ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة الحوار وانتقالها من بين ظهراني المشترك إلى التمرد لتبقى المعارضة المنفي الوطني والمتهم المدان قراءات في أجندة الحوار الوطني
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 02 - 2010

- الآخر يبقى مقصياً ومداناً مع سبق الإصرار والترصد وليس لديه من الحلول والاتفاق بقدر ما لدى التمرد صادق الوعد وناجز العهد..
- حيرة تجعلنا في قلق دائم وخوف بلا حدود لأن ثمة "أفاعي" معها أنياب وسموم تريد أن تلدغ الوطن وتجعله صريع مبادرات.
- بلا تردد تجازف القوى الأجنبية في الاتجاه الذي يصنع الأزمات ويمتلك إدارتها بفن.
- "يبقى الحوار مع المشترك إلى يوم الدين سيد الموقف رغبة وقناعة لا يفطن إليها المشترك ويبقى في ذات الحلم والخديعة يحاور والآخر يناور".
ومن اليمين إلى اليسار إلى الوسط شاهدت مشنقة فقط"
الشاعر الكبير محمود درويش
بين الواقع وتحديات المستقبل ضبابية تكتنف الذات اليمنية، تجعلها تقع في حيرة من أمرها وتسأل ما الذي يحدث؟!
هل ثمّة وعي بما نحن فيه، وإلى أين؟! تساؤلات تغري المستنطق لهذا الأفق الضبابي وهو يلتف على العقل يمنع عنه التشوف الحقيقي لكيفية بناء المستقبل، لأن ثمّة ما هو قابع في الذات يحجب الرؤية، يدفعها باتجاه القلق والحيرة حين لا جواب سوى المزيد من الأسئلة الحيرى عن مصير الحلم وإلى أين يسير؟
هكذا نرى إلى ما نحن فيه بأنه أحجية أو لنقل لغزية لا يمكن حلها أبداً لأننا أعجز من أن نقرأ الأفق كما هو، ولأن شيئاً ما يرتاد الذات اليمنية، يجعلها بلا معنى حين نريد أن تكون، وينتقل بها إلى المعنى الذي يريد، الذي يحقق استجابة الآخر بشروط الآخر بموافقته وانتصاره على ما فينا من مكابدة وألم ليبقى سيد الموقف المدهش الذي يلد مواقف لا حصر لها ولا نعرف كنهها سوى أنها فينا الألم كله..
بهذا المستوى نصير صرعى نزوة أو رغبة أو طلّة بهية تشعرنا أننا لا نعني في المعادلة مع الوطن والقادم شيئاً..
إن الشراكة الحقيقية هي بين سيد الموقف والموقف ذاته وأصحاب هذا الموقف المبجل.
ويصير الزمان والمكان في هذا التداعي المرعب مليء بالخرافي، وقد آل إلى ما هو بين بين في البقاء على ذات الضبابية وعلى الرؤية المخادعة واللعب حد إرهاق الأعصاب والجنون.
جنونا نحن وليس هو "سيد الموقف"، جنون الإنسان الذي يريد أن يكون بشرياً مرة واحدة من أجل أن يتحسس ذاته كما يجب، معافاة وخالية من الشوائب ومن تصدير الحزن بكميات تفوق قدراتنا حتى على البكاء..
وتتملكنا في لحظة نزق بأن ما هو خرافي يستحيل أن يبقى ومع ذلك يتحول إلى رؤيا بلا موقف، إلى حنين آخر يجر معه من كانوا في ذات خندق آخر، إلى حيث يريد "سيد الموقف" بلا مبالاة، وتباً للبشر والشجر والحجر ومعاناة من كانوا نشيداً وطنياً يريد فقط الانتصار للثورة والوحدة والديمقراطية..
هذا الانتصار الذي أخذ معه الكثير من الميامين ليبقى معلقاً لا هو تموضع ولا هو غادر ساحة القلب لنشغل أنفسنا بأغنية بالية ونكتة سمجة وقراءة البخت ومعرفة هل نحن مواليد برج الدبور والنكد، وهو من مواليد برج "العقرب" الذي يفتح كل يوم نافذة حوار وطلة موافقة، حوار بلا حدود ومع "المشترك" الذي يرقب ويرقب فقط. ومع الوطن وثوابته في اتجاه "التمرد الحوثي" لينتصر حوار هذا الأخير ويفشل أو يبقى حواراً إلى يوم الدين على رأي أحد الساسة الكبار مع أحزاب المشترك..
