قال الحسنُ رحمه الله: إنَّ اللهَ جعلَ شهرَ رمضانَ مضماراً لخلقه يَسْتبِقُون فيه بطَاعَتِهِ إلى مَرْضَاتِهِ، فَسَبَقَ قومٌ فَفَازُوا، وتَخَلَّفَ آخرونَ فَخَابُوا، فالعجبُ من الَّلاعِبِ الضَّاحِكِ في اليَومِ الذي يَفُوزُ فيه المُحْسِنُون، ويَخْسَرُ فيهِ المُبْطِلُون. ثُمَّ يَبْكي رحمه الله فيا أيها المقبول هنيئًا لك بثوابه، وبشراك إذ آمنك ربك من عقابه، طوبى لك حيث استخلصك لبابه، وفخرًا لك حيث شغلك بكتابه، فاجتهد في بقية شهرك هذا قبل ذهابه، فرُب! مؤمّلٍ لقاء مثله ما قدِر له ولا اتفق. ويا أيها المطرود في شهر السعادة، خيبة لك إذا سبقك السادة ونجا المجتهدون، وأنت أسير الوسادة، وانسلخ عنك هذا الشهر وما انسلخت عن قبيح العادة، فأين تلهّفك على الفوات وأين الحُرَق؟! فيا إخواني قد دنا رحيل هذا الشهر وحان، فرُبّ مؤمل لقاء مثله خانه الإمكان، فودِّعوه بالأسف والأشجان، واندبوا عليه بألسن الأسى والأحزان. السلام عليك يا شهر ضياء المساجد السلام عليك يا شهر الذكر والمحامد السلام عليك يا شهر زرع الحاصد السلام عليك يا شهر المتعبد الزاهد السلام عليك من قلبٍ لفراقك فاقد السلام عليك من عينٍ لانصرامك في أَرَق السلام عليك يا شهر المصابيح السلام عليك يا شهر التراويح السلام عليك يا شهر المتجر الربيح السلام عليك يا شهر الغفران الصريح السلام عليك يا شهر التبري من كل فعلٍ قبيح ويا أسفي على ما اجتمع فيك من الخيرات واتّسق