فعل إنساني خلاق، فضاء حرية، ثقة بالله، انتصار قيمي، طهر حرف ونبل معنى وقدسية وطن.. منها استيقظ ضمير العالم، وبدأ النازي الجهنمي قميئاً وقببيحاً لا يطاق النظر إليه، ذلك لأنه مجبول على الشر وشارب دم.. هكذا المقاومة فضحت الممنهج على الطغيان والقتل، أردته صريعاً لا يقدر أحد على التخندق معه. المقاومة، المقاومة، نبض الشرفاء، تطلعات المظلومين والمقهورين على هذا الكوكب الأرضي.. وحدها قدمت أصدق المواقف وأكثرها ضرورية معمدة بالدم، وهل هناك أزكى وأغلى وأطهر وأشرف وأكرم من دم الشهيد؟ وسخاء المقاوم من أجل أرضه وعرضه وصون تراب وحدته الوطنية؟ المقاومة، المقاومة التي لولاها لما كان للعرب هذا التعاضد والتسامح والأخوة، والتي طالما كانت أمنية وهي الآن واقع من الصعب أن لا يكون.. ثمرة المقاومة أنها انتصرت للأمة، كشفت ما هو معيب في واقعها ودعت وهي صادقة إلى تجاوزه. هذه المقاومة تستحق كل أوسمة الفخر ونياشين النصر لأنها دحرت شيطاناً وهزمت نازياً، ووحدت كوناً كان يجب أن يستيقظ إكراماً للجرح البريء النازف دماً من طفل أراد أن يناغي أمه في صباح باكر فباغتته شظية قنبلة لشيطان رجيم.. المقاومة جعلت البشرية تفرك عينيها وتسأل هل الذي يجري يجري؟! حينها أعلنت الانحياز المطلق إلى الحقيقة، حقيقة المقاومة الباسلة والدعاء لها بالنصر والتخندق معها في ذات الكفاح من أجل الحرية والكرامة.. المقاومة التي فيها اصطف الإنسان مع أخيه يقول: لا للظلم والقبح والشر، هي التي أرادتنا أن نكون بشراً أسوياء بعد أن أتى حين من الدهر أوشكت القضية الفلسطينية أن تتلاشى في خضم المزايدات ودهاليز المفاوضات وبؤس الحال العربي. لكأن هذه المقاومة هي الهبة الإلهية لهذا الوجود ليبدو جميلاً ونقياً وسخياً في الدفاع عن المقدس، ولكأننا أقرب اليوم إلى ملامسة الشهادة، نريدها أن تكون فينا، أن تنتشر عدواها الجميلة لكي يتوازن العالم وتستقيم خطى البشرية. المقاومة.. إنها الضمير الذي بين جنباتنا ورؤيتنا إلى المستقبل.. ترى كيف سيكون العالم لو لم تكن المقاومة..! لكنه الغزاوي الذي أعطاها هذا التموضع الكوني وبوقار وهيبة واحترام شديد لها.. جعلها كبرياء ومجداً وكثيراً من الآمال التي تهب اليوم على كل مواطن حر أبي ليس في الوطن العربي بل على العالم بأسره. الله يا الله يا الله، إننا نعشق الشهادة التي علَّمنا معناها كرم المقاومة في غزة الصادقة الوعد الناجزة للعهد، يا الله ما أروع هذا الزمن الذي تفوح منه رائحة زكية من دم شهيد يصنع النصر لنا جميعاً، يتركنا وحيدين نستاف عطر الكرامة وهو في مقام الصديقين والصالحين فرحاً بما آتانا الله، بعد أن أوشك عمر الإنسان على الذبول وهو يقلب كفيه معتقلاً في أرضه جراء غطرسة صهيوني ووقاحة مستعمر تفوح منه رائحة بارود وكراهية وفوضى تعم البشرية. المقاومة، المقاومة.. هذبت العالم، جعلته يبدو مرتباً وأنيقاً في مشاعره وقيم انتمائه.. هي وحدها دفاع عن هوية واستحضار لعظمة الموقف، وهو يتموضع نصراً في عقل وقلب كل إنسان. المقاومة عنوان كبير لقهر الغازي المستوطن.. الغريب النشاز تماماً في كل هذه الأرض.. هي التي تقلق كيانه المعهتريء، تشعره بأنه طارئ وإلى زوال، تبعث فيه الخوف وتجعل هاجسه الرحيل إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم. المقاومة من يفرض معادلة الخير منتصراً ضد الشر بكل ما يملكه من أدوات قمع وتنكيل وتقنية برية وبحرية وجوية. المقاومة تقهر الكراهية، تحيلها إلى خزي وعار وفضيحة، لذلك هي أقرب إلى الله على الدوام. حمداً لك يا إلهي أننا رأينا المقاوم مقاوماً فينا وعنا، يعيد إلينا أسمائنا وعناوين وجودنا وأحلامنا الطيبة التي تنبض اليوم بكثير من الحب والاحترام والعافية. المقاومة، المقاومة يا فعل التاريخ ووعد المستقبل ومسيرة وطن يقود العالم إلى الأفضل. أنت، أنت المجد، الخلود، أبجدية الحق والخير التي نتهجاها ونستلذ بمعانيها لأنها منا وفينا أعادت إلينا اللحمة، بل لأنها الهوية. "م.ق.ا.و.م.ة" المقاومة.. المقاومة هبة الله للمظلومين على ظهر هذه البسيطة. منذ أن نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده. هي العتية، المنيعة، القوية، الجبارة، لا تزداد إلا وثوقية بالله وإيماناً عميقاً بالنصر لا يداخلها أدنى شك في هذا.. من أجل ذلك نراها قاب قوسين أو أدنى إلى الحسم لصالح الحق، ولها في ذلك فنونها ومراسها وقدرتها على النفاذ إلى عمق النضال، تستلذ ركوب الخطر لتنجز ما يريده عشاق الحرية من حرية كاملة. المقاومة التي لا تساوم، ولا تهادن، ولا تداخلها الظنون في الملمات أكانت في الوغى أو في السلم، قدرها فقط أن تكون مجالاً حيوياً لصنع النصر وغرس راياته على الأرض لكل الطيبين. هذه المقاومة التي تهز الثمر ليتساقط رطباً جنيا، وهي التي ترعب فرائص الأعداء، تجعلهم يتحسسون ذواتهم هل هم ما زالوا؟ سؤال حيرة ومشقة وضجر وتعب نوقن أنه يداخلهم ويخلق بين جوانحهم رغبة المضي من حيث أتوا أجناساً غير مؤتلفة لا يجمعها غير الكراهية ولغة الحقد وشراسة احتمال وجود النقي الجميل الطاهر. المقاومة، أيتها القارعة البارعة المطوقة بأكاليل الغاز وزغاريد الفرح وبهجة النصر. أنت اليوم توقظين المجد من مكمنه، تفتحين نافذة لزمن جديد، تكتبين بقلم رباني قوله تعالى: "إذا جاء نصر الله والفتح". أنت أنت بداية النهايات، ونهاية البدايات نأتي إليك فنشعر بزهو أنك منا، ونشعر بخجل أننا لسنا في ذات الموقع الأول وإن كنا جميعاً مقاومة من أجل أن نكون صالحين في هذه الحياة التي لا تستقيم موازينها إلا بقهر الظلم وهزيمته. وأنت أنت من يعصف بالخطط والمؤامرات ويكشف أقنعة الزيف من التنابلة والمرجفين. فعلمينا أيتها المقاومة معنى الاستبسال برضى وأمنية. اجعلينا هكذا امتداداً طبيعياً لما لا بد منه "النصر" وليس غيره، امنحينا الفرح بعد أن استعصى أن يكون بفعل الخوف والقهر والمحاورات والمبادرات والمساجلات والمجاملات والتنازلات. المقاومة، المقاومة، يا رائعة النشيد ويا نبض القلب وجغرافيا الحلم الأنيق وفرح المحبة، أنت التي تحددين المواقف متى تكون؟! وكيف تتحقق؟ مواقف صريحة واضحة أصلها انتماء إلى الأرض التي بارك الله حولها، لك أنت جذوة الكلمات المتقدة بالجمال والجلال، لك الكبرياء على الأعداء ونازيي العصر، لك المجد يا صانعة البطولات والأمجاد، والتوحد، ويا إرادة أمة في غزة، وغزة في أمة، انطلقي بحوافر خيولك بين جوانحنا، اجعلينا ننصهر في ذات الإرادة إرادة المقاومة، المقاومة، المقاومة.