هذا الحوار الهادئ النزق المعبأ بالادانات والاتهامات والإضافات والاشتراطات التي تظل اشتراطات ولا جديد، لا يقع عليه المشترك ولن يوقع عليه لأنه حوار لانهائي، حوار فيه تجري الأسطورة أن ينتقل من بين ظهراني المشترك إلى التمرد فيحدث أن يكون مع هذا التمرد اتفاق بشروطه هو وليس بشروط سيد الموقف لأن ثمة مغايرة للستة الشروط التي أعلنت سابقاً وتغيرت لاحقاً وجرى التصديق عليها، ليبقى المشترك المنفى الوطني والآسر الغريب ليبقى هو المتهم المدان المغضوب عليه، الذي يعطل التنمية ويلحق أفدح الضرر المشترك وليس سواه.. ليس التمرد ولا الحراك ولا القاعدة ولا القرصنة ولا شيء يضاهي أصحاب المشترك الذين هم وحدهم يتحملون المسؤولية في إبقاء الوطن ساحة تلعثم وفوضى وغرائبية تصل إلى مستوى "الميثولوجيا".
المشترك الذي يظل مقصياً مع سبق الإصرار والترصد ليس لديه من الحلول والاتفاق بقدر ما لدى التمرد صادق الوعد وناجز العهد، وكأن هذا التمرد هو الأقدر على خلق الوطني كما يريده، والتخندق فيه حد التوقيع عليه معاهدة بندية عجيبة يعجز المشترك أن يكون حتى مراقباً أو أن يفك شفرة ما يلحق بالوطن من تعرجات تارة باسم الثورة والثوابت والدستور والقانون، وأخرى باسم الحكمة اليمانية والتنمية وعيد الشجرة.. وهلم جرا.
وهناك جاهزية للتعاطي مع كل الفصول لأن كل فصل يلد الآخر، ولأن ما هو اليوم ضبابي لدى الوطن ومعه المشترك ليس ضبابياً لدى الآخر "التمرد". الضبابية فينا نحن لأننا بسذاجة نوقن أن كل شيء على ما يرام، وأن ما يجري على الساحة يجري في الكواليس وبين الوطن والكواليس غرف مغلقة وغرف تعذيب وإعدام نشتمّ رائحتها مؤخراً لأنها تقدم نفسها بوثوقية إلى المستقبل وتبقى هي الأكثر فناً من أي معانٍ أخرى يجود بها علينا "سيد الموقف" لنشتغل عليها، نقبلها ونحللها أفكاراً ودراسات، ولا نقع على شيء من استنتاجاتنا لأنه الأقدر في الرقص على رؤوس الثعابين.. هكذا هو قال ونحن نصدقه تماماً، نوقن أنه على حق.. وما يرهق الذات أننا لم نقع بعد على هذه الثعابين وهل هي في جراب الحاوي، أم لدى المشترك أم الوطن؟!
هذه الحيرة البالغة تلازمنا، تجعلنا على قلق دائم وخوف بلا حدود لأن ثمّة أفاعيَ معها أنياب وسموم تريد أن تلدغ الوطن تجعله بلا تردد صريع مبادرات وحوار ومنافي وأغنية شاحبة كأنها أعدت خصيصاً لوطن الجراحات والشهداء والرابضين على جمر أحلامهم التي ستبقى أحلاماً إلى ما لا نهاية..
بهكذا معنى تتفتح الأسئلة قليلاً ونشعر أننا نكاد أن نقبض عليها وأن نجيب يذكاء بارع، وحين لا نقوى نعود أدراج الخيبة نمضغ الحزن ونرتدي الألم وندعو الله أن يقيلنا من سهر وفوضى وحمى ودمار يقع ثم يتوقف ثم يقع فيتوقف وهكذا دواليك.... ولدرجة أننا أنجزنا حرباً أولى وثانية وثالثة... إلخ. هل كنا سنقدر على توزيع هذه العناوين لو لم نكن فوضى وخروج عن القانون والدستور وحوار بلا حدود أو على حد تعبير صادق دقيق أمين حوار إلى يوم الدين مع المشترك..
هذا الذي يريد أن يحدد زماناً وسقفاً ليس سوى وهمي وبلا ذكاء خالص إن لم يكن قد وقع تحت طائلة الفراغ، لأن ثمّة حواراً واتفاقاً ينبغي أن يكون وأن يمنح القدرة على الصمود، هو مع التمرد "الحوثي" حوار يلهج بمعانٍ لا يدرك أبعادها ذلك الذي يُمني نفسَه بالالتقاء في منتصف الطريق، لأن المسير فيها من سيد الموقف قد تجاوز الطريق كله. ان ثمّة مساراً آخر وطريقاً أخرى يجري السير فيها بلا محطات انتظار فيما أحزاب المشترك وهي تداعب خيالاتها الوطنية تظل في حالة البين بين لا هي كاشفت ذاتها واشتغلت برؤية تفهم كنه الأشياء وتعرجات الخط واللون والطريق ولا هي أعفت نفسها من تحمّل المسؤولية، وثبت أشبه بنوادٍ رياضية تلعب الشطرنج وتمارس الهواية.
