السياسي لم يكن الشعبي العام حصيفاً حينما أطلق تصريحاته إزاء اللجنة العليا للانتخابات باعتبارها هيئة دستورية وكأنها المقدس أو المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه ولم يكن حصيفاً حينما تزامن هذا التصريح مع زيارة رئيس وزراء قطر وكأنه أراد أن يشير بأن انفراط عقد الحوار تقف وراءه دولة قطر أو هكذا على الأقل فهمها الكثير من المحللين والدارسين في حين أن دولة قطر طالما أعلنت وقوفها مع التقارب والحوار. وبين هذا الإعلان القطري وبيان الشعبي العام تبدو المفارقة ذات اتجاه يعزز من طموح التمرد الحوثي في الانتقال بمشروعه إلى مرحلة جديدة. . ما كان يقدر عليها وثمة حوار جاد بين الشعبي العام وأحزاب المشترك. . ويبدو أن هذا الدفع بالسياسي إلى مرحلة التأزيم قد جاء منسجماً مع رغبة قوى ليبرالية والتمرد الحوثي للوصول بالأوضاع إلى حالة الفلتان لتمرير أجندة أخرى يرجع سببها على الأقل في الظاهر إلى الخلاف حول اللجنة العليا للانتخابات. في حين أن منطق الضرورة والحاجة الوطنية بالأساس يفرض حواراً وطنياً شاملاً دونما فواصل، فإذا كان جزء من الحوار يشمل التعديلات الدستورية فالأولى أن يشمل اللجنة العليا للانتخابات ويبدو في هذا السياق أن القوى التي أرادت إحداث فجوة لقطع هذا الحوار كان لها الأثر الأكبر أياً كان الداعم والساند لهذه القوى خيوط خارجية أو داخلية فالمحصلة أن ثمة قادماً لا ينبئ بخير وأن ما يلوح في الأفق شيء آخر المستفيد منه القوى الظلامية الرجعية والانفصالية. ويبقى مع كل هذا التحول السلبي بالحوار ونقله إلى بداية قطيعة مع المشترك أن السؤال الوجودي نكون أولا نكون، هذا السؤال الذي يحدده قرب موسم الانتخابات النيابية بما يكتنفها من غموض يقول البعض عنه أنه مرعب في تداعياته لو حدثت جفوة بين المتحاورين وقطيعة. ولعل البداية الغير طبيعية في التمسك باللجنة العليا للانتخابات باعتبارها "تابو" من طرف الشعبي العام يعزز الكثير من المخاوف ويدفع بالطرف الآخر أحزاب المشترك إلى الموقف النقيض، هذا الدفع يبقى رهن ما تقدر عليه القوى التآمرية وقد أنجزت بعضاً من طموحاتها على الأقل ونحن نرى بدايات من الصعب الاستمرار معها، وثمة مشترك يقول إذاً على ماذا نتحاور في ظل ديمقراطية قسرية يمليها طرف واحد؟!ثم لماذا هذا الاختيار للبحث عن قطيعة في ظرف زمني لم يعد يسمح بالتأجيل ساعة واحدة؟!غير أن هذا التساؤل لدى آخرين يجاب عليه: بأنه محكوم على السياسي في هذا الوطن أن يظل على قطيعة، لأن ثمة أجندة لابد أن تستكمل من خلال القطيعة وحتى لو قبل المشترك بما يريده الشعبي العام في التمسك باللجنة العليا للانتخابات. ستبدو اشتراطات أخرى تعجيزية، لأن خيوط اللعبة السياسية اليوم ليست بيد القوى المتحاورة، إنها خيوط تمتد إلى مسافات خارج حدود الوطن، فهل يكون الوطن قادراً على تجاوز هذه المسافات، هل يمتلك المتحاورون شروط اللعبة وطنياً وبالتالي تقطع هذه الخيوط القادمة من الخارج؟!تساؤل ربما تكشف عنه الأيام القليلة القادمة