والداخلية على أن يشرع بالتنفيذ مطلع الأسبوع القادم، قبل ذلك كانت وزارة الدفاع قد خضعت لجملة من الإجراءات الإدارية والفنية التي من شأنها إعادة هيكلة القوة وتحديد تموضعها وانتشارها وقوامها ومهامها، وكل هذه الأشياء مدعاة للتفاؤل، لكنه تفاؤل وقتي سرعان ما تبدده الأعمال العدوانية الثأرية المنتقمة من كل بارقة أمل.
فكما هو معلوم أن الرئيس السابق طالما ظل معيقاً ووائداً لفكرة إخضاع هاتين المؤسستين لنظام البصمة الإلكترونية المعمول به من وزارة الخدمة منذ سنوات، فباستثناء الدفاع والأمن يكاد النظام الحديث سارياً على كافة مؤسسات وهيئات ووزارات ومصالح الدولة..
ومع أهمية مثل هذه الخطوة بالنسبة لوزارتين غارقتين بالفساد والمحسوبية والانتهاك الصارخ والفظ للوظيفة والمال والقوة والانتماء والكرامة والعدالة وسواها من مفردات ومفاهيم نظرية حداثية لا مكان لها في واقع الممارسة العملية طوال حقبة الرئيس السابق؛ فإنه لا قيمة لمثل هذه الأفعال إذا لم تقترن بأفعال إيجابية وملموسة لدى عامة الناس..
فما قيمة الكلام عن الهيكلة والحوار؟ وما نفع الحديث عن مئات المليارات المهدرة عبثاً لمن همه الأول إنارة منزله وتأمين طريقه؟.. فالكلام عن 100ألف جندي وهمي في كشوفات الحرس والقوات الخاصة سابقاً, أو عن وجود 70 ألف قوة بشرية فائضة من الضباط والصف والجنود بوزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها؛ بلا شك أمر يدعو للثقة والتفاؤل.. لكن المواطن العادي يستلزمه خدمات أساسية وضرورية كالكهرباء والماء والدواء وأسطوانة الغاز والأمان والمدرسة والرغيف وغيرها من ضروريات الحياة التي للأسف يتم إغفالها.
113متهماً بالاعتداء على خطوط نقل الكهرباء- الإحصائية هنا قبل الاعتداءين الأخيرين- تم القبض على 3 فقط, فيما 5 سلموا أنفسهم طوعاً لأجهزة أمن مأرب, أما القائمة الأكبر115 متهماً, فتكتفي وزارة الداخلية بأنها وضعتها ضمن القائمة السوداء, 71 متهماً صدرت بحقهم أوامر قهرية من النائب العام ومع أهمية الأمر مازالوا أحراراً طلقاء.
أعجب العجاب أن يكون لديك 490برجاً ويفصل بين برج وآخر مسافة 300- 350 متراً ومع وجود جيش جرار قوامه يزيد عن عشرة معسكرات تضم آلاف الضباط والجنود الذين هم في الأصل قوة فائضة شاغرة وبلا مهمة قتالية أو تدريبية في الوقت الحاضر.. لنفترض بعجز تام تعاني منه قوات الأمن وجنودها؛ فهل يعقل أن هذه الألوية الضاربة المنتشرة على طول وعرض مأرب وصنعاء والجوف غير قادرة على حماية وتأمين المنشآت الاقتصادية والخدمية الحيوية لنقل الغاز والنفط والكهرباء؟.
أصدقكم أنني أشعر مثلكم بالكآبة والوجع، وبالطبع تزيد كآبتي حين تعلن وزراء الكهرباء أسماء المقاولين المتناوبين على العبث والتنكيل بما بقي فينا من شعور وإحساس بالآدمية، فما هو مؤكد أن مهمة وزارة الكهرباء هي إصلاح العطب وإيصال التيار, لا إعلان أسماء الجناة الذي هو مهمة خالصة بوزارة الداخلية وأجهزتها المنتشرة في كافة أرجاء البلاد.
ختاماً, فبقدر ما أحترم وأقدر أي جهد من شأنه أن يستعيد ثقة المواطن بالدولة وجيشها وأمنها ومؤسساتها وسلطاتها؛ بذات القدر أمقت وأزدري كل فعل لا يقدر واجبه ومسئوليته، بحق أشعر بالمهانة والاحتقار، فحين يعجز الجيش والأمن عن حماية وتأمين منشآت حيوية كالكهرباء والنفط والغاز؛ فإنني أعتبر المسالة عاراً ما بعده عار!..
وعندما تفشل كل هذه الألوية العسكرية وتلكم قوات النجدة والأمن المركزي والعام عن ضبط 71متهماً بالتخريب والحرابة ينتابني إحساس بالقهر والذل!, كيف لا أشعر بالإذلال والمهانة وهؤلاء المخربون طلقاء أحرار دون رؤية مخرب واحد يقف خلف قضبان العدالة أو بين جدران السجن؟.. نعم, فكما قيل قديماً بأن "مكسر غلب ألف مدار"، نحن كذلك حين تصير البلطجة بطولة والتخريب مهنة وارتزاقاً وقطع الكهرباء والنفط والطريق مآثر وأمجاداً تتصدر عناوين الصحف والقنوات، فيما طائرة البيض أو الدفاع أفعال هامشية ونادرة الحدوث في وطن يقطنه مواطن فقد ذاكرته وحدسه وحتى حلمه وأمله وثقته بنفسه.. نعم, ما أبشع القتل حين يطال الذاكرة والوجدان!, وما أروع ما قامت به طائرات الجيش!, وما أقبح إخفاق ألوية الجيش والأمن!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.