ولعلّ أحداً يريدها أن تكون في هذا التلاعب بالأوراق والخلط بين الهزل والجد في حالة كلثومية عنوانها "حيرت قلبي معاك".
والواقع أن هؤلاء وأولئك جميعاً قد حيروا وطناً بأسره لينعدم النضال بمسماه الحقيقي ومعناه الصحيح، ومعه فقط انعدمت المواطنة لأن ضياعاً كبيراً يلده الضبابي ونسير فيه بلا تردد إلى حيث يرغب الآخرون السير فيه إلى حيث الأجنبي يفتح من هذا الضبابي مغاليق أخرى يكون الجوانب "البراجماتية" الخالصة حضورها ومعها الموالين لها من الخندق الملازم لطموحات الغرب الذين يفرضون حوارات مفتوحة ومغلقة وشروطاً تعجيزية وأخرى توافقية وملاحق انتصارات وتفرعات تؤدي إلى البدء من حيث كنا، ونحن في كل الأحوال سلطة ومعارضة نقبل بأن نكون كما أراد الآخر ونفسح المجال له فقط أن يكون فيما نحن نكتفي بالوهم، وهم تسجيل الموقف من اللاموقف.
وبلا تردد تجازف القوى الأجنبية في الاتجاه الذي يصنع الأزمات ويمتلك إدارتها بفن، لأن الداخل الهش يبقى في بلاط الحوار مجرد كلمات.. كلمات فقط فيما الحوار الجاد الأصلي هو الانتقال من المبنى إلى المعنى، من الحالة كتوصيف أولي إلى التقرير لهذه الحالة وتسويقها لتثمر فينا التعب اليومي. وفي الآخر ما يشتهيه.
وكأن هذا الوطن المدجج بالحوارات التي تفتح الجراحات قد اختار أن يكون في مستنقع الكلمات وترتيبها تارة الوحدة والثورة وأخرى الثورة والوحدة وثالثة ثوابت، فلا عرف الإنسان هذه الثوابت ولا انتصر لثنائية الثورة والوحدة، ولا حفظ لنفسه المقدرة حتى على المناورة بينهما..
ربما لأنه لا يمتلك السند والدعم الخارجي، ولأن الحراك والتمرد والقاعدة وأسماء أخرى الله يعلم متى تظهر بداية وتنتهي بأن تكون حركة هي حدها التي يتم دعمها والترويج لها ثم خداع وطن بأسره من ذات منطلقاتها..
ومع هذه وتلك يبقى الحوار إلى يوم الدين رغبة "سيد الموقف" وتحديداً مع الوطني لأن الشراكة تدير طموحاً ذاتياً وغنيمة ليس لهذا المشترك أن يقع عليها أو على بعضٍ منها لأن قناعة التملك هي وحدها التي تسير في الأزقة والشوارع والحارات والمحافظات وجغرافيا الوطن بأسره. هذه القناعة لا يفطن إليها المشترك ويبقى في ذات الحلم والخديعة يحاور والآخر يناور، وبينهما ضباب وجبال وبحار، بينهما المستحيل، لأن ما هو حوار حقيقي هو مهادنة فقط مع التمرد، الهدنة هنا هي إعلان شروط واتفاق ليظل للوطن امكانيات يقدر على امتلاكها أحد يقبل بالهدنة، ولو أن ثمّة قناعات مبدئية صادقة لما كان للهدنة وجود، ولكان الحوار قد أثمر حياة أفضل لكل أبناء الوطن. غير أن القضية تختلف من الحوار بلا حدود وأصحابه إلى الهدنة بفريقيها واللذين يشكلان اليوم ضلعا المربع القوي الداعم للمسيرة المضفرة من الانجازات التي سنقع عليها ذات زمن قريب وبوعود أكثر تهذيباً، وجماهير أكثر قابلية للتصديق، وانسان يحلم بأن يكون آدمياً ولو مرة واحدة من خلال شروط الآدمية المواطنة المتساوية التي تبقى مركباً صعباً للمواطن أمام "سيد الموقف" لأنها تعني فيما تعني الانتصار للقانون، للدستور.. وهذا قيد للطموح البشري الاستعلائي.. لم يدرك المشترك معنى كلمة "أنا الدستور" ذات زمن امبراطوري، وهي كلمة تلخص مجمل ما نعيشه من مفارقات تدمي القلب وتحصر الانسان في طموحات بسيطة أن يكون له هدوء مع جوع، مجرد الهدوء يكفي ولا بأس أن يكون الجوع سيد الموقف.
هكذا تغدو الأمنيات في تضاؤل حد الارهاق ونبقى نلاحق الطموحات الأكثر بساطة ولا نقع عليها.. قليل من الأمان بكثير من الجوع نقبله هل هذا مستحيل؟!
