جاء القرآن الكريم، معجزة الله الكلامية، ورسالة الهدى على حبيبه ونبيه ومحمد صلى الله عليه وسلم، هدى للناس وبيانات من الهدى والفرقان، وجاء هذا النص الإلهي مليئا بالجماليات البلاغية، ويحمل الكثير من الصور البلاغية العظيمة والتعبيرات الجمالية الجديرة بالتوقف، فجاء كآية للناس بجلال كلماته وجمال مفرداته وعظمة بلاغته، وقادر على جذب أسماعهم وأبصارهم، ويأسر قلوبهم. وفى القرآن العديد من الآيات التي نزلت بلغة جميلة ووجيزة قادرة على التعبير الجمالي والتصوير الفني، ومفردات كثيرة زينها الحسن والإبداع والإتقان، ومن تلك الآيات الجمالية التي جاءت في القرآن: وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ. الحب هو نصر من الله ونور جمال دائم ينير به قلوب المؤمنين، يفتح به أبصارنا إلى الإيمان ومعرفة الحق من الله، وكلام الله ملئ بتلك الآيات التي توصف بصيرة المؤمنين ببلاغة جمالية، فعبر الله عنها بالحب، ولأن الحب أعظم الأشياء، وهو الذى أنزله على قلوب عباده، فكانت إشارة الله تعالى إلى جميع الأشياء بالحب، ولأن الله نور فكانت دعوته وهداه ضياء لقلوب المؤمنين، فالإيمان حب والجهاد حب وحالات العشق وذكر الله هي حب إلهى خاص. وبحسب تفسير ابن كثير: ثم قال: (وأخرى تحبونها) أي: وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها، وهي: (نصر من الله وفتح قريب) أي: إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه، تكفل الله بنصركم. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) [محمد: 7] وقال تعالى: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز) [الحج: 40] وقوله (وفتح قريب) أي: عاجل.. فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة، لمن أطاع الله ورسوله، ونصر الله ودينه، ولهذا قال: (وبشر المؤمنين).