ومع ذلك يبقى مستحيلاً لأن رغبة تحميل المسؤولية وإلقاء المعاذير لا بد أن تكون هي "سيد الموقف" في إطلاقها تارة على جميع المشترك وأخرى على غيره، وثالثة تدعو جميع المواطنين لتحمّلهم المسؤولية..
ومسؤولية المواطن بلا حدود كما هو الحوار بلا حدود، لا يقدر على حملها ومع ذلك لا يملك غير الانتظار انتظار الضباب ينقشع وإن كان أكثر من سابقه ويزداد ضبابية تبلغ حد الاختناق وتصدير أزمة الربو الشعبي.
وفي كل الأحوال فإن هذا الذي نجازف فيه من أجل أن يكون ويخذلنا على الدوام يبقى في ذات العجز من البيت الشعري الذي ما زال الأبرز من يوم أن أطلقه أبو الطيب المتنبي: "وإذا اعتل فالزمان عليل" هو القابض الباسط الواحد الأحد المالك القاهر.. ثقافة تغرّد بهذا الشكل وتمدنا بكل ما هو مأساوي ونبقى نرهن بلاداً بأسرها لدى "سيد الموقف". هذا وحده يفعل فينا الفجائعية التي نستحق لأننا لم نتخلص من ثقافة الواحدية وهي مراتبها الدنيوية شرك حقيقي حين يشرك الخالق مع الخالق في صفاته والعياذ بالله، واللهم إننا نتوب إليك من وجع يلاحقنا ومن صفات وأسماء هي لك ويريد الآخر الضبابي جرها إلى غيرك..
والمسألة في تجلياتها أننا نقع على وطن مليء بكل ما هو قابل للتشظي والسير في تقاطع الطرقات إلى حيث اللاموقف واللاإدراك واللادراية..
يريدنا "سيد الموقف" أن نبقى في اللادراية، أن نرتبها ونعدها يومياً في أضلاعنا لنبقى مدمنين انتظار لعل بارق غيثٍ يهل وقليل من الحكمة اليمانية تفتح نافذة أمل نركب معها باتجاهٍ طالما أردناه منهجاً فكان حواراً وحواراً بلا حدود وهدنة مقبولة وأسماء أخرى لحركات أخرى تستهدف شعوباً وقبائل أخرى تنتقل من الوطني الذاتي إلى الشقيق من جغرافيا الوطن، إلى الإنسان بامتداده في دول المنطقة، من اللامفهوم إلى المفهوم حين يتحقق ويعمل عليه سيد الموقف الأجنبي وهو يضع آليات العمل واشتراطات الدعم المادي والمعنوي ورغبة السيطرة والقبول بالفراغ في الزمان والمكان والتبرير حتى للجريمة "التمرد" حين يُراد له أن يكون حقوق أقليات على حساب شعب أكثرية.
يبدو أن ثقافة الأقليات "الأثنية" هي التي تفرد ساحاتها لنا، هي التي نريد أن تحوز قصب السبق في ارتياد المستقبل مستقبلها فيما نحن بلا حقوق وحريات، هي تمتلك كل هذا وأكثر لأنها تمويل ودعم "سيد الموقف"، ولأنها الانتصار الذي يراد له أن يتم على المشترك بكل اتجاهاته وتفرعاته، لذلك ليس لها إلا أن تكون في بطن الدهشة تحتل مساحة الوطني ببراعة الداعم المساند لها في الداخل والخارج ليبقى الآخر الذي يريد استحقاقاً فعلياً في حالة تلفت وحريق دم من سؤال متى يكون الحوار؟
وهو سؤال بات عدمياً ولا حاجة له لأنه مبني على كسل ومجازفة بالنبيل في الإنسان "الوطن"، لذلك ليس للحوار هنا من فائدة وثمّة ترتيبات تجرى خارج هذا السياق تماماً يصدرها البارعون في الأزمات، المتقنون في تصدير الوجع وهو يمتد إلى أكثر من راية وطنية حتى كادت الرايات أن تنعدم وتبرز أخرى في مفرقعات وصراخ وشعارات تجزئة في الوديان والجبال والسهول، وقد وصلت إلى كراريس الأطفال ومدارسهم.
هذا الواقع الذي يضيق كل اليوم لم يعد يقبل بأن تترتب الأسماء الحقيقية فيه بما لها من معانٍ خلاقة، لأن انعدام المعنى الخلاق للثورة والوحدة والديمقراطية قد تم اقراره من أول حرب مع التمرد لتصل إلى حيث الإطالة الضرورية، ومن ثمّ الوقوف لنزيف آخر.. نزيف قيم ومبادئ تحترق يومياً لتكبر مآسٍ وهموم وتطل أحزان ومواجع وتخترق عجلات الاتفاق حوارات الحيارى في المشترك